الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مظاهرة قامشلي والدرس الكردي

صالح بوزان

2005 / 5 / 24
القضية الكردية


إن ما قامت به بعض الأحزاب الكردية بمظاهرة قامشلي في 21/5/2005 لخطوة هامة في طريق تلبية إرادة الشعب الكردي السوري في العمل الموحد من أجل السير نحو تحقيق حقوقه المهضومة. وتدل هذه الخطوة على عمل سياسي متميز في تاريخ الحركة الكردية السورية عامة والحركة الوطنية السورية منذ أربعين عاماً خاصة. لقد عزز هذا العمل المشترك الذي دعا إليه حزب يكيتي وتجاوبت معه أحزاب كردية أخرى طموح الأكراد في توحيد جهودهم من أجل الاستحقاقات القادمة، هذه الاستحقاقات التي تتطلب ضرورة وحدة الحركة الوطنية الكردية لكي لا تضيع فرصة أخرى من فرص التاريخ الضائعة والمتراكمة في ذاكرة الشعب الكردي.
نعود إلى المظاهرة وأهميتها. فأن تعلن جهة سياسية ما في سوريا، بأنها ستقوم بمظاهرة، وتحدد زمان ومكان هذه المظاهرة قبل أيام، ومن ثم تقوم بها فعلاً، إنه في الحقيقة عمل سياسي متميز بكل المقاييس.
لقد فتحت القوى الكردية باباً جديداً كان مغلقاً منذ أربعين عاماً، وهو التظاهر السلمي بهذا الحشد الكبير. فحسب ما قرأت في الانترنيت أن المظاهرة جرت بشكل سلمي، وكانت خاضعة للتنظيم نسبياً، ورفع المتظاهرون شعارات موضوعية وعقلانية. يدل كل ذلك على سرعة النضج السياسي لدى الحركة الوطنية الكردية، وعلى أن الشعب الكردي السوري يملك قابلية كبيرة لتجسيد الديمقراطية المعاصرة في العمل السياسي، رغم ثقل الاضطهاد والظلم الذي يحني ظهره في خمسين سنة الأخيرة.
كما لا بد من الإشارة إلى بادرة جديدة من النظام. هذا النظام الذي رغم علمه المسبق بالمظاهرة، لم يصدر الأوامر لأجهزته الأمنية لمنعها أو الاصطدام مع المتظاهرين رغم التواجد المتنوع والمكثف(حسب معلومات الانترنيت) لها خلال المظاهرة. وانتهت المظاهرة أخيراً بسلام كما لو أنها حدثت في باريس أو لندن.
تدل هذه الظاهرة الجديدة على إن العمل السياسي سيجري بشكل حضاري حتى في بلد موجود في منطقة متخلفة حضارياً مثل سوريا إذا لم تستخدم الأجهزة الأمنية القمع واختلاق المصادمات، أو تحريض فئات الشعب على بعضها بعضاً(كما حدث أثناء انتفاضة آذار في العام الماضي، وفي أحداث عفرين الأخيرة).
ربما لا أكون مغالياً إذا قلت أن تاريخ سوريا الحديث سيسجل للأكراد هذه المظاهرة السلمية، في بلد لم يعرف ذلك خلال تاريخ حكم حزب البعث كله، كما سجل لهم أنهم الأوائل الذين مزقوا حاجز الخوف الذي كان رابضاً بكل ثقله على الشارع السياسي السوري من خلال انتفاضة 12 آذار2004 الدموية. لا أقول هذا الكلام جزافاً، فقد تم في السنوات الأخيرة اعتقال العديد من الشخصيات الوطنية السورية مثل الدكتور عارف دليلة والنائبين رياض سيف ومأمون الحمصي وغيرهم، ومع ذلك لم تستطع أية منظمة من تحريك الشارع السوري(أقصد العربي خاصة) للتظاهر تضامناً مع هؤلاء الوطنيين الذين قدموا ومازال بعضهم يقدم ضريبة الدفاع عن حقوق الشعب.
وهكذا، فعلى الجميع أن يفهم رسالة الأكراد من خلال مظاهرة الأمس، وقبلها من خلال انتفاضة آذار، وهي أن لا تغير في سوريا بدون الأكراد، ولا يمكن أن تتحقق الديمقراطية الفعلية دون الاعتراف الصريح والبعيد عن الخدع والمراوغة السياسية بحقوقهم. فمن يفكر بغد مشرق للشعب السورية مع إقصاء دور الأكراد فهو واهم.
من ناحية أخرى فالمظاهرة التي نحن بصددها، وضعت الحركة الكردية السورية أمام أجندة جديدة، من أهمها الخروج نهائياً من عباءة الدراويش والمتسولين أمام باب الغير استجداء للحقوق. لقد نضجت الحركة الكردية السورية وأصبحت شريكاً كامل الآهلية مع بقية الأطراف التي تشكل النسيج الوطني السوري. ويجب الخروج نهائياً من معادلة الأخ الأكبر والأخ الأصغر. ففي الحقوق والواجبات لا يوجد من هو أكبر ومن هو أصغر.
وأخيراً، فهذه المظاهرة التي قامت أصلاً للتضامن مع الشيخ معشوق الخزنوي المتنور والملتصق بآلام وحقوق شعبه السوري عامة والكردي خاصة، دفعت هذه الأحزاب الكردية التي قامت بها بوضع خلافاتها جانباً وتوحيد خطابها السياسي الذي تجسد بهذا العمل العظيم. وربما كشف هذا الأمر لكل الأحزاب الكردية أن وحدة الكلمة الكردية لا تتم في الغرف السرية ولا من خلال ((حكماء)) هذه الأحزاب وأشقءهم هنا وهناك، بل من خلال السير إلى تجسيد إرادة الشارع الكردي الذي يغلي نتيجة المعاناة الكبيرة من الاضطهاد الشرقي المتخلف. فالحزب الذي لا يجسد نبض الجماهير هو في الحقيقة حزب ميت مهما كان تاريخه مجيداً.
مرة أخرى الحرية للشيخ معشوق الخزنوي. فإلى جانب دفاعه المستميت عن الحق الكردي، تحول اختطافه هو الآخر إلى توحيد كلمة قسم من القوى السياسية الكردية، هذا التوحيد الذي تتمنى الجماهير الكردية أن يصبح شاملاً من أجل الأكراد ومستقبل سوريا، ومن أجل حرية الشيخ معشوق الخزنوي.
* * *









التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. منظمة هيومن رايتس ووتش تدين مواقف ألمانيا تجاه المسلمين.. ما


.. الخارجية السودانية: المجاعة تنتشر في أنحاء من السودان بسبب ا




.. ناشطون يتظاهرون أمام مصنع للطائرات المسيرة الإسرائيلية في بر


.. إسرائيل تفرج عن عدد من الأسرى الفلسطينيين عند حاجز عوفر




.. الأونروا تحذر... المساعدات زادت ولكنها غير كافية| #غرفة_الأخ