الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


من أجل إطار كردي مرجعي...أفكار أولية للمناقشة

دارا كيلو

2005 / 5 / 23
القضية الكردية


من الواضح أن المنطقة تمر بمرحلة فك وإعادة تركيب على كافة المستويات, ضمن عملية من نفس النوع على المستوى العالمي. وفي سياق هذه العملية تأخذ الفعاليات المختلفة مواقعا جديدة في التركيبات الجديدة الناشئة, وتختلف أهمية الموقع حسب قوة وإدراك تلك الفعاليات لاتجاهات حركة التاريخ والتفاعل الصحيح بين القوة والاتجاه.
على المستوى السوري هناك تغيير كبير يحدث, وهناك تغيرات أكبر قادمة, ستحدد مستقبل سوريا لفترة طويلة. ماذا سيكون موقع الكرد في سوريا المستقبلية؟ هذا سؤال يجب أن يطرحه كل كردي سوري على نفسه بشكل عام, ويفترض أن يهتم بالإجابة عليه الكرد العاملون في الشأن العام (سياسيين ومثقفين وناشطين....). وهناك نقاط عديدة يفترض العمل عليها في هذا المجال, وأهمها وجود إطار مرجعي كردي موحد ومتفق عليه, تركز عليه وتتوحد في إطاره مختلف الجهود الكردية في تفاعلها مع بقية مكونات المجتمع السوري من سلطة ومعارضة وغيرها من المؤسسات المدنية والاجتماعية, من أجل وضع المكون الكردي لسوريا المستقبل في موقعه الملائم.
ما أعنيه بالإطار المرجعي, له عدة تصورات أو مستويات من التجسد. المستوى الأول, مستوى الحد الأدنى, هو الاتفاق على طبيعة الوجود الكردي, وما يترتب على هذا الوجود من حقوق أساسية في المستوى النظري. المستوى الثاني, ويبنى على المستوى السابق, هو الاتفاق على التجسيد السياسي للحقوق الأساسية وعلى التصور الكردي لمستقبلهم السياسي في الإطار السوري ومستقبل سوريا عموما. والمستوى الثالث, وهو مستوى طموح, يفترض التوصل إلى إطار واحد تنسيقي يبنى على المستويات السابقة.
في هذا الإطار سأحاول أن أطرح تصورا أوليا للمستويات السابقة, وهذا الطرح لا يرمي أن يكون نهائيا, وإنما هو أقرب إلى إثارة الموضوع من إحدى الزوايا عل الموضوع يلقى الاهتمام الذي يستحق.
ما هو شكل وطبيعة الوجود الكردي في سوريا؟ قبل الإجابة على هذا السؤال هناك سؤالين آخرين يطرحان نفسيهما, ما هي أشكال وجود القوميات المختلفة ضمن الأطر الجغرافية السياسية التي تتواجد فيها؟, وكذلك ما هي مكونات سوريا من تلك الأشكال وكيف اكتسبت ذلك؟. بتصوري أن القوميات تتواجد بعدة أشكال من بينها الجاليات المهاجرة والأقليات الصغيرة المستوطنة وما يمكن أن نسميه بالشعوب التي هي ذات هوية واضحة وذات وزن مؤثر وتعتبر صاحبة الأرض التي تقيم عليها.
يمكن أن نحدد طبيعة التواجد الكردي في سوريا اعتمادا على المعطيات التالية: أولا, إن الوجود الكردي في المنطقة هو وجود يعود لآلاف السنين, والكرد من أقدم شعوب المنطقة. ثانيا, الحدود الحالية لسوريا تم رسمها بشكل أساسي من قبل الإنكليز والفرنسيين ضمن اتفاقية سايكس بيكو1916, التي كانت تروم تحقيق مصالح واضعيها. عند رسم هذه الحدود لم يتم استشارة الشعوب القاطنة في المنطقة ولم يتم رسم تلك الحدود على أساس التوزع العرقي, وتم على أساس تلك الاتفاقية تقسيم كردستان بين دول المنطقة, ومن بينها سوريا. ثالثا, معظم القوى السياسية والفعاليات الفكرية العربية, وحتى عامة الناس, في سوريا, تعتبر أن سوريا ككل جزء من الوطن العربي, أي هي ككل أرض عربية, بغض النظر عن من يعيش عليها الآن. لذلك فإن الوجود الكردي في سوريا هو وجود شعب وأرض, وهذا الوجود يجب بالضرورة أن يسمى بكردستان, بغض النظر عن اللاحقة وإن كنت أفضل" كردستان سوريا", كتعبير عن حالة الوجود الكردي التي ستبنى عليها لاحقا الحقوق. كردستان ستعبر عن حقيقية الوجود القومي الكردي كحقيقية تاريخية وجغرافية, وستضمن المعاملة المتكافئة للكرد بالمقارنة مع بقية المكونات السورية وخصوصا المكون العربي. أي أنه إذا كان هناك حديث عن وطن عربي في سوريا, فإن المحافظة على الحقوق الكردية تطرح ضرورة وجود مصطلح كردستان, التي ستكون من المكونات الأساسية لسوريا. ومن المهم الإشارة هنا أن طرح هذا المصطلح لا يعني بالضرورة تحديد حدود جغرافية دقيقة 100%. وسترتب على ذلك مسألة هامة وأساسية في المحافظة على حقوق الشعب الكردي في سوريا, هي أن كردستان سوريا ستتطلب بالضرورة , أو ستجعل من العدل, أن يطرح شعار حق تقرير المصير للكرد من ناحية المبدأ, أي كحق مثل حق الطلاق. ويجب التأكيد هنا أن مستوى الوجود هذا غير مطروح للتفاوض أو التنازل عنه.
بعد الاتفاق على شكل الوجود الكردي والحق النظري, يأتي دور الاتفاق على تجسيد الحقوق أو الحق في شكل مشروع سياسي. هذا المشروع يجب أن يكون بعيد عن التعقيد والباطنية واللف والدوران, يجب أن يتجسد بعدة شعارات أو مطالب واضحة, طبعا يمكن أن تطرح ضمن تصورات تخص سوريا بشكل عام, لكن ذلك ليس موضوع البحث الآن. مثلا يمكن الاتفاق على مطالب مثل : الاعتراف الدستوري بالوجود الكردي كمكون مكافيء بالنوعية للوجود العربي وإن كان يقل عنه بالحجم, اعتبار اللغة الكردية لغة رسمية ثانية, إعادة الجنسية لمن جردوا منها وتعويضهم عن حرمانهم وعن ممتلكاتهم أو ردها لهم, إلغاء النتائج التي ترتبت على مشروع الحزام العربي........
يلي الاتفاق على التجسيد السياسي للحقوق, الطموح الأكبر, وهو وجود إطار تنسقي جاد للجهود الكردية يوجهها نحو المطالب المحددة أنفا. والطرح هنا يأخذ في الاعتبار التجربة الكردية المريرة مع الأطر التنسيقية الكردية, ولا يريد تكرار التجربة, ولكن هناك ضرورة حيوية للتنسيق, لذلك ما سأطرحه هنا سيحاول التفاف على بعض سلبيات تلك التجارب. أعتقد أن الاتفاق على الخطوط العريضة للمطالب يمكن أن يسهل تنسيق الجهود أيضا لكن في أطر شديدة المرونة, لذلك ستبقى الأحزاب محافظة على هياكلها الحزبية, والتحالفات يمكن أن تبقى, ضمن الإطار التنسيقي الذي أتصوره. ينبغي أن تنشأ في الوحدات الإدارية الكردية من مستويات مناطق أو نواحي أطر تنسيقية للجهود ( يمكن أن تسمى مجالس سياسية كردية, أو مجالس استشارية, أو مجالس تنسيق, مجالس مبادرة .....أو أي تسمية أخرى), يمكن أن ينتمي لهذه المجالس الكرد, بغض النظر عن كونهم سياسيين أو حزبيين أو غير ذلك, أي أنه بمكن للجميع حزبيين رجال أعمال مثقفين رجال عشائر رجال دين...أن ينتموا للمجالس , وأن لا يتخلوا عن صفاتهم تلك. يعقد المجلس جمعية عمومية سنوية تبحث خلالها أمور سير العمل في سبيل المطالب الكردية وبعض المشكلات الاجتماعية والخدمية والثقافية للمنطقة ويتم خلالها انتخاب لجنة متابعة وناطق رسمي ومنسق, وكذلك يتم انتخاب عدة ممثلين للجمعية العمومية السنوية للمجلس الكردي العام, والذي يقوم بدوره بمتابعة العمل في سبيل المطالب المحددة آنفا وانتخاب لجنة متابعة عامة وناطق رسمي عام ومنسق عام يتولون تسيير الأمور خلال سنة, ويمكنهم أن يدعوا لجمعية عمومية طارئة عند اللزوم .
المستويات الثلاث السابقة للمرجعية يمكن أن تشكل ضابطا للسلوكيات السياسية الكردية, بحيث يتم الالتزام بحدود دنيا وثوابت يعرفها الجميع ويتصرفون على أساسها, ووجود المستوى الأول أمر جيد, والمستوى الثاني يكون فيه الوضع أفضل, والغاية هي الوصول إلى المستوى الثالث. ويجب التأكيد أنه من الضروري وجود مثل هذه المرجعية لتركيز الجهود الكردية, وبالتالي تثميرها.
في النهاية ما هو مطروح هو مجرد أفكار أولية وجزئية , آمل أن أتمكن من تطويرها من خلال أراء الآخرين, سواء من خلال النشر الالكتروني, أو من خلال بريدي الشخصي








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. في اليوم العالمي لمناهضة رهاب المثلية.. علم قوس قزح يرفرف فو


.. ليبيا.. المؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان تصدر تقريرها حول أوضاع




.. طلاب جامعة السوربون يتظاهرون دعما لفلسطين في يوم النكبة


.. برنامج الأغذية العالمي: توسيع العملية العسكرية في رفح سيكون




.. الأونروا: الرصيف البحري المؤقت لا يمكن أن يكون بديلا للمعابر