الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


منظمات المجتمع المدني بين سلطتين

روزا يوسف

2013 / 9 / 28
المجتمع المدني


منظمات المجتمع المدني بين سلطتين
إن تأريخ منظمات المجتمع المدني في العراق هو تأريخ ظهر بشكل واضح بعد عام 2003 وهي تجربة فتية مقارنة بالدول الديمقراطية التي يكون فيها تداول السلطة تداولا سلميا .
ولكن في الأعوام الأخيرة أصبح يُسدل الستار عليه رويدا بعد رويد من قبل الدولة نفسها بغياب الدعم المادي والمعنوي والإعلامي حتى جعلتها الحكومة والمسؤولون كيانات هزيلة ومستعمرات رخوية او مصابة بهشاشة العظام .
فالسلطة والهيمنة قد فرضا قوتهما على منظمات المجتمع المدني ، إما استجابة لمضايقات السلطة الحاكمة ومنع التمويل عنها ، وهي ورقة تلوح بها الدولة خدمة لمصالحها لئلا تتفاعل هذه المنظمات مع القوى المدنية الأخرى والمواطنين لكشف تجاوزات السلطة الغاشمة المتكررة على حقوق الإنسان وممارستها الإقصاء والتهميش لمكونات الشعب العراقي وعدم إشراكها في قيادة الدولة وتشريع القوانين ، فمنظمات المجتمع المدني قد عملت منذ سقوط النظام الدكتاتوري عام 2003 بتقديم الخدمات التي عجزت الدولة عنها وتلكأت في مناطق نائية وبعيدة عن المدن ، وحتى هذه المنظمات قدمت جل خدماتها إلى مدن العراق وقصباته ، كتقديم المساعدات العينية وتعليم مهارات الحياة كالخياطة والحاسوب والإسعافات الأولية ومكافحة الأمية " تعليم النساء والرجال القراءة والكتابة وعودة التلاميذ المتسربين الى مقاعد الدرس بالإضافة إلى دروس ومحاضرات في الثقافة الصحية للمرأة والطفل وفي حقوق الإنسان مع تقديم الهدايا للمتفوقات كمكائن الخياطة والأقمشة وتوزيع الكراسي المتحركة والتجهيزات الرياضية وغيرها من الهدايا ذات النفع للعوائل المهمشة ، بينما نجد في الجانب الآخر من هذه المجتمعات ذات الكثافة السكانية العالية رجال دين يواصلون الليل بالنهار وخاصة في المناسبات الدينية وهم يتوغلون في صفوف هذه الشرائح وتقديم النصح والرشد الدينيين إلى جانب التثقيف على الطائفية وتحت مسميات عدة باستخدام مفردات تاريخية عفا عليها الزمن ولكن تعاد صناعتها من جديد ، ولا يهم هؤلاء " الدعاة " المواطنين عن كيفية مطالبتهم بحقوقهم وواجباتهم ولا يبحثون لهم عن فرص العمل والسكن اللائق بهم .
عند تأسيس الدولة العراقية في 1921 وقيام النظام الملكي في العراق ارتبط برؤساء العشائر ورجال الدين وشيوخ الجوامع والمجتهدين والوجهاء من العوائل المعروفة آنذاك، فأصبح هؤلاء مقربون ومدافعون عن النظام الملكي وحسبهم مع العثمانيين أيضا ، فالتأريخ يتكرر مع كل حقبة من الزمن ولا مواقف جديدة الا القليل منها ،أغدقوا الأموال وأعطوا الأراضي الشاسعة والوظائف المدنية والعسكرية ، واليوم أُعيد السيناريو نفسه في العصر العثماني الملكي الجمهوري الديمقراطي الجديد، فأصبح المجتمع المدني ومنظماته متراجعة وهو يعاني من الضعف والانهيار بسبب تدخل الدولة وشيوخها وتدخل رجال دينها ...
يقول الدكتور فالح عبد الجبار " لا نغالي إذا قلنا إن الريوع النفطية ساعدت في بناء وإرساء النموذج الشمولي وأمدته بالوسائل اللازمة لانتصار الدولة على المجتمع المدني وتفكيكها إياه ..."
هنا لا نلوم الدولة بالهيمنة والسيطرة والتدخل ، والأسباب معروفة سلفا ، ولكن علينا أن نرجع سبب التراجع والنكوص لمنظمات المجتمع المدني بسبب غياب دور المثقف ووعيه الثاقب في إرساء قواعد المنظمات ومطاولته في الدفاع عنها رغم ما يعتريها من إجراءات تعسفية ومضايقات مستمرة ، فليس من المعقول أن أكثر من 1740 منظمة مجتمع مدني مجازة بموجب شهادة التسجيل و25 منظمة تشبيك ، هل هذه المنظمات فارغة أو خالية من المثقفين ؟ وهنا قسم كرامشي المثقفين إلى قسمين من الناحية الوظيفية ، فهناك أولا ، المثقفون المحترفون " التقليديون " كالأدباء والعلماء وغيرهم ، وهناك ثانيا المثقفون "العضويون " ذلك العنصر المفكر والمنظم في طبقة اجتماعية أساسية معينة .... من مقولة كرامشي عن المثقف ، إن هناك صراعا سياسيا بين السلطة والمجتمع المدني ، سلطة تريد أن تكون منظمات المجتمع المدني واجهة لها وهذا لم يحصل عدا بعض المنظمات التي أسسها برلمانيون أو سياسيون يعملون في كتل وأحزاب منضوية تحت لواء السلطة السياسية .
دائرة المنظمات غير الحكومية ...
عملت هذه الدائرة بشكل دءوب بتقديم التعليمات لتنظيم المنظمات والجمعيات ومنح شهادات التسجيل وفق ضوابط وشروط بموجب المادة 12 من قانون 2010 وكشفت المئات من المنظمات الوهمية وكذلك التحقق من نشاطاتها وواقعها وتمويلها والجهات المانحة ومبالغها وهي عملية كما نسميها بالفلترة، ولكن لدينا بعض الملاحظات على هذه الدائرة ، أولاً – إن دائرة المنظمات غير الحكومية عليها التأكد من مكان المنظمة ، ألا تكون المنظمة المزمع منحها شهادة تسجيل في غرفة محشورة مع عائلة أو مع منظمة ذات مكان غير واسع، أو أن تكون منظمة " حقيبة " تحت الإبط أي" مقاول " ثانياً وأن تكون رقيبة على اجتماعات الهيئات الإدارية الدورية وأن يكون لدى الدائرة سجلا لمتابعة عقد الاجتماعات من اجل الحضور والمشاركة والتحقق من مصداقية الاجتماعات . مسائلة المنظمات عن انتخاب رئيس المنظمة ، مع تحديد الفترة القانونية لبقائه ، التحقق من صحة أسماء الهيئة الإدارية ، هل هم موجودون فعلا ويمارسون واجباتهم كأعضاء نشطون وغير خاملين أو طاعنين في السن ؟
إلزام المنظمات بعدم تداول الألقاب العشائرية والمناطقية والعائلية ، لأن المنظمات هي منظمات مجتمع مدني وليس تجمعات عشائرية وعائلية وسيكون هم المنظمة ورئيسها العائلة والعشيرة وليس استهداف الفئات المستحقة لتقديم الخدمات والمساعدات ولأن المجتمع المدني يسمو ويترفع عن كل ما هو غير مدني .ثالثاً – على دائرة المنظمات أن تسعى وبشكل دائم تقديم طلب لدعم المنظمات ماليا ولن تكتفي بمقترحات "تأسيس صندوق دعم المشاريع التشغيلية " أو تنسيق العلاقة المشتركة ، مطالبتها مجلس رئاسة الوزراء وهي المرتبطة به إداريا ، تخصيص نسبة يتفق عليها البرلمان العراقي من واردات النفط ، ونسبة من الشركات المستثمرة في العراق ، كشركة آسيا وأثير وكورك وزين للاتصالات والشركات المنقبة عن النفط في الأراضي العراقية وحتى فرض ضرائب على المقاولين والتجار مع استقطاع نسبة أيضا من رواتب ذوي الدرجات العليا والبرلمانيين ، هل تحتاج منظماتنا ال مد يد العون من المنظمات الدولية والارتباط بها ؟
هناك سؤال مهم من الممكن طرقه ومناقشته اذا تجردنا عن انتماءاتنا العشائرية والقومية والاثنية والسياسية والحزبية ، لوجدنا أن رؤساء المنظمات بشكل عام هم من ذوي الألقاب بأنواعها ، ولو الوضع الحالي قائم على الألقاب ، السيد ، الشيخ ، الحاج ، الموسوي ، ألساعدي ، المالكي ، الحسيني ،الوائلي الخ....
ولكن نحن في المنظمات يجب علينا أن نكون المبادرين لتصحيح الأخطاء لا السكوت عليها ونركب موجة الألقاب فرحين .
ثم لو وقفتَ ودققتَ بأسماء رؤساء المنظمات لوجدتها تتداول منذ أعوام خلت وكأن الهيئات الإدارية لا يوجد بديل غيره من دون الاعتماد على دماء جديدة ، يطالبون بتغيير الزعماء وتغيير الوجوه السياسية وهم ثابتون لا يتغيرون على مدى الأعوام وهذا تناقض يؤدي بالمنظمات إلى التراجع ويلقون اللوم على الحكومة بينما هم العقبة لتخلخل وضع المنظمات ، فرؤساء المنظمات إنهم يمثلون إرادتهم في المنظمة ولا يمثلون الوجه الحقيقي للديمقراطية والحوار ولا لثقافة المجتمع المدني ، وكأن المنظمة عقارا وملكا لا يزول مهما تقلبت الأحوال وتبدل السياسات ، إما الهيئات الإدارية شكل ديكوري يضيف للمنظمة شرعية مزيفة ، هل يمكن لعضو الهيئة الإدارية معرفة مبالغ المنح والمانح وكم صرف وكم بقي وأين يذهب ؟ أسئلة تسمى في عرف المسؤول " توقيفية "بمعنى لا توجد إجابة عليها ، الخلل كل الخلل كما أسلفت في المنظمات وليس في الدولة ، وهنا لا أريد ابرأ ساحة الدولة بل الدولة هي المتهمة بالإهمال ومحاولات الاحتواء والتسييس ،
ولكن المنظمات متهالكة على الأموال قبل تهالكها على تثقيف المواطنين فهي تصرف المبالغ ولكن تفكر بمقدار المبلغ المتبقي والى أين يذهب ؟ وخلاصة القول إن الأمم المتحدة هي المشاركة في بناء المجتمع المدني وتدعو إلى تنامي دوره وإبرازه كقوة فاعلة وضاغطة في صنع القرارات والمشاركة في تدبير السلطة السياسية ، يجب أن تتمتع المنظمات بقدر كبير من الاستقلالية وهي المشاركة في الورش والندوات والاجتماعات سواء في إقليم كوردستان أو في الأردن أو لبنان وغيرها من المشاركات الدولية وليس اختصار الأمم المتحدة وغيرها من المنظمات الدولية عل منظمات معلومة سلفا " زبون دائم" وهو تكرار لهذه المنظمات وحضورها ولوجوه أيضا تتكرر، هو خطأ واضح اعتماد المنظمات الدولية المانحة على عدد من الأشخاص وكأنهم وكلاء أمن لتزكية المنظمات المحلية الأخرى ورفع تقارير دورية عليها وتقييمها وتزكيتها ، من هنا تبدأ المساومة ويبدأ الفساد ، لذلك نطلب من هذه المنظمات وخاصة دائرة المنظمات غير الحكومية أن تتدخل في التقييم وإعلام المنظمات الدولية بالمنظمات الفاعلة التي تعمل بصدق بتنفيذ المشاريع وهي تتمتع بسمعة طيبة في المجالات التي تعمل بها ولها موطئ قدم على الأرض ولن تكون منظمة خاملة وهيئتها ورئيسها معا . وبذلك تستطيع دائرة المنظمات غير الحكومية أن توقف الهيمنة واختصار التمويل الدولي على منظمات معلومة وفاعلة بغض النظر عن حجمها ولكن ربما تكون فاعلة أكثر من غيرها
[email protected]








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. عشرات المحتجين على حرب غزة يتظاهرون أمام -ماكدونالدز- بجنوب


.. موجز أخبار الواحدة ظهرًا - الأونروا: يجب إنهاء الحرب التي تش




.. الأمم المتحدة تنهي أو تعلق التحقيقات بشأن ضلوع موظفي -الأونر


.. أخبار الصباح | حماس تتسلم الرد الإسرائيلي بشأن صفقة الأسرى..




.. ما آخر المواقف الإسرائيلية بشأن صفقة تبادل الأسرى؟