الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أبالهوية أم بالمقود تتمسكون؟(2)؟

شوكت جميل

2013 / 10 / 5
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


2_هوية هَدَمَة الإهرام..من سالف الدهر

ها أعتذر قبل كل شيء لحافظ إبراهيم،وللقاريء الكريم ،على ما ورد من تصحيف وتحريف في العنوان ،ولا تثريب علينا والحال كما ترون،وما يتوراد علينا من أخبار تبعث بنا على الضحك،غير أنه ضحكٌ كالبكاء،فقد انبعثت علينا كائنات أتيةً من سالف الدهر،من شقوق الإرض و كهوفها كالجراد،جرادٌ حملته إلينا رياح الصحراء الشرقية السموم ...غريبة الوجه ...غريبة اللسان..غريبة الزي..بيد أن "أم الدنيا"الرءوم لا ترد سائلاً أو غريباً..و لكن عجباً فإذا بهذة العصبة لا تبغي الإبقاء على أخضرٍ او يابسٍ من حضارتها،وتريد طمس كل "هوية" غير هويتها،أقول: أتيةً الينا من عصورٍ سالفة غابرة،بالكاد ينتصب فيها الإنسان على طرفين فقط من أطرافه، وأظن انه لسبب وجية ينعتون بما ينعتون... وأما هويتهم التي يدعوننا إليها ،فلك أن تسميها _لا ملوماً و لا مذموماً_ هوية"هدم الحضارات و دك الاهرامات و حرق المكتبات و زواج القاصرات.... وإبتذال النساء وإذلال الأغيار و استرقاق الأحرار"هذة هي زبدة هويتهم كما يعلنون و يقولون ..لا كما ندعي نحن أو نقول!...ولست اعلم حقاً،أ يدركون أن سنة التاريخ مع مثل هذه الكائنات ،أن يلفظهم لفظ النواة،أم تراهم لا يدركون؟!...

و كيفما كان حالهم،نجد أنفسنا مرغمين على العودة إلى الحديث عن "الهوية" أو"الهوية الهادمة للإهرامات"كإسمها الحقيقي لا كنيتها..ذلك الحديث الذي بات ممجوجاً و ثقيلاً على القلب؛و ليس باليد حيلة و عصبة "اليمين الديني المتطرف"،اتخذت لنفسها دور الفارس الموهوم "دون كيوخته"،كمبعوثٍ للعناية الألهية،للحفاظ على هويتنا_التي لا نعرفها_ في الدستور المصري،فنسألهم سؤالين بدهيين:

اولاً:هل النص الدستوري يحدد ويصنع الهوية..أم أن الهوية"على الأرض"هي التي تحدد و تصنع النص الدستوري؟.....
و بمعنى آخر..هب أن بدستور الولايات المتحدة الأمريكية نصً دستورياً كما يلي:"الولايات المتحدة الأمريكية تعتنق الشيوعية كأيدولوجية،و تسعى إلى القضاء على رأس المال،ونحو الديكتاتورية البروليتارية"....أو إليك مثلاً يتصل بذوي القربى؛فهب أن بدستور المملكة السعودية نص دستوري كما يلي:"الملكة السعودية تدين أغلبيتها بالبوذية(أو قل الشيعية)..أو أن تعاليم كنفوشيوس المصدر الرئيسي للتشريع بها"..تتفق معي أن هذا النص بلا جدال سيبات غرضاً للتندر و السخرية، و إن شئت الصدق هي الحماقة بعينها، و السبب ببساطة لأن الواقع على الأرض ينكر صارخاً بالنص الدستوري: أفَّاكاً..كذاباً.
وعلى الرغم أننا لا ننكر أن بالحجاز شيعة،و أن بالولايات المتحدة مثلاً فئات تعتنق الشيوعية و تناضل في سبيلها بيد أنها لم تسد بعد و لا فرضت "هويتها الأيدولوجية"،فإذا طالبت بالنص المسطر أعلاه،لم تجد رداً غير الإزدراء و النظر إلى أقوالها كضربٍ من المساخر..ما أعنيه أن الدستور يصف الواقع المادي لا يخترعه!..و من ثم فعلينا و الحال كذلك أن نطبق هذة القاعدة على المجتمع المصري،و نبدأ بالهوية الدينية_وهي طرف يسير من الهوية _فنقول أن أغلبية مسلمي مصر على المذهب السني الأشعري،مذهب الأزهر الكلاسيكي الذي يعتمد _جزئياً_ على"العقل" ؛فيعتمد على العقل بالإضافة إلى النقل،عشرة قرون هذا عمره خلا قرني الفترة الفاطمية"الشيعية" و التي أنشيء فيها الجامع الزهر،لذا يقال مصر سنية بقلب شيعي،فأين هوية هذه الأغلبية من الشعب المصري من هويتكم"الوهابية السلفية" التي ترى أولوية النحر للشيعة ومن بعدها يأتي اليهود فالمسيحيون!و هذا ما فعلوه حقاً؛فقد نُحر نفر منهم و مثل بجثثهم بمباركةٍ منكم و تحت مظلةٍ من فتاواكم الدينية..هذه هي هويتكم يا سادة؛و هذا ما رفضه أغلب الشعب،و هذا ما أنكرته "هويته"السائدة اللهم إلَّا من سلك سبيلكم!

هذا كان عن الشيعة"أبناء جلدتكم"أما عن المسيحيين فالحديث ذو شجون،إذ يقدرهم المقللون ب(15%)،و يقدرهم المكثرون(20%)،و هي على أقل تقدير ضعفي مما تَعِدُُّون به أنفسكم..و كل ذي عين باصرة يبصر أن هويتهم ليست بهويتكم،أم ترى أنها هويتهم وهم عنها غافلون،و كيف تكون هويتهم تلك التي تقول بأنه يُكْره كراهة التحريم بناء دور عبادة لهم،أو ترميم ما يتهدم أو يُهدم منها ..كلا بل هو الحرام الذي تضيق عنه رحمة الله!و كيف تكون هويتهم تلك التي تقول:لا يُقتل مسلمٌ في ذمي!و كيف تكون هويتهم تلك التي تقول:لا تُقبل شهادة من ذمي! كيف تكون هويتهم تلك التي تقول:لا ولاية لذمي على مسلم!و كيف تكون هويتهم تلك التي تقول:عليهم بدفع الجزية و شد الزنار!..يعوزني الوقت لرصف ما بهويتهم..و مرحى بها من هوية!...كل ما قلت و أكثر منه ،لم أفتره على هويتهم التي" يدعوننا اليها"،و من المصادر "المعتبرة"في الأحكام الفقهية الشرعية التي تشتهي أقليةٌ _فضلاً عن كونها رجعية_ أن تزج بها في الدستور زجاًّ في غفلةٍ من الزمن أو منّا..دستور لا أجد حرجاً من أن اسميه(( قانوناً لغابة..يتلى علينا من عصابة ))كما يقولون..

و إذا كانت الهوية المصرية قد تكونت _فيما نعلم_على مدى سبعين قرناً مما تعدون و رسخت على أرضها و في مُوَرِّثات جموع شعبها،فمن الحماقة و الهوج إذن أن نقايضها بهوية لم تتصل أكثر من أربعة عقود،واردةً من شرق البحر الأحمر، لا تخص إلّا شريحةَ ضئيلة لا تمثل سوى نفسها،أقول أربعة عقود،و أنا أعي ما أقول،فقد أُطْلقت بعهد السادات للقضاء على اليسار المصري،لم تكن سوى خطة أمريكية وِظِّف فيها الدين السياسي بزعامة السعودية في المنطقة لضرب و محاصرة المد السوفيتي آنذاك،و يبدو أن الدمية "بيانكو" قد تحولت إلى رجلٍ من دم و لحم.. أول من أكتوى بنارها صانعها"السادات"،و أعلن ذلك نادماً بخطاباته الأخيرة..و لكنه ندم حيث لا ينفع الندم.

ثانيا:و السؤال الثاني و لعله الأهم ،هل الهوية ،التي يلوكونها و تقتحم أسماعنا بكرةً و أصيلا،تتفق مع مفهوم الدولة الحديثة كما نفهمها و يفهمها جميع العالم المتحضر؟وأعني بذلك :حقوق الأنسان،حقوق المرأة،حرية المعتقد والديانة،المساواة بين المواطنين بغض النظر عن اللون و العرق و العقيدة....الخ؟..فإذا كانت الإجابة "لا"،فلا مجال إذن للحديث عن هوية دولة بالأصل،و لا مجال للحديث عن دولة بالأصل...و لا مجال للحديث عن دستور بالأصل..و الإجابة عندي"لا"..ومن كان في شكٍ من أمره فليرجع للسؤال الأول.

أما الذي أدهشني حقاً،فهي روح الملاق التي تلبست بعض القيادات الدينية التي ينظر إليها كأقلية"،فجعلت تنبري للدفاع عن هذه الهوية الإقصائية التي تضعهم هم أول قائمة الإقصاء ،و طفقت تدعو إلى نبذ و عدم الأعتراف بحقوق المواطنيين الذين لا ينتمون إلى "الديانات الإبراهيمية الثلاث"،و هنا نشاهد و يا للعجب أقلية تضطهد أقلية أخرى أقل عدداً!و نشير عليهم بقصة "الثور الذي أكل يوم أن أكل الثور الأبيض"،يذكرني ذلك بما حكاه أحد الألمان في مذكراته إبان "النازي"،و بأنه لزم الصمت و لم يبالي عندما قبضوا على زملاءه الشيوعيين لأنه ليس شيوعياً..و لم يبالي عندما قبضوا على اليهود لأنه ليس يهودياً؛ فلم يبالي به أحداً أيضاً عندما جاء دوره، و أسر لهم بحديث قصير،فقط ضعوا أنفسكم في مكان الناس؛ثم إفعلوا بعدها ما شئتم.

يقولون أن الحضارة الفرعونية عفنة..ثم يزيدون و يردفونها بداعرة..ثم يبلغ بهم الشطط منتهاه فيصفون الآثار الفرعونية بالأصنام التي تعبد من دون الله و يجب حَطْمها كما حطم الخليل "إبراهيم"ألهة أبائه...و رغم كل ما يقولون لست أعلم حالة التبلد التي أصابتني و لم أسارع بحمل الفأس لدق عنق "أبي الهول"كما فعل" صائم الدهر" قديماً،جدهم الكبير فيما أرجح....متبلدٌ أنا استمع الآن إلى كلمات حافظ إبراهيم الذي أنطق بها أم كلثوم،ولطالما رددناها معها ونحن في ميعة الصبا:
وقف الخلق جميعاً ينظرون***كيف أبني قاعد المجد وحدي
ويقول أيضاَ
وبناة الاهرام في سالف الدهر***كفوني كلاماً عند التحدي
وأيضا:
أنا تاج العلا في مفرق الشرق****ودراته فرائض عقدي
وأيضا:
أنا ان قدر الإله مماتي****لا ترى الشرق يرفع الرأس بعدي
وأيضا:
أنا حرة كسرت قيودي****رغم أنف العدا وقطعت قيدي
وأيضا:
أنا مجدي في الأوليات عريقٌ****من له مثل اولياتي ومجدي؟!
لله درك،يا شاعر،وكأني بك بيننا الآن،غير أن سؤالاً يلح علي، هل كنت يا حافظ تتخذها إلهاً من دون الله؟أقصد الإهرامات،عذراً على السؤال لأنه حديث لا يصدقه طفل يحبو ويلهو بلعابه،وأقول لهم معك دعوا عنكم هذا الحديث لمن لا يعقلون،فان وراء الأكمة ما ورائها،إنما الامر أن هناك قوما لا يريدون لمصر أن( تصبح تاج العلا في مفرق الشرق)،والخير كل الخير(أن تموت)قدر الإله ذاك أو لم يقدر،ويشتهون أن تغدو سيدة الحرائر،جارية من الجواري او أمةً من الاماء،(مكبلة بالقيود)لحساب بني( يعطش )اليعربي،وليقضوا إذن على كل (مجد عريق)،لانهم ليسوا على شيءٍ منه،أقزامٌ لا يرون سبيل لأن يغدوا عمالقةً إلَّا ببتر وإقتصاص قامات الاخرين،وليست هذة السيرة بجديدةٍ عليهم،فهذا ديدنهم أني وجدوا وأني وجدت الحضارة،فيا كم أحرقوا المكتبات و قلاع العلم والتنوير،وقصارى جهدهم وكل همهم طمس كل هوية،وإظلام كل بقعة من نور،لأنها ليست بالبيئة المناسبة لحيوات طيور الظلام،وتلك العلة لا تحتاج لبصيرة نافذة او تفكير عميق لنقف عليها،ثم يالافكهم بعد ذلك ،اذا لم يجدوا ما يقولونه،فأسرفوا في السخف اسراف شديداً،وتشدقوا بأن الإهرامات بنيت بالدعارة!فكأني بهم أبوا الا أن يذيعوا بين الناس جهلهم،وقد سترهم الله،إنما الإهرامات يا سادة نتاج هامة الإنسان لا ما تحت حزامه،وهي أول و أكبر عمل هندسي باقٍ للإنسانية،و أول مهندسٍ في التاريخ،يقف العالم أمامه ،بكل حضارته الحديثة،مشدوهاً مذهولاً ،إلًّا أنتم بالطبع!،أما وقد تحدثتم عن الدعارة والسفه،فحدث ولا حرج،ويسأل في ذلك أربابكم،الذين جعلوا من ثروات شعوبهم،وما فاء عليهم الله من نفط وغيره بدداً،تحت أقدام المربربات والنحاف،من الشرق والغرب،وفي بلاد الضباب والأمطار وأكلة بني الخنزير.ألا تستحون؟

أما الإهرامات فيا كم حاولوا هدمها،فمن أشباه هؤلاء حاول ،غير واحد من الولاة،إختلاس أحجارها!ليشيد بها ابنية ما،ولكن كان قصارى جهدهم خدشها ليس أكثر!ويظل لسان حالها_ بالأمس واليوم وغداً ،والى ما شاء لها الله أن تبقى_ ينطق بما قاله الشاعر الاقدم هذة المرة(الاعشى)629 م:_
كناطح صخرة يوما ليفلقها**فلم يضرها و أوهى قرنه الوعلُ!
يكفينا الله ويكفيكم الله حماقة الوعول وشرها.
............................................
(الوعل):_لمن لا يعلم_ شيء قريب بالكبش، حظه قليل من الذكاء،وافر من القرنين وشعر اللحية..يتميز بالنزق،ودأبه نطح الأحجارو الصخور، التي ليس إلى تفتيتها من سبيلٍ،و كان منتشراً في بيئة الشاعر الصحراوية.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. المحكمة العليا الإسرائيلية تبدأ النظر في تجنيد -اليهود المتش


.. الشرطة الإسرائيلية تعتدي على اليهود الحريديم بعد خروجهم في ت




.. 86-Ali-Imran


.. 87-Ali-Imran




.. 93-Ali-Imran