الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


علة العرب النفسدينية و قضية القُبلة

شوكت جميل

2013 / 10 / 10
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


هذا المقال لروح"القُبْلة"التي أختطفاها قاصران بالمغرب،و من ثم كان الإعتقال لما جنت شفتاهما..و يا لها من قٌبْلة،علم بها الحادي و البادي،و سارت بها الركبان، فذاع صيتها من الخليج الى المحيط،..و طبقت شهرتها الأفاق..و لم تلبث أن طارت بها الأخبار حول الكرة الأرضية،و تناقلتها وسائل الأعلام الدولية "كاللموند الفرنسية"،فكادت تكون ثاني أشهر قبلة بعد قبلة "يهوذا"و قد قامت الدنيا فلم تقعد من أجلها....فحمدت الله كثيراً وقد شاهدت أخيراً تحقق حلم القومية و الوحدة ؛فما أن تُخْتلس قبلةٌ في المغرب حتى يُسْمع صوتها في مصر ،و تئن لها الأحشاء في دمشق،... و أقول "لعلي الجارم " و من ذهب مذهبه في مسألة القومية:نم و قر عيناً و أسْعد في مرقدك،فقد تحقق أسمى أمانيك بعد طول إنتظار،بل و أكثر؛ ألست القائل؟:
تذوب حشاشات العواصم حسرةً ** إذا دميت من كف بغداد إصبعُ
و لو صدعت في سفح لبنان صخرةٌ*** لدك ذرى الأهرام هذا التصدع!
و لو بردى أنت لخطبٍ مياهه***** لسالت بوادي النيل للنيل أدمع!
و لو مس رضوى عاصف الريح مرة*****لباتت لها أكبادنا تتقطع
أولئك أبناء العروبة ما لهم***عن الفضل منأي أو عن المجد منزع!!
...............
وجب التنبيه بأن المقال ليس به ما يَسر؛فلم أعزم على كتابة هذا المقال تندراً و تفكهاً..كما قد تشي مقدمته..فأنت و شأنك إذن في إستكمال المقال من عدمه..

أعتقد أنه شيء يدعو للأسف،أن نرى طائفةً من الشباب و" الشيوخ"أيضاً ،وقد أَُختزل وعيهم علاقة الرجل بالمرأة في العلاقة البيولوجية،ويكرسون كل طاقاتهم،أو تسعة أعشارها فيما أظن،للتمييز بينهما،و إقامة الحواجز و المتاريس و السدود،وقد أختصروا كل مفاسد الدنيا في هذة الناحية،فيبات "حديثٌ عابرٌ" بين فتاة و فتى جالباً للعار و الشنار، و تبات "قَبَلةًٌ عابرة" نذير البشرية بالدمار،و التي يخاف معها سخط الله..فيمطر الأرض بالكبريت و النار،و أتذكر هنا قصة الشاب طالب الهندسة في مدينة "السويس"الذي قتل طعناً لا لشيءٍ سوى سيره و حديثه مع خطيبته في الطريق العام .

ويَتَوهم هؤلاء_ أو يُوهِمون _أن الفصل المطلق بين الجنسين هو الخير الأسمى،اذ أن أختلاطهم ولو أختلاطاً بريئاً، لهو المفسدة الكبرى،وإن شئت الحق، هم لا يرون سبيلاً
لأن يكون هذا الإختلاط بريئاً قط، إذ أن النساء لسن أكثر من غرضٍ جنسي ومصدرٍ للغواية، أما الرجال فليسوا أكثر من حصنٍ معلوفةٍ سائبة،كلٌ يصهل على أنثاه وأنثى صاحبه،و ينبغي عليهم ،و الحال كذلك،أن يُلْجموا هذه الحصن الصاهلة الفاجرة ،و أن يسدلوا السُّتر على مصدر الغواية تلك فلا يبين منها شيئاً،وهم يحسبون أنهم يوصدون بذلك باباً يربض خلفه الشيطان، وانهم يؤدون لله والدين خيراً ما بعده خير،و لو أهرقوا في سبيله دم الأبرياء،ونشاهد كيف يقتلون الناس لاشياءٍ نراها ويراها جُل البشر،من المتدينين وغير المتدينين،اشياءاً لا غبار عليها ولا بأس بها،ثم هؤلاء بعد ذلك كله ،لا يرون شيئاً آخر من الشرور أو كادوا؛فلا يحفلون بسرقه أموالهم..ولا قهر حريتهم ولا جلد ظهورهم..ألخ،أقول لا يرون ذلك كله أو يغضون الطرف عنه؛فكأنما يرون الدنيا ـ على إتساعها_من ثقب إبره!

و في تقديري أن هذة الحالة، لا يمكن فهمها و تعليلها كلياً من أرض النص الديني "المقدس"كنتيجة شرطية مباشرة لنصوص "جزئية"بمتونه، تخص ملبس النساء،و تحدد كيفية تعامل الجنسين معاً،و لا يمكن تفسيرها بعلة الإلتزام الديني وحدها أو حتى التزمت و التطرف في قراءة هذه النصوص و فهمها؛لأن ما يحدث أكبر من ذلك بكثير_كما سنرى_ و إن كان الدين لا يفارقها أبداً؛وذاك لأن تلك العلل تتجاوز هذه النصوص "القليلة"إلى علل تتعلق بهذا الدين أو ذاك.. في رؤيتة الإجتماعية الشاملة،و وإسلوبه الكامل في الحياة_نصاً أو قراءةً_فيفرز لنا ذلك النمط المشوة ،و تلك الحالة المرضية.

هناك أرضٌ أخرى يجب أن نقف عليها ،فيما أظن، لنفهم لماذا يتصرف هؤلاء على هذا النحو فهماً أكثر وضوحاً، و أعتقد أنها أرض" العلل النفسية والهوس"فقد يفسر لنا ذلك الكثير من سلوكهم،وأن هناك أسباباً تدفعهم لما يفعلون دفعاً ،يحسون بها،ولا يدركون كنهها ولا واعيين لها،وأن المجتمع الذي يعيشون فيه،ولإسبابٍ موضوعية،بات مفرخةً للمعتوهين و ربما للقتلة و السفاحين....

نعلم، من مباديء علم النفس التحليلي،أن هناك طاقاتٍ نفسيةٍ للفرد، و لنسمها طاقات الرغبات او الغرائز الأساسية،و يمكننا أن نردها جميعاً الى غريزةٍ أساسيةٍ هي "حب البقاء"كفرد و نوع(vital continuity)..و هي كما نلاحظ ليست حمىً خاصاً بالإنسان؛فهو فيها كغيره مما يَدُب على ظهر الإرض،و يصح أن نفترعها هذه الغريزة الأم إلى فرعين:الحفاظ على نفسه كفرد (self preservation) ....و تكرار نفسه (self propagation) بمعنى "التكاثر" للحفاظ على النوع؛ و على قدر تقدم الأنسان في الزمن،على قدر ما أتصلت به أسباب التمدن و الحضارة ويسر الحياة والرفاهية،و على قدر تلك الرفاهية،كان الفائض يزداد من الطاقة المكال لها الحفاظ على النفس"الفرد"،تلك التي كان يستنفذها الإنسان البدائي للحفاظ على نفسه،في جهده العنيف لتوفير مأكله و مشربه و ملبسه،و رد هجمات الضواري الكاسرة عنه،و مصارعة قوى الطبيعة التي تحاول أن تسلبه حياته،فكان من الطبيعي أن ينتقل هذا الفائض إلى القناة الأخرى"التكاثر"،و لعل هذا يفسر النشاط الجنسي الزائد للإنسان عن باقي الكائنات،و الذي قلما تلجأ للجنس في غير غرض التكاثر،على أن هذا الفائض لا يستنفذ كله في النشاط الجنسي،فنشاطات الإنسان في هذه الناحية غير مطلقة على أعنتها، إذ يقيدها الدين و الأعراف و المجتمع و القوانين و أسلوب التربية و حتى الضمير.

إذن هناك قدراً من هذه الطاقات الغريزية البدائية يكبت لسبب أو للآخر_لخيرٍ أو لشر_يحدث هذا في كل المجتمعات "شرقاً و غرباً"،إنما تختلف فقط درجة كبتها،و لنا أن نفترض أنه من الحصافة إيجاد مخرجاً و متنفساً لمثل هذ الطاقة "النفسية المكبوتة"،كسيرتنا مع الطاقة"الفيزيائية"و إلّا حدث ما لا تحمد عقباه..و ساء مآله،و حبذا لو كان هذا المخرج في صورة نافعة بناءة غير مهدرة،من وجهة نظر المجتمع على الأقل..و يُصُور البعض هذه"الطاقة المكبوتة"كالبخار المتزايد في مراجل القطار_ليس الآن_و هي الدافع الرئيسي لقطار التقدم الأنساني بمجمله،و سيما لو وجدنا الآلية الناجعة، و في إعتقادي أننا لو عدمنا هذة الآلية،باتت هذه الطاقة مدمرةً للمجتمعات كيفما كانت هذه المجتمعات؛هدراً من ناحية و مرضاً من الناحية الأخرى،هدراً في المجتمعات المتحررة الأقرب إلى الإباحية،و مرضاً في المجتمعات المتزمتة الأقرب إلى القهر.... فما هذه الآلية؟

نفهم ان "التسامي"أو الإسماء(sublimation)ألية ناجعة،لتحويل جزء لا بأس به من هذة الطاقة في مسار أخرغير أهدافها الغريزية البدائية و في أنشطة إنسانية أكثر تطوراً،فنراها تستنفذ في الفنون كالرسم أو النحت مثلاً او الموسيقى أو النشاط الذهني في العلوم كالرياضيات الفيزياء،و في الابتكار والابداع بصفة عامة،ولا ننسى الرياضة البدنية أيضاً...وجلياً أن جميعها قوى بانية للمجتمع و الحضارات،فإذا نحن أغلقنا كل هذة المسارات نحو أسماء هذة الطاقة؛لم تجد امامها بديلاً إلَّا نكوصها إلى أهدافها الغريزية الأولية،بصورة مكشوفة أو تحت قناع،وفي الطرف الآخر قد نصاب بالعلل النفسية...ما أقوله، إذا أخذنا فرداً ما ،في مجتمع مغلق،يمارس الكبت والقهر غير السوي على أفراده,مغلقاً في وجوههم كل القنوات الشرعية وغير الشرعية نحو تنفيس هذة الطاقة لبناء هذا المجتمع نفسه، وكان فيه معظم "الفن" حراما،"فالرسم و النحت "شرك..و"الفكر والإبتكار" بدعة، و"التفكير و إعمال العقل" ذندقة.."والموسيقي" مزمار الشيطان،و"الادب" لغوا لا خير فيه،و"الشعر" غواية ...فمن الطبيعي أن لا يكون هذا الفرد طبيعياً و سوياً..أليس كذلك؟

إذ لا تجد الطاقة داخل هذا الفرد إلًّا ان تعود الى بداءتها، ويحدثنا علم النفس أيضاً،كيف أن الطاقة الغريزية تتجلى فى طريقين،كل منهما نقيض الأخر ظاهرياً،ولكنه يعبر عن نفس الطاقة الغريزية،فمثلاً الميل لإستعراض "المفاتن"،هي بالأصل غريزة بيولوجية في الإنسان كما في كثير من الكائنات الاخرى و هدفها التكاثر و الحفاظ على النوع، فيها تعرض الأنثى مثلاً،جزءا من مفاتنها لجذب الذكر أو العكس في بعض الكائنات،،و إذا لم يتم أسماء جزء كاف من الطاقة الكامنة ورائها ،تظهر في صورتين :إما الخلاعة المفرطة، واما الحشمة المتزمتة؟_حسب طبيعة المجتمع و درجة كبته_ وربما الى درجة الهوس في كل منهما،إذن علم النفس لا يري في التزمت الشديد والحشمة أية فضيلة،بل يراه هوسأ جنسياً مكبوتاً كحيلة نفسية دفاعية،يحدث من قبيل خداع النفس في اللاوعي للفرد نفسه،و آلية حدوث ذلك في المرأة مثلاً كالأتي:تحس المرأة بميل للإستعرض الغريزي لبعض مفاتنها كما علمتها الطبيعة...لكن المجتمع لا يوافق و ينكر عليها رغبتها تلك إنكاراً تاماً..ولحل هذا النزاع ،يجري هذا الحديث "داخلها":هذا فكرة غير محتملة..و لا يقبلها المجتمع؛إذن أنا لا أرغب في ذلك ،بل أنا على العكس تماماً..أنظروا إلى ملابسي المتزمتة فهي خير دليل!،و واضح في هذه الحالة أن ليس على أحد أو المجتمع أن يطلب منها أو يفرض صراحة هذا الزي المتزمت،بل تقوم هي طواعية بقهر ذاتها متوهمة إنها إرادته الحرة!أي أن المجتمع في النهاية يقهرها قهراً غير مباشراً،و ما أكثر تلك الحالات في مجتمعنا..هذا بالطبع فضلاً عن الحالات التي يمارس فيها القهر المباشر "الواعية به" من الأقارب الذكور وهو الاهون في تقديري لأنه ينتفي بزوال القاهر الفرد،أما الأول فلن يزول إلِّا بزوال فكر كامل لمجتمع قاهر في مجمله...وهنا يكون لزاماً أن نتحرش بالدين مكرهين،ليس في بعض النصوص هنا أو هناك تخص االملبس أو غيره فحسب ؛بل في نظرته الشاملة للحياة و الفنون، الفكر....ألخ

و عموماً نعرف أن التمييز الشديد بين الجنسين،ومحاولة الفصل بينهما او العدوانية الزائدة أوالهوس الديني على إختلاف مشاربه،لم يكن إلًّا نتيجة لمثل هذة الطاقات المهدرة والمكبوتة،والتي لم تجد مساراً لتتسامي ،وأعتقد أنه قَّلما تجد عالماً فذاً أو رياضياً او مفكراً كبيراً،يتصرف كما يتصرف هؤلاء،.. لأنه قد وجد المسار الطبيعي لطاقته.
بيت القصيد
و حقيقة الأمر أن حتى قبل ظهور ما يعرف بالتحليل النفسي و مدارسه،والذي أتحفظ ،كغيري،على كثيرٍ مما فيه ،فقد عرف القدماء هذه الحقيقة ببصيرتهم النافذة،فقال أفلاطون:(علموا أولادكم الفنون...ثم اغلقوا السجون).....و إزاء حالتنا الراهنة نقول نحن:(أعطني فقهاء و حاخامات و دين..أعطيكم شعب من المرضى و المجانين و المجرمين).








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. قتيل وجرحى في انهيار مبنى بمدينة إسطنبول التركية


.. مبادرة شابة فلسطينية لتعليم أطفال غزة في مدرسة متنقلة




.. ماذا بعد وصول مسيرات حزب الله إلى نهاريا في إسرائيل؟


.. بمشاركة نائب فرنسي.. مظاهرة حاشدة في مرسيليا الفرنسية نصرة ل




.. الدكتور خليل العناني: بايدن يعاني وما يحركه هي الحسابات الان