الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الاسرائيليون و نحن........

احمد عسيلي

2013 / 9 / 29
المجتمع المدني


في عام 1998 عرض في صالات السينما الاسرائيلية فيلم بعنوان (مقدس) و فيه يصور المخرج الحياة البائسة و المخيفة التي يعيشها المتدينون اليهود داخل التجمعات الخاصة بهم....و حسب الناقد السينمائي أمير العمري فان الفيلم فيه جرأة كبيرة و انتقادا لاذع جدا لجماعة اليهود الاصوليين و بشكل جارح جدا
و قد شعر الكثير من المتدينين اليهود بالاهانة الشديدة مما دفعهم لصناعة فيلم بعد ستة اعوام بعنوان الضيوف....و هو محاولة لرسم صورة جميلة جدا عن واقع الاصولية اليهودية و طريقة حياتهم
حين أتذكر هذا يخطر ببالي كما يخطر ببال أي انسان عربي متابع سؤال بديهي..ماذا كان سيحدث يا ترى لو ان فيلما مشابها يسخر مثلا من حياة المتدينين المسلمين و صور بالسعودية او الامارات او حتى بالاردن او سوريا و لبنان؟
هل كان المتدينون سيشعرون بضيق يدفعهم الى تصوير فيلم يرد به على تلك الاتهامات
ماذا كانت حصيلة الفيلم المسيئ للرسول في مصر؟؟
لماذا أي فيلم او لوحة كاريكاتور او احيانا جملة على الفيسبوك كفيلة بزعزعة مجتمعاتنا كلها؟
بينما المجتمع االسرائيلي راسخ و قوي رغم الكثير من الخلافات بين تياراته من علمانية و يسارية و متدينة و ملحدة؟؟
أن من ينظر الى دول الجوار الاسرائيلي يهاله حجم العنف المتبادل بين اعضائه......و سوريا ليست حالة شاذة رغم ان اكثرها عنفا في الوقت الراهن.....و قبل 3 سنوات فقط كانت الاكثر هدوءا
لكن العنف في دول الجوار الاسرائيلي كله كامن في عمق المجتمع و جاهز للانفجار في اي لحظة و قد يكون سبب الانفجار اتفه من ان نتخيل......
هذا يعود برأيي الى سبب واحد تتفرع عنه كل العوامل الاخرى و هي حقيقة ان دول الجوار كلها عجزت عن اقامة مجتمع حقيقي بمعنى المجتمع.....بل حتى سوريا و التي كانت تعتبر الاكثر التصاقا بمفهوم المجتمع الحقيقي جاء نظام حافظ الاسد و اعمل مساميره بها خلال اربعين سنة متواصلة ليتحول المجتمع السوري الى مجموعة طوائف و قوميات يتغلغل الحقد بينها و يترسب في الاعماق....و جعل من شخصه هو الحامي الوحيد و المانع من هذا الانفجار
و هذا الامر ينطبق ايضا على كثير من دول المنطقة كالاردن و لبنان الذي يحكمه تفاهمات رؤوساء الطوائف و امراء حربها...
فلا وجود لاي مجتمع حقيقي في شرقنا التعيس هذا و ما هو موجود اصلا فهو بطريقه الى الزعزعة و التفرقة بواسطة انظمة حكم هي على علم بهذه التفرقة تماما لكن الامر لا يعنيها بمقدار ما يعني تمسكها بالحكم و السيطرة
......مجتمعاتنا اصبحت بلا هوية و لا شيئ يجمعها ابدا.....هي فقط بشر يسكنون مع بعضهم و لكل منهم انتماءات صغيرة تفوق في كثير ان لم يكن في كل الاحيان الانتماء للوطن
و رغم ان ما يفرق المجتمع الاسرائيلي ظاهريا اكثر مما يربطه....لكن الارادة و العمل جعلهم قادرين على انشاء دولة تجبر المواطنين على احترام سيادتها و قوانينها
اما دول الجوار فهي مجرد دكتاتور ورقي يجمع حوله كل المؤسسات و الاجهزة
لا وجود لاي بناء حقيقي في مجتمعاتنا لذلك لا نشعر باي رابط حقيقي او انتماء يجمعنا....و الا كيف تفسر الفرحة العارمة في وسط مؤيدي العائلة الحاكمة في سوريا بعد قصف الغوطة بالكيماوي و احتفالهم و كأنهم حققوا انجاز وطني
كيف نفسر كلمات الكره و الحقد و الدعوة لابادة الطرف الاخر في مصر و لبنان حاليا.....كما في العراق و ليبيا ايضا
و هذه أول و اهم مسؤولية تقع على عاتق كل المشتغلين بالحقل العام......و هي مسؤولية الحفاظ او بمعنى ادق بناء المجتمع على اسس متينة
و ان كانت هذه المهمة في جزء كبير منها صعب و يتطلب قدرات رهيبة.....لكن لا مناص من خوض هذا العمل
يجب ان نحدد رسالة و هوية لدولنا....(بالتأكيد لن تكون الرسالة اللخالدة اياها).....و يجب ان ندرك ان حصيلة ما بيننا كشعوب من حقد و كره هو صنيعة الدكتاتورية و علينا تجاوزها
يجب تنبيه الجميع اولا في مصر على عدم الدعوة الى ابادة الطرف الاخر....لان مصر دولة قوية و مجتمع متماسك و حصيلة هذه الدعوات هي الخراب فقط الذي تأمل اسرائيل ان تتربع فوقه
يجب ان يدرك السوريون اننا سنعيش مع بعضنا مجبرين و ان تتوقف دعوات الانتقام و الحقد....لان هذا لن يفيد احد ابدا و سيجلب الدمار على الجميع......و ان الخطوة الاولى في القضاء على هذا الحقد هو القضاء على الدكتاتورية و هي سبب كل هذا الخراب الاجتماعي و الذي لم تشهد سوريا له مثيل سابقا
و لكن للاسف.....فانا ادرك تماما ان هذه المهات يلزمها نخبة واعية و مسؤولة......و كل مجتمعاتنا أبعد ما تكون عن توفر هذه النخبة داخل ابنائها
فلا صوت يعلو حاليا فوق صوت الحقد و الكراهية








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بعد منح اليونسكو جائزة حرية الصحافة إلى الصحفيين الفلسطينيين


.. الأمم المتحدة التوغل في رفح سيعرض حياة الآلاف للخطر




.. السلطات التونسية تنقل المهاجرين إلى خارج العاصمة.. وأزمة متو


.. ضجة في المغرب بعد اختطاف وتعذيب 150 مغربيا في تايلاند | #منص




.. آثار تعذيب الاحتلال على جسد أسير محرر في غزة