الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


عزيزي المؤمن لماذا تؤمن؟

حيان الخياط

2013 / 9 / 29
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


هذا النص عبارة عن تحرير لمحتوى فيديو موجود على الانترنيت وهو كالأتي:
"عزيزي المؤمن، هل سبق لك ان توقفت يوما لتتساءل لماذا تؤمن بما انت مؤمن به؟ هل سبق لك ان فكرت لماذا اخترت الدين الذي اخترته؟ لماذا تؤمن ان يسوع المسيح هو الوسيلة الوحيدة للخلاص الابدي؟ ولماذا لا تؤمن بتناسخ الارواح او الكارما(1)؟ لماذا تؤمن ان الله هو الاله الحق ومحمد رسوله؟ وليس بالحقائق النبيلة الاربعة لبوذا؟ لماذا تتمسك بالتوراة، باعتبارها الكلمة الوحيدة التي اوحى بها الاله؟ وليس بالكتاب المقدس "البهاغافا غيتا"(2)؟
عزيزي المؤمن، هل سبق لك ان تساءلت لماذا جنتك تشبه ارضا مثالية وهي مصنوعة من نفس العناصر الاساسية الموجودة في هذا الكوكب؟ هل سبق لك ان تساءلت لماذا يحكم الهك في هيكل سلطة، تشبه تلك التي كانت في الزمان والمكان المحددين اللذين كتب فيهما النص الذي تقدسه؟ هل تتساءل لماذا ان الهك يشبهك، او الحيوانات التي تتقاسم معك هذا الكوكب؟
عزيزي المؤمن، اليست العقيدة التي تمارسها هي العقيدة المهيمنة في ثقافتك؟ إلا تجد ما يلي مدعاة للشك ولو قليلا: ان الاغلبية الساحقة من كل المؤمنين في العالم، يعتنقون ديانة المجتمع الذي ولدوا فيه، ومع ذلك فهم مقتنعون ان الحظ قد حالفهم او ان الههم جعلهم يدخلون العقيدة المحقة؟ إلا يجعلك ذلك تدرك على الاقل، ان كل شخص تقريبا يختار عقيدته، ليس بسبب فضائلها او الادلة التي تدعمها او فعالية نظمها الاخلاقية او بسبب التعبير عن التعبد وإنما لأنهم ولدوا وتربوا عليها، بغض النظر عن وفرة الخيارات المتاحة، لماذا تقريبا كل مؤمن على وجه الارض يختار العقيدة التي في متناول يده، هل انت مسيحي لأنك ولدت في امريكا او اوربا؟ مسلم، لأنك ولدت في المملكة العربية السعودية او اندونيسيا؟ بوذي، لأنك ولدت في اليابان او الصين؟ هندوسي لأنك ولدت في الهند؟ هل يمكن ان يكون الايمان في اغلب الاحيان، مجرد مصادفة جغرافية؟ هل تعتقد بصدق انك لو كنت قد ولدت في بلد آخر، كنت بلا شك ستمارس نفس العقيدة التي تعتنقها الان؟
عزيزي المؤمن هل العقيدة التي تمارسها، هي نفسها التي كان عليها اباؤك وآبائهم من قبلهم؟ هل هي العقيدة الاولى التي تعرضت لها في حياتك؟ هل تعلم ان كل معتنقي الديانات تقريبا، يؤمنون بما تلقوه من لدن ابائهم من معتقدات في نهاية المطاف؟ لماذا تسخر من فكرة وصف طفل في متقبل العمر بالـ"جمهوري"* او الـ"ماركسي"(3) او الـ"كينزي"(4) يعود ذلك لمعرفتنا انه/انها يفتقر الى القدرة على التمييز الفكري وتجربة الحياة والحكمة اللازمة لاتخاذ مثل هذه القرارات المعقدة والدقيقة. ولكن لا نشعر بالقلق عندما يشار الى طفل صغير على انه "طفل مسيحي" فبكل تأكيد هذا الخيار لا يقل تعقيدا! اليس مصطلح "طفل مسلم" في الواقع غير ذي معنى، وكل ما هنالك هو طفل لأبوين مسلمين؟
عزيزي المؤمن، انت واثق بشدة من ايمانك، انت تعرف انه الدين الحق، وجميع الديانات الاخرى خاطئة، انت على استعداد للمراهنة بروحك الخالدة من أجل هذه الحقيقة، ومع ذلك، هل توقفت لتتمعن في حقيقة ان هنالك ما يربو على اربعة وعشرين ديانة رئيسية، ومئات المعتقدات المتنوعة التي تمارس هذا الكوكب؟ هل تعلم ان في المسيحية وحدها اكثر من 45000 طائفة، كلها تدعي فهم الحقيقة المطلقة افضل من الاخرين؟ هل تدرك ان كل عضو في كل عقيدة تتم ممارستها، هو شخص تقي وصادق مثلك، وان ايمانه راسخ بنفس درجة رسوخ ايمانك؟ هل تعلم انهم يقرؤون النصوص المقدسة بكل ثقة ايضا؟ ان لديهم تبريرات دامغة، قد خبروا معجزات، يشعرون بوجود الاله وبصوته الخافت، يتبعون اوامره المثالية بكل خشوع من أجل حياتهم، يحبونه بطريقة لا توصف، ويمكنهم الدفاع عن عقيدتهم بالحماسة ذاتها التي تدافع بها انت عن عقيدتك؟ ولكن لان كل ديانة ترفض الاخرى، وتتناقض معها في القضايا الكبرى والصغرى على حد سواء، لا يمكن ان تكون كلها على حق، اليس كذلك؟ انت تعلم، انت بكل بساطة تعلم، ان عقيدتك هي الاستثناء ولكن، اذا كان كل عضو من كل ديانة يشعر كما تشعر انت، فما هو احتمال ان تكون انت على حق؟
عزيزي المؤمن، لقد قيل لي كثيرا انني حتما سأفوت على نفسي فرصة الذهاب الى الجنة بسبب عدم ايماني، وسينتهي بي الامر في الجحيم، ولكن جنة من؟ وجحيم من؟ لقد قيل لي في كثير من الاحيان انني لمجرد ان اكون آمنا، يجب ان اؤمن بالإله. ففي النهاية ماذا سأخسر على اية حال؟ ولكن اله من؟ نظرا لتعدد الخيارات، الست اكثر عضة للاختيار بشكل خاطئ؟ الن يكون من الافضل الرهان على عدم وجود اله، بدلا من الرهان على الاله الخاطئ؟ ثم تسألني: ماذا لو كنت مخطئ؟ لكن ماذا لو كنت انت هو المخطئ، ماذا لو ان يهوه(5) بدلا من الله هو الاله الحقيقي؟ او شيفا(6) او ووتان؟ او اله اخر على الجهة المقابلة من الكوكب، لم تسمع به من قبل؟ الحقيقة هي، انك تعلم ماذا يعني ان تكون ملحدا بالنسبة لجميع الاديان الاخرى، إلا ديانتك انت، من الواضح لك، ان اتباع الاديان الاخرى مخطئون، مخدوعون او مضللون، لكنهم يعتقدون الشيء نفسه عنك، الطريقة التي تنظر بها اليهم، هي بالضبط الطريقة التي ينظرون بها اليك. كل هندوسي تقي اعتنق ديانته لنفس الاسباب التي جعلتك تعتنق ديانتك بالضبط، لكنك تجد ان اسبابه غير مقنعة، ولا تفقد قدرتك على النوم ليلا، خوفا من ان تموت وتجد نفسك في جحيم ديانته، ولذلك، هل من الصعب ان ترى لماذا ان البعض منا يلحد باله واحد اضافي؟
عزيزي المؤمن، اتساءل عما اذا كانت الاديان مجرد تصورات قديمة، حاول البشر الاولون من خلالها تفسير العالم افوضوي من حولهم، والسيطرة عليه، وعلى الرغم من انها غير منطقية في المضمون، إلا ان ظهورها منطقي بالتأكيد، ونحن لا نلوم اجدادنا على اختراعهم للدين، ليس هناك عيب في التعثر عندما تكون اعمى، او الفشل في حل لغز محير بطريقة صحيحة في الظلام، ولكننا لم نعد نعيش في الظلام، العلم نور ساطع في عالمنا، ينير طريقنا ويبدد الظلام، يكشف اعمق الفجوات، لم نعد نعيش في الكهف، لقد قطعنا الوديان وتسلقنا الجبال، وبدأنا نلمح الصورة الرائعة على الجانب الاخر، لم نعد بحاجة الى قصص تجعلنا نشعر بالأمان او بان لنا قيمة، الم يحن الوقت لكي تتماشى عقائدنا مع اكتشافاتنا المن يحن الوقت لكي تنعكس افكارنا على وجهة نظرنا الجديدة؟ هنالك روعة في الواقع، تضاهي بل وتتجاوز روعة الوهم. ربما حان الوقت للتوقف عن القول بأننا السبب في نشأة الكون، ان ثقافتنا على نحو ما افضل من الثقافات الاخرى، وان قبيلتنا تم تفضيلها على باقي القبائل الاخرى، لقد حان الوقت لنتعرف على الكون كما هو، حتى لو ان ذلك يعمل على الحد من اوهامنا، يجرح مشاعرنا، يهزم وجهة نظرنا، ويجبرنا على الاعتراف بأننا لا نملك كل الاجوبة. ايها المؤمن، اذا كنت تقدر الحقيقة بصدق فوق كل شيء كما تدعي، كما اعرف ذلك حقا، فيجب عليك ان تواجه هذه الاسئلة الاساسية، من الافضل بكثير كما قال كارل ساغان(7) ان نتبنى حقيقة ثابتة من ان نعتنق خرافة مطمئنة.
[نفس تلك الثقة التي اعرف بها ان ديانة شخص آخر هي مجرد حماقة، تعلمني ان اشتبه في كون ديانتي هي كذلك حماقة ـ مارك توين(8)]."
الهوامش:
(1) الكارما: اصطلاح ذائع الصيت في الديانات الهندية، وهو يدل على وجود قانون اخلاقي صارم وشامل في الوجود.
(2) البهاغافا غيتا: الكتاب المقدس في الديانة الهندوسية.
(3) الماركسية: نسبة الى كارل ماركس، وهي عبارة عن نظرية او منهج فلسفي/اقتصادي.
(4) الكينزية: نسبة الى عالم الاقتصاد جون كينز، وهي نظرية اقتصادية.
(5) يهوه: الله في الديانة اليهودية.
(6) شيفا او شو: احد الالهة الهندوسة.
(7) كال ساغان: عالم فلك امريكي.
(8) مارك توين: كاتب امريكي ساخر.

الفيديو على الرابط التالي: http://www.youtube.com/watch?v=rckn4-6Ph1Y








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - من الكتب المقدسه للمعري والرصافي
صلاح البغدادي ( 2013 / 9 / 29 - 22:57 )
مادان الفتى بحجى ولكن يعلمه التدين اقربوه
وينشىء ناشىء الفتيان منا،على ما كان عوده ابوه
صدق ابو العلاء العظيم
لقنت في عصر الشباب وطيشه حقائقا في الدين يعجز دونها الافهام
ولما انقضى عصر الشباب وطيشه فاذا الحقائق كلها.......اوهام
صدق الرصافي العظيم
وصدقت ايها الكاتب وتحياتي


2 - رأي ابن الحرمين في حقيقة الدين!!
فهد لعنزي ـ السعودية ( 2013 / 9 / 30 - 04:51 )
هذا ما سطرنه انامل ابن نجد في ملحمته الفلسفية المسماة ( الفية ابن نجد) حول الدين عامة وهل الادعاء حول امتلاك الحقيقة لاي دين له ما يبرره ؟؟؟

فار تفكيري فصاحت في شراييني الدماء
لوحة الاديان هل خطت باقلام السماء؟
ام كما قال المعري بمكر القدماء
ام هو الحق بدين الارض لا دين الكتاب
*****
دندن الداعي الى الدين بعود الاندهاش
انبهار الناس بالايحاء سر الانتعاش
انتعاش الروح هذا منع العقل النقاش
شدة الادهاش اولى خطوات الاستلاب
*****
ايها المؤمن جدا لا تبالغ في عنادك
افترض لو كان ميلادك في غير بلادك
اسرة اخرى وتعويد على غير اعتيادك
اي دين ستوالي بانتماء واتساب؟
*****
استمع لي ايها الممنوع من ينبوع عقله
انت كالفلاح يرضى عبث الناس بحقله
انت اذكى فاكسر القيد الذي ضقت بثقله
رشفك الاغمار لن يرويك فاشرب بالقعاب
*****
لا تغرنك في درب جموع السالكين
ربما الكثرة عنوان طريق الهاكين
اهجر الجهل وهاجر لديار المالكين
للبراهين الذي تصطاد الباب الذئاب
*****
هبط التلقين بالناس الى ارذل قاع
اجهز الجاني على الوعي بتقديس الرقاع
زرع الباس بارض الياس في كل البقاع
اسر البؤس رقابا اعتقوا تلك الرقاب
*****


3 - كلام صحيح 100٪-;-
الغراب الأبيض ( 2013 / 9 / 30 - 15:35 )
عزيزي الكاتب، رغم أني مسلم لكن أعترف أن تحليلك صحيح و منطقي 100٪-;-.
فنحن رغم أننا نجد تناقظات كبيرة و بعض القوانين و الأفكار الضعيفة في القرآن و السنة و التي لا تتماشا مع القرن الحالي فإننا لا نستطيع أن نفكر ولو لدقيقة واحدة أن كل ما تعلمناه و تلقيناه قد يكون مجرد أساطير الأولين وأن العالم و الكون حولنا لا يحتاجان لتدخل آلهة لتديره و تتحكم في قوانينه.


4 - اتفق مع الكاتب ولكن؟؟؟
رعد ناجي ( 2013 / 9 / 30 - 16:28 )
الاخ الكاتب تحيه طيبه.و اتفق معك في كل ما أوردته من تسائلات و اعتقد ان مثل تلك الرسائل هي عامل مساعد في تفاعل بني البشر مع بعضهم البعض لدفع عجلة قبول الانسان لأخيه الانسان و احترام معتقدات الآخرين طالما ان كلا منهم قد شرب عقائده من بيئته التي نشاء فيها. ولكن ....لماذا لا نقلب سيل التساؤلات للأخوة الملحدين؟؟؟ هل أتعبتم أنفسكم في البحث ما وراء هذا الكون الفسيح؟؟ يعج هذا الموقع بمقالات تتهكم و تسفه عقل كل من تبنى إيمان بخالق ومدبر للكون؟؟ و بالمقابل تطرحون بدائل لا تقبل بالمنطق السليم ؟؟ بان كل ماكان و يكون محض صدفه و طفره ؟؟ كيف للمؤمن ان يترك إيمانه اذا لم يبادر أيا منكم كملحدين بطرح مقبول ينسجم مع العقل لتفسير سر الوجود؟؟ وبالمناسبة فهذا المقال ينطبق على الكاتب و من يوافقه بالعقيدة فكتبكم المقدسه هي من انتاج الملاحده وفلسفتهم و أشعار المعري والرصافي هي الأحاديث التنويريه التي تبصرون بها طريق حياتكم. و أعود لدعوتكم بالتريث في تسفيه عقول الآخرين و بذل قليلا من الجهد في تتبع كتب الفلاسفه في إثبات وجود خالق و مدبر للكون السحيق و اقريه لذهني هو كتاب العدل الالهي للفيلسوف مرتضى المطهري.


5 - الغراب الابيض. نهنئك على تغيير لونك!
فهد لعنزي ـ السعودية ( 2013 / 9 / 30 - 17:54 )
ان اعترافك بصحة ومنطقية المقال هما الدليل على تغيير لونك من اسود ـ لون الغراب ـ الى ابيض وبهذا الاعتراف سقطت هويتك الاسلامبة. وبما انك ذكرت بان هناك تنافضات في الكتاب والسنة فهل لك ان تتفضل علينا بذكر بعضها لتكون التفاتة مسببة في تغيير الغربان السود الى غربان بيض؟؟.هل حان الوقت للتفكير فيما تعلمته وتلقيته ومراجعة النفس وما هي الاسباب التي ادت الى هذا الانقلاب المفاجئ؟؟.
نعود ونكرر هنيئا لك على تعيير لونك.

اخر الافلام

.. 102-Al-Baqarah


.. 103-Al-Baqarah




.. 104-Al-Baqarah


.. وحدة 8200 الإسرائيلية تجند العملاء وتزرع الفتنة الطائفية في




.. رفع علم حركة -حباد- اليهودية أثناء الهجوم على المعتصمين في ج