الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الهلال الأحمر في كوباني مهدد بفقدان مقره و ممارسة عمله في خيمة بالعراء

إدريس نعسان

2013 / 10 / 11
المجتمع المدني


تعتبر شعبة الهلال الأحمر في كوباني من أنشط المنظمات الإنسانية العاملة في المنطقة، إلى جانب تقديم مواد الإغاثة (الغذائية و الطبية) التي تشكل صلب عملها، فإنها تقيم دورات متنوعة مثل دورات في الإسعافات الأولية و كيفية الوقاية من الأمراض و الدعم النفسي و مبادئ الجراحة و التأهب أو الاستجابة للكوارث الطبيعية و غير الطبيعية، إضافة إلى ورش عمل حول كيفية استخدام الحاسوب و المحادثات باللغات الأجنبية و العزف على الآلات الموسيقية و غيرها.
كل ذلك يتم في شقة أرضية مساحتها حوالي 100 م2، و تقسم إلى غرف ثلاث، واحدة على اليمين تجمع بين الشباب المتطوعين و العيادة النسائية و القلبية، و ثانية على اليسار و هي العيادة السنية و الصيدلية اللتين يفصلهما ستار قماشي فقط، و الثالثة على الجهة الجنوبية و هي عيادة للأمراض الداخلية و الأطفال، و في الوسط صالة متوسطة المساحة تستخدم لانتظار المرضى و المراجعين و كقاعة تدريب لدوراتهم المختلفة.

المقر معتم و ظروفه الصحية رديئة و ليس لدينا آليات خاصة

خلال زيارتنا لها أحسسنا برائحة مزعجة و رطوبة عالية، و سادت العتمة في اللحظة التي انقطع التيار الكهربائي فيها، فأدركنا أنهم لا يستطيعون العمل لحظة دون تشغيل المولدة الكهربائية، لأن الشقة خالية تماماً من أي منفذ (سوى الباب) و لا شباك أو فتحة يمكن للشمس أن ترسل أشعتها عبرها و للهواء أن ينعش جوها قليلاً، و رغم ذلك تهجم عليهم مالكها و طلب منهم إخلاءها أو الإذعان لأجرته الجديدة العالية التي تضاعفت مرتين أو ثلاثة مع توافد المواطنين من المناطق السورية المنكوبة.
ألتفت إلينا رئيس لجنة الشؤون الاجتماعية محي الدين مصطفى و هي اللجنة التي تشرف على نشاطات الشعبة الاجتماعية كتوزيع المعونات و المسح الاجتماعي و حملات التبرعات، و قال بحسرة كادت أن تقتل الكلمات في وأدها "نسعى بكل طاقتنا إلى توفير الغذاء و الدواء و كل ما باستطاعتنا لمواطني المنطقة فيأتي أحدهم و يهاجمنا و يشتمنا لأننا لا نوافقه على ابتزازنا برفع الأجرة! أنظروا حولكم هل هذه الظروف صحية لممارسة الطب؟"
توقف برهة، و كأنه أراد لتلك الحسرة أن تهدأ، ثم أضاف " المبلغ الذي أرتهنا بموجبه هذه الشقة أقرضناه من أحد الناس و لا نستطيع إيفاءه حتى هذه اللحظة، ناهيك عن المصاريف التي زادت أضعافاً بسبب الغلاء و صعوبة وصول المساعدات من فرع حلب لمنظمة الهلال الأحمر العربي السوري بسبب سوء الأحوال الأمنية، و الغياب التام للتبرعات لكننا لن نتوقف عن العطاء أبداً!"
نظر إلينا هنيهة قبل أن يطلق العنان لكلماته مجدداً "ليست لدينا سيارات إسعاف أو أية آليات خاصة للشحن و للنقل و اعتمادنا كلي على الأجرة، حتى قطعة الأرض التي نمتلكها بجانب الفرن الآلي لا نستطيع بناء مقر خاص فيها، فالسيولة غائبة تماماً و الإمكانيات المادية معدومة."

ظروف المعيشة السيئة و هجرة الشباب وراء نقص أعداد المتطوعين

رفع رئيس لجنة المتطوعين الشباب و مدير المستوصف عادل محمد عينيه المنشغلتين بحاسوب محمول أمامه، و أخذ يشرح " كان لدينا حوالي 300 متطوع من الشبان و الفتيات، لكن سوء المعيشة و البطالة المتفشية في ظل الثورة أجبرت معظم الذكور على الهجرة بحثاً عن عمل يمولون به أنفسهم و عائلاتهم، و هذا ما قلل عدد المتطوعين كثيراً فاقتصروا على الإناث فقط، إلى جانب ضيق مقرنا و عدم أتساعه لممارسة أنشطة لجنة المتطوعين و عدم توفر الميزانية لتمويل اللجنة لاستمرارها في حملات التوعية الشعبية و بالتحديد في المدارس، إضافة إلى توقف المساعدات الدوائية التي كان الفرع يرسلها لنا و التي كانت تقدر بـ 50 ألف ليرة سورية أي ما كان يعادل 1000 دولار أمريكي في العام الماضي."
ثم أدار محمد شاشة محموله نحونا و عليها جدول يشير إلى تراجع أعداد المرضى المراجعين لعياداتهم المختلفة نتيجة غلاء أسعار المواد الطبية و بالتحديد السنية منها و عجزهم عن تصليح أعطال أجهزة معالجة الأسنان التي يمكن تصليحها في حلب حصرياً، و انقطاع دعم منظمة أطباء العالم عن الشعبة لاستحالة التواصل مع حلب، و قال " بمقارنة إحصائيات المراجعين في شهر أيلول من العام الماضي (676 مريضاً) مع إعدادهم في نفس الشهر من العام الحالي (227 مريضاً) يتضح كم تأثر عملنا في الظروف الراهنة."

الحصص الغذائية و بعض الأنشطة الأخرى

لم يستطع عادل محمد الكشف عن إجمالي صادرات و واردات الشعبة الكلية لهذا العام، لأن ذلك يتحدد في المؤتمر السنوي الذي يُعقد في نهاية العام، و لهذا أكتفينا بأرقام عام 2012، فالصادرات النقدية بلغت 577125 ل.س و العينية 21459776 ل.س، أما الواردات العينية فكانت 25559946 ل.س و النقدية 1122100 ل.س، و الفارق بينهما بقي في مستودعاتهم إلى حين توزيعه.
بعد ذلك التقينا بدليل إيبو أمين سر الشعبة، و أفادنا بوجود دفعتي توزيع لمواد الإغاثة شهرياً الأولى من (1 – 5) و الثانية من (15- 20)، حيث وصلت الحصص الموزعة إلى 12000 حصة شهرياً خلال الأشهر المنصرمة، لكن نقص أعداد المحتاجين و خاصة النازحين منهم بسبب عودتهم إلى مدنهم و مناطقهم أو هجرتهم إلى دول الجوار بحثاً عن عمل، خفض تلك الحصص إلى (5000 – 5500) حصة مؤخراً، و في شهر أيلول الجاري تم توزيع (2204) حصة بين (1 – 5 الشهر) و إمداد (4275) عائلة بأربعة ليترات من الحليب السائل لكل منها.
كما قامت الشعبة في وقت سابق بجمع التبرعات لأهالي سره كانية (رأس العين)، و تمكنت من جمع (3500000) ل.س أي بمقدار (4000) ل.س لكل عائلة.

توقف التمويل و غياب البدائل

كانت شعبة الهلال السباقة إلى استقبال نازحي الصراع السوري من المناطق الأخرى، حيث وفرت لهم المنامة و الغذائيات و الصحية و وسائل الإنارة، بالاعتماد على المعونات التي كانت تتلقاها من فرع حلب و من منظمة أطباء العالم حين كانت الأوضاع آمنة، لكن تدهور الحالة الأمنية و قطع الطرق أوقفت تلك المساعدات بصورة تامة، و هذا ما أضعف إمكانيات الهلال و قلص أنشطتهم إلى درجة كبيرة، خاصة مع الغياب الكلي للمتبرعين الثابتين و مصادر التمويل الأخرى.
و بخصوص المعونات القادمة من تركيا عبر بوابة كوباني الحدودية أوضح إيبو أن هناك تشرف لجنة مدنية تشرف على استلامها و هي برئاسة محمود مصطفى شامليان /عضو الهيئة العامة للشعبة/ و عضوية ممثلين عن الهيئة الكردية العليا، حيث تقسم تلك المساعدات بين الهلال و بين لجنة الإغاثة التابعة للهيئة ليتم توزيعها بصورة منفصلة حسب جداول و إحصائيات كل جهة.

يُذكر أن شعبة الهلال الأحمر في كوباني أُحدثت بجهود مجموعة من المتطوعين الشباب عام 2008 و سرعان ما أثبتت جدارتها و استطاعت أن تستقطب اهتمام السلطات و المواطنين على حد سواء، و تتألف الهيكلية التنظيمية فيها من الهيئة الإدارية و الهيئة العامة و لجنة المتطوعين الشباب، و يوجد فيها موظفين أثنين فقط أما بقية أعضاءها فمن المتطوعين من كلا الجنسين.
و يبقى الأهم في كل ذلك البحث عن السبل الكفيلة لاستمرار هذه المنظمة النشطة في عملها، بـدءاً بتأمين مقر خاص بها و وضع آليات في خدمتها، لتبقى طاقة الرحمة التي تعين المحتاجين في وجه مصاعب الحياة و قحطها، و تصدح نداءات الضعفاء في آذان أصحاب المسؤولية و سادت القرارت المصيرية " آلا يا معشر السياسيين و الإنسانيين أليس لهذه الشعبة الحق في الحصول على مقر يتسع لممارسة أنشطتها؟"
و نحن بدورنا نتساءل: هل سيلقى نداءهم هذا الآذان الصاغية و تتحرك الهمم الفاعلة نحو الاستجابة السريعة لها؟








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. عشرات المحتجين على حرب غزة يتظاهرون أمام -ماكدونالدز- بجنوب


.. موجز أخبار الواحدة ظهرًا - الأونروا: يجب إنهاء الحرب التي تش




.. الأمم المتحدة تنهي أو تعلق التحقيقات بشأن ضلوع موظفي -الأونر


.. أخبار الصباح | حماس تتسلم الرد الإسرائيلي بشأن صفقة الأسرى..




.. ما آخر المواقف الإسرائيلية بشأن صفقة تبادل الأسرى؟