الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الموسيقار المجهول المحفوظ بن ابراهيم

حمزة عبدالله قاسم

2013 / 10 / 3
دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات


_____________اوراق منسية من ذاكرة تافراوت _____________

الموسيقار المجهول المحفوظ بن ابراهيم

_______

عمل السيد المحفوظ بن ابراهيم بمدينة طنجة لسنوات, اذ يملك فيها متجرا لبيع المواد الغذائية, كما اعتقل من اجل نشاطه السياسي وانخراطه في حزب الاستقلال, ثم عاد الى تفراوت ليشتغل في مكتب نقل المسافرين, ومكلف بقطع التذاكر "الكورتي" ,ولم يلبث ان سجن مرتين كذلك لما علمت السلطات المخزنية انه يتوصل ببعض الجرائد المحظورة في تلك الاثناء, ومن شهادة امراة ان شاهدته يوما في المعتقل قرب قرية "اضاض" رفقة الحاج عبد الله بن صالح وهما ينقلان الاحجار في حرارة الشمس المحرقة ,وعليهما حراسة من جنود الاحتلال الفرنسي.
وهو انسان يمتاز بمختلف الاوصاف الحسنة ,وهاوي للموسيقى الامازيغية منذ الصغر, بحيث ان تواجده بمدينة طنجة تعتبر فترة مكنته من تعلم الة الكمنجة التي يعزف عليها باحكام, وكذلك الة الكنبري, بالاظافة الى مهارته في الضرب عل البندير ,وكما هو معروف ان في بيته العديد من الالات الموسيقية التي يستعملها وهي معلقة في اسطوان بيته, تركها بعد وفاته بالاظافة الى الة الكمنجة التي يعزف بها في لقاءات ترفيهية مع اصدقائه ومحبيه, وجرى يوما ان ذهب الى قرية "ئمي ن-تيزغت" ب املن , وهي مناسبة "ئدرنان" حيث تجتمع القبائل على احواش ومسليات ترفيهية, فاخذ ربابته وتوجه الى عين المكان, وما ان شرع في العزف حتى التحق به الاطفال والنساء جماعات ,الى جانب من دفعهم الفضول للمشاهدة والاستماع ,مع العلم انه لا يحسن الغناء, اذ يفتقر لصوت قوي ,وظن الناس المجتمعون حوله انه الرايس المحترف الذي تتوفر فيه كل الشروط ,فاخذ يعزف مختلف المقطوعات لافذاذ الاغنية الامازيغية, فانتظره الجمهور ما عساه يقول? وتوقف عن العزف وخاطبهم: "كاطان ئدينان" بمعنى انكسرت الوثرة وعلي الذهاب لتفراوت لاحظارها ,وكانت هذه فكرة صائبة خرج منها دون حرج .
ويعتبر رحمه الله من الموسيقيين العازفين الماهرين والمحبين للموسيقى الامازيغية ,وتوفي في15 مارس 1954 بمرض السكري الذي لم يمهله طويلا, وترك بعده ولدان وثلاث بنات ,الا ان المواهب الفكرية لم تنقطع في بيته ,اذ يعتبر "اغكومي aghgoumi" ايت المحفوظ عبارة عن نادي ثقافي, تجتمع فيه النساء لطحن الدقيق وللونسة وابداع القصائد الشعرية ,والاجتماع على الاخبار والقضية الوطنية والمحلية في المقاومة.
وكان لهذا المقر او النادي اشعاعه التاريخي في سرد الاخبار والحكايات الامازيغية, على شكل الرواية المشهورة "خسايس" التي هي من ابداع الفكر الامازيغي العريق في شمال افريقيا, ونجد اثار لهذه الحكاية في الاغنية العالمية للفنان الجزائري ايدير حينما يتحدث عن "وحش الغابة", اما في النص المتداول في المكان الذي حدثك عنه فان الوحش حاضر الا ان مناجاته تنبني على مجموعة الاستفسارات وتساؤلات الفكرية مخاطبة الاب في الرواية, الى اي مدى اوقعه الوحش في جسده? وهي كما يلي: (ماني اكي ئلكم ابابا انو -با?).
استحضرت هذا النموذج لافسر بعض الاراء المتداولة في المكان ,وما يحتضنه هذا النادي الثقافي الموجود ب"ئمي ن-تسضرت ".
اما اكبر ابناء المحفوظ بن ابراهيم, فهو ابنه محمد بن المحفوظ الملقب ب خوسطو او اسمه العائلي عكاش فكان بدوره يتقن العزف والغناء, ويشارك في حفلات احواش سواء في القبيلة ,او في اماكن بعيدة ,ولا غرابة اذا سمي من طرف البعض ب بيلونا , اي صاحب البنادر ,كما له حظ في استعمال الة الكنبري بتفوق يشهد له التاريخ بذلك ,ولم يكن ينام في بيته, اذ من عادته الالتحاق ب تاكنيت بعد تناول طعام العشاء ,ويستمر في السهر الى طلوع الفجر, ومن روائعه المشهورة تلك التي يغنيها على وزن: "ماكم اتاسا ياغن".
وبعد مرض لم ينفع معه الشفاء التحق السيد محمد بن المحفوظ بخالقه بمدينة انزكان سنة 1971, ودفن بمقبرة انزكان العمومية.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تركيا: السجن 42 عاما بحق الزعيم الكردي والمرشح السابق لانتخا


.. جنوب أفريقيا تقول لمحكمة العدل الدولية إن -الإبادة- الإسرائي




.. تكثيف العمليات البرية في رفح: هل هي بداية الهجوم الإسرائيلي


.. وول ستريت جورنال: عملية رفح تعرض حياة الجنود الإسرائيليين لل




.. كيف تدير فصائل المقاومة المعركة ضد قوات الاحتلال في جباليا؟