الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


العربي وعقدة التعايش المدني

مثنى كاظم صادق

2013 / 10 / 10
المجتمع المدني


العربي وعقدة التعايش المدني
مثنى كاظم صادق
لم يتخلص العربي المنعزل في الصحراء ، الذي لا يرى في الأعم الأغلب سوى أفراد قبيلته ، وأبناء عمومته ، أقول لم يتخلص من عقدة عدم القدرة على التعايش المدني مع الآخر؛ مما جعله ذلك يشطب على الآخر المختلف عنه قومياً أو دينياً أو لونياً ، على الرغم من النصوص الإسلامية الصريحة التي نصت صراحةً على التعايش المدني مع الآخر!! وقد تعززت سياسياً هذه الإشكالية بدخول القوميات الأخرى تحت مظلة الدين الجديد ؛ لدرجة أن الدولة عملت على عدهم مواطنين من الدرجة الثانية وهنا يكمن السؤال لماذا عمد العربي الذي يحمل عقدة التعايش المدني إلى نشر دينه في بلدان تختلف عنه قومياً ؟! أزعم أن العربي كان قد وقع في حيرة نفسية داخلية وقتذاك لم يستطع التخلص منها حتى اليوم فهو يجابه في تعبده قول الله تعالى : -;- يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ -;- الحجرات / 13 وقول الرسول (ص) : ( لا فضل لعربي على أعجمي إلا بالتقوى ) وسواها من النصوص الكثيرة التي يبدو أن البعض قد غض طرفه عليها وانتصرت عقدته الداخلية على النص المقدس ، ولعل ثورة الزنج التي حدثت في البصرة إبان العصر العباسي ، تمثل ثورة حرية ضد عقدة التعايش لدى العربي ، لكن هذه الثورة طمطمت بدهاء سياسي كبير وما هجاء بعض الشعراء للعرب إلا نتيجة طبيعة وحتمية لسوء معاملة العرب للقوميات الأخرى التي طالبت بالمساواة فأطلقت على نفسها ( أهل التسوية ) مما أدى بسلطة الخلافة وإعلامها مجابهتهم بلقب ( الشعوبية ) الذي شاع وانتشر حتى أصبح مسوغاً وتهمة جاهزة لتصفية الخصوم السياسيين ، ولم يكن أمام أهل التسوية من هؤلاء ، سوى طلب العلم والمعرفة والصناعة ، حتى برعوا فيها فارتفع كعبهم ، وسطع نجمهم حتى أن أول كتاب ألف في قواعد اللغة العربية كان على يد عالم غير عربي وهو سيبويه !! فقد جاء به أهله إلى الكتاتيب وفي يوم ما ارتكب خطأ إملائياً بسيطاً ؛ مما جعل معلمه ( العربي ) يوبخه توبيخاً ( قومياً ) إذ قال له : ( يا فارسي أما تحسن الكتابة ) ويبدو أن نغمة التوبيخ ، كان فيها غمز ولمز وانتقاص ؛ مما جعل ردة فعل سيبويه عنيفة ، فكسر القرطاس وقال له : ( والله لأطلبن علماً تحسدني العرب عليه ) بعد ذلك أصبح سيبويه الفارسي إمام النحو العربي ، حتى أطلق على كتابه ( الكتاب ) تسمية البحر ؛ لعمق ما فيه حتى قال في حقه المبرد ( من أراد أن يؤلف كتاباً بعد سيبويه في النحو فليستحِ ) ومن العجيب أن تستمر هذه الظاهرة لحد الآن ، ولاسيما بعدما انحسر المد القومي ونحن نعيش القرية الصغيرة من خلال التوسع التكنلوجي الواسع ، فمازال البعض مع الأسف يحمل عقلية ذلك المعلم الذي غمز سيبويه بقوميته التي هي جعل رباني أصلاً !!.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. عرس جماعي بين خيام النازحين في خان يونس


.. العربية ويكند | الشباب وتحدي -وظيفة مابعد التخرج-.. وسبل حما




.. الإعلام العبري يتناول مفاوضات تبادل الأسرى وقرار تركيا بقطع


.. تونس: إجلاء مئات المهاجرين و-ترحيلهم إلى الحدود الجزائرية- و




.. ما آخر التطورات بملف التفاوض على صفقة تبادل الأسرى ووقف إطلا