الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مواطن المستقبل

باتريك خليل

2013 / 10 / 6
المجتمع المدني


الطفل دائماً رمز للبراءة و النقاء. فما أجمل التأثير السحرى الذى يمتلكه الاطفال علينا. فيكفى من طفل إبتسامة لتغير يومك بأكمله و ترهف قلبك ليمتلىء باجمل الأحاسيس الإنسانية. و يلين القلب للطفل غريباً كان أو قريب، فإذا رأينا طفل يوشك على خطر أو يتعرض له، إندفعنا لحمايته مسوقين بقوة داخلية دون أدنى تفكير. فهذه طبيعتنا التطورية و تأثير ذكرى البراءة التى نفتقدها فى حياتنا.

و أطفال اليوم هم من سيحملوننا فى شيخوختنا مستقبلاً. فأياً كان ما نفعل بهم أو يحدث لهم سوف يكون ذى نتيجة علينا و على أولادنا غداً. و أخطر من الضرر الجسدى على الأطفال الضرر العقلى و العاطفى. فبذرة ما يحدث فى وطننا اليوم سوف تنبت لنراه واضحاً بعيوبها و سماتها.

و ما أخطر الذى يحدث للطفل اليوم؟ إن الباغى يجند ما لديه من أطفال خدمة لأغراضه و مصالحه الشخصية. فيخرج الطفل حاملاً كفنه و يجوب الشوارع لكتابة عبارات الكراهية على الحوائط و يحمل مكبر الصوت هاتفاً فى المظاهرات بموت عدوه. فبعدما كان يسبح عقل الأطفال فى الخيال أصبح محملاً بافكار العداء و صور الجفاء و تعلم الرياء. و بعدما كان شغلهم الشاغل لعبهم الذى ينمى بدنهم و عقلهم، صاروا يعملون بالسياسة و يعادىون زملاءهم بسببها و اضحوا يتغنىون بدعايا الفصائل السياسية.

و يتفاقم القلق فى أغوار الطفل ليشب وسط شعور بأن هناك من يستهدف حياته. و فى خضم ما تطعمه به عائلته من معلومات خاطئة و أفكار مملوئة بالكراهية، يفقد الطفل موضوعية التفكير و يصبح آلة يتحكم فيها من يبرمجها أو دابة لجامها هو عقلها. أما إذا لم يجد من يتحكم فيه، كبر ساخطاً على مجتمعه كارها لمن حوله ملقياً لوم ما قد يؤلمه على صحبه و أهله.



فيسهل فى ذلك الحين تفتيت المجتمع لأى غرض يكون. فمواطن المستقبل سهل التلاعب به بعد تربية كان عمدها التحزب و التفكير المتقيد إما بتقاليد أو شرائع أو تشريعات مبنية على جهل. و التحزب يمتد ليشمل كل جوانب الحياة و يتوغل فى كل أركان المجتمع. فعندها يسهل للمدير الجشع التلاعب بعقل من تحته من موظفين و ييسر لرجل الدين المتربح غسيل عقل متبعيه كما يحلو له. و إذا أردنا الصراحة مع أنفسنا فيجب علينا أن نعترف أن مواطن اليوم هو قريب جداً من هذا النموذج إن لم يكن عليه، و لكن سوف يكون مسخ هذا المواطن أقبح و أكثر تخلف. فاليوم نرى التذبذب العجيب الذى يحدث للناس حيث يتنقل من حب القضاء لكرهه و من كره العسكر لحبهم و من حب الأزهر لكرهه و من حب الإخوان لكرههم و هكذا و هكذا.....

و المشكلة ليست فى تغيير الرأى، فالثابت على رأيه إما إله أو أبله. و لكن المشكلة فى عقلية قطيع الخرفان؛ فالفرد فى القطيع ينساق بحركة الجماعة أو المجتمع دون أدنى تفكير فى سلامة الحركة مع الأخذ فى الإعتبار التاريخ و العلم، و الخروف يبحث دائماً عن راعٍ غير مدرك أن مصيره هو الذبح، فيقدس الراعى و يضعه فوق أعلى منصة و إذا إستُبدل الراعى لأى سبب كان قدس الخروف راعيه الجديد بنفس التعلق غير المتعقل.

فكل يوم يمر يخرج لنا فرداً جديداً مستعد لتتبع من يمسك لجامه. و إن لم تتحول منظومة التعليم من التلقين للحث على الإبداع و الإستقلال، صار الشعب بأكمله تروس موجودة يرصها المستعمر-خارجى أو داخلى- كما يحلو له و يناسبه. و يجب على الحكام نشر صحيح العلم و المعلومات و سن القوانين العادلة القامعة للكراهية و المانعة للمتلاعِب أو المتلاعَب به من بغيهم. فلا وقت و لا مكان للتروى و لا تنهض الشعوب باتساهل مع عيوبها حتى لو كان تساهلاً وقتياً.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. المغرب يفتح بحثاً قضائياً للتحقيق في تعرض مواطنين للاحتجاز و


.. بريطانيا تحطم الرقم القياسي في عدد المهاجرين غير النظاميين م




.. #أخبار_الصباح | مبادرة لتوزيع الخبز مجانا على النازحين في رف


.. تونس.. مؤتمر لمنظمات مدنية في الذكرى 47 لتأسيس رابطة حقوق ال




.. اعتقالات واغتيالات واعتداءات جنسية.. صحفيو السودان بين -الجي