الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


لا تيأس ,,خطوة واحدة نحو الابداع

وهبه نور الدين

2013 / 10 / 13
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


ان تكون متفوقا ليست معضلة كبيرة او شيء خارق للعادة , فدائما مايرتبط التفوق بالدراسة النظامية
ماذا يعنى هذا هل معناه انه من السهل ان اكون متفوقا ؟
بالطبع يا عزيزى فالدراسة النظامية فى كل مراحل التعليم تعتمد على ان تقوم بدراسة المقررات الدراسية وتحفظها ظهرا عن قلب ثم تصب مافى عقلك فى ورقة الامتحان فى نهاية العام الدراسة .
اذا مادام التفوق بهذه البساطة لما يتفوق البعض فقط دون الجموع؟
بمنتهى البساطة لو انت فى المرحلة الثانوية سوف تجد انك فى مرحلة مراهقة حديث العقد بها لم تخبرها من قبل او لم تمر بها وبالتالى سوف تصطدم فيها بتغيرات هرمونية وجنسية , وتمر بكل التغيرات التى تدعوك لفهم طبيعة الهوية الجنسية التى خلقت عليها , فالذكور يحاولون شق عالم الرجولة كما تصورونه او كما يتخيلونه فليس تخيلهم صحيحا دائما بل قد يكون تخيل لايمت للواقع بصلة كأن يدخن اعتقادا ان هذا درب الرجولة , او قد يتعاطى اى مخدر على سبيل التجربة بما ان معظم الشباب المحيطين به يفعلوا ذلك فقد يخيل له ان هذه هى الصفات التى تميز جنسه او نوعه , على الجانب الاخر الانثوى تحاول الانثى ان تتمالك نفسها وتفهم هذه التغيرات الجسمية التى تخجل منها فى البداية ثم تبدأ شق الطريق الانثوى لها وترى ماذا يفعلن الاناث , هل يضعن مساحيق تجميل اذا فلتضع هى ايضا ... الخ.

اذا اغلب المراهقين ينشغلون فى هذه المرحلة بكل مافى المرحلة من اكتشافات , يعنى عاوز يعيش سنه , وفى الغالب مايهمل الدراسة نظرا للخروج المتكرر او الانشغال بما اسلفناه سابقا اما على المستوى السلبي استكشاف المرحلة العمرية بالتجارب الضارة كالتدخين والمخدرات , او استكشاف المرحلة العمرية بجماعات الاقران وعمل هوية له , لذلك تجد من يطلق عليهم " الدحيحة " ليسوا كثر لذلك ليس كل الثانويين متفوقين
اما على المستوى الجامعى فهو سن الحرية والانطلاق وبداية الشباب , فحينما يطلق جماح المراهق الذى كان يخرج بموعد من قبل فى الثانوية ويرجع فى وقت محدد ويسأل عما كان يفعل بشكل تفصيلى حتى "مصروفه " كان يسئل فيما انفقه وكان قليلا نسبة الى مرحلة الجامعة فهو لا يكفى لكل الاشياء.
فى الجامعة يبدأ الشباب ذكور واناث باكتشاف هذا العالم المختلف فأنت حر فى كل شيء حر فى الذهاب او عدم الذهاب , حر فى حضور المحاضرات او الجلوس فى الكافيه مع اصحابك او صحباتك او فى شلة مشتركة , انت حر فى المذاكرة من عدمها , وفى الاغلب الاعم ما يبدأ شباب الجامعات فى المذاكرة فى اخر السنة الدراشية "الترم" وطوال السنة يمارس حريته بكافة اشكالها وهذه الحرية خداعة , لانها عندما تفقد المسئولية لا تصل بصاحبها الى اى هدف , وقد يكتشف انجذابه ايضا ناحية الجنس الاخر , ومن هنا تبدأ شكل اخر من العمر .
طوال هذه الاعوام يكون هناك مايشغلنا عن وضع اهداف لنا او عدم معرفة قيمة الوقت الضائع فى اللاشيء
ومهما قيل لنا عن فوائد المذاكرة فى المستقبل وان نصنع مستقبلنا ونضع اهدافا واحلاما وكل هذا الهراء الذى كان يقال لنا لن نصدق أي حرف لأننا لم نخبره او لم نعشه , فكل هذه النصائح عقيمة قد عفى عليه الزمن لا تقال الان الى شباب يجلس فى ساحة الجامعة يلعب البلاى ستيشن مع اصحابه مع تشغيل اغانى شعبية ذات الضجة العالية , وفى النهاية نتكلم عن ان هذا الجيل قد انحرف وانه جيل فاسد , ولم نفهم ان لكل جيل وسائله للتعبير ولغته السائدة و وبدلا من ان نحاول ان نفهما نستسهل اطلاق الالفاظ والشتائم لهذا الجيل ويبدأ احدهم يقص علينا عندما كان فى مثل اعمارهم ماذا كان يفعل من المثاليات والاخلاق الفاضلة الحميدة وهذا بالطبع ليس صحيحا لانك حينما تسئل الاكبر سنا تجد انه كان الجيل السابق لهم يقول نفس الكلام الحالى مثل " انتوا جيل بايظ , والله ما انتوا نافعين "
على اية حال ليس هذا موضوعنا لكنى اقول لك لماذا لا يتفوق الجميع ببساطة لانه لا احد يذاكر , ومن يستطيع مقاومة هذه الاغراءات خلال فترة الدراسة يكون من المتفوقين دراسيا وليس بالامر الصعب.

هذا عن المستويات الاساسية فى التعليم فماذا عن المستوى الاعلى وعن التفوق فى البحث العلمى او التفوق فما بعد الدراسة الاساسية ؟
دعنى اخبرك انك لو انك انهيت دراستك الجامعية واردت استكمال مسيرتك الدراسية فيما يسمى بالدراسات العليا او الحصول على الدكتوراة (لو اتهفيت فى عقلك يعنى ونويت تعمل كدا )
فياعزيزى دليلك الى التفوق فى هذه المرحلة هى ملازمة احد الاساتذة وان ترى ماذا يفعل وتفعل مثله او تفعله ما يحبه او مايرضيه , فلو انك قرأت كل كتبه وحدثته عنها واستخدمت مصطلحاته التى يكتبها فى الكلام او طريقته العلمية التى يتبناها او المنحى العلمى الذى ينحوه فى دراساته "ياخبرررررر" سوف تكون من المصطفين المختارين العلماء الجهابزة الذى ينتظرهم مستقبل باهر ومشرق سوف يراك هكذا وقد يصادقك الحظ فيقول لك انت تذكرنى بشبابي عندما كنت فى سنك ,او يتحدث عنك كلما اجتمع معه زملائه او تلامذته فى حضورك , كل هذا ببساطة لانك اصبحت نسخة شبه الاصل منه .
لكن دعنى اصدمك ان هذا هو التفوق وليس الابداع ولا يمت له بأى صلة
ماذا يعنى الابداع؟
يعنى ان تكون مختلفا ,,, ولكن بشرط ان يصحب اختلافك فائدة او طرح جديد او اضافة علمية
عندما كان انيس منصور الكاتب الصحفى الشهير الذى تتجاوز كتبه المئتان كتاب واستاذ الفلسفة الوجودية بجامعة القاهرة والذى ترجمت كتبه عندما كان فى مقتبل عمره وكان حينئذا طالبا فى قسم الفلسفة ثم معيدا بالقسم كان يحضر لعباس العقاد القامة الكبير وعملاق الادب , كان يحضر له دائما صالونه الذى كان يعقده فى منزله وكان يصادقه فى كل تحركاته بل انه تولى تبسيط مقالات العقاد فلما طلب منه احد اصدقاء العقاد ان يعيد تبسيط كتب العقاد ويعيد نشرها فى شكل مقالات حينها تفاجأ انيس منصور انه اصبح نسخة كربونية من العقاد وانه فى هذا الحالة لن يكون الا ورقة كربون من شخص ولن تعرف الناس عن انيس منصور سوى انهم مبسط مقالات العقاد او شارح للعقاد , وحينها توقف عن هذا واختلف عن العقاد وانشق عنه وخرج من تحت عبائته واصبح انيس منصور الذى يعرفه الجميع ولم ينقص ذلك من العقاد شيئا .
اما فى مجالنا النفسى فعندما اسس فرويد مدرسته فى التحليل النفسى فقد خالف وقتها استاذه شاركوه وبيير الذان كانا يعالجان وقتها الهستريا والحالات المرضية بالتنويم بالايحاء وعندما خالفهم من منطلق علمى فى ان هذه الطريقة لا تصلح لكل المرضى كما انها محدودة الشفاء للمرضى , كما ان الخلفية العلمية الذى انطلق منها اساتذته ليست مجدية تماما , حينها لانه وجد محدودية هذا المنهج التى تعلمه على يد اساتذته فكان لابد له ان يبتدع مدرسة ومنهج اخر للعلاج النفسى وبالفعل من خلال ممارساته اسس مدرسة التحليل النفسى التى تسبر اغوار النفس البشرية بمنتهى العمق وابتكر نظرية التحليل النفسى الذى اقامت موجة عاصفة انذاك لاختلافه , لدرجة انه كان لا يسمح له حضور المؤتمرات الطبية العلمية وقتها لاختلاف نظريته عما كان سائدا وقتها والان لا يوجد من لا يعرف فرويد وولا يوجد من لم يدرس فى فرويد فى اى مقرر لعلم النفس .
بل ان فرويد عندما اسس مدرسة كان يريد ان يظل تلامذته مخلصين له شأنه شأن اى صاحب مذهب او اتجاه لدرجة ان تلميذه النجيب كارل يونغ المعالج النفسى الشهير كان يرى انه اقوى تلامذته الذين سيحملون راية التحليل النفسى من بعده , لدرجة انه عندما كان يعارض كارل يونغ فرويد كان فرويد يغضب كثيرا بل انه كما ورد على لسان كارل يونغ نفسه ان فرويد كان اذا اشتدت المناقشة العلمية الذى يختلف فيها يونغ مع استاذه فرويد كان فرويد يصاب بنوبة اغماء , وبالفعل انشق يونغ عن فرويد واسس مدرسته الخاص ومنهجه المختلف فى اشياء كثيرة مع منهج فرويد بل عمق لنا المعرفة المهنجية عن النفس البشرية واضاف جديدا .
هذا عن الاختلاف والابداع والاضافة , اذا فماذا عن المعرفة النظامية من عكسها؟

المعرفة النظامية هى تلك الدراسة الاكاديمية التى تتلقاها بشكل منظم فى الجامعة ومن قبلها فى الثانوية
دعنى اخبرك بمثالا انت تعرفه وهو عباس العقاد الذى حصل على الابتدائية فقط ثم اصبح من عمالقة الادب فيما بعد , بل ان العقاد كما يروى عنه فى احد المرات عندما نشر اساتذة الفلك بكلية العلوم وكان بالبحث المنشور احد الاخطاء وانه لا يواكب الجديد وذهب حينها لكلية العلوم وفى يده احدى مجلات العلوم الاجنبية واوضح للباحث خطئه فى فيما نشره من بحث هذا هو العقاد الحاصل على الابتدائية الذى كان عضوا فى المجمع اللغوى وتتجاوز كتبه الستون كتابا .
اذا يا صديقى ليس معنى انك لم تحصل على الدكتوراة او حتى الليسانس انك لا يجوز ان تكون مبدعا فلم يفتى احدا بذلك , وهناك امثلة عديدة منهم مؤسس الفيس بوك (موقع التواصل الاجتماعى الشهير) مارك زوكربيرج , او مؤسس شركة ماكنتوش ستيف جوبز الشركة الذى ابتكرت الكمبيوتر اللوحى Ipad والتليفون الشهير IPHONE او اغنى اغنياء العالم وهو بيل غتس صاحب شركة مايكروسوفت .
اذا ابداعك ليس شرطا ان تكون حاصلا على الدكتوراة فى مجال ما فكم من الحاصلين على هذه الشهادات هم فى الواقع مجرد عاملى ارشيف لنقل المعلومات وتخزينها بشكل نمطى لا يضيف اى جديد , ولكن هذا لا يمنع اذا اردت الابداع فى مجال ما عليك ان تتعلم التجارب السابقة لمن مروا فى هذا الطريق قبلك وان تعرف المكان الذى سوف تضيف فيه اللبنة فى هذا السرح المسمى العلم .

ولنلقى نظرة مثلا على هذا الشاب الذى درس فى المعهد الاتحادى السويسرى للتقنية فى زيورخ عام 1895 ثم بعد ان اجتازه فى عام 1900 لم يرشحه اساتذته للجامعة ولم يكمل تعليم جامعى بعد دراسته فى هذا المعهد ولكنه احب الفيزياء وكان يدرسها ويخصص لها وقت لدراسته بعد ان عرف الكيفية التى تتم دراستها من خلال خلفيته فى هذا المعهد , وتم تعيينه بعد ذلك فاحص مختبر فى مكتب تسجيل براءات الاختراع فى سويسرا , ولكنه اراد ايضا ان يكمل دراسته واكمل بالفعل بجهوده الذاتية دراسة الدكتوراة وحصل عليها عام 1905 من جامعة زيورخ , والاغرب انه فى العام الذى حصل عليها كتب فيه اربع مقالات علمية دون الرجوع الى كثير من المراجع للدرجة التى كانت تجعل بعض الصحف ترفض ان تنشر له مقالاته لأنها لاتتفق مع معايير النشر العلمية التى تتبناها , وقد حصل فى الورقة الثانية المنشورة من هذه المقالات على جائزة نوبل فى الفيزياء , هذا العالم هو البرت اينشتاين العالم الفيزيائى المشهور , فلو ارادت هذه السيرة لهذا العالم ان توصل لنا رسالة فهى انه لاتتوقف حتى لو كنت ضد التيار السائد فلو انه كان قد عدل هذه المقالات او بدلها بالكيفية التى كانوا يريدونها له لنشرها لما كان سيكون لها قيمة , او لو كان قد ساير الواقع والنظريات السائدة حينذاك لم يكن لابحاثه اى اضافة حقيقة, هم كانوا يريدونه ان يكون مثلهم و هو اراد ان يختلف , لكنهم لم يستطيعوا تقبل ذلك الى ان اثبتت نتائجه المنشورة عن المفعول الكهرضوئى وعن النظرية النسبية الخاصة وعن معادلة الطاقة صداها وجدواها فأقتنعوا حينذاك .
لا تتوقف اكمل مسيرتك مادمت ترى اللؤلؤ فى نهاية طريقك وثمرة هذه السباحة ضد التيار النمطقى المتقولب الذى يريدك ان يضعك فى زملة " خليك زينا" فأكمل فى طريقك مادمت تريد ان تضيف شيئا فالعلم ليس حكرا على اشخاص بعينهم و وليست الحقيقة حكر على بعض النظريات السائدة حتى وان لاقت قبولا مجتمعيا , فالاختلاف لا يتقبله الناس بسهولة , ولا يتقبلون بسهولة من يقول لهم انت خطأ , فأنت باختلافك تخلق دفاعات نفسة قويهم لدهم او تحركها لانك تريد ان تقول لهم باكتشافك هذا انهم كانوا طوال الفترة السابقة على خطأ , وانهم لم يكونوا مبدعين , أكمل طريقك لما ينفع الناس , وسوف تجد عونا ربانيا لانك تريد ان تصنع بالعلم او الابداع حياة .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فيديو يتسبب بإقالة سفير بريطانيا لدى #المكسيك #سوشال_سكاي


.. فيديو متداول لطرد السفير الإسرائيلي من قبل الطلاب في جامعة #




.. نشرة إيجاز - مقترح إسرائيلي أعلنه بايدن لوقف الحرب في غزة


.. سلاح -إنفيديا- للسيطرة على سوق الذكاء الاصطناعي




.. -العربية- توثق استخدام منزل بـ-أم درمان- لتنفيذ إعدامات خلال