الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الاتحاد الاوربي و أمريکا لايحبون الحصاد في الربيع

نزار جاف

2005 / 5 / 30
القضية الكردية


دأبت الحکومات الترکية"على إختلاف ترکيباتها الحزبية" ومنذ سنين عدة، على تزامن بدء الربيع مع شروعها في حملة حصادها الدموي ضد الشعب الکوردي في الشمال الکوردستاني بذريعة مطاردتها لرجال حرب العصابات التابعين للجناح العسکري لمؤتمر الشعب الکوردستاني. وقد إستفادت تلک الحکومات من الغطاء الدولي الذي تتفيأ في ظلاله، فإرتکبت و ترتکب جرائم و فظائع شنيعة من جرائها، ولاسيما بعد أن ظنت أنها بإعتقالها للسيد اوجلان سوف يصفو لها الجو و تقوم بکل ماتشاء و يحلو لها. وإذا کانت الولايات المتحدة الامريکية ولسنين خلت قد شاطرت"وشارکت" أنقرة في العديد من الخطط و المشاريع السياسية و العسکرية و الامنية، فإنها اليوم ليست على إستعداد کي تعمل بتلک الروحية و"الرؤية السياسية" لقمع القوى السياسية الکوردستانية على الساحة الترکية"وخارجها أيضا"، بل وإنها قد لوحت بما يعني من حيث المضمون أنها لن تکون مسرورة لرؤية ذلک. صحيح أن جرائم الحکم العراقي البائد بحق الشعب الکوردي قد تجاوزت کل المديات و الاعراف الانسانية، إلا أن ذلک لايعني أن سقوط صدام في التاسع من نيسان عام2003، قد أسدل الستار على الجرائم والانتهاکات المريعة بحق الکورد. لقد أثبتت الحکومات الترکية ومنذ العام1984 ولحد الان إن بإمکانها أن تکون الوريثة المثالية من کل الوجوه للقتلة البعثيين لابل إنها قد تبزهم وتتفوق عليهم کثيرا. ولو تسنى لوسائل الاعلام العالمية أن تشاهد جانبا من الحملات"الربيعية" للجيش الاتاتورکي، لکانت جرائم الزمر الارهابية في العراق و العالم تذهب الى طي النسيان ولکانت فظائع تلک الحملات البربرية تذکر العالم بأن أتيلا و جنکيزخان و هولاکو قد خلفوا الحفيد المثالي في ترکيا! تلک الحملات حرب ضروس حامية الوطيس لا ضد الشعب الکوردي وقواه التحررية فحسب، وإنما ضد الطبيعة الکوردستانية بکل ماتحتويه من نبات و حيوان ومياه و أراضي. ويبدو واضحا أن الحکومة الترکية قد جعلت من سياسة"الارض المحروقة" التي ينتهجها جيشها النظامي، جوهر و أساس تعاملها مع الملف الکوردي. مثل هذه العقلية السياسية التي تؤمن في هذا العصر بهذا المبدأ الهمجي الممقوت و المرفوض من قبل المجتمع الدولي، سوف يکون من الصعب جدا بناءا على تداعياتها، أن ترى دول الاتحاد الاوربي تفتح لها الاحضان و هي تحصد في ربيعها الاسود کل معالم الحياة في شمالي کوردستان. ولعل الشئ المهم الذي لابد من التنويه إليه في هذا السياق، هو أن عقلية الارض المحروقة تکاد تسيطر على الساسة الترک حتى في تعاملهم مع الملف الکوردستاني في العراق. وقد تکون هذه العقلية وراء عدم فهم مضامين و أبعاد الزيارة الاخيرة للسيدة کونداليزا رايس لإقليم کوردستان و لقاءها المميز بالزعيم الکوردي مسعود البارزاني، وماتمخض عنها من قناعة أمريکية بتوزيع العراق على أقاليم فدرالية و عهد بالامر الى السيدة رايس"المعروفة بتعاطفها و تفهمها للقضية الکوردية". بل وأن الحکومة الترکية"بغباء سياسي مطبق يندر له مثيل في هذا الزمن" تمادت في تجاهلها لآفاق و تداعيات المسألة السياسية الآنفة و مجمل التقارب الامريکي ـ الکوردي، وعمدت الى زيادة في وتائر حملتها الربيعية مع قدوم شهري نيسان و آيار حيث عززت قوات الجيش الترکي قطعاتها المتمرکزة في کوردستان بتعزيزات لوجستية و ميدانية کبيرة أرسلت الى مناطق جلي و سيرت و کاخزمان و جولک و ديرسم وآمد دياربکر و ماردين و شرناخ وباشرت في قصفها الهمجي للجبال الکوردية و البحث تحت کل حجر و مدر عن المقاتلين الکورد. ومن المعتقد جدا أن ترکيا التي تنظر بقلق بالغ لذلک الدعم الدولي الذي بات يحظى به مؤتمر الشعب من خلال سياستهم السلمية الجديدة التي بادروا فيها لطرح الکثير من المبادرات السلمية و جوبهت بالرفض الترکي. من المؤکد أن أنقرة تحاول جر القدم الکوردية الى ساحة الحرب و الکف عن سياستها الدفاعية ـ السلمية کي يتسنى لها إستغلال الامر ضد مؤتمر الشعب الکوردستاني وإظهاره بالاشکال التي تريدها ضمانة لکسب الدعم الدولي مجددا ضد القوى الکوردية التحررية. وسوف لن يکون من الحکمة لو إستجاب مؤتمر الشعب لصرخات الحرب الاتاتورکية وغير نهجه السليـم الملائم و المتناغم مع المناخ الدولي الحالي. والانکى أنه وفي خضم هذه الحملة الظالمة يحاول السيد رجب طيب أردوغان ومنذ أکثر من شهرين تقريبا في إستحصال موعد لزيارة للبيت الابيض يلتقي خلالها بالرئيس بوش، وأخيرا تأتي موافقة أمريکية على الزيارة هي في حدا ذاتها أبلغ إشارة لأنقرة کي تفهم "ظلها الثقيل" في البيت الابيض، إذ حددت وقت الزيارة التي سوف تتم في8 حزيران، بعشرين دقيقة فقط. وبوضع کل الاعتبارات و المعاني المستنتجة من تحديد ذلک الوقت الضيق لرئيس الوزراء الترکي جانبا، فإنه "أي هذا الوقت" قد لايکفي نصفه لبروتوکولات المجاملات الرسمية کما يقتضيه العرف الدبلوماسي، أما النصف الاخر فهو أقل من قليل مقارنة بتلک الهموم و المشاکل و الازمات التي يحملها زعيم حزب العدالة و التنمية لواشنطن. وفي سياق قد يکون متشابها و متناغما في نفس الوقت مع الموقف الامريکي من أنقرة، أبدى الاتحاد الاوربي إمتعاضه الشديد من الحملة الحالية للجيش الترکي ضد الشعب الکوردي وطالب على لسان کريستينا ناکي الناطقة بإسم مسؤول لجنة توسيع الاتحاد الاوربي إيقاف تلک الحملة فورا وقالت السيدة ناکي بهذا الصدد: نحن بالاضافة الى مطالبتنا بإيقاف الحرب بين الجنود الاتراک و مقاتليPKK فإننا نرفض أيضا العنف کسياسة أو نشاط. وفي إشارة قد تکون بمثابة وضع اليد على المکان المحدد للألم الترکي أردفت السيدة ناکي قائلة: يجب على ترکيا أن تجد حلا لمشکلة أولئک الکورد الذين يعيشون في جنوبي شرقي ترکيا و أن تحافظ على التراث الکوردي. هذا الطلب الاوربي من خلال ناطقة بإسم لجنة توسيع الاتحاد الاوربي تحديدا يعني أن الاوربيين يلوحون مجددا من زاوية الاحراج السياسي ـ الاقتصادي لترکيا وهي تعني الکثير من الدلالات لدى الساسة الترک. ترکيا تحاول جاهدة حث المجتمع الدولي على إعتبار مؤتمر الشعب و جناحه العسکري تيار سياسي إرهابي، وهي تتصور أن طموحها هذا سوف يتحقق متناسية التقلبات و التغييرات الحاصلة في الاجواء السياسية الدولية التي تدفع الى تغيير المواقع و الاتجاهات، کما حدث مع حالتي منظمة التحرير الفلسطينية و الجيش الجمهوري الايرلندي السري، إذ کانا کلاهما في العرف الدولي إرهابيان. غير أن المستجدات و الظروف الطارئة غيرت الموقف ذلک الى العکس تماما. والامر نفسه يتم الان مع مؤتمر الشعب الکوردستاني حيث أن إستيعاب حرکة سياسية لها جماهيرية واسعة أفضل من دفعها الى مسارات لاتخدم السلام و الامن في المنطقة. الموقفان الامريکي الضمني و الاوربي الصريح و الحازم، يجعلان من حملة الربيع الحالي للجيش الترکي مهمة أکثر من صعبة وبالغة التعقيد مما يزيد من إحتمالات لافشلها فحسب ذلک أن کل الحملات السابقة کانت فاشلة من أساسها، وإنما سوف تفضي الى نتائج ستکون بالغة الوخامة على المستقبل السياسي لترکيا نفسها. ولامناص من الاقرار بأن مؤتمر الشعب الکوردستاني قد إستطاع طوال أکثر من ستة أعوام خلت من سياسة "النهج الدفاعي" التي ينتهجها في مقارعة العنف و الطغيان الترکيين من أن يجذب إليه أنظار المجتمع الدولي و أن يکسر طوق العزلة التي فرضتها عليه أنقرة. وقد تکون أنقرة تسعى لحرب حاسمة تقلع خلاله الاظافر الکوردية من الجذور، خصوصا وأنها "بحسب الانباء والتقارير الواردة من حملتها الاخيرة" قد وصلت جحافل جيشها الى الحدود مع إقليم کوردستان ـ العراق. ويعتقد المهتمون بالشأن الکوردي أن ترکيا بإرتکابها حماقة عبور الحدود"في ظل ماألمحنا إليه من ظروف و مستجدات" سوف تصدم بالرفض الکوري + الرفض العراقي + الرفض الامريکي، بل ويذهب الکثير من المراقبين بإحتمال کبير في تصادم الجيش الترکي مع القوات الامريکية التي لن تقف مکتوفة الايدي و هي ترى جيش يرتدي بزة عصرية لکنه يحمل عقلية بربرية فريدة من نوعها ضد کل شئ يحمل طعما و لونا و رائحة کوردية!!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. في اليوم العالمي لمناهضة رهاب المثلية.. علم قوس قزح يرفرف فو


.. ليبيا.. المؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان تصدر تقريرها حول أوضاع




.. طلاب جامعة السوربون يتظاهرون دعما لفلسطين في يوم النكبة


.. برنامج الأغذية العالمي: توسيع العملية العسكرية في رفح سيكون




.. الأونروا: الرصيف البحري المؤقت لا يمكن أن يكون بديلا للمعابر