الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الإعلام الكوردي السوري تطور كمي و ضعف مهني

إدريس نعسان

2013 / 9 / 24
القضية الكردية


ما هو الإعلام؟ و ما مهمته؟

كثيراُ ما نسمع عن السلطة الرابعة، فما دورها و لماذا سميت بهذه التسمية؟
إن الإعلام بوصفه السلطة الرابعة، يمارس دوراً رقابياً على مؤسسات الدولة المختلفة و يكشف جوانب العيب و الفساد فيها و يبينها للرأي العام و لأصحاب القرار كي يتم البت فيها و تصحيحها، و هو بذلك يلعب دور العين الساهرة التي تتابع الصالح العام و تُقوم الأخطاء و العثرات التي تشوب كيان الدولة، و الإعلام لا يقتصر في الصحافة بل يشمل الإذاعة و التلفزيون و الصحافة و المواقع الإلكترونية: مواقع التواصل الاجتماعي على تنوعها.
مهمة هذه السلطة أو هذا الإعلام في الأنظمة الديمقراطية تتلخص في تقديم المعلومات الصحيحة للمواطنين، كشرط جوهري في استمرار النظام الديمقراطي، و هذا يساعد المواطنين على اتخاذ القرارات الصحيحة حول مستقبل بلدهم و يتحملون مسؤولية قراراتهم، أما المعلومات الخاطئة و التوجيه الإيديولوجي الفوقي كما في الأنظمة الاستبدادية و الديكتاتورية، يجعل من هذا الإعلام بوقاً لأهواء هذه الأنظمة و أهدافها الخاصة، بحيث لا يرى أبعد مما يسمح به الديكتاتور و لا يبجل إلا المستبد و أدواته ساخراً الوطن و المواطنين في خدمته و طوع إرادته، و هذا يحول المواطنين إلى ماكينات تتصرف وفق رغبات و أوامر الآخرين و تدفعهم إلى اتخاذ قرارات خاطئة و لا مسؤولة بسبب شعورهم بهامشية قراراتهم و غياب أهميتها.

كيف يمكن بناء إعلام عصري حر؟

بناء إعلام عصري حر يمتاز بالشفافية و حرية التصرف يحتاج إلى كوادر متخصصة و إمكانيات مادية و مصادر تمويل مستقلة بحيث يتخذ قراراته بحرية تامة دون سلطة أو رقابة أو توجيه من جهة حزبية أو سلطوية و إلا فإنه سيبقى رهن رغبات و أهداف الجهة الوصية عليه و سيتحول إلى أداة دعائية و إعلامية لتلك الجهة و لن يعود بمقدوره القيام بوظيفته المنوط به و هي تطوير الفكر المجتمعي نحو بناء حرية الرأي و الديمقراطية و قبول الآخر، و إظهار التنوع الثقافي و العرقي و المذهبي و المعرفي الذي يغني الثقافة الاجتماعية و يطور المجتمع، و الكوادر الإعلامية تتحرى الموضوعية و الدقة في الخبر و المعلومة بغض النظر عن الحيادية الغير مهمة في هذا الحقل، إذ أن الموضوعية تكسب المؤسسة الإعلامية المصداقية في العمل فتستقطب الجماهير و تستحوذ على اهتمامهم، أما نقل المعلومات بأساليب الهواة دون خبرة و دراية بمهنية الإعلام يسيء إلى صورة تلك المؤسسة.

أين يتربع الإعلام الكوردي السوري؟

كان الإعلام الكوردي السوري مغيباً عن المشهد السياسي العام لجملة من الأسباب منها ما هو متعلق بقانون المطبوعات و ما يتضمنه من معوقات سياسية تكبل خلق إعلام كوردي قادر على الحياة و الاستمرار في ظله، و منها ما هو متعلق بالوصاية الحزبية التي جعلت من المنشورات السرية التي تصدرها لسان حالها و الناطقة الرسمية باسمها فقط، بحيث لا تتطرق إلا إلى ما توافق عليه و ما يناسب سياساتها و أهدافها الحزبية فحسب، و هذا ما أبعد الأقلام الحرة و الكوادر المتخصصة المستقلة عنها و أختصرها في أقلام الكوادر الحزبية الهاوية و الغير مضطلعة على خباياه و مقوماته الصحيحة.
رغم النمو الكمي الذي شهده هذا الإعلام مؤخراً و خاصة منذ 19 تموز 2012، إلا أنه لا يزال بمجمله رهن التوجيه الحزبي، فالمنشورات و إن زادت عدداً و تنوعاً فإنها حزبية و كذلك المواقع الإلكترونية التي أصبحت بالمئات إما حزبية أو مقربة منها و لا توجد منها المستقلة في الواقع الكوردي العام و الكوردي السوري الخاص، سوى بعض النشرات الدورية التي أسسها بعض المثقفين و النشطاء السياسيين من الشباب إبان 19 تموز، أي بعد تحرير مجمل المناطق الكوردية في سوريا من الأمن و عصاه الغليظة التي كانت مسلطة دوماً على رأس الإعلام و الإعلاميين، منذ ذلك الحين بدأت بعض الأصوات الحرة تطفو إلى السطح و تحاول التأسيس لصحافة كوردية مطبوعة و إلكترونية مستقلة و موضوعية، لكن قلة الخبرة و ضعف الإمكانات المادية و غياب وسائل التكنولوجيا الحديثة عن واقعنا تقف عوائق في وجه تطور هذا الإعلام.

ما اللغة و الثقافة التي يستخدمها الإعلام الكوردي السوري؟

إن الإعلام الكوردي السوري، إعلام هواة و ليس إعلام كوادر و تخصص، لذا فإنه يفتقر إلى الأساليب الحديثة في مخاطبة الموجه لهم و التي تكمن في غياب لغة تعبيرية قريبة إلى ثقافة و فكر الشريحة التي تخاطبه إن كانت كوردية أو غير كوردية، حيث تركز لغته على مفردات الشحن القومي التي لم تعد تستقطب الناس و لا تثير مشاعرهم، و يعتمد وصف الأحداث بالسرد المباشر الذي يزعج الآخرين و يولد فيهم شعوراً مناقضاً للشعور المنشود، بينما قطع الإعلام العالمي أشواطاً نحو محورية المشاهد في البرامج و التقارير و مخاطبة شعوره بأساليب نفسية و أدبية تعزف على أوتار الحواس على غفلة منه لاستدراجه إلى الانفعال و التفاعل مع الحدث، فتتكون الصورة المراد إيصالها إلى الجماهير على أكمل وجه، و للأسباب نفسها، فإن الإعلام الكوردستاني فشل في إيصال الصورة الصحيحة عن مجازر حلبجة و عمليات الأنفال السيئة الصيت إلى الثقافات العربية و العالمية، و اليوم سيفشل الإعلام الكوردي السوري و معه الكوردستاني في نقل حقيقة ما يجري في المناطق الكوردية السورية إلى الرأي العام العالمي لنفس الأسباب الآنفة.

و بارقة الأمل التي تخترق ضبابية الواقع الحالي، تتجسد حالة الولادة النشطة لمنظمات و لجان المجتمع المدني على الساحة السورية عموماً و الكوردية خصوصاً، و التي تتضمن في ثناياها بوادر إعلامية حرة و مستقلة، إلا أنها في الغالب تعاني ما يعانيه الإعلام الحزبي من الافتقار إلى التخصص إضافة إلى كونها تجربة فتية أو تكاد تكون في طور الولادة، و بالتالي يلزمها فترة زمنية لتنضج و تستحوذ على ثقة الناس و اهتمامهم.

كيف يمكن للإعلام الكوردي السوري أن يتطور؟

يمكن لهذا الإعلام الذي نسميه تجاوزاً "الإعلام" أن يتطور و يتقدم إذا أخذنا بعين الاعتبار:
1. الاعتماد على الكوادر الإعلامية المتخصصة و الممتهنة له.
2. رفع الوصاية الحزبية عنه و إطلاق عنانه ضمن قوانين عصرية تليق بإعلام عصري.
3. توحيد الخطاب الإعلامي الكوردي عموماً و الكوردي السوري خصوصاً.
4. إنشاء دور نشر عامة و مستقلة.
5. دعم الإعلام المستقل بكافة فروعه.

و إلا فإنه سيبقى ضعيفاً هشاً يضر أكثر مما ينفع في مواجهة الإعلام المضاد الذي يمتلك من الوسائل و الإمكانات ما تجعله متفوقاً على الإعلام الكوردي في كافة الميادين و المجالات، خاصة و أن الإعلام بات السلاح الأمضى في المعارك الحديثة، فهو السلاح الذي فجر و لا يزال ثورات الربيع العربي، من خلال صفحات التواصل الاجتماعية التي ينتمي إليها ملايين البشر عبر العالم، و آخر إحصائية أظهرت أن عدد سكان الفيسبوك مليار نسمة أي ثالث أكبر دولة في العالم.
علينا أن ندرك تماماً أهمية الإعلام في معركتنا القومية و الوطنية و أن نقدمها على المعركة العسكرية لا أن نستهزئ من الفيسبوكيين و التويتريين و اليوتيوبيين، فهم ثوار اليوم و قد يكونون حكام الغد.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. طلاب جامعة كولومبيا.. سجل حافل بالنضال من أجل حقوق الإنسان


.. فلسطيني يصنع المنظفات يدويا لتلبية احتياجات سكان رفح والنازح




.. ??مراسلة الجزيرة: آلاف الإسرائيليين يتظاهرون أمام وزارة الدف


.. -لتضامنهم مع غزة-.. كتابة عبارات شكر لطلاب الجامعات الأميركي




.. برنامج الأغذية العالمي: الشاحنات التي تدخل غزة ليست كافية