الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


التجربة الألمانية

هانى مراد

2013 / 9 / 25
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


كل مرة أتأمل فيها ما حل بالشعب الألماني من كوارث وأهوال وكيف قام مرة أخرى ليكون واحداً من أقوى إقتصادات وصناعات العالم، أشعر بغيرة داخلي على وطني وعلى شعبي.
لماذا لا تقوم مصر بعد كل ما حل بها وتكون واحدة من أعظم الأمم رغم كل ما حدث لها؟

إذا نظرنا إلى التجربة الإلمانية سنجد أن الشعب الألماني قد إلتف حول مشروع هتلر في لحظة معينة. وسواء كان هناك معارضين لهتلر داخل ألمانيا أو لم يوجد، فإن ما صنعه هتلر من حريق عالمي ضخم راح ضحيته الملايين في كل أنحاء العالم إنتهى بحريق (بتدمير) ضخم لألمانيا نفسها وتقسيمها واحتلالها من قِبل أربعة جيوش.
كيف تغلبت ألمانيا على مصائبها؟ حتى نتعلم بدورنا ونتغلب على كوارثنا؟

لم ينكر الشعب الألماني الهزيمة ولم يقل أنها مؤامرة عالمية.
لم يقل أن هذا لا يعبر عن الشعب الألماني ونحن غير مسئولون عنه.

ما معنى كل هذا؟؟؟
هذا يعني إن بداية التحول من الهزيمة إلى النصر، ومن الدمار للبناء.. هو المكاشفة والمحاسبة، والإعتراف بالحقيقة

هل كان الشعب الألماني أول ضحايا هتلر؟
ربما كانت هذه هي الحقيقة، ولكن هتلر بواسطة هذا الشعب الذي ربما غُلب مرة على أمره، إرتكب جرائم بشعة ضد الإنسانية وتدخل في حروب تدميرية في كل أوروبا وشمال أفريقيا وحتى الشرق الأقصى ولا يمكن إلا تحمل المسئولية.

نحن نعيش ثقافة الإنكار لأننا نخشى العار.. لذلك فإننا كثيراً ما نردد هذه العبارات:

"الإرهاب لا يعبر عن ثقافة العرب أو دينهم"
"من قاموا بجرائم 11 سبتمبر ليسوا مسلمين ولا يعبرون عن الإسلام"
أصبح كل مسلم للأسف يصدق هذا الكلام..
وكل العالم لا يعير هذا الكلام أي أهتمام...

كان هتلر مجرماً وقد شارك الشعب الألماني كله في هذه الجرائم، رغم أنه لم يكن أحد يستطيع أن يعارض هتلر وكل من عارضه تم القضاء عليه، إلا أن هذا لم يعفِ الشعب الألماني من جرائمه.

كذلك فإن جميع المبررات والمصوغات والحجج الأخلاقية والمنطقية لا يمكنها إعفاء الشعوب والدول العربية من جرائم الجماعات الإرهابية في كل جزء من العالم باسم الإسلام. ليس الحل في إنكار الجرائم أو إنكار المجرمين.
قامت التجربة الألمانية على شيء واحد هو تحمل المسئولية وعدم الهروب منها وعلينا القيام بالمثل.. أن نقدم بجرأة إعترافاً بأن هؤلاء هم نتاج بيئتنا وثقافتنا، وعلى العرب والمسلمين تقديم نموذجاً مغايراً خاصة فيما يخص التعايش مع الثقافات والأديان المختلفة.. نموذجاً ضد العنف والتكفير والتحريض ضد الآخرين وقتلهم.
لقد تحمل النموذج الألماني ببساطة مسئولية الجرائم التي إرتكبها واحد من أبناءه. قام بتجريم وحظر قيام أي حزب نازي من جديد أو على أي من أفكاره. قام بكل ما يلزم لطمأنة العالم من حوله أنه لن يكرر حماقات النازية من جديد بإدعاء إحتكار الحقيقة المطلقة والعظمى والرغبة في السيطرة على العالم وإحتقار الآخرين.
وهذا ما يلزم أن تقوم به الشعوب العربية والإسلامية. تحمل مسئولية الجرائم التي يقوم بإرتكابها حمقى باسم الإسلام سواء جماعات سنية أو شيعية أو سلفية أو غيرها من التنظيمات السياسية والدينية.
يتبعها وقوف المؤسسات الدينية الإسلامية بإكملها ضد فتاوى التكفير ومناهج العنف وخطابات التحريض والكراهية ضد غير المسلمين؛ وإلا صدق العالم أن الإسلام دين تكفيري يحرض على الكراهية والعنف والقتل، ووجب تحذير العالم كله منه على إعتبار أنه خطر على السلام والأمن والتعايش بين الشعوب والحضارات؛ لما يقدمه من تشجيع لأتباعه على تكفير الآخرين واستخدام العنف ضدهم وتحقير شأن المرأة وكل من هو غير مسلم وسط المسلمين.
وأخيراً يجب حظر قيام أي حزب أو جمعية دعوية إسلامية لا تقاوم في مناهجها هذه النظريات التكفيرية والتحريضية والتي تؤدي إلى تفريخ الإرهاب والإرهابيين.

هذا هو الطريق الذي سلكته ألمانيا قبل بناء صرحها الصناعي والإقتصادي. وهو ما ساعدها على الإحتفاظ به؛ عكس ذلك الصرح الإقتصادي والصناعي المذهل الذي بناه أيضاً هتلر في وقت قياسي ولكنه تحطم وإنهار لأنه كان مبني على أساس فاشية نازية لا تحترم حقوق الإنسان ولا حريته ولا تعترف بحقوق الآخرين المختلفة عنه.

على الدولة المصرية والمؤسسات الإسلامية في مصر أن تبدأ بتقديم إعتذاراً للكنيسة في مصر والمسيحيين الذين عانوا طوال عقود من تعصب هؤلاء المتطرفين وجرائمهم البشعة في حق عقائد المسيحيين وكنائسهم وأعراضهم وحياتهم. وعلى الدولة والمؤسسات الإسلامية إتخاذ كل ما من شأنه عدم تكرار حدوث هذه الجرائم سواء بالعنف اللفظي في الخطاب الديني أو العنف الجسدي الذي تعرض له المسيحيون في مصر على يد هؤلاء الإرهابيين المجرمين.

أتمنى لبلدي مصر أن ترتقي وتأخذ مكانها اللائق بها وسط الأمم كواحدة من أعظم الأمم. وقناعتي أنها لن تحظى بهذه المكانة إلا بخطوات شجاعة تتحمل فيها مسئولياتها عن كل ما خرج بواسطة أبنائها، سواء أفكار إرهابية أو أعمال إجرامية، وتقف ضدها لا بكلمات فقط ولكن بخطوات محددة مدروسة لا تسمح لها بالرجوع اليها مرة أخرى.
ولا تصير مصر فيما بعد مصدرة للعنف والإرهاب بأي شكل من الأشكال، بل تكون مصر مصدر سلام لكل من يأتي إليها وكل مكان يذهب إليه المصريون.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - انا احب التجربه الدينماركيه .. بتبقى طعمها الذ ..
حكيم العارف ( 2013 / 9 / 25 - 06:05 )

يا استاذ هانى ...

التكفير والكراهيه لكل ماهو غير اسلامى ..ده فى القران ...

انت عايز القاتل يعتذر للمقتول ...!!

حتى وان اعتذروا ... هل سيتخلصون عن تكفير القران لمن لا يؤمن بمحمد ؟؟

انظر حولك

تصرفات الشيوخ تعكس المكتوب فى القران والاحاديث ...
والمفروض انهم يتصرفوا كبنى ادمين وليسوا كمسلمين

-----

اخر الافلام

.. 102-Al-Baqarah


.. 103-Al-Baqarah




.. 104-Al-Baqarah


.. وحدة 8200 الإسرائيلية تجند العملاء وتزرع الفتنة الطائفية في




.. رفع علم حركة -حباد- اليهودية أثناء الهجوم على المعتصمين في ج