الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الخليفة والمهدي المنتظر، ما الفرق؟

علاء الدين الخطيب

2013 / 9 / 25
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


تصاعدت في سورية الآن وبفضل المال الخليجي دعوات إقامة الخلافة الإسلامية على نهج النبوة. شعار يبدو في ظاهره أكثر من رائع وواعد وبنفس الوقت يجذب بقوة مشاعر كل مسلم مؤمن حتى لو لم يكن إسلاميا بالمعنى السياسي. وضمن حمى الصراع على أرض الأنبياء واستعار القتل والتقتيل والحروب وسرعة الزمن وضغط الحياة لم يتطور سلوك الناس لمنح ما يسمعون من كلام بعض الوقت الكافي للتفكير والتحليل. شعار يحمل كل سمات الانتهازية والوصولية وبدرجة أسوء من غيره لأن ما يستخدمه هو "الإسلام" دين وحبّ مليار ونصف إنسان.
لقد تعلم شيوخ متعصبي السنة في القرن العشرين من شيوخ الشيعة الإمامة الإثنى العشرية بأن اختلاق رمز "المخلص" هو أفضل طريقة للتحكم بعقول الشباب وتعشيمها بالقادم الأفضل والثواب الأعظم. فبدون الدخول في النواحي الفقهية التي يستمر الاقتتال حولها منذ 1400 سنة ولن ينتهي، لنناقش هذه الناحية من وجهة نظر محايدة علمية تعتمد الواقع الحقيقي والعملي لفكرة "الخليفة" و"المهدي المنتظر".
بداية نعلم أنه حتى جزء كبير من شيوخ السنة يقرون بظهور المهدي لكن ضمن سياق مختلف عما يراه به الشيعة الإثنى عشرية كمخلص يقارب بصورته أكثر رؤية المسيحيين لعودة المسيح يوم الدينونة. لكن لو نظرنا في هذه الشخصيتين أو الثلاث شخصيات باعتبار المسيح في الإيمان المسيحي غير عيسى المسيح في الإيمان الإسلامي لوجدنا أنهم يتمحورون حول "المخلص" الذي سينقذ البشر المؤمنين الصالحين من بحر الفساد والشر الشيطاني البشري حولهم ويعيد لهم حقهم المعنوي برفع الظلم عنهم وفتح أبواب الجنة أو الملكوت السماوي لمن آمن وانتظر "المخلص". بل لا بد لنا أن نتذكر أن إسرائيل أيضا مؤسسة على تفسير مستحدث للتوراة يقول بتهييء الأرض لقدوم المسيح الذي يختلف عن مسيح المسيحيين وعيسى مسيح المسلمين.
ماذا تقدمه الإسلاموية السياسية بدءاً من حسن البنا وإخوانه وصولا للقاعدة ومشتقاتها وآخرها جماعات الجهادوية في سورية حول الخلافة الإسلاموية؟ إنها تقول باختصار وبتبيسط بعيد عن كل الفقه والتنظير "الخلافة الإسلامية هي التي ستنقذ المسلمين من واقع الظلم الذي يعيشون به، ظلم أعداء الإسلام من يهود ونصارى وغربيين وشرقيين وشيعة رافضية وطوائف باطنية كافرة. وستعيد الإيمان والتقى لنفوس المسلمين وتحولهم لأسياد العالم يحكمونه مثلما حكمه ابن الخطاب ومن تلاه من خلفاء، وترفع راية الإسلام خفاقة". أما الوسيلة فقد اختلف الإسلام السياسي فيها، فمنهم كالإخوان تبنوا أسلوب الدعوة وإصلاح المسلمين مع بعض العنف إن لزم الأمر وصولا لفرز الخليفة بمرحلة لاحقة، ومنهم كالتيارات السلفية الجهادوية الأقرب للوهابية المتشددة قررت استخدام العنف أينما استطاعت وضد كل من يعارضهم حتى لو كان مسلما وإعلان الخلافة على أي بقعة تيسرت لهم ملكيتها.
إذاً ف"الخليفة" بعقائد هذه المجموعات هو أقرب "للمخلص" المحمي والمبارك من قبل الله لأنه سيرفع لواء "الحق". من الناحية الموضوعية والتطبيقية ما هو الفرق بين "مخلص" المسلمين السنة على مذهب هذه الجماعات وبين "مخلص" الشيعة الإثنى عشرية "الإمام المهدي"؟ واقع الحال وما تحمله تلكم العقائد تقود لنفس النتيجة على الأرض البشرية "دولة المسلمين لأهل الإسلام الحق بقيادة القائد الملهم المؤمن التقي". ومن يتبع هذه الفكرة يحمل نفس الأمل والحلم ونفس المنهجية في العمل: ما بين الدعوة والتعشيم ب"المخلص والخلاص" وما بين العنف والمال لتمهيد الأرض لهذا "الخلاص" المرضيّ عنه من قبل الله.
سيقول لك أصحاب دعوة الخلافة الإسلامية "لا، نحن لا نقول بعصمة الإمام ولا الأئمة ولا نسب الصحابة ولا...". لنناقش الأهم واقعيا مع هؤلاء الشباب ونسأل السؤال الأساسي: "من هو الخليفة الذي أزاحه المسلمون لأنه عصى الله بحكمه للملسمين خلال 1400 سنة من عمر الخلافة؟" بالواقع لا يوجد أي خليفة أقاله المسلمون بحر إرادتهم (لن ندخل هنا بقصة صراع علي ومعاوية). والسؤال الثاني: "لنفرض أننا صدقناكم أن الخليفة برأيكم إنسان يخطيء ويصيب وليس إماما معصوما مثل الشيعة، هل يمكن لكم أن تعددوا لنا الأخطاء الكبرى لأبي بكر أو عمر أو عثمان أو علي أو معاوية أو عبد الملك أو هارون الرشيد أو المعتصم أو محمد الفاتح ...الخ؟" بالواقع سنجد أيضا أن أياً من حملة هذا الفكر لا يجرؤ على مناقشة خطأ ما لأحد هؤلاء الخلفاء وخاصة الأربعة الأوائل بل وقد يصل به الأمر للتكفير إن تكلم أحدهم بتخطيء أيا منهم. بل لنصبح أكثر قربا من وقتنا ونسأل أتباع البنا أو قطب أوابن لادن أو الظواهري أو أي أمير من أمرائهم ونسأل "ما هي الأخطاء الكبيرة لهؤلاء بحق المسلمين والإسلام كأمراء أو كشيوخ أئمة؟" أيضا سنسمع بأحسن الأحوال نقدا شكليا لبعض الأخطاء ولكن لا يمس الجوهر ونكتشف معهم أن العصمة لم تعد محصورة في الأنبياء والرسول الكريم بل تمتدت إلى غالبية الخلفاء والعلماء من البخاري إلى ابن حنبل إلى ابن تيمية إلى ابن عبد الوهاب إلى كل تلامذتهم.
من الناحية الموضوعية والنفسية والسلوكية لا يمكن لنا أن نفرق بين منهج الإسلاموية السنية المتعصبة في انتظار "الخليفة" عن منهج الإسلاموية الشيعية المتعصبة في انتظار "الإمام المهدي"، مهما تقاتل وكفّر شيوخهم وعلماؤهم بعضهم البعض. إنها منهجية تواجدت غالبا بالتاريخ البشري كأحد وسائل قيادة "الجموع البشرية" لما يخدم صاحب السلطان والمال في صراعه السياسي، وتبقى كارثيتها أنها تعتمد على المقدس الراسخ في قلوب البشر وهذا الاستغلال هو أدنى مستويات العمل السياسي أخلاقيا. فالإسلام كما المسيحية لم يبقيا ولم ينتشرا بسبب أسماء وأشخاص علماء أو كهنة أو شيوخ أو أمراء، بل لأن حاملي الإيمان أحبوا إيمانهم كل وفق قلبه. ولم يضعفا سوى بسبب ما مارسته القيادات الدينية من سلوكيات كرّهت المؤمنين بالدين.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. خدمة جناز السيد المسيح من القدس الى لبنان


.. اليهود في ألمانيا ناصروا غزة والإسلاميون أساؤوا لها | #حديث_




.. تستهدف زراعة مليون فدان قمح تعرف على مبادرة أزرع للهيئة ال


.. فوق السلطة 387 – نجوى كرم تدّعي أن المسيح زارها وصوفيون يتوس




.. الميدانية | المقاومة الإسلامية في البحرين تنضمّ إلى جبهات ال