الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


لا مهدي ولا مخلّص، أنتم ومنكم وفيكم الحلّ

أحلام طرايرة

2013 / 10 / 15
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


كتب البعض في دحض وتفنيد روايات المخلّص المنتظر عند أتباع الديانات والمذاهب المختلفة مع اختلاف الأسماء والسياق لصالح كل طائفة في روايتها الخاصة، وقد يكون التشابه الملفت بين الروايات المختلفة وراء البحث والتمحيص في أصولها المشتركة، والتي- برأيي الشخصي- لا تتعدى كونها المخدّر المشترك لكل جماعة دينية أو عقدية لضمان حياديتها وسلبيتها إلى حين ظهور هذا المخلّص الذي سينصرهم على الأعداء- الكفار بالضرورة- وسيجلب معه العدل والسلام لمن على الأرض جميعا.

لا ننكر بعض المحاولات "الثائرة" ضد بعض أنواع الظلم من أصحاب القضايا التي ظنّوها عادلة أو تم إقناعهم بذلك، لكنها لم تتعدّ كونها جزءا مهما من الصراع بين من زرعوا الظلم والخراب وغذّوه وأبقوا عليه عبر العصور بدماء الأبرياء والحالمين. هذه "الثورات" لم تكن في حقيقتها أكثر من أدوات لازمة لتعميق نظام عالمي جائر يموت فيه الملايين جوعاً وقهراً، في حين يضمن بها- أي الثورات- موت آخرين كقتلى أو شهداء قضية.

حتى هؤلاء الثائرين على الظلم –باستثناء بعض الحالات الفردية مثل جيفارا وأوشو- كانت قضيتهم لا تتعدى بقعة صغيرة من الأرض لصالح شعب أو طائفة أو أقلية ما. معظم الثوار على اختلاف خلفياتهم لم تكن قضيتهم الإنسانية جمعاء وظنّوا ويظنّون أن الأمر أكبر بكثير من قدراتهم وأن ثمة رجل أعظم بكثير سيأتي يوما ما لينهي معاناة الإنسانية. والغريب أن بعض الروايات تتمادى في اتكاليتها لتحدّد المكان الذي سيأتي منه هذا المخلّص العظيم على رأس جيش جّرار جبّار، وكأنه بذلك يُعفي ساكني المناطق الأخرى من هذه المهمة العالمية ليكتفوا بالانتظار، الانتظار فقط مع الاحتفاظ بحق التذمر على كل ما هو غير عادل في هذا العالم، إن تذمروا.

وبما أننا نتحدث في قضية عقدية، يعود بنا ذلك إلى حقيقة أن الأنبياء والمصلحين كانوا قد جاءوا بقضية عادلة ضد نظام سافر تستولي فيه أقلية على مقدرات الأغلبية وما يجرّه ذلك من ظلم اجتماعي تُنتهك فيه الحقوق وتُسلب فيه الحريات ويَستعبد فيه القوي الضعيف. لكن هذه الأقلية– التي تملك المال والنفوذ- كانت ما تلبث أن تحافظ على مكتسباتها ونفوذها وتعود إلى حيث بدء بإغراق الناس في هموم الفقر وإلهائهم بقضايا هامشية قبلية أو طائفية أو وطنية!
إن الأقلية المتنفذة تُجيد هذه اللعبة جيدا وباستطاعتها ركوب أي موجة إصلاحية حتى تتمكن فتبث سمومها من جديد، وهكذا دواليك. وكانت فكرة المخّلص المنتظر هي إحدى تلك السموم. ان ينتظر الناس الخلاص من شخص أعظم وأكبر وأجلّ منهم جميعا، ويبقوا راضخين للنظام العالمي القائم كقدر محتوم لا مفرّ منه إلا بمهدي أو مخّلص سيأتي في آخر الزمان. آخذين بعين الاعتبار أن الناس في ذات الوقت- في قرارة أنفسهم- لا يستعجلون آخر الزمان، فآخر الزمان يعني اقتراب النهاية، نهاية الحياة ومن ثم الحساب والعقاب والنار والعذاب وهي ليست أشياء يرغب أي أحد باستعجالها أيّاَ كانت درجة ورعه وإيمانه.

هذه السلبية الفاجرة تركت معظمنا صامتين متذمرين فقط، بل وحتى التذمر تم حظره حيث أُقنع الناس أن هذا الاعوجاج هو ابتلاء من الله وأن ما عليهم إلا الصبر عليه وكفاهم بالله حسيباً. لقد تم اختراق كل المنافذ التعليمية والتربوية لضمان ثبات هذه السلبية وكان من ضمنها ترسيخ روايات المخلّص المنتظر مستغلّين توق الناس وميلهم الفطري لكيان عظيم ينهي معاناتهم ويحقق لهم العدل. ولنا ان نتمعن قليلا بحال البلاد التي تمكنت منها هذه الروايات وبحال الإنسان فيها.

لقد نجح المتنفذون في كل زمان بشتى الوسائل، ومنها استخدام المعتقدات الدينية، أن يحرفوا بوصلة الناس عن الهدف الصحيح- وهو الأمن والأمان والعدل والرفاه لكل الناس دون استثناء- من خلال خلق وتغذية النعرات والنزاعات المختلفة ومن ثم جعلهم ينتظرون مخلّصا يأتي وينهي هذه الخلافات الكثيرة. حتى فقد الناس ثقتهم بقدرتهم على مواجهة هذا النظام الجائر وإنهائه. ونسوا في خضم انشغالهم أن الذي أنشأ النظام القائم بإمكانه أن يبدأ غيره.

والبداية هي أن نستعيد ثقتنا بأنفسنا وبما لدينا، فليس صحيحا أن موارد الأرض لا تكفي من عليها، وليس صحيحا أن الفقر قدرٌ على معظم أهل الأرض أن يسلموا له ويرضوا به، وليس صحيحا أننا عاجزين عن إنقاذ الأرض وإنسانها من النظام القائم وأن علينا ان ننتظر حتى آخر الزمان لنكون ليس اكثر من شاهدين على ما سيحدث فقط- كما نحن الآن تماما!

البداية هي أن ندرك أولا ماذا يمكننا أن نفعل كأفراد وجماعات... أن نعرف أننا نحن المخلّصون وليس رجلا سيأتي في آخر الزمان.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - منطقية
اسعد عادل ( 2013 / 10 / 15 - 09:53 )
تحليل منطقي عاشت الانامل


2 - منطقية
اسعد عادل ( 2013 / 10 / 15 - 09:53 )
تحليل منطقي عاشت الانامل


3 - آسف على وقاحتي
نيسان سمو الهوزي ( 2013 / 10 / 15 - 10:20 )
كلام جميل وصحيح يا سيدتي ويا اختنا العزيزة .. نعم لا يوجد منتظر وسوف لا يأتي والى ما من هذا الكلام والانسان هو المنتظر بنفسه .. ولكن ولا تزعلي يا سيدتي للإنتظار او للتصديق بقدوم هذا المنتظر افعال واقوال وكُتب وروايات وآيات والكثير من هذا القبيل وهي كلها ظواهر الانتظار وتؤثر على مفاهيم الناس وتجعلهم ينتظرون دون نتيجة وحتى الحجاب الذي على رأسك هو جزء من ذلك المنظر ..ارجو منك يا اخت ان لا تغضبي او تسيءِ التقدير او القصد .. فمجتمعنا يتأثر بالمظاهر اكثر من العلم وانت سيدة العارفين ولهذا على الجميع المحاولة في رفع وإلغاء تلك المظاهر حتى قبل فرض العلم .. تحية معطرة واخت عزيزة وعلى رأسنا


4 - لا مهدي منتظر خرافات رجال الدين
سامي المنصوري ( 2013 / 10 / 15 - 16:47 )
بارك الله بك ولك تمنياتي


5 - طرحك منطقي
منير الصعبي ( 2013 / 10 / 15 - 22:51 )
تناولتي عزيزتي احلام موضوعا صعبا وحساسا يمس معتقدات الكثير من الناس على مختلف مذاهبهم بل حتى دياناتهم وفي الوقت الذي احي فيك هذه الجرأة بطرح الموضوع وطريقة عرضه الموفقه فإني اقول انه ومع الاسف نجد في زماننا هذا ومن هم محسوبين على المثقفين وعلى مستوى اساتذة جامعات يؤمنون بشكل مطلق بما توحي له طائفته وبذلك يختلف مع بقية عباد الله بل يعمل على تسخير مكانه للضغوط على عقول الشباب ليتوافقوا مع ما يؤمن به وهذه الطامة الكبرى .


6 - خرافات الاسلام والمهدي
سامي المنصوري ( 2013 / 10 / 16 - 02:33 )
ليس هناك مهدي منتظر او المخلص لان القران لم يذكر ذلك بالنص ولكن تحايل المفسرون لكلمات القران الغامضه وادلجوا وائولوا معاني القران حسب اهوائهم وحسب مذاهبهم ومللهم وجماعتهم الاسلاميه الباغيه - واني اتعجب كيف ان يكون الانسان دكتور وهو ذو مذهب احمدي او بهائي او شيعي او وهابي والله دنيا العجب


7 - ليس هناك اديان خرافات واساطير رجال الدين
سامي المنصوري ( 2013 / 10 / 16 - 02:40 )
لك حرية الملابس حسب تقافتك ومجتمعك وليس للملابس دين بل عادات مجتمعيه عاينا مجاراتها لان عقول رجالات المجتمع لازالت تؤمن ان هناك قران غير محرف ان هناك انبياء منزلين من السماء ان هناك جنه ونار والسؤال اذا كان القران من الله فلماذا هذا القران ذو مئات التفسيرات ولماذا هناك 73 فرقه اسلاميه متناحره وتكفر بعضها هل الجنه طريق لقتل او نحر الانسان والحيوان

اخر الافلام

.. أسامة بن لادن.. 13 عاما على مقتله


.. حديث السوشال | من بينها المسجد النبوي.. سيول شديدة تضرب مناط




.. 102-Al-Baqarah


.. 103-Al-Baqarah




.. 104-Al-Baqarah