الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


-الطبيعة- كما تُقَدِّم إلينا نفسها!

جواد البشيتي

2013 / 9 / 26
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


جواد البشيتي
"الطبيعة" أدهشت وتُدْهِش الإنسان بظواهرها وأحداثها ونظامها وقواها، وبما تَصْنَع من أشياء. إنَّها دائما، وفي كلِّ عَمَلٍ تؤدِّيه، وبكل ما تَصْنَع من أشياء، تقول لنا: هذه أنا؛ وهذه هي حقيقتي؛ وهذه هي خصائصي؛ منذ الأزل أنا هكذا، وإلى الأبد سأبقى هكذا؛ لا يمكنني إلاَّ أنْ أكون هكذا؛ افْهَموني واعرفوني كما أنا، بلا زيادة، ولا نقصان؛ فأنا أَكُون هكذا، أو لا أَكُون.
لكنَّ الإنسان يأبى ويَسْتَكْبِر ويُعانِد، وكأنَّه لا يريد الاعتراف.
لقد تَصَوَّروا "الطبيعة" على أنَّها شيء "مَيِّت"، "جامِد"، "خامِل"، "عاجِز"، لا يُمْكِنها أنْ تكون على ما هي عليه إلاَّ بـ "قوى"، من خارجها، ومن غير جنسها، تُكْسبها كل ما نراه فيها من قوى وخصائص ونظام..
تَصَوَّروها على أنَّها كذاك التمثال من الطِّين اللازب، لن تَدُبَّ فيه الحياة إلاَّ إذا نُفِخَ فيه من "الرُّوح الأسمى".
إنَّهم كمثل من رأى مغناطيس يجذب الحديد إليه، فقال: هذا لا يَحْدُث، ولا يُمْكِن أنْ يَحْدُث، من تلقائه؛ فـ "المغناطيس في حدِّ ذاته" لا يَفْعَل هذا؛ لا يَجْذِب إليه الحديد؛ وثمَّة ما جعله على هذه الحال، وبهذه الخاصية.
أين مَكْمَن "الخلل"؟
في "الصورة (الذهنية)" يَكْمُن "الخلل"؛ فَهُمْ تَصَوَّروا "الطبيعة" بما أعْجَزَهم عن فهمها، وبما قادهم، من ثمَّ، إلى الإيمان بالمعجزات؛ ولو رأوا "الطبيعة" كما تُرينا هي نفسها، لَمَا تشوَّشِت أذهانهم، واضطَّربت رؤاهم.
إنَّهم أَبوا إلاَّ أنْ يروا "الطبيعة" بـ "عَيْنٍ"، لا تُريهم منها شيئاً؛ وهذه "العَيْن" إنَّما هي "الصورة الذهنية". وأنتَ يكفي أنْ تَنْظُر إلى "الطبيعة" بـ "عَيْن" هذه "الصورة" حتى "تَقْتَنِع" بـ "الرُّوح" سبباً وعِلَّةً.
هذه هي "الطبيعة" كما تُقَدِّم هي نفسها إلينا؛ فهل لكم أنْ تجيبوا عن السؤال الآتي: ما هي، وكيف تكون، "الطبيعة" إذا ما نُزِعَت منها "الرُّوح" التي تجعلها على ما هي عليه من "حيوية" و"نشاط" و"نظام"؟
إنَّ "الطبيعة" لا تحتاج إلى أيِّ شيء من غير جنسها حتى تُنْتِج نجوماً وكواكب وكائنات حيَّة و"مادة تُفَكِّر وتَعي"، هي الدِّماغ البشري.
العجز" ليس في "الطبيعة"، وإنَّما في "طريقة فَهْمهم لها"، وفي "الصورة الذِّهنية" التي رسموها لها. إنَّهم كمثل من يقول بوجود "ماءٍ"، كان مِنْ قَبْل، لا يروي العطشان إذا ما شربه، ولا يطفئ النار إذا ما صببناه عليها، ولا يذيب الملح إذا ما وضعناه فيه، ولا يُفْقِد الجسم شيئاً من وزنه إذا ما غمرناه فيه، لا يتبخَّر بالحرارة، ولا يتجمَّد بالبرودة.
أين هو هذا "الماء" الذي كان فاقِداً كل تلك الخصائص إلى أنْ أَكْسَبَتْه إيِّاها "الرُّوح الأسمى"؟!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - خليك فى حالك
د/سالم محمد ( 2013 / 9 / 26 - 19:06 )
(الاخ) جواد . . .
خليك فى هكذا موضوعات ، و بلاش (تتفاصح) فى الشأن المصرى


2 - تعليق
د. حسن عبد اللطيف ( 2013 / 10 / 15 - 17:05 )
الكتاب الذى يجلس إليه أحدنا بالساعات ليقرأ فى نهم ومتعة دون أن يشعر بالوقت - قيمته عند العليم تكمن فى الفكر الذى يحويه وليس فى أوراقه وغلافه وطريقة طباعته

وتظل الظواهر الكونية (مثل ميلاد النجوم - تكوين النويات الثقيلة - العمليات البيولوجية المختلفة - .... الخ الخ) تظل كلها فى غنى عن ما يسمى بالروح كعمليات مادية صرفة .. تماما مثل حروف الكتاب المرصوصة .. فهى فى نظر الأمى الجاهل لا قيمة لها - وليس لها روح - فهى مجرد حبر على ورق .. لكنها فى نظر القارىء العليم قد تكون سببا لتغيير مسار التاريخ

الروح فى حالة الظواهر الكونية هى نتيجة وليست سبب !! .. نعم فالروح وجودها ذهنى وليس مادى .. إذ لا وجود لها الا فى ذهن القارىء العليم ..

لا تجد فى الكون بأسره معنى لفكرة -الروح- إلا فى الذهن البشرى فهى فكرة وليست حقيقة مادية .. فكرة تحملها تلك الحروف المسماة بالظواهر الكونية .. وهى فكرة مرسلة من عالم غيبى خفى - ومتى استوعبها البشر تحقق الاتصال مع ذلك العالم

اخر الافلام

.. كيف استفاد نتنياهو من هجوم 7 أكتوبر؟


.. بايدن يتمسك بالترشح وسط عاصفة جمهورية لإزاحته




.. تصاعد الدخان مع تبادل إطلاق النار بين الاحتلال وحزب الله على


.. مظاهرات أوروبية متجددة للمطالبة بوقف الحرب على غزة




.. انفجار بمصنع للألياف الكيميائية في الصين يولد حريقاً هائلاً