الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


جنون داعية

هادي بن رمضان

2013 / 9 / 25
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


هو احد الذين كانوا قبل الثورة تائهين بين الملاعب و قوارير الجعة و"الحروب الاهلية" الطفولية بين الأحياء ثم تحول فجأة إلى عابد ناسك يصلي حاضرا ويدعو الناس للإيمان .. لقد تغير كثيرا منذ ان هرب من جحيمه القديم ليبحث عن أفكار يقاتل من اجلها لعلها تنقذه من حياته العبثية فوجد هذه الافكار او وجدته هذه الافكار في السوق بين الذين قهرهم النظام سابقا بتهمة الإنتماء لخلايا إرهابية وبين كتبهم التي كانت محضورة .. إختبأ مدة طويلة في كهفه يحفظ القران والاحاديث وكتب الفقهاء حتى خلناه أنه يحاول الوصول إلى حالة "النيرفانا" .. ثم أطل علينا خطيبا على احد المنابر ولا اعلم كيف حدث الامر ليتحول في ظرف قصير إلى إمام اهل السنة والجماعة بمنطقته .. لقد حول منذ ذلك اليوم منبره إلى مدفع يطلق منه عقده النفسية والتاريخية التي مر بها ووجدها في السوق فتارة يدعوا إلى التوحيد وترك المعاصي والشهوات وتارة يدعوا لإقامة "شرع الله" بالقوة حتى ولو رفض ذلك مطالبا بقتل كل من يجرأ على المعارضة وتارة يشتم الشيعة والمعتزلة والاشاعرة والليبراليين والعلمانيين واليساريين والشيوعيين وغيرهم ويدعو الله أن يدمرهم ويخسف بهم الأرض وييتم أطفالهم وان ينصر دولة العراق الإسلامية في مزيد من التفجيرات ضد المدنيين الأبرياء .. يصيح أحيانا: "أين امة المليار مسلم" ثم يذهب يكفر هذا ويضلل ذاك .. فإذا تحدث عن الأشاعرة قال "اهل الضلال" وإذا تحدث عن الشيعة قال "أهل الشرك والكفر والنفاق" وإذا تحدث عن المعتزلة قال "فأولئك أهل العقول" وكأن العقل تحول إلى شيىء يثير السخرية ثم إذا تحدث عن الديمقراطية أطال الحديث واتهمها بالكفر والإلحاد .. يهاجم ما يراه أوثانا للاخرين ثم يدافع عن أوثانه الخاصة .. يطالب الدولة ان تكف عن القبض على المشتبه بهم في امتلاك اسلحة لانهم جنود التوحبد واهل الايمان ! حدث ذات يوم جمعة أن قام بسرد البعض من تاريخنا المظلم فقال صائحا في حالة من الهذيان والاوعي : "لقد كان الصحابة يتقاتلون وهم يحبون بعضهم البعض, لقد كانوا يريقون دماء بعضهم بلا بغضاء !! يالله ما أتقاهم وما اعظمهم وما اجملهم" تخيل انك ترى اصدقائا لك يتقاتلون وانت تصيح "يا الله اني احبكم جميعا واني لن اقف مع الظالم ضد المظلوم" او ان ترى قادتك وزعمائك يتحاربون وانت تصيح "ما اجملكم وما اتقاكم احبكم جميعا لانكم على عقيدتي ومذهبي" تخيل حجم الوقاحة التي تحتاجها لقول هذا !! وللاسف كل من يحضرون خطبه لا تحتج عقولهم على اي شيىء بعد ان علمهم انه على المسلمين السمع والطاعة لا السمع والتفكير !
من يذكر الفيلم الكرتوني "هزيد الرعد" ؟ كانت النهاية في هذا الفيلم ان "هزيم" و عدوه "روجو" بقيا يتقاتلان من اجل نشر السلام والخير والمحبة في المجرة ولم تشأ الشركة التي قامت بالدبلجة ان تضع نهاية واضحة للحرب تبرز فيها المنتصر والمهزوم! اذكر حين كنت طفلا اني استغربت من هذا الامر إذ لا يعقل ان يتقاتل من ينتمون إلى معسكر الخير ضد بعضهم البعض حتى شاهدت النسخة الاصلية اليابانية التي قام فيها هزيم الرعد بالإنتصار على روجو الذي نكث معاهدة السلام .. اخشى ان يتعلم الصغار الهتاف لكل المتحاربين والمتلاعنين الذين يرفعون شعارات المحبة والسلام وأخشى أن يفقد الجميع القدرة على الإحتجاج والرفض والتأمل في الأشياء .. أخشى ان يسلبهم هذا "الذباب الحقير" الذي يطل من فوق المنابر القدرة على التفكير ...لقد اصبح هذا الداعية مشهورا يحضر خطبه ودروسه المئات من أبناء الاحياء الفقيرة المهمشة واخشى ان ينتصر يوما هؤلاء وان يحولوا مجتمعاتهم الى قرابين لطموحاتهم واحقادهم المذهبية .. اخشى ذلك . ليتنا نجد الاخلاق والسلام والحرية والعدالة في السوق بدل الالهة والمذاهب .. ليت ذلك.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. المسيحيون الأرثوذوكس يحيون عيد الفصح وسط احتفالات طغت عليها


.. فتوى تثير الجدل حول استخدام بصمة المتوفى لفتح هاتفه النقال




.. المسيحيون الأرثوذكس يحتفلون بعيد الفصح في غزة


.. العراق.. احتفال العائلات المسيحية بعيد القيامة وحنين لعودة ا




.. البابا تواضروس الثاني يستقبل المهنئين بعيد القيامة في الكاتد