الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الظروف هي القاتل

هادي بن رمضان

2013 / 9 / 20
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


يجيء الفرد لهذا العالم ليضع له المجتمع اخلاقه و ضميره و دينه و مذهبه والهته , ليكون عقله تحت هيمنة العادات و الأعراف وتاريخ الأجداد و كتب الأموات , ليذهب يمجد إلهه و دينه و مذهبه و قبيلته و يحتقر الهة واديان و مذاهب و قوميات الاخرين. إن الشيعي في إيران يكون شيعيا قبل ولادته كما يكون السني في السعودية سنيا قبل مجيئه. إن الشيعي قد يتحول سنيا او ملحدا تحت ظلم المذهب و كهنته ونظامه الحاكم. إن السني قد يتحول شيعيا او ملحدا تحت ظلم المذهب و كهنته و نظامه الحاكم. إن إرتدادهما سيكون ردة فعل تحت ظروف معينة. إن الذي يتهجم على عقائد و أخلاق الاخرين لا يستطيع أن يرى مساوء عقائده و أخلاقه. إن الشيعي و السني يتقاتلان بنفس الكره و الحقد, بنفس الإيمان و الحب و الرجاء للإله و نبيه. إن الظروف هي التي تحدد المنتصر, إن الإنتصار تحدده كثرة العتاد و الجنود و الموارد وأكثر الخطط الحربية عبقرية, إن الشيعي الذي تعلم تقديس اهل البيت و أصحابهم منذ صغره ليتحول إلى أبشع متوحش مجرم عديم الإنسانية مع نابشي قبورهم, مع أبنائهم و أتباعهم .. مع "قتلة الحسين" , إن السوري الذي يجوع و يعذب و يصاب بالرعب و الخوف و تغتصب أمه و أخته و يقتل أهله و يرى أعدائه يهتفون بأسماء "علي" و "الحسين" ليتحول إلى أكبر ناصبي ,إلى وحش عديم الإنسانية يأكل قلوب الأموات و ينكل بجثثهم ويقطع رؤوسهم. نحن نستنكر جرائم الاخرين لأننا في ظروف غير ظروفهم, إننا إذا كنا مكان المجرم و تحت نفس ظروفه و رغباته و منطقه لقمنا بنفس فعله و بنفس الطريقة وبنفس التبرير. إن البشر لو مروا بنفس الظروف لكان الإختلاف في الأخلاق و الضمائر و الالهة و الأفعال أمرا مستحيلا. إن القاتل الذي يولد في عائلة او مجتمع من المجرمين و الكهنة المتعصبين لا بد ان يكون مجرما بالتلقين إذا فإن كل قاتل هو مقتول .. إن الظروف هي القاتل .. إن الإنسان هو المقتول.


إن الإنسان مسير لا مخير في معظم قراراته .. تسيره ظروفه الذاتية و الخارجية. إن الإنسان يفسر كل المسموع و المرئي حسب ظروفه و مصالحه. لهذا فإن النصوص نسبية لأنها لا تفسر نفسها. إن اثنين (أبو ذر وعثمان) قد عاصروا عصر الوحي إختلفوا في تفسيرهم للقران لأنهم مروا بظروف مختلفة. إن الظروف هي التي تلد المجرمين, إن المجرم يكون مظلوما حين يعاقبه المجتمع لذنب أوجده هو نفسه. إن إختلاف أخلاقنا و ضمائرنا و الهتنا و مذاهبنا هو إختلاف ظروفنا. ذنب عدوي هو ولادته و نشأته تحت ظروف غير ظروفي و في مكان غير مكاني. إن الظروف هي التي تصنع إيمان الإنسان و عقائده و أفكاره و اخلاقه كما كانت تصنع الهة الإنسان القديم.

إنه على المتعصبين للالهة والمذاهب والقوميات والتعاليم ان يعلموا قبل ان يفكروا في قتل او بغض او الحقد على احد أن من يقف في الصف المقابل ليس إلا نظيرا لهم في الخلق جرته الظروف إلى أن يكون عدوا .. أن يكون قاتلا .. ان يكون مقتولا.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الرئيس الصيني في زيارة إلى فرنسا تركز على العلاقات التجارية


.. مفاوضات حماس وإسرائيل تأتي في ظل مطالبة الحركة بانسحاب كامل




.. مصدر مصري رفيع المستوى يؤكد إحراز تقدم إيجابي بشأن مفاوضات ا


.. النازحون يأملون وصول إسرائيل وحماس إلى اتفاق وقف إطلاق النا




.. Ctقتيلان وعدة إصابات بغارة إسرائيلية استهدفت بلدة ميس الجبل