الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


نحو هوية وطنية مشتركة إشكالية الانتماء والتشظي

مثنى كاظم صادق

2013 / 9 / 21
المجتمع المدني



الهوية في اللغة العربية تجذرت من كلمة ( هو ) التي تفصح عن الذات المنتمية إلى حيز ما ، كأن يكون هذا الحيز الوطن أوالقبيلة أو الطائفة أو الدين إلخ . وقد شغلت الهوية بال الدول كثيراً ، ولاسيما أن جميع الدول تشترك فيما بينها بتعدد الهويات الفرعية المتمخضة من تعدد إنتماءات أبنائها إلى أعراق مختلفة وأديان متباينة ، فكانت أن برَّزت وعززت الهوية الأكبر والأهم ، ألا وهي الهوية الوطنية . في العراق نعاني من تعدد الهويات الفرعية ، وطغيانها على الهوية الأهم ، وهي الهوية الوطنية ، وإن هذه الإشكالية لم تكن وليدة التغيير السياسي الذي حدث عام 2003م بل أتت ضمن تراكمات الآيدلوجية القومية التي حكمت العراق وجعلت الهوية للقائد فقط إلى أن تشظت هذه الانتماءات والولاءات بعد التغيير إلى انتماءات طائفية وعرقية وإثنيه ، وهي هويات فرعية ضيقة لا تجمع إليها سوى فئات ومكونات لا تشترك مع غيرها مع الهوية الأكبر ، وهي الهوية الوطنية. إننا نحتاج اليوم إلى البحث عن الهوية الوطنية العراقية ، ومعالجتها وإيجاد السبل لتطويرها ، ولاسيما أننا نعيش النظام الديمقراطي ، الذي يمكن من خلاله خلق هوية وطنية واحدة لجميع العراقيين ، وإن هذه الهوية نراها موجودة وطاغية في حالات كفوز المنتخب العراقي مثلاً بالبطولات الرياضية ، إذ نجد أن الجميع يحملون هذه الهوية إزاء هذا الحدث الوطني ، لكن هذه الهوية ما تلبث أن تخفت إزاء الهويات الأخرى !!! وهذا ما يتطلب الوقوف والنظر في الظروف المسببة لهذا الخفوت ، على الرغم من أن الحكومة عقدت الكثير من المؤتمرات والندوات من أجل تعزيز هذه الهوية التي ستكون الدواء الناجع الوحيد في التخلص من الاحتقانات الطائفية . إن عدم النهوض بمشروع الهوية الوطنية بصورة حقيقية بالنسبة للحكومات السابقة التي حكمت العراق ولاسيما التي قامت على أساس قومي لا وطني ، لمدة ثلاثة عقود وأكثر مما أدى ذلك إلى عدم الاعتراف بالهوية الوطنية وبالهويات التعددية !! فسبب عجزاً مستمراً في حل هذه الإشكالية ، وقد اندمجت هذه الإشكالية بإشكالية أخرى بعد التغيير وهي نظام المحاصصة والحكم بالمشاركة لكل الطوائف والقوميات ، ولعل القوى الإقليمة كانت ومازالت تريد أن تمحو هذه الهوية الكبرى للعراقيين وهذا ما سهل الطريق للتدخل في الشأن العراقي ، فانتهى الأمر إلى عمليات تهجير ، وقتل طائفي لغياب الهوية الجامعة ، وهي هوية الأرض ( الوطن ) .. إن المناهج التربوية خير وسيلة لإظهار الهوية الأم والتفاعل الإيجابي معها ، ولاسيما عندما تقر هذه المناهج بالاعتراف المتبادل للهويات الأخرى وأن القاسم المشترك لها هي الانتماء للوطن ، من أجل دمج الهوية الفرعية بالهويات الأخرى على أساس المواطنة الحقة مما يجعل التعايش السلمي الإيجابي طبيعياًَ جداً . إن هذا لا يتحقق إلا بالمصالحة مع الذات ومع الآخر ..... ربما أن هذه الحلول ستحتاج إلى جيل على الأقل لكنها ليست صعبة إذا ما حشدت الجهود المنهجية لها مع الكادر التربوي المؤهل لذلك . ثمة عوامل كثيرة مشتركة عند أبناء الوطن الواحد على اختلاف أطيافه هذه العوامل يجب أن تحيا في نفوسهم ، لتبعث فيهم وحدة الإحساس بالوطن وبهويتهم الواحدة .إن الدعوة لحمل الهوية الوطنية هي دعوة واقعية متوافرة ضمن إمكانياتنا المتاحة ، وأن العائق الوحيد ضمن هذه الإمكانيات هو التعصب الأعمى وداء المحاصصة الذي أصاب البلاد والعباد أما الغالبية من الشعب العراقي اليوم فباتوا يؤمنون أنه لا خلاص إلا بالتمسك بالهوية الوطنية ، ونبذ ثقافة الفرقة والتعصب ، وعلينا أن نغير تفكيرنا حول الوطن ؛ لكي نصل معه إلى شاطئ الأمان بتجسيد روح المواطنة بدلاً من أن يرتبط المواطن بالوطن بالروابط الإدارية فقط !! إن الهوية الوطنية العراقية اليوم تحتاج إلى صيانة ، فلا يكفي المثقف ورجل الدين لهذه المهمة إنها مهمة تقع في أولوياتها على العائلة بعدها أصغر وحدة اجتماعية من شأنها أن تخلق روح المواطنة في أبنائها.









التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ما آخر التطورات بملف التفاوض على صفقة تبادل الأسرى ووقف إطلا


.. أبرز 3 مسارات لحل أزمة اللاجئين السوريين في لبنان هل تنجح؟




.. جامعة فيرمونت تعلن إلغاء خطاب للسفيرة الأميركية بالأمم المتح


.. مسيرة إسرائيلية توثق عمليات اعتقال وتنكيل بفلسطينيين في مدين




.. لحظة استهداف الاحتلال الإسرائيلي خيام النازحين في رفح بقطاع