الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


علاوة سمعة

مالوم ابو رغيف

2013 / 9 / 21
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


في اليمن الديمقراطية الشعبية وقبل ان يحتلها الزندانيون المثقلون باحلام النكاح، قبل ان يطفأ جذوتها الوهابيون بفتاوى البغض والاحقاد والتخلف، وقبل ان يؤسس الاسلاميون صناعة الموت، كان يوجد معمل لصناعة البيرة، بيرة صيرة. وصيرة اسم لجزيرة ولقلعة تاريخية تقع على مقربة من مدينة عدن الجميلة
البيرة ماء شعير، تخمر ولا تقطر، والاسلام يحرم ما قطرغليا فقط ( كالعرق) ويحلل ما سواه، الا ان المسلمين، وخاصة رجال الدين منهم، يميلون الى ما غلظ من الفتوى وما قسى من الاحكام، على اعتقاد خاطيء منهم، بان الطريق الى الله معبد بالصعاب والآلام والاوجاع وتعذيب الجسد، وليس مزدهرا بالحب والرحمة والجمال والنشوة، فحشروا البيرة عن جهل مركب مع ما قُطر من الخمر، وحرموا ما حلله الله.
كان مصنع بيرة صيرة يوفر مردودا مربحا لخزينة الدولة الديمقراطية، فمهما زاد حجم انتاج المصنع وعظم، يبقى قاصرا عن سد احتياجات السوق اليمنية.
اليمنيون الجنوبيون كانوا شعبا منفتحا على الحضارة، متسامحا مع نفسه، لا يعرف حروب الطوائف ولا غثاثات الدين، فتراهم يحتسون البيرة حتى في الاصقاع البعيدة والمناطق المنعزلة.
بيرة صيرة اضافة الى انها صناعة فاخرة وبامتياز الماني وتجد ذلك مطبوعا على ماركتها:ـ
Brewed and bottled under AMS Hamburg Management
، فأنها ايضا لا تبقى بائرة في الاسواق فتقدم وتعتق وتقل جودتها، فقد تطلبها فلا تحصل عليها لكثرة طلبها، كانت دائما طازجة، طيبة الطعم والمذاق، يشربها الجنوبيون بلذة متناهية وتأم جموع الشماليين عاصمتها المباركة عدن كما يأم الحجيج الكعبة لاحتساء على لارض ما وعد الله عباده المؤمنين في الجنة
وعد الله للمؤمنين معلن ومعروف، انهارا من الخمرة الصافية يشبه طعم العسل مذاقهاـ وتشبه احلام العذارى نشوتها، الا ان رجال الدين نسوا وعد الله، ونعقوا بحديث يدعي بان الله يلعن شاربها وحاملها وبائعها، ورغم ان الحديث لم يشمل صانع الخمرة باللعن، الا ان كهنوت الاسلام حشروا الصانع ايضا على عمد منهم ضمن ثلة الملعونين السعداء.
فتردد بأن هناك اشاعات، لا يعرف نسبتها من الصدق، تقول بان العوائل لا تزوج بناتها بمن يعمل في مصنع البيرة، واخرون يدعون بوجود فتوى تقول بان ثياب عامل البيرة لا تنظف من دنس الشيطان مهما غسلها، لكن هذه الاقاويل بقيت محصورة في حلقات مغلقة ولم تكن يوما حديث الشارع.

ربما لهذه الاشاعات، ولأن الذهنية العربية لا تلخوا من شوائب الدين حتى وان كانت اشتراكية، خصصت الحكومة اليمنية الديمقراطية الشعبية علاوة خاصة لعمال وعاملات مصنع بيرة صيرة اسمتها علاوة السمعة.
وهو امر لا يخلوا من غرابة، اذ ان اليمني الجنوبي كان صريحا شجاعا بطبعه، اكان في تصرفاته او في عرض افكاره، كان محبا للحرية بفطرته، فليس من الدهشة ان تجد جمهور حاشد من الناس على مختلف الاعمار وهم ينتظمون في طابور شراء البيرة، وعندما يشترونها لا يخفونها عن الاعين كما يفعل بعض العرب الاسلاميون حتى وهم يعيشون في الدول الغربية.
في سنة 1990 اتفق قادة اليمنان، الجنوبي والشمالي للدخول في وحدة عض الجنوبيون اصابعهم ندما فيما بعد على الوقوع في فخ مغرياتها الكاذبة، اذ انهم قد وبعد ان سبق السيف العذل، قد وجدو انفسهم غرباء في ارضهم التي سلبت منهم، وانهم قد خسروا جمهوريتهم واستقلالهم اللتان غنوا ورقصوا لهما فخرا واعتزازا وصودرت منهم حريتهم. ثم جائهم الاسلاميون الزندايون محملون بافكار الاستباد والاستعباد الديني، ونشر الوهابيون فكر التطرف الاصولي والظلام الرجعي.
بعد ان سقطت الجميلة عدن في 7.7.1994 بيد جيش الغزاة الشمالي وغزتها مليشيات القاعدة والافغان العرب المتحدة مع جيش المحروق علي عبد الله صالح، انشب جمع متحش سكاكينه في خاصرة المدينة وقطعوا شرايين حياتها وهدموا معمل بيرة صيرة ورقصوا على اشلاء آلاته.
الذهنية التي اعتقدت بان العمل في مصنع البيرة فيه ما يعيب وعوضت العاملين عن ضرر قد يلحق بسمعتهم بعلاوة مادية، هي نفس الذهنية التي كانت حاضرة في تفكير بريمر اول حاكم امريكي للعراق في زمن الاحتلال، فهو كان واثقا، بان العمل تحت امرته فيه الكثير مما يعيب وما يسيء، ولكي يغري بالعمل تحت ادراته، خصص للموافقين بالانظمام الى ادارته كرؤساء ووزارء وسفراء ونواب، رواتبا وامتيازات ومُنحا ضخمة جدا لا يحلم بها احد.
كانت ضخامة عطايا بريمر تعويضا ماديا للاضرار التي تلحق بالسمعة.
لكن عندما انتهى زمن الاحتلال ورحل بريمر، ثم رحلت القوات الاجنبية، ابقى الفاسدون الاغرائات والتعويضات وعلاوات السمعة كما كانت في زمن بريمر، بل انهم ازادوها. فقد ادركوا بان رهطهم الحاكم غير قابل للاصلاح، وان شرفهم الوطني غير مرتجع حتى بميثاق مثل ذلك الاخير الذي اتفقوا عليه فيما بينهم مؤخرا. انهم متاكدين بندرة وجود سمعة اكثر تلويثا من سمعة النواب والمسؤولين العراقيين.؟








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - العزيز مالوم ابو رغيف
عبد الرضا حمد جاسم ( 2013 / 9 / 21 - 12:17 )
تحية و سلام و محبة و احترام
بعيدا عما قصدتم بالموضوع و ايضاً ضمنه
حَّرموا البيرة واحلوا القات
القات الذي يستهلك 70% من موجودات اليمن المائية و الترابية
كما حرموا الزنا و اطلقوا اللواط
وهذا ما يفعله البرلمانيون والبرلمانيين
حرموا السرقة و اطلقوا الرشوة و الاختلاس و التحايل
في الحالتين يوجد بالمحرمات نصوص و لا يوجد بغيرها نصوص
تقبل تحياتي


2 - الاستاذ مالوم ابو رغيف المحترم
جان نصار ( 2013 / 9 / 21 - 12:44 )
لقد ارجعتني يا استاذي الى فترة الدراسه مع احبائنا الطلبه اليمنين الجنوبيين.لقد كانوا الاكثر تهذيبا والالطف بين كل الطلبه العرب وكانوا من محبي البيره ويصرفون المنحه على شربها.اكبر خطاء كان يوم ان توحدت اليمنان. وكما تفضل الاستاذقاسم الشلبي هي من افضل عشر مشروبات في العالم للصحه. ولهذا تنشط بعد الدول الاسلاميه في احضار بيره دون كحول.
مع التحيات والموده


3 - الاخ عبد الرضا جاسم المحترم: الاستثناءات
مالوم ابو رغيف ( 2013 / 9 / 21 - 13:33 )
الاخ العزيز عبد الرضا جاسم المحترم
تحياتي لك وشكرا على المشاركة الجميلة
تصور ان احدهم سأل شيخا اذا ما كانت السرقة من بلاد الكفار حلال او حرام !ـ
اجاب الشيخ وبكل وقار بانها جائزة اذ كان القصد منها ايقاع الاذى بالكفار.ـ
اي ان رجال الدين لا توجد عندهم مباديء تنهاهم عن القبيح فيفتون بتنجنه والسبب هو كثرة استخدام الاستثناءات في القرآن وفي الحديث
مثل
لا تقتلو النفس التي حرم الله قتل إلا بالحق
وعندما يذبح الوهابيون الانسان، فانهم يعتقدون انهم يذبحونه بالحق
وهكذا نستطيع القياس على بقية الافعال مثل السرقة والزنا وغيرها
اكرر التحية والشكر


4 - الاخ جان نصار المحترم: الحقيقة والوهم
مالوم ابو رغيف ( 2013 / 9 / 21 - 13:48 )
الاخ العزيز جان نصار المحترم
اشتريت في يوم صيف جميل بعض قناني البيرة الباردة وتوجهت الى مجلس ضمني مع عدد من الاصدقاء، احتسيت الاولى والثانية على عجل فشعرت بان مفعول البيرة الجميل كان يسري في جسدي فينعش في الذاكرة ويلهمني لذة الاستماع الى الحديث
لكن احدهم افاقني من نشوتي عندما سألني مستغربا
هل اصبحت تتقيد بفتاوى الاسلامين فتشرب بيرة بدون كحول؟
لم اصدق كلامه في البدأ، لكن عندما نظرت الى القنينة متفحصا وجدت انه كان محقا.. الغريب ان مذاق البيرة بعد كان لذيذا خفيفا، قد تغير في فمي واصبح المذاق مجا ثقيلا، ثم طارت النشوة وكانها لم تكن وشعرت اني اشرب ماء خمرة العجين.ـ
لم اجد تفسيرا لذلك غير اني اعتقد ان الايحاء له اثرا كبيرا على بناء الاوهام.. لقد ايقظتني الحقيقة من مفعول زائف ادخلني فيه التصور.. فكيف لنا بانقاذ الاف الناس الذي يؤمنون بان البيرة شرأب اثم؟
كيف لنا ان نوقضهم من احلام حور العين وجنات الاوهام؟
تحياتي


5 - لا يمكن إيقاضهم!
د. ضياء العيسى ( 2013 / 9 / 21 - 16:28 )

سألت مرة أحدهم ، حامل دكتوراه - دكتور أوف (فيلوسوفي!) - في تخصص علمي يُدَرِس في جامعة غربية ، كيف يحلل محمد أربعة نساء للمسلمين فقط بينما هو على ذمته تسع زوجات!؟ وكان جوابه السريع بدون أي تفكير وبدون أي تردد: لأن محمد نبي!

وصاحبي هذا لا يزال يحلم بحور العين وجنات الاوهام!

مقال جميل - تحياتي.


6 - د. ضياء العيسى المحترم: كرامة مولانا ابو الكلام
مالوم ابو رغيف ( 2013 / 9 / 21 - 18:07 )
الاخ د. ضياء العيسى المحترم
احد االعلماء الاسلاميين لبارزين في الهند، المكنى بمولانا ابو الكلام كان صديقا حميما لتشرشل، حدث مرة انه كان في زيارة لبريطانية اذ دعاه الوزير البريطاني لعشاء خاص حيث قدم فيه الويسكي المعتق.ـ
لاحظ مستر تشرتشل بان مولانا ابو الكلام يحتسي كأس الويسكي بانتشاء بالغ فبادرة بسؤال يعرب فيه عن دهشته، فعلى حد علمه ان الخمر حرام بينما مولانا ابو الكلام، من ابرز الشخصيات الاسلامية في الهند يحتسيه بلذة ونهم
قال له مولانا ابو الكلام بكل هدوء وروية، بانه لا يشرب الويسكي اطلاقا لأنه ، وعندما تمس شفتاه كاس الويسكي، يقلب الله تعالى الويسكي الى ماء عذب مذاقه مستساغ طعمه فيشربه بفرح وغبطة.ـ
ملايين الناس تصدق بولانا ابو الكلام وتعتبر كلامه المضحك هذا كرامة من الله
تحياتي


7 - بول البعير
نيسان سمو الهوزي ( 2013 / 9 / 21 - 19:21 )
لا اعتقد هناك فرق كبير بين البيرة وبول البعير بالرغم من انني لم اتشرف به الى الآن ..كل شيء كان افضل في السابق الانسان نفسه كان اكثر مؤمناً والآن اصبح اكثر كافراً بالرغم من زيادة درجة الايمان وزادت الصلوات وكثرت الفتوات فما هذا السر يا سيدي الكريم ؟؟ تحية


8 - الاخ نيسان الهوزي: البيرة وبول البعير
مالوم ابو رغيف ( 2013 / 9 / 21 - 19:45 )
الاخ نيسان الهوزي المحترم
تحياتي
الحقيقة لم استطع فهم مقاربتك بين البيرة وبين بول البعير.. وغالبا انك لن تجد جوابا، فمن يشرب البيرة لا يشرب بول البعير، ومن يشرب بول البعير لا يشرب البيرة..اذا لا يمكن للحالة ان تكون هي وتناقضها بآن واحد..!ـ
لو قلت لاوربي بان العالم اصبح الان اسوء من السابق، سوف لن يتفق معك في الرأي، في اوربا الناس تحن الى المستقبل وليس الى الماضي، اذ ان الماضي كان دائما اقل جودة من الحاضر.. في الشرق، يختلف الامر، اذ ان الفترة الماضية كانت خالية من تأثيرات الدين الاسلامي ذلك كانت على الدوام افضل من الفترات التي سيطر فيها الاسلام السياسي على الشؤون الفردية للانسان وعلى الدولة
والسر يا عزيزي نيسان هو ان الانسان الشرقي خواف متردد لا يعرب عن افكاره بصراحة حتى ولو كان باسم مستعار
هل لاحظت حتى في المظاهرات الاحتجاجية
يرددون شعارات دينية؟
.


9 - اليمن
صلاح ( 2013 / 9 / 21 - 20:24 )
وانا اقرآ مقالك احسست اني عدت الى اليمن اللتي دخلتها هاربآ من جحيم الحصار الاقتصادي في بداية التسعينيات هناك تعرفت على الاخوه اليمنيين من كلا الشطرين لاحظت عقول الجنوبيين متفتحة واشخاص طيبين المعشر ومثقفين على عكس الكثير من الشماليين الغارقين في الالتزام الديني وكثير من االافكار المتخلفة والاختلاف الكبير لاحظته هو الحب الكبير الذي يكنه الشماليين للمجرم صدام والذي تجد على العكس منه الكره من الجنوبيين لصدام . هذا جعلني افكر لماذا الهند اكثر تطور من الباكستان وهم شعب واحد وارضهم كانت واحده. السبب يرجع الى الدين الاسلامي في الباكستان السبب في تراجعها وتقدم الهند عليها..مقال رائع تقبل تحياتي


10 - الاخ صلاح: الرئيس يشرب الشاي في قهوة على ناصية
مالوم ابو رغيف ( 2013 / 9 / 21 - 22:27 )
الاخ العزيز صلاح المحترم
تحياتي لك
هناك الكثير مما يقال في الفرق بين اليمنين، الجنوبي والشمالي.. عدن كانت حلم الاشتراكين الثوريين العرب، كانت تجربة في غاية الروعة،، لك ان تتصور ان موكب رئيس الجمهورية يتكون من سيارة يستقلها هو وسيارة اخرى هي بيكاب تسير خلفه يجلس فيها بعض الحراس الذين غالبا ما يدركهم النعاس في الطريق.. لك ان تتصور ان رئيس الوزراء قد تاخذه ( خرمة) اي اشتياق لاحتساء الشاي الملبن،( شاي من لحليب والهيل) فتتوقف سيارته عند اي مقهى عامة ليشتري قدحا من الشاي الملبن حاله حال اي زبون اخر او قد تبطيء سيارته السير ليحي الاطفال الذين يلعبون في المناطق التي يمر منها الى بيته..
اما عبد الله صالح،، فقد قدم يوما الى اليمن الجنوبي قبل الوحدة كانت سيارات حراسته مجهزة حتى بدوشكا مقاومة الطائرات، كان الحرس يحيط به من كل مكان، كنت ستشعر بغلظة الجند وجلبة السلاح، ولا ترى منه الا فروة الرأس الاجعد
هذا هو الفرق الكبير.. بين رئيس هو فرد من الناس وبين رئيس متعالي عليهم
تحياتي

اخر الافلام

.. تأييد حكم حبس راشد الغنوشي زعيم الإخوان في تونس 3 سنوات


.. محل نقاش | محطات مهمة في حياة شيخ الإسلام ابن تيمية.. تعرف ع




.. مقتل مسؤول الجماعية الإسلامية شرحبيل السيد في غارة إسرائيلية


.. دار الإفتاء الليبية يصدر فتوى -للجهاد ضد فاغنر- في ليبيا




.. 161-Al-Baqarah