الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مسيرة المسجد الحسيني– خليط التعاطف المذهبي و تجاوز الدولة كمفهوم.

نضال الربضي

2013 / 10 / 6
المجتمع المدني


مسيرة المسجد الحسيني– خليط التعاطف المذهبي و تجاوز الدولة كمفهوم.

الجامع الحسيني معلم ٌ بهيج من معالم عمان فما زالت ساحته تنجح في دغدغة مشاعر الحنين إلى بيتنا القديم في المصدار و الأشرفية كلما مررت به، و أمنحه ابتسامة ً قلبية كلما مررت به شاهدا ً على عز هذه الدولة الصغيرة التي شاءت إرادة الخالق الحبيب المُحب أن يجمع في جنباته أردنين من كل الأصول و المنابت، و إخوة ً لاجئين من العراق و سوريا، و طُلاب رزق ٍ من المصرين هذا الشعب الذي دولته ما زالت أهم دولة في حفظ استقرار ما تبقى من الدول العربية و التي تذهب تباعا ً بأسلوب "التدمير الذاتي" و هو زر يظهر في أفلام الaction الأمريكية بينما يتجلى في الواقع على شكل ثورات شعوب تطلب الحرية و الحياة فتسرع نحو الموت ركضا ً و هرولة ً و سعيا ً غير مشكور.

باتت ساحة هذا المكان المقدس مكانا ً ليتختطف منه فصيل سياسي قدسيته و حرمته فيفرض على الناس موقفه السياسي من قضية و شأن داخلي لبلد آخر يعاني فيه هذا التنظيم مشكلة ً يريد نقلها إلى الأردن بأي ثمن، و كل هذا باسم حرية الرأي و حق الاختلاف المكفول دستوريا ً.

بهذا الحق الدستوري هتف شباب الإخوان في ساحة المسجد الخارجية و باللهجة المصرية "خيبر خيبر يا ليبرالي، جيش محمد راجع تاني"، تاني؟ يا تُرى كيف يلفظ ابن إربد أو الكرك أو معان أو الطفيلة أو عمان لفظة "تاني" بعدما يتصل مع أبيه ليخبره "يابا أنا قاعد بتظاهر هسا"، يابا و هسا و هما كلمتان محببتان لدي لأنني إبن هذا البلد أرى أنهما لا يتناسبان مع تاني، و أنا متأكد أنهما لا يتناسبان مع لبيرالي، لأني على يقين أيضا ً أن كثيرين ممن رددوا هذه الكلمة لا يعرفون معناها أصلا ً و يخلطون بين كلمة ليبرالي و كلمتي "ملحد إباحي"، و لست هنا بصدد مناقشة الإلحاد و لا الإباحية فالأول شئ لا علاقة له بالثاني و كليهما لا علاقة لهما بالليبرالية أبدا ً.

الليبرالية ليست دينا ً يا سادة، هي نهج و شروط عقد اجتماعي بين الدولة و المواطن تضمن أن يقف الجميع على قدم المساواة فتعترف الدولة للجميع بنفس الجوهر البشري و الكرامة الإنسانية فيقف الكل على نفس المنصة و تصان حقوق الحياة و حرية الرأي و المعتقد للجميع دون تفريق.

هذا الهتاف الأول خطير، فشباب الإخوان يحلمون و يعلنون حلمهم بتشكيل جيش إسلامي موازي لجيش الدولة له قواعده التي يريدون أن يقيموها بأنفسهم باستدعاء غزوة خيبر فيجعلون منها مُبتدأ ً للصدام مع الدولة، أي دولة أعني؟ الجواب: أي دولة يكونون فيها، فليبرالي الأردن أو ليبرالي مصر أو ليبرالي الواق واق هو ليبرالي و "جيش محمد" مكلف بمحاسبته و القصاص منه على ليبراليتيه. أعتقد أن فيما قدمته ما يكفي لكل ذي لب ٌّ ليفهم المرحلة التي نعيشها و التي يُظهرها هذا الخطاب.

الهتاف الثاني أخطر جدا ً فهو يقول "راجع راجع يا إسلام حاكم حاكم يا إسلام"، راجع؟ و هل قد مضى الإسلام! هذه الجماعة لا ترى في هذا البلد بلدا ً مسلما ً أصلا ً و تتجاهل أن المادة الأولى من الدستور تنص و بصريح العبارة على أن دين الدولة هو الإسلام و أن 97% من الأردنين هم مسلمون سنة على نفس دين و مذهب الجماعة، و أن المساجد و دور تحفيظ القرآن و الجمعيات الإسلامية تملأ الأردن و تقدم لها الحكومة التسهيلات و هناك وزارة خاصة للمقدسات و الشؤون الإسلامية يرأسها شيخ ٌ من بيت القضاة من مدينتي الحبيبة عجلون، رجل ٌ ما ظهر َ في موقف إلا و قُلنا: نـِعم َ الرجل و نِعم َ الموقف!

هذا الهتاف هو اعتراف بتبني الجماعة لنسخة مخففة (إلى حين) من فكر سيد قطب و هي التي ترى في نفسها الفئة الناجية و أن الإسلام غائب و الجهاد مُغيب و أن الصدام هو الطريقة الوحيدة لعودة الإسلام.

موقف الحزب السياسي الإخواني ينتقل بين خانتي السياسة و الدين بمرونة و انتقائية تعكس عدم اعتراف بالدولة كدولة جغرافية لمصلحة الرغبة في وحدة دينية بين طرفي الحزب هنا و هناك و تمهيدا ً لوحدة بين جميع أطراف الحزب في أي دولة يتواجد بها من أجل أقامة خلافة إسلامية يعتبرونها إحياء ً لصحيح الدين. ليس هنا موضع النقاش في موضوع الخلافة فهذا حديث طويل، يتأرجح بين أحلام الوحدة و عوائق الاستحالة الواقعية مع غياب الخطة المنهجية التي تجمع أطراف التنفيذ على قلب ٍ واحد في زمن التعدد الفكري و الاجتماعي و الثقافي.

المشهد المصري أدى إلى اشتداد الاستقطابات الفكرية نحو الأطراف مع غياب شبه كامل لنقاط الالتقاء قبل سخونة المشهد، و هذا لا بأس به فالطبيعة لها قوانينها و هذا هو قانونها يرتسم أمام الجميع: التعدد.
أن الأمور بخير طالما لا يحمل أي طرف سلاحا ً ضد الدولة أو يضرب أو يحرق أو يدمر أو يخطط لقلب نظام حكم أو يجر البلد إلى انفراط السلم المجتمعي و الأمن، لكن حتى متى سيظل الإخوان يمارسون هذه التقية السياسية في الأردن و هل يحتملها الأردن أصلا ً؟

ستظل أغلبية الأردنين و المصرين تختلف مع الحزب الإخواني اختلاف فطرة إنسانية و ستظل هتافات الحزب نفسها هي عدو الحزب الأول و سبب رفضه من المجتمع، لأنها ترسل لنا رسالة واضحة و بسيطة: "الإخوان لا يعيشون معنا على نفس الكوكب".

(تعقيبا ً على مسيرة الإخوان بيوم 16 أغسطس 2013)








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. شهيدان بينهما موظف أونروا جراء قصف إسرائيلي قرب مخزن مساعدات


.. رئيس الحكومة البريطانية كير ستارمر ينهي خطة ترحيل اللاجئين ?




.. شاهد| نقل نساء وأطفال أصيبوا في قصف إحدى مدارس الأونروا وسط


.. صعود اليمين في الانتخابات العامة يثير قلق المهاجرين في فرنسا




.. عبور الصحراء أخطر على المهاجرين من عبور البحر