الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الإله الخالق فرضية ظنية وليس بالحقيقة اليقينية

فادي كمال الصباح

2013 / 9 / 22
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


دائماً و مراراً وتكراراً , يواجه المؤمن الملحد بالأسئلة الحرجة باعتباره !, التي ستهدم الإلحاد,و تجعل من الملحدين يبدون بموقف الحمقى!, من خلقك ؟ من خلق الكون؟ من جعل لك عقل؟ ...الخ من تلك الأسئلة.
سؤال المؤمن نابع من مسلمات يؤمن بها كما لو كانت موجودة كالشمس في وضح النهار و أن جحود وغباء! الملحد سبب له عدم الإيمان بها.

يغيب عن بال الكثير من المؤمنين أن أدلة وجود إله خالق يقابلها أدلة قوية تنفيه , وأن وجود الإله الخالق احتمال من عدة احتمالات مطروحة عن الوجود.
و يغيب عن بال المؤمن أيضاً, أن سؤاله من خلقك؟ هو سؤال باطل لتخطيه إثبات وجود خالق و حصول عملية الخلق,لأن من خلقك يعني وجود خالق و حصول الخلق ,فالسؤال يدور حول هوية الخالق. يمكن طرحه بين أتباع الأديان المختلفة فيما بينهم لإثبات أن الإله الديني الخاص هو الخالق المفترض من بين الآلهة المختلفة, كأن يطرح المسلم بأن الخالق هو الله والمسيحي بأنه يسوع والهندوسي بأنه أحد ألهته. أما مع الملحد لا يمكن سؤاله ذلك قبل أن إثبات الإشكاليتين السابقتين, لعدم إيمانه بالإلهة وعملية الخلق.

فرضية وجود خالق وراء الكون, لا يمكنها تفسير الوجود بكل بساطة هكذا ,وليست الإجابة الشافية لا بل تضيف تعقيداً أكثر على الوجود ,لأن الخالق ينبغي أن يكون أعظم وأكمل و أعقد تكويناً من مخلوقه وهذا الأمر لا يوجد مؤمن يعترض عليه, والكون بكل ما يتضمن هو أقل تعقيداً من الخالق المفترض, مما يعني أن الكون بلا خالق أكثر ترجيحا من خالق بلا خالق.فالمادة أبسط بكثير من الإله.
إن هذا الترجيح على وجود كون بلا خالق على خالق بلا خالق, ليس أيضا إجابة كافية حول الوجود, مازلنا بحاجة لإجابات أبعد مدى.

العلم عاجز حاليا عن تقديم الإجابة الشافية عن سر الوجود ولا يعتبر ذلك نقصاً او استحالة للوصول الى هكذا إجابة, بل أمر واقعي لاختلاف المنهج العلمي عن التصور الديني الذي لا يتردد عن تقديم أي إجابة دون أي دليل,بعكس العلم.
بما أن العلم وصل الى نقطة الانفجار العظيم دون ما قبلها ,لا يعني ذلك نهاية المطاف, فمازال العلم بالمقارنة مع تاريخ البشرية وبدء النهضة العلمية والتكنولوجية , في البدايات , و لن يستغرب مستقبلاً بوصوله لحقيقة سرالوجود.
التصور الديني عن الوجود ناتج عن التجربة البشرية والمشاهدة اليومية, فلا يوجد مركب بلا نجار ولا أثار أقدام على الرمال بلا سائر عليها, وهذا الاستنتاج منطقي و علمي ويقيني بالنسبة لواقعنا, أما إسقاط ذلك على الوجود كله و اعتباره دليلاً على وجود صانع للكون لن يكون علمياً و لا يقينياً لأننا لم نرى كوناً يصنع ولا نعلم الطريقة التي حصل بها ,بذلك يعتبر بأحسن الأحوال إستناجاً ظنياً يحتمل الصواب والخطأ.
هنالك حلقة مفقودة لدى العلم والدين ,العلم ليس لديه إجابة كاملة عن كيفية عن الوجود و الدين ليس لديه إجابة عن كيفية وجود الله.
العلم يبني نتائجه على الاختبار والتجربة والملاحظة ولا يقدم نتيجة دون دليل جرى اختباره ,أم الدين نتائجه مبنية على تصورات غير مختبرة ولا يمكن إجراء التجارب عليها, هي اقرب للتصورات الذهنية بلا دليل.
الإشكالات على التصور الديني للوجود لا تقف عند الحد السابق لا بل أن القول بالوحدانية أمر يشكل عليه, لأن الله هو بالتصور الديني هو العلة الأولى الموجودة بلا علة قبلها ,فما المانع من وجود علل أخرى دون علة قبلها. بمثال أوضح كائن موجود دون أي سبب لا يوجد ما يمنع من حالات أخرى مشابهة وجدت بالطريقة نفسها.

لو سلمنا جدلاً بوجود خالق ,تظهر أمام المؤمن عقبة أخرى بكيف يمكنه إثبات أن هذا الخالق هو الإله الذي يعبده ويقدمه دينه, فالآلهة المصطنعة الناتجة عن التصورات البشرية واقع لا ينفيه أي مؤمن كونه يؤمن بإلهه وينفي آلهة الأديان الأخرى.
السبيل الوحيد أمام المؤمن لإثبات أن إلهه هو خالق الكون , مقارنة المسائل العلمية الموجودة بكتبه المقدسة التي يؤمن بأنها من خالق الكون مع الحقائق العلمية التي يعترف بها ,لأن هذه المسائل ليست من الغيبيات و يمكن اختبار صحتها و معرفة مصدرها ,إن كان بشري أو فوق بشري بسبب علمنا بحجم المعرفة البشرية في الأزمنة التي ظهرت بها الأديان وخاصة الإبراهيمية منها.

فمتى يمكن للمتدين أن يقتنع , بأن كل منظومته الدينية و العقائدية , بما تشمل من ألهة و أنبياء و أئمة و قديسين و كتب مقدسة, ليست بالحقائق اليقينية التي لا تحتمل الخطأ و التشكيك , فحتى وجود الله ليس بالحقيقة اليقينية كحقيقة وجود الشمس الساطعة في وضح النهار أو حتى المختبئة وراء الغمام, فما باله بما دونه !.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - تعليق
عبد الله خلف ( 2013 / 9 / 22 - 22:09 )
1- ماذا يقول العلم عن الله الخالق؟... علماء في فيزياء الـ(كوانتم) يؤكدون أن الكون مخلوق :
http://www.youtube.com/watch?v=n02ql5ydkEU
و
http://www.youtube.com/watch?v=TOr4CpdEcUE

2- لماذا يلحد الإنسان؟... سؤال جوهري , الجواب :
- يقول عالم الفلك (فريد هويل ) في كتابه mathematics of evolution p.130 : (في الحقيقة كيف لنظرية علمية واضحة جداً تقول أن الحياة جمعها عقل ذكي ومع ذلك فإن الشخص يتعجب ويتساءل، لماذا لا يقبلها بشكل واسع باعتبارها بديهية ‍‍‍…لكن أغلب الظن أن الأسباب نفسية أكثر منها علمية) .
- كتب العالم النفساني الشهير كارل يونج قائلا :- ( كل مرضاي يبحثون عن نظرة دينية إلى الحياة) .

يتضح من التعليق التالي : أن الإلحاد مرض نفسي مستعصي .


2 - ملاحظه
عبد الله خلف ( 2013 / 9 / 23 - 07:36 )
نحن نعيش في كوكب في مجموعه شمسيه , من بين مئات المليارت من المجموعات الشمسيه الأخرى في مجره واحده , و توجد مئات المليارات من المجرات الأخرى في كل واحده مئات المليارات من المجموعه الشمسيه .
حسناً , الإنسان عاجز عن إكتشاف أسرار جسده , من علاج لأمراضه , ثم عاجز عن إكتشاف أسرار كوكبه (الأرض) ثم يجهل بقية الكواكب و المجرات التي بعدد حبات الرمل , ثم بعد كل هذا الجهل ؛ يُناقش في وجود خالق من عدمه! .
فعلى الملحد قبل أن يطلب هذه المعلومه أن يترقى في تسلسل المعلومات , و لا نريد منه إلا موضوع واحد , و هو , تجديد الخلايا في الإنسان لكي لا يموت الإنسان , فهل يستطيع الملحد أن يفعلها؟... إن كان لا يستطيع , فمن باب أولى أن لا يسأل عن شيء أكبر من الذي يعجز عقله عن أستيعابه! .
فعقله عاجز عن حل معضلة مرض الأيدز , فكيف سيستوعب الإشكاليات الأخرى؟... عقل الإنسان و معلوماته محدوده .

اخر الافلام

.. تعليق ساخر من باسم يوسف على تظاهرات الطلاب الغاضبة في الولاي


.. إسرائيل تقرر إدخال 70 ألف عامل فلسطيني عبر مرحلتين بعد عيد ا




.. الجيش الإسرائيلي يدمر أغلب المساجد في القطاع ويحرم الفلسطيني


.. مصلون يهود عند حائط البراق في ثالث أيام عيد الفصح




.. يهود أمريكا: نحن مرعوبون من إدارة بايدن في دعم إسرائيل