الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الإسلام السياسي وانتاج الاسلام المعاصر، مشاكل فقهية وحل سياسي

عزالدين التميمي

2013 / 10 / 14
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


ان الدراسة الموضوعية للظاهرة التاريخية - بما في ذلك النص التاريخي - يشترط دراسة كامل الروايات التي تطرقت لها، دون احتكار تأريخ وقائع هذه الظاهرة على الرواية الرسمية، وهذا ما يمكن إعتبار أن الدراسات الإسلامية المعاصرة تجاهلته بشكل كبير، ما سمح بدخول مفاهيم جديدة على الحضارة الاسلامية والتي أدخلت بدورها بنى ونخب جديدة على الساحة السياسية العربية، أهمها الاسلام السياسي، وعلى ما يبدو بأن مرونة النص الاسلامي، وقابليته لتعدد التأويلات؛ وما نتج عنه من ظهور مدارس فقهية متعددة جاء عنها - مع تسييس الفقه - توجهات اسلاموية سياسية مختلفة، والتعامل مع النص الاسلامي كمسألة فقهية بعيدا عن معاملته كقضية ثقافية، كل هذا ساهم بجعله الوسيلة الاسهل والاكثر فعالية للتعبوية السياسية، هذا ما ساهم ايضا بقولبة التاريخ الاسلامي حسب مقاييس حزبية واعادة انتاج النص بحيث أصبحت مخرجات الفقه تخرج من بطون السياسيين . وعلى ما يبدو أن ظاهرة الشك في تحريف النص أو ما يمكن الاصطلاح عليه بـ "الاتفاق الجمعي على تاويل معين يعطيه قيمة الصواب" لم يكن جديدا على التاريخ الاسلامي، فقد مارس المعتزلة النقد على القرآن نفسه ليس لشك في الوهيته ككتاب مقدس بالنسبة لهم، وانما بسبب عدم اليقين بأن ما وصلهم من القرآن لم يتم تحريفه لمصالح القوى الحاكمة، ويمكننا الآن تعميم هذه النظرة الى الموروث الاسلامي بشكل عام، والذي انتقل بين أيدي عائلات حاكمة كثيرة، يتهمها المسلمون أنفسهم بالفساد، والتساؤل المطروح هنا، ما الذي يثبت أن هذه المادة بين يدينا لم يتم تصميمها بما يتماشى مع مصالح كل هذه القوى الحاكمة، ان ما أريد الوصول اليه، أن الشك الأخلاقي بالعديد من الخلفاء الذين مروا على الدولة الاسلامية؛ يؤدي بالضرورة الى ضرورة إعادة تمحيص الموروث الذي وصلنا بغالبيته عن طريقهم.

وقد حاولت عدة نظريات معالجة هذا الموضوع بالذات كأساس نشأ عليه الاسلام السياسي في منتصف القرن الماضي، ومثالا على ذلك تظهر لنا نظرية المفكر السوري الياس الحاج صالح والتي أطلق عليها اسم فتح الاسلام، أن الحل الذي يمكنه الحد من هذا الانتاج السياسي للنصوص الدينية هو التعامل مع المادة الاسلامية كقضية ثقافية اولا، ثم دراستها كموضوع مستقل أكثر منه ظاهرة سوسيلوجية، وتجريدها من كل امتداداتها الاخرى باستثناء الامتداد التاريخي. الا انه وفي الوقت الحالي أصبحت اطروحة التخلص تماما من هذا الانتاج الجديد غير واقعية نوعا ما، لأسباب كثيرة أهمها الامتداد الواسع والسريع لجذور الاسلام السياسي في المجتمع العربي، وضعف واجهة حقيقية وقوية للعلمانية، وأحيانا عدم علمانية دعاة العلمانية انفسهم، فترى أن العديد من الدول أو الاحزاب الجاكمة العربية التي تطرح نفسها على أساس أيدولوجي علماني تقوم بالأساس على القوانين الاسلامية في مواضع عدة وبارزة في الدستور، وعلى الأرجح فإن أغلب النظريات التي تطرقت لهذا الموضوع حاولت تشخيصه فقهيا، دون النظر الى أن الاسلام السياسي هو مشكلة سياسية مستقلة، وهذا ما أثبت فشله في مرحلة طويلة، ويمكننا استنتاج ضعف أطروحة التخلص من هذا الانتاج الجديد من ناحية فقهية بدراسة بعض الظواهر التي عادت الى المجتمع العربي مع عودة الاسلام السياسي، مع التنويه ان التدين الشعبي كان موجودا بقوة ما قبل ظهور الاسلامويين، ولنأخذ على سبيل المثال ظاهرة انتشار الحجاب في المجتمع العربي ( من زاوية فقه الاسلام السياسي) وظاهرة العدد الهائل من الاحزاب الاسلامية السياسية والنقابية وممثليها ان كان في البرلمانات او النقابات، وهذا ظهر واضحا في الانتخابات البرلمانية المصرية والتونسية الاخيرة، ( من ناحية مدنية ) فالمطلع على الانتشار الواسع لهذه الظواهر يدرك تماما قوة الطرح الذي جاء به الاسلاموييون أو بشكل أدق مدى شعبية هذا الطرح.

هذا سيقود الى التساؤل الحقيقي: هل يمكن التعامل مع الإسلام السياسي كفرضية ومشكلة سياسية فقط، وماذا عن الحل الجذري، هل يمكن حل هذه المشكلة -التي قامت أصلا على فرضية فقهية- سياسيا؟!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - نور تيسير
نور تيسير ( 2013 / 10 / 14 - 12:17 )
تحليل عميق وواقعي

اخر الافلام

.. استقالة أول موظفة يهودية من إدارة بايدن -بسبب سياسة واشنطن م


.. المفكر د. يوسف زيدان: اجتماعاتنا في -تكوين- علنية وبيتم تصوي




.. المفكر د. يوسف زيدان: اتكلمنا عن أشكال التدين المغلوط .. وه


.. دار الإفتاء في طرابلس تدعو ل-قتال- القوات الروسية في البلاد




.. -حافظ البهرة على سرية طقوسهم الدينية عبر العصور بعد اضطهاد ا