الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أزمة كاتب

جورج فايق

2005 / 5 / 24
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


أمسك الكاتب بقلمه ليكتب مقاله الأسبوعي و للأول مرة منذ أن أحترف مهنة الكتابة تقف يده عاجزة عن الكتابة كان هذا يحدث له في بداية عهده مع الكتابة أما منذ أحترف الكتابة أصبحت هي حرفته فيكفي أن يجهز الورق و القلم فتنساب الأفكار كما تنساب كما ينساب الماء من الصنبور
ماذا دهاه هذا الأسبوع أنه عاجز عن الكتابة ؟
أن الأفكار في عقله مشوشة و كلما حاول إخراجها على الورق كانت عبارات بدون معنى مشوهة ليست مترابطة هو نفسه لا يفهما فما بالك بالذين سوف يقرئوها
هل يعتذر عن الكتابة هذا الأسبوع و لكن الجريدة كلها تحت الطبع و قد لا بسعفهم الوقت لوضع أي شيء مكان مقاله و لا يريد أن يعتذر هذا الأسبوع حتى لا يستسهل الاعتذار وكلما تعثرت يده عن الكتابة أعتذر فسوف يكون اعتذاره أكثر من كتابته و لما لا أليس الاعتذار عن الكتابة أفضل من أن يهين قلمه و يكتب كلام فارغ ولكن من يدري أليس يمكن أن يتحول بهذا المقال الفارغ و الكلمات المشوهة أبرز كتاب عصره أنه جرب كثيراُ أن يكتب مقالات نقدية يحث فيها القارئ على استخدام عقله و ألا يسلم بأي حقيقة دون أن يعمل عقله و كتب ينتقد أحوال المجتمع و بعمل على أبراز الجوانب السلبية و الحلول المقترحة للإصلاح و كتب عن الوجود و الماهية و كتب عن رواد الإصلاح في الغرب و تمنى وحلم بعصر نهضة يخرج منه وطنه من ظلمة الدين الذي كفر رواد الإصلاح والمصلحين وأستحل دمائهم ليس لأي علة فيهم غير أنهم أرادوا للناس أن يستخدموا عقولهم المهملة و أن يزيحوا عنها الصدأ لكي تبدأ في العمل بعد أن تعطلت لقرون كثيرة كل جرمهم أنهم لم يريدوا أن يمشوا في الركب كقطيع دون أن يستخدموا فلم يعجب هذا أولى الأمر لأن لو أستخدم الإنسان العقل يصعب قيادته و قد يطالب لا قدر الله بأبسط حقوقه وهذا لا يجب أن يكون.
ولكن من يدري فربما إذا كتب المقال هذا الأسبوع يتملق الحاكم فربما يصبح رئيس تحرير مؤسسة صحفية كبيرة يسبح فيها الحاكم كل أسبوع و يشيد بقراراته الحكيمة حتى لو بعد قترة قرر الحاكم أن يلغي القرار و يتخذ عكسه فأنهم لا يخجلون في الإشادة بحكمة القرار رغم أشادتهم قبل ذلك بحكمة عكسه !
و ربما يصبح ضيف مستمر للبرامج في التلفزيون الحكومي و لما لا ألم يصبح من ضمن كذابين الزفة فلما لا يستضيفوه حتى يتكلم عن حكمة و أحسان الحاكم و بعد نظره و حنكته ! ولكنه يدري أن الناس عندما ترى هذه البرامج تحول القناة على الفور بحثاً عن أي شيء أخر و لكنه يستطيع أن يتباهى أمام عائلته وأصدقائه بكثرة البرامج التي يظهر فيها
لما لا يكتب مقال ديني يهاجم فيه عقيدة الأقلية في بلده و يهددهم بالعذاب الشديد في الدنيا و الآخرة و أن دينهم محرف و أنهم ينبغي أن يرجعوا عن ضلالهم و لكنه ليس كاتب ديني و قد يثير المتاعب لنفسه و لكن ليس هناك أي متاعب ألم يقرأ كثيراً هجوم على النصارى ولم يتحرك للحكومة ساكن المهم ألا يهاجم الدين الرسمي
( الإسلام ) ولكن دين اليهود و النصارى فهو مباح فهاجم و تكلم كما تريد و ليس هناك رادع بل سوف تزداد شعبيتك بين الرعاع و الدهماء وهم كثيرين جداً و سوف ينتظروا مقالاتك كل أسبوع
أما أخذ الجانب العكسي وأقف جانب الأقليات وأتكلم عن جزء بسيط من مشاكلهم و أتهمهم بالسلبية و التقوقع على أنفسهم رغم أنه يعرف أن معظم الشعب يعرف عدم جدوى المشاركة و أنه لن يسمح لهم سوى بالهتاف بالروح والدم نفديك يا حاكم و أن أي معارضة ولو سلمية لن ينجو من بطش الحاكم العادل و رجاله المخلصين
لما لا يكتب للناس يدعوهم للثورة على الظلم و الفقر و القهر الذين يعانون منه و لكنه لا يضمن عواقب ذلك لقد كبر سنه و لن يقدر على الاعتقال و السجن و قد تتعرض أسرته للإيذاء دون أي ذنب جنوه سوى أنهم أسرتي
أرفض أن أتحول إلى بوق أمام الحاكم
أرفض أن أتحول إلى كلب سلطة أكل الفتات الساقطة من مائدة الأسياد أو حتى يكون لي نصيب في مائدة الحاكم
أرفض أن أهاجم أي عقيدة أو دين طالما أنهم لا يستطيعون الرد بالمثل فلن أستغل ذلك و أهاجمهم
أرفض أن .............................
لن أكتب هذا الأسبوع وليكن ما يكون
وجاءت لي خاطر يحاورني لما تضخم من شأن كتابة مقالك من عدمه؟ ، لما تعطي الموضوع أكثر من حجمه ؟
ماذا يفرق كتابتك المقال هذا الأسبوع أو عدم كتابته ؟
و ماذا يحدث أن لم تكتب أصلاً بعد ذلك ؟ و ماذا جنيت بعد أن قضيت عمرك في الكتابة ؟ هل أثرت أنت أو غيرك في مجتمعك ؟ هل الناس عندها استعداد على غربلة فكرها و انتقاء الصالح منها ؟ هل خلق مقالات أي كاتب رأي عام تستطيع من خلاله تكوين أرض صلبة تقف عليها لتغير ما به من سلبيات ؟ لمن تكتب ؟ للناس ! أنهم يتصفحون الجرائد و المجلات لقراءة الحظ و الرياضة و الفن !
أنهم لا يقرئون ما أنتم تكتبون ............... و لا يفهمون شيئاً من كلامكم الصعب
يرفضون التغيير حتى ولو كان للأصلح يثيرون و يطالبون بتغيير مدرب الفريق الكروي الذي يشجعونه إذا ساءت النتائج في عهده أما حياتهم و مستقبلهم و مستقبل أولادهم عامة فهم مستسلمون للقدر و القسمة و النصيب أو إرادة و مشيئة الله تختلف الأسماء في التواكل كل واحد حسب خلفيته الدينية
لم أجد ما أرد به على هذا الخاطر ..............................












التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أمطار ورعد وبرق عقب صلاة العصر بالمسجد الحرام بمكة المكرمة و


.. 61-An-Nisa




.. 62-An-Nisa


.. 63-An-Nisa




.. 64-An-Nisa