الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الإنسان كائن عنصري

عذري مازغ

2013 / 10 / 21
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


تستند علتي إلى فراغ الأزمنة، أجول خاوي الوفاض فتتملكني جموح الرغبات، أسكن في حلمها، هذه الأحلام دوما كانت شهية للفقد، لذلك نسختها في أرجوحتي، يستجليها الفقد وتستجليه.. أنسجها أنا أو هي تنسجني استنشاء بلذة كنهها، كانت تصنع في عمقي شيئا جميلا أشبه بالتوق، كانت تسقي جوارحي بمتعة الضياع، هذا الذي أتحسس فيه مرح الأزلية: كأن أكون إلها يضحك من بلادة الضعفاء.. أولئك الذين كتبت على ظهورهم كل أسباب الشقاء كي يكتشفوني أو كي يعتكفوني..
أنا الذي جمع كل ما راكمته السنين في عمقي من ضياع أستعيد ضائعون يبحثون عني، أحكمهم واحاكمهم، وحين يستحيل ضياعي في الكشف، هم يتحسسوني.. لذلك كنت أنا الضائع وكانت لي فيهم سنة الوجود.
أشهر في وجوههم كل ما يتخيلونه فيي من السدة العالية، أشهر في وجوههم كل ما يتوقونه فيي حاكما لهم..
أشهر فيهم لبس الضياع.
يتيمة جوارحي حين يشقها الضياع، تصبح حلما يتمسك بشقة إبليس، هذا الذي كان مرشدا في سياحتي، يستوي الأمران: حين تعرف إبليسا مرشدا سياحيا تعرف أيضا إلها مركونا لرشد إبليس، بطريقة أو بأخرى، تكتشف شيئا محمودا في المسار، تكتشف أنك في مسيرة ذاتك نحو ضياع محتمل، أو أنك ايضا في ضياع آخر فقدت طريق الوصول إليه، هاقد وضعنا الآن أسسا لسر الوجود، هذه فقط مسودة فائضة لتفاصيل أخرى في جغرافية الضياع، مسودة من التيه الوجداني تفصح عن مكنون خفي: تفصح تماما عن قائمة أسماء ضائعة سميت في قاموس الحياة بأسماء حسنى، هي أسماء لم نصل إليها بعد لأنها هي طريق التوق: سر الوجود هو هذا التوق العظيم للضياع.
في هذا الهم الشوقي نصنع أسطورتنا، وحين تعني الأسطورة كل هذه الحمولة المتناقضة: في الماضي كانت تصورا لمبدإ الخلق، تصورا يحمل على اليقين الروحي لفلسفة الوجود، الآن تعني شيئا آخر بعد اليقين الرباني الذي جاءت به هلوسة الأنبياء، تعني الذهاب إلى الله مباشرة، في كل الحالتين، نحن في رحلة أسطورية للوجود.. لقد أثبتنا مبدأ الخلق ونحن الآن نثبت مبدأ المصير في رحلة محمودة إلى الضياع الآخر، كم هي الدماء ستسيل في سبيل الركن الآخر من الضياع؟؟
عندما تقترن الأشياء ببداية، فحتما تبقى مرهونة بنهاية، لم أكن موجودا قبل وهذا امر حقيقي مطلق لا يستلزم التفكير كثيرا في ما بعد الموت، لم يكن الأمر قد حدد مشكلة للعالم، يفترض التفكير في الحياة الأبدية، جزئيا التفكير فيما قبل الحياة والجزء الآخر في ما بعد الحياة، مالذي يستلزم الوجود الأبدي ما دام كنهه يقترن ببداية؟ ويبدو أن ما يلزم التفكير في الأزلية هو هذا العشق للحياة، إن تفكيرا زمانيا للذات الحية مرهون بدم حياتها، وليس تفكيرا أزليا، بمعنى لم يكن موجودا كتفكير خارج الذات الحية ليستلزم سرمديتها، خارج الذات الحية ليس هناك إحساس بالوجود، هناك العدم المطلق، وهذا يفترض بإلحاح كبير الإقرار الحي باعتبار الفكرة، فكرة الوجود الأبدي، فكرة حية أيضا، ولدت مع الذات المفكرة الحية وستموت بموتها.. بقي هناك اعتبار آخر، تبقى الفكرة حية فقط متوارثة مع سلالات الذوات الحية، بينما هي سيرورة متقطعة من حيث اطوار توارثها.. انا موجود لتظافر ظروف محددة، وهذا حقيقي، في إطار هذا الوجود أطمح للوجود الأزلي، ولأن الموت حقيقي كنهاية لبداية وجودي الخاص، افترضنا خرافة البعث ما بعد الموت كإصرار على الحياة.. يمكن للمرإ أن يكون ازليا بالفكرة فقط، وهذه هي الخرافة الحقيقية التي تستعبدنا والتي عليها بنى الكهنة كل موسوعاتهم الدينية والتي بموجبها حددوا لنا خرافتا أخرى مرهونة بقيم الخلاص، يقول الكهنة: نعم الحياة موجودة مابعد الموت، لكنها مرهونة بطريق الخلاص، إبليس فيها لعب دور المرشد بطريقة ما هي طريقة الشر في تجنبه..،كما أن الطموح الحي للذات في الوجود الأبدي قد ساهم بشكل حاسم في تقوية الإيمان بالأبدية (ولو ما بعد الآخرة أو في الآخرة) مع أن غريزتنا في الحياة، خارج الذات المفكرة، حريصة كل الحرص أن تحافظ على سلامة حياتنا بشكل أفضل لأنها حياة لا تتكرر في الذات الواحدة،، لو أنها سبق أن تكررت، لو أنها كانت محسوسة قبل الوجود الآني للذات باعتبار أنها كانت قبل الولادة، لو أنها كذلك لما كانت هناك حاجة لحفظ الجسد (غريزة الدفاع عن النفس) فالحياة تتوالى الحياة بعد الموت (يصبح الموت قطارا للحياة وطور تنقلها، يصبح زمانيا) ولا حاجة إذن للدفاع عن النفس وحفظ الحياة وهو الوضع المقلوب في فكر الكائنات الإستشهادية المشبعة بالحياة في ما بعد الموت.. تكرس الديانات (السماوية بالتحديد) هذا النمط من تتفيه غريزة الحياة، وتضعها خدمة للغير بالتدرج السلمي وصولا إلى الغير الأخير الوهمي: الله الغني بالمطلق والمحتاج في نفس الوقت لعمل الأحياء.. تعيش الألوهية على دماء الأحياء

هل تستطيع إثبات وجود الله؟؟ سؤال الملحد
هل تستطيع إثبات عدم وجوده؟؟ سؤال المؤمن
هذه فقط هي ثنائية الضياع، وهي في الحقيقة سؤال الإثبات الأسطوري الخرافي، سؤوال التوق للترفع عن حال الحال، هي سؤال الترفع عن الواقع في كل تجلياته، هي سؤال الترفع عن الهوية التي بمقتضاها أصبحنا حيوانات مترفعة تفهم شيئا عن نفسها يجعلها متميزا عن باقي المخلوقات: حيوانات تصنع أسطورتها وخرافتها..
إن الشئ البديهي في الحياة الواقعية، مايميزنا عن الحيوانات هي هذه البداهة الرائعة في الترفع عنهم في أن نخلق واقعا أسطوريا هو أو هي هذه الممارسة الحقة في التميز العنصري عنهم، يمكن أن نضع هوية متميزة بالإطلاق عن باقي الحيوانات التي لم تفكر يوما في مرشد سياحي كإبليس: الإنسان كائن عنصري
وبغض النظر عن باقي التعريفات: "الإنسان حيوان عاقل" التي عليها هذا الإجماع الغافل..، في الإجماع الديني : "حيوان خلق لحمل رسالة”.. فإن أي شيء من الحماقة التي تحملنا على التميز، تحملنا أيضا على التمكن الهوياتي ، بنفس اللغة التي بها يتميز القومجي على المهاجر، تحن ببساطة حيوانات فاشية عنصرية بغيضة في حق باقي مخلوقات الأرض. وهذا يبدوا موضوعيا في تعاملنا مع الطبيعة..
لقد اكتشفت الآن قانون العنصرية العام، وعليه فالتقسيم الآلي المتدرج يأخذ مقاسا خاصا لوضع حقل خاص في التعامل بموجبه تبقى العنصرية في التعريف البشري حقلا إنسانيا للتسوية الخلاقة بين بني البشر.
في الحياة البشرية، يتميز بعضنا عن الآخر بالإنتماء الفاشيستي: شعب الله المختار (الشعب الضائع أصلا) ..، خير أمة أخرجت للناس( الشعب الآخر الضائع في فيافي الصحراء، ماذا عن الناس الآخرين؟؟)..، الإنتماء للنسب..، النبلاء..البرجوازيون.. ، وبكلمة خاصة الإنتماء للطبقة..هذه كلها مرادفات ومصوغات فاشية تناهض حق الآخرين في العيش الحق..
مالذي يتبقى في الحق للآخرين؟
يتبقى هناك جمعيات تطالب في أحسن الحالات خبثا: جمعيات حقوق الإنسان، وهي قفزة ضفدع في الترفع عن الميز العنصري بين البشر، وجمعيات الرفق بالحيوان وهي صيحة تعبر عن حس أريستوقراطي تعبيرا عن العزلة القاتلة لطبقة شبعت من التميز العنصري: جمعيات تأكل قططها وكلابها التي تدافع عنها أثناء المجاعة في الحروب.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - تيفوت إغوذان أستاذ عذري مازغ المحترم
ليندا كبرييل ( 2013 / 10 / 21 - 21:48 )
بعد ال ( تانمرت ) والتحية الأمازيغية ..
السؤالان اللذان وردا في المقال
هل تستطيع إثبات وجود الله؟؟ سؤال الملحد
هل تستطيع إثبات عدم وجوده؟؟ سؤال المؤمن

أقول
إذا سألت المؤمن عن إثبات وجود الله، أخذك للبحر ورجّعك عطشان، أما الملحد، فإنه يعطيك على الأقل ولو لم تقتنع تماما أجوبة يقبلها العقل
العقلانيون الذين يستبعدون الأجوبة الميتافيزيكية، يعلمون أن بعد كل جواب ينتظرهم ضياع جديد
لكنهم ببحوثهم الجدية العلمية يهزمون ضياعاً وراء ضياع
الضياع حالة محكومون بها إلى الأبد، فالكون لغز، والإنسان لا يستطيع أن يحيط به ، لكن ما توصّل له الإنسان من أبحاث علمية مجيدة تضعه على حافة الاطمئنان ولو أنه يعلم أن ما ينتظره من ألغاز جديدة سترميه في هوة جديدة
حتى اقتنع الإنسان بألغاز الأمس التي أصبحت حقائق بديهية اليوم ( كروية الأرض مثلاً): كم تنكّب من المشقات والضياع النفسي ؟
تفضل تحيتي وسلامي


2 - الوجودية ازمة وعي
محمد فيصل يغان ( 2013 / 10 / 22 - 13:21 )
(والآن نستطيع أن نفهم ما هو الانفعال. فهو تحويل للعالم. فحين تصبح الطرق المخططة شديدة الصعوبة, أو حين لا نرى أي طريق, لا نستطيع عند ذاك أن نبقى في عالم ملح وصعب إلى هذا الحد. وإذا كانت جميع الطرق مسدودة, من الواجب أن نفعل شيئا ما رغم ذلك. عند ئذ نحاول أن نغير العالم, أن نعيش كما لو كانت علاقات الأشياء بممكناتها, غير منظمة بواسطة مناهج حتمية, بل هي منظمة عن طريق السحر... من هنا نستطيع أن ندرك الشيء الأساس! فالانفعال حادث إيمان. ولا يقتصر الوعي على إسقاط دلالات عاطفية على العالم المحيط به! بل إنّه يعيش العالم الجديد الذي كونه يعيشه مباشرة, ويهتم به, وهو يقاسي من الصفات التي رسمتها أنواع السلوك. وهذا يدل أنه حين تسد جميع المنافذ يندفع في عالم الانفعال السحري, يندفع فيه بكليته وهو يتقهقر. وهو وعي جديد تجاه عالم جديد, وهو يكون هذا العالم بكل ما فيه من طبيعة خاصة, بحضوره لذاته, وبدون حدود, وبرأيه الشخصي تجاه العالم.... وهكذا إذن, بما أن الوعي يعيش العالم السحري الذي ارتمى فيه, فإنه يسعى لدوام هذا العالم الذي يصبح حبيسه والانفعال يهدف إلى أن يدوم.) - نظرية الانفعال, جان بول سارتر, دار مكتبة


3 - لماذا البحث في احتمال عبثي؟
عذري مازغ ( 2013 / 10 / 22 - 19:55 )
الأستاذة العزيزة ليندا
الف تحية
أردت أن أميز من طرح السؤال أمرا هام، إنها ثنائية الضياع ذاتها، في الأمر أساسا يطرح سؤال آخر، لماذا البحث في متاهة الخلق في انتسابه إلى العدم باعتبار الوجود من عدمه غير مبرر؟ لماذا على المرأ أن يبحث في احتمال عبثي. مع أن بعض الأجوبة العلمية تبرر مثلا نشأة الإنسان الجينية ومنشأ أي كائن حي؟ لماذا البحث في مسألة تفتقد عنصر ما يؤدي إلى استنتاج ما؟من وجهة نظر خاصة طرح مثل هذه الأسئلة هي رهن الذات بحثا عن خرافة وتاليا بحثا عن ضياع

اخر الافلام

.. بعد انتخابات -تاريخية-.. لا أغلبية مطلقة في البرلمان الفرنسي


.. احتفالات بالانتصار.. -الجبهة الشعبية الجديدة- تتصدر التشريعي




.. -سأقدم استقالتي-.. كلمة رئيس الوزراء الفرنسي غابرييل أتال ب


.. سمكة قرش ضخمة تسبح قرب مرتادي شاطىء في تكساس




.. بايدن.. مصيبة أميركا العظمى! والدولة العميقة تتحرك! | #التا