الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


دراسة في مكونات المجتمع المدني وأدوارها في دولة المؤسسات, الحلقة الرابعة, -مجموعات المصالح الخاصة والعامة, مهامها ومعوقاتها, العراق نموذجا-

هيثم الحلي الحسيني

2013 / 10 / 5
المجتمع المدني


دراسة في مكونات المجتمع المدني وأدوارها في دولة المؤسسات,
العراق نموذجا

الحلقة الرابعة
مجموعات المصالح الخاصة والعامة, مهامها ومعوقاتها, العراق نموذجا

دهيثم الحلي الحسيني
باحث في الدراسات الإستراتيجية



نطاق الحلقة الدراسية وأهدافها
ستنصرف هذه الحلقة, الى التفصيل في كل من مجموعات المصالح الخاصة, ومجموعات المصالح العامة, والتي جرى تضمينها, في تصنيف مكونات المجتمع المدني, ومنظماته غير الحكومية, وذلك لغرض تبيان أهدافها ومهامها ومعوقات العمل فيها, وإرثها التأريخي المجتمعي والسياسي, خاصة على الساحة العراقية.
سابعا. مجموعات المصالح الخاصة.
وهي المنظمات المهنية والاتحادات والنقابات والجمعيات، التي تلتئم فيها شريحة معينة، ترتبط فيما بينها باهتمامات ومصالح مشتركة، ذات طبيعة اقتصادية أو اجتماعية أو مهنية، تحدد السياسات التي تدعوا إليها، وتدافع عنها، وتدعم الشرائح المنضوية تحت عنوانها, إضافة إلى أن بإمكانها, أن تتخذ مواقف عامة, من قضايا ذات اهتمام شعبي عام، قد تقع خارج المفردات التي تخصّها مباشرة.
ومن أمثلة هذه التنظيمات, الاتحادات المهنية مثل إتحادات الطلاب وإتحادات العمال وإتحاد الفلاحين وإتحاد الاقتصاديين أو إتحاد الحقوقيين, وبضمنها النقابات المشكلة لها, فضلا عن النقابات المهنية الأخرى, مثل نقابات "المحامين، الصحافيين, المعلمين, المهندسين، المهندسين الزراعين، الأطباء، أطباء الأسنان، الصيادلة, المهن الصحية، المحاسبين والمدققين، وغيرها"، التي تشكل رأس الهرم, في جماعات الضغط السياسي والاجتماعي والعام, فضلا عن التنظيمات الممثلة لشرائح واسعة في المجتمع, كالإتحادات الشبابية والنسوية.
تحضى هذه التشكيلات عادة، بحضور قديم في الساحة العراقية "السياسية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية"، وتتمتع بتقاليد مكتسبة, ودور تأريخي كبير, في تلك المجالات، كما أن هذه التشكيلات, تمتلك نهجا في العمل الديمقراطي, ضمن برامجها وقوانينها، مارسته خلال فترات ليست قليلة من تأريخها.
إن شروع النظام السابق، بتشريعات خطيرة, ألغى خلالها أكبر شريحة في تلك التنظيمات المهنية, وهي عمال القطاع العام أو الإشتراكي، والتي ربما قد وفّرت تلك التشريعات, مكاسب وظيفية شخصية لهم, لكنها حوّلت اتحاد نقابات العمال, إلى تشكيل هزيل, غير ذي شأن سياسيا واجتماعيا، نتيجة ضآلة دور القطاع الخاص في الإقتصاد العراقي, الذي بقي الممثل للطبقة العمالية العراقية, وبالتالي حجم وتأثير العمالة البشرية المحدود فيه, في الوقت الذي يرتبط سائر العمال, في مختلف دول العالم, بإتحادات عمالية تقليدية, أيا كانت عناوين وظائفهم في الدولة, وتضطلع بدور مجتمعي وسياسي كبير, كنموذج إتحاد الشغل في تونس, على المستوى العربي, وغيره على المستويات العالمية.
وقد جرت محاولات لإلغاء إتحاد الجمعيات الفلاحية, من خلال ربطه بأنشطة أخرى, مثل القطاع التعاوني, أدت الى إنحسار دوره المجتمعي والمهني, أسوة بإتحاد العمال, وعلى الرغم من السعي لإبقاء الصورة الديمقراطية, في السلوك الظاهري لهذه التشكيلات، مثل إبقائها على الانتخابات والمؤتمرات الدورية لهيئاتها العامة، غير أنها كانت تقترب شيئا فشيئا إلى الصورية, من خلال فرض الخيارات على قياداتها, غير أن هذه الإتحادات العريقة, استمرت قائمة بعناوينها, ومكاناتها المجتمعية الإعتبارية.
كما وإنّ زجّ التنظيمات الطلابية, بالعمل السياسي, كواجهة للأحزاب والكيانات السياسية الفاعلة, وكذلك إيجاد تنظيمات شبابية موازية للعمل الطلابي, التي قد تتشابك في أنشطتها وفعالياتها معها, وتسعى لإقحامها في الصراعات البينية, قد أضعفت الدور التأريخي لتلك التنظيمات الطلابية, وعموم الحركة الطلابية, لكنها قد حافظت وإن شكلاً, على تقاليدها المهنية التأريخية, وحضورها الإجتماعي, وبعضا من بنيتها التنظيمية, خاصة في منظمات الخارج.
الإرث التأريخي للحركات المجتمعية والمهنية العراقية
وفي الحقيقة أن بعض هذه التنظيمات النقابية والمجتمعية, قد سبقت في زمن تشكيلها, تلك الأحزاب والحركات السياسية, التي باتت تمثل واجهات مجتمعية لها, كالتنظيمات النسائية العراقية, التي تأسست في مطلع أربعينات القرن الماضي, وكان لها الحضور المجتمعي في الكثير من الأنشطة, وبضمنها السياسية والتشريعية, مثل تشريعات الأحوال المدنية وغيرها.
إضافة الى الحركة الطلابية العراقية, التي كانت في طليعة الأنشطة السياسية والمجتمعية, الفاعلة في الشارع العراقي, وقد سبقت تأسيس الأحزاب السياسية التقليدية, بل ساهمت في تأسيسها بفعالية, قبل أن تختزل الى كل من الإتحاد الطلابي العام, والإتحاد الوطني لطلبة العراق, والتي أدت أدوارها لاحقا, كواجهات مهنية, للأحزاب التي كانت تقود توجهاتها, وهي الحزب الشيوعي العراقي, وحزب البعث العربي الإشتراكي, اللذين تصدرا التيارين العقائديين والفكريين الرئيسين, في المجتمع والساحة السياسية, ممثلة في الإتجاه اليساري, والقومي العروبي الإشتراكي.
وعيه فهي من الدروس الرصينة, التي ينبغي على تنظيمات المجتمع المدني, الممثلة لهذه الشرائح المجتمعية والمهنية, أن تتلقفها في هذه المرحلة الفاصلة, لتكون تنظيمات مستقلة في قراراتها, وغير عقائدية في رؤاها, لتكون ممثلة لجميع المنتسبين للشرائح المجتمعية المنضوية تحت عناوينها, ومعبرة عن مصالحها وهمومها, ومستوعبة لتطلعاتها المستقبلية, لأن الفرز السياسيي والعقائدي, لهذه التنظيمات, سيفضي الى تفريعات وتشظية أفقية لها, وبالتالي إضعافها وعدم تمكينها من أداء مهامها.
واقع النقابات المهنية ومعوقاتها
وقد تكون النقابات المهنية الأخرى, والتي جرى ذكرها مثل "المحامين، الصحافيين, المعلمين, المهندسين، المهندسين الزراعين، الأطباء، أطباء الأسنان، الصيادلة, المهن الصحية، المحاسبين والمدققين، وغيرها", لا تختلف بواقعها, عن سواها من تنظيمات الإتحادات المهنية, التي جرى عرضها, لكنها بالتأكيد, تحضى بعراقة تأريخية, ومكانة إجتماعية وإعتبارية مرموقة, لم تتأثر بإنحسار أدوارها, بسبب التداعيات السياسية, أو صراعات المصالح المختلفة, مما جعلها تصمد في الحفاظ على وحدتها.
وقد جرت محاولات لإحداث تشكيلات موازية لها, لكنها انحسرت تدريجيا, لتبقى الأصول صامدة, خاصة في أداء أدوارها المهنية, في إنتظار تطور الظروف السياسية, ليكون لها الدور المأمول, إجتماعيا ورقابيا, خاصة تلك المتعلقة بالإعلام والعدالة والتنمية والخدمات, التي تنشط فيها هذه النقابات المهنية.
عليه فان المعالجات المطلوبة لهذه التشكيلات, تختلف عن سواها من مكونات المجتمع المدني، كونها قائمة بتشريعاتها وتقاليدها، فيتطلب فقط إجراء الإصلاحات المطلوبة في التشريع والممارسات، مع وضع آليات لضبط السلوك الديمقراطي فيها، وضمان المشاركة السليمة لها, في واقع العملية السياسية والدستورية, في الدولة العراقية, وإعادة النظر بالإجراءات الفورية السريعة التي اتخذت بشأنها, ومن ضمنها تشكيل القيادات المؤقتة لها, خلال المرحلة التي أعقبت سقوط النظام السابق، ليجري إعادة تشكيلها, وفق الأطر الديمقراطية الشرعية السليمة، كمثال التجربة الحالية لنقابات العمال.
ثامنا. مجموعات المصالح العامة.
وهي مكونات المجتمع المدني، التي تنشط في الاتجاه الاجتماعي العام، الذي يخص المجتمع ككل, وتشكّل هذه المجموعات, جزءا من جماعات الضغط السياسي، غير انه محدد مقارنة بالمجموعة الأولى، لكنه ذا دور اجتماعي وتنموي وحضاري كبير، وفي حالة ارتقائه إلى مستوى رفيع في الأداء، فانه سيشكل قاعدة معلوماتية واسعة, لمراكز القرار السياسي، فضلا أن أنشطتها ذات التوسع الأفقي, تكون ذا أثر ملحوظ في العملية السياسية الدستورية, وبالذات طرح الأسماء ذات الفرصة الأكبر, لتحضى بمقاعد ممثلي الشعب, في المجالس التشريعية والرقابية, النيابية أو المحلية.
إن هذه التشكيلات, ذات خبرة محدودة في الساحة العراقية، وحتى وان وجدت، فهي كانت مرتبطة بإحدى مؤسسات الدولة, وتعمل كإحدى تشكيلاتها، وضمن توجهلتها ورؤاها وإستراتيجياتها, وعليه لم يعرف الشارع العراقي, أي أثر سياسي أو إجتماعي عام لها، مما يتطلب تنشيط التشريع القانوني لهذه التشكيلات, ووضع آليات عمل كفوءة لها, لضبط النهج الديمقراطي في قراراتها واختياراتها، ولضمان سلامة تأثيرها العام, في السياسة والمجتمع(11).
ويمكن تحديد المكونات التالية لهذه المجموعات:
أ. منظمات البيئة وحماية البيئة, التي تدافع عن التوازن الطبيعي والمناخ والأراضي الخضراء أو الغابات والأحراش, والثروة المائية والمسطحات المائية, وسواها.
ب. منظمات الرفاه الاجتماعي والاتحادات التعاونية.
ج. منظمات حماية المستهلك.
د. منظمات الحد من الجريمة والوقاية منها, وحماية النظام العام وحصانة المجتمع, بما في ذلك دعم قوى الأمن الداخلي.
ه. منظمات الوقاية الصحية والصحة العامة والخدمات الطبية الخيرية.
و. المنظمات التي تدعوا إلى ثقافة مجتعية معينة, أو تدافع عن الحق المجتمعي العام, مثل منظمات (حقوق الإنسان، حقوق المرأة، حماية الطفل، رعاية الأسرة, الأمومة والطفولة).
إن قدرة منظمات المجتمع المدني, في الجمعيات والهيئات, الفاعلة ضمن هذه الأنشطة العامة, على تفعيل جهودها, ومخرجات أنشطتها, بشكل تشريعات نافذة, وقرارات وإستراتيجيات متبناة من قبل الدولة, تكون بحجم ما تمتلكه من كفاءات تخصصية وفاعلة, تمكنها من مسك ملفات حيوية ورصينة, متضمنة في مخرجاتها, مشاريع معللة وواعدة, تفرض على مؤسسات الدولة, ومجالسها المحلية ووحداتها الإدارية ودوائرها البلدية, التعامل معها, وتبني الشراكة معها, في تنفيذها وإقرارها, بغرض الإرتقاء بالتنمية ودعمها تشريعيا.

الهوامش:
11. هوارد سفيكوتا، الديمقراطية والسياسة والتعددية، المعهد العالمي للديمقراطية، واشنطن 2002، ص 26.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ميقاتي: نرفض أن يتحول لبنان إلى وطن بديل ونطالب بمعالجة ملف


.. شاهد: اشتباكات واعتقالات.. الشرطة تحتشد قرب مخيم احتجاج مؤيد




.. رغم أوامر الفض والاعتقالات.. اتساع رقعة احتجاجات الجامعات ال


.. بريطانيا تبدأ احتجاز المهاجرين تمهيداً لترحيلهم إلى رواندا




.. جولة لموظفي الأونروا داخل إحدى المدارس المدمرة في غزة