الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الثقافة التقليدية وتشكيل الوعي العربي ّ

فوزية الحُميْد

2013 / 10 / 21
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع



لقد ظلت الثقافة التقليدية في معظم المجتمعات العربية ثقافة غير مهتمة بالتحولات المعرفية ,ومشاركة العالم المتطور في صنعها. بل أصبحنا مجموعة خارج النظم الثقافية المتطورة التي تدير دفتها المجتمعات الفاعلة والقائدة .ومع إيماني بأن الثقافة ممارسات تتطور وتنمو في جوانبها المختلفة ومنها على سبيل المثال اللغة البالغة الأهمية في التطور الثقافي والإنساني لأيّ مجتمع .هذه اللغة استخدمناها في مجتمعاتنا للمشاحنات والتنابز, ووظفها الآخر للإبداع والتميز وأخضعها للنقد والتحليل والمراجعة .وبقيت لغتنا في حالة عجز نتج عنه تأخر في مستوى التفكير والمعرفة المتمكنة .ونتيجة لسلطة العقل التقليدي حتى وهو يرى تعدد وتنوع قنوات التواصل المؤثرة في الثقافة الشعبية, وقد يعتبر المخالف مناهضاً لها لا للثقافة التي تتداولها . خاصة إذا ما عرفنا بأن المعرفة أكثر قرباً للسؤال لا الاحتكار, وأن المعرفة التي لا تقبل بالمخالف هي معرفة ناقصة .والمجتمعات التي لا تتهيأ لتقبل الفكر الناقد هي مجتمعات تسعى إلى التخلف وتعوق أيّ خطوة للتقدم .لقد انحازت أمتنا العربية للفئوية والحزبية واحتكار المعرفة وقدمتها على المصالح العليا للأمة والوضع العربي يعدّ مؤشراً لذلك.
وإلا كيف يمكن استثمار العقل الناقد في طغيان ثقافة الإقصاء واللغة الضيقة و الزج بالدين الذي هو الإسلام في صراع قد لا يمثله .ذلك أن الإسلام لا يعني بالضرورة تصرفات وثقافة من يدين به .أو ينتمي إليه .لدرجة أن الفرد البسيط في مجتمعاتنا يبجل حتى الشتائم التي تفرزها الثقافة التقليدية ! ويعتني بالشتيمة ويتداولها دون وعي !فماذا يعني ذلك؟ لقد ترسخ مفهوم التحديث بوصفه تكفير مع أن القرآن يجعل التغيير والتحديث مطلباً ,ويوجه للأخذ بكل معرفة صحيحة أياً كان مصدرها, بل ويقَّرّها قال تعالى " فَبَعَثَ اللَّهُ غُرَاباً يَبْحَثُ فِي الأَرْضِ لِيُرِيَهُ كَيْفَ يُوَارِي سَوْءَةَ أَخِيهِ"‏ (المائدة31)‏ وهذا يعني بوجوب تعلم الإنسان حتى من الحيوان.
ومشكلة التقليدي تبرز في التعامل مع النقد ,ومع المخالف. مع علمه بأن العالم يصنع فرص تقدمه ,وعمله ,وتحضره .ولكنه لا يرى في مثل هذه النماذج غير صور التكفير أو التغريب! وبالتالي قد يغذي منطقه هذا ذهنية البسطاء الذين كلما أبهرهم المتقدم جاءت عبارتهم الجاهزة (جنّتهم في الدنيا وجنتنا في الآخرة ) حتى الجنّة أصبحنا أوصياء عليها وضمنتها لنا هذه الثقافة! والمضحك أن كل طائفة و مذهبية تملك حقيقتها وجنّتها ومعرفتها الخاصة بها! والسؤال أين هو العقل هنا؟ ومن أدلج هذه الطوائف والمذاهب ؟ وفرّق بين متّبعيها في الإخوة والتعايش الإنساني! قال تعالى (إنما المؤمنون إخوة) الحجرات (10)وما ينتجه البشر يبقى في خانة الاجتهاد !
لقد عجزت الثقافة التقليدية عن تقديم الحلول ,وعن التواصل مع المختلف فكيف بالمخالف ؟وكذلك التعليم العربي ولأنه أيضا ضحية لهذه الثقافة المعنيّة والتي تقدم ذاتها و كوارثها باسم الدين والدين منها براء.. هذه الثقافة التي ينتجها التقليدي في واقعنا الاجتماعي العربي ,وفي هذه اللحظة الحرجة تجاه المتغيرات تسيء إلى حيوية الدين ,وتمنحنا مؤشراً بتدني الوعي ,وتنم عن الحاجة الملحّة لإعادة تشكيل هذا الوعي.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تفكيك حماس واستعادة المحتجزين ومنع التهديد.. 3 أهداف لإسرائي


.. صور أقمار صناعية تظهر مجمعا جديدا من الخيام يتم إنشاؤه بالقر




.. إعلام إسرائيلي: نتنياهو يرغب في تأخير اجتياح رفح لأسباب حزبي


.. بعد إلقاء القبض على 4 جواسيس.. السفارة الصينية في برلين تدخل




.. الاستخبارات البريطانية: روسيا فقدت قدرتها على التجسس في أورو