الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أبالهوية أم بالمقود تتمسكون؟(1)

شوكت جميل

2013 / 9 / 25
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


يروق للمرء بين الحين و الحين،أن يُمسك بكتابٍ لأدب أو قَصَص الأطفال،طلباً للترويح و التسلية،و دفعاً للجد القاسي الذي لا يرحم و الصخب الممض الذي يحلق بنا من كل ناحية...بيد أنه كثيراً ما يرده ما يقرأ إلى الجد .. كل الجد، الذي حاولَ منه مهرباً .و مؤخراً طالعت قصةً أود قاريئي الكريم مشاركتك إياها؛فإن لم تعجبك ربما أعجبت أطفالك.

القصة تحكي قصة كفاح لحمارٍ و جملٍ، في طريقهما نحو "الحرية"،وهاك القصة.... نظم أحمد شوقي بعنوان(الحمار و الجمل):

كان لبعضِهم حِمارٌ و جَملْ نالهما يوماً من "الرِّقِ" مَلَلْ

فانتظرا بشائر الظَّلماءِ و انطلقا معاً إلى البيداءِ

يجتليان طلعةَ "الحريهْ" و ينشفانِ ريحها الزكيهْ

فاتفقا أن يقضيا العُمرَ بها و ارتضيا بمائها و عشبها

وبعد ليلةٍ من المسيرِ التفت الحِمارُ للبعيرِِ

و قال:كربٌ يا أخي عظيمُ فقفْ؛فمشْي كلُّهُ عقيمُ!!

فقال:سلْ فِداك أمِّي و أبي عسى تنالُ بي جليل المطلبِ

فقال:انطلق معي لإدرك المُنى أو انتظر صاحبك"الحرَّ" هنا

لا بُدّ لي من عَوده للبَلدِ لأنني تركتُ فيه "مِقوَديِ"!!

فقال سر و الزَمْ أخاك الوتدا فإنما خُلِقتَ كي تُقيَّدا!!
.........................
و إن كانت القصة في غنى عن البيان و التوضيح،نجد لزاماً علينا الحديث عن صاحبنا المذكور و رفيقه المقود،أما عن الأول فلأننا نرى طائفةً من أصحابنا تثير الصخب و الجعجعة في صناعة الدستور المصري، و تأبى إلًّا أن تفرض هوية على مصر لم تكن هويتها يوماً، و أن تخنق عنقها بطوقٍ لم تعرفه و لم تألفه مصر في تاريخها الحضاري و الإنساني حديثاً أو قديماً...فكأني بهم لم يدركوا بعد،أن مثل هذه الهوية المزعمة لم تنم ُ في مصر و لأسباب موضوعية تخص بنائها و سياقها الحضاري، و إنما نمت و ترعرت في بيئات حضارية أخرى و لأسباب موضوعية أيضاً في سياق حضاري مختلف و متخلف في مجمله؛ كما سيأتي ذكره......

و حري بنا أن نبدأ ببطل القصة"أخ الوتد و القيد"،و إذا تحذلقنا بعض الشيء فحللنا"صاحبنا"؛قلنا أن القيد قد أتصل به زمناً طويلاً..فألفه..فأحبه...فرغب أن يحبه الناس جميعاً و يشاركوه فيما يعشق..إعتاد على قيده هذا حتى وهم أنه جزء منه و من تكوينه و من "هويته"،و في الحق أن علماء الأحياء و أهلها يقولون بان هناك طائفة من شذاذ الكائنات تعتاد الأسر فإن طال بها ألفت أقفاصها..حتى تكاد تذهب بأكثر ما فطرت عليه غريزتها_و أسميه أنا إنكساراً لروحها الحرة_فإن أخذتك الرحمة بها و فتحت لها مصاريع أقفاصها؛ما ألقت لك بالاً و لا حركت ساكناً،و قبعت خانعةً فيما تراهُ بيتها الحميم..أما علماء النفس فيذهبون أن من الناس لفئة تصل إلى حالة من التوحد و العشق مع سجانهم و جلادهم و قيودهم!،ما أقوله أنه لم يكن ثمة مبررٌ لعودة صاحبنا إلى دار أسره ليجلب مقوده في طريقه إلى الحرية،أو أن المقود قد فقد كل "الأسباب الموضوعية "لوجوده كما نقول في لغتنا المعاصرة ،و لكن صاحبنا كان غافلاً كعادته!،و أياً كان أمره فنحن لا ننكره عليه لأنه شأنه،إنما ننكر عليه أن يفرض على "الجمل" سيرته، فيأمره أن يبذل عنقه طواعيةً للنير و الرق و إلَّا ملأت عقيرته الفضاء العريض بالأصوات المنكرة!،و الحق أنه ليس جملاً واحداً،بل ألف جملٍ وجمل...كلا بل ملايين الجمال لم تألف القيد،و قد صبرت صبرها_أي صبر الجمال_فعلاً لتنال حريتها، و هيهات أن ترجع إلى المقود و القيد من أجل قوامك الرشيق في البردعة و اللجام ...وذرني فذاك هو المحال.

عجبت لقوم لا يكفيهم ان يبذلوا أعناقهم طوعية للمقود...و ان يعضوا على قيدهم بالنواجذ..فيسعون لإجبار الأخرين على مشاركتهم قيدهم ايضاً.

عجبت لقوم خطو في أوائل الألفية الثالثة بعد الميلاد.. ويحيون بأفكار الألفية الثالثة قبل الميلاد و ربما قبلها!

كان هذا عن صاحب المقود،أما المقود أو"الهوية كما يطلقون عليه هذه الأيام"فسوف نعرض ما في جراب هويتهم تلك بشيءٍ من التفصيل؛فلربما كانوا صادقين،و لربما كانت هويتنا و نحن عنها غافلون "كصاحبنا"،و هذا هو موضوع المقال القادم.
...........................................
هذا و أنا اكتب هذه السطور ،نمى الى علمي نضال النساء و الجهات الحقوقية..حتى تنال المرأة في الاراضي الحجازية ذات الهوية الوهابية"التي يدعوننا إليها"..حق قيادة سيارة و الذي لم تناله المرأةهناك بعد، و نحن في معمعة الالفية الثالثة بعد الميلاد...فتداعي إلى ذهني شيئاً أراه هو الكاشف لمسألة الهوية تلك،و لم يكن سوى اسم"لطفية النادي"1907_2002م..المصرية ذات الهوية المصرية، أول امراة مصرية..و ثاني امراة في العالم كله! تقود طائرةمنفردة"1933" بعد "اميليا أير هارت"..في وقت كان كثيرا من الرجال..يفزعون من ركوب السيارة..بله قيادتها!لم تكن لطفية سوى واحدة من غمار المصريات..فقد كانت تعمل كسكرتيرة في مدرسة الطيران لتسديد كلفة دروس الطيران..وتلخيص قضيتها و قضية المرأة و جانب من هويتنا المصرية جاء على لسانها..عندما سوئلت عن الدافع الحقيقي وراء رغبتها في الطيران رغم شذوذ ذلك وقتها،والذي فتح الباب لبنات جنسها من بعدها..:فقالت :((أريد أن اكون حرة))..

و نهاية أقول لهم يا سادة لم تكن هذه هويتنا يوماً،تعقلوا يرحمكم الله.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تغطية خاصة | المقاومة الإسلامية في لبنان تُدخل الاحتلال في ا


.. محبوب عبد السلام : مشاركة الحركة الإسلامية ضرورة لوقف الحرب




.. كارلو أكوتيس: كيف أصبح قديساً في الكنيسة الكاثوليكية؟


.. محبوب عبد السلام : مشاركة الحركة الإسلامية ضرورة لوقف الحرب




.. يهود من الحريديم يتظاهرون في تل أبيب احتجاجا على قانون التجن