الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


صاحب السنديانة الحمراء يرحل

اسحاق الشيخ يعقوب

2013 / 10 / 24
الشهداء والمضحين من اجل التحرر والاشتراكية


إنه قامة لبنانية أدبية شامخة في عمق يساريتها : ما انحنت يوماً تحت قبضة الظلام ولا سلمت قطرة واحدة من قطرات وطنيتها !!

ومنذ الخمسينات كنا نحن معشر الكتاب و الادباء و المثقفين اليساريين السعوديين نتلمظ عندم رحيق افرازات أفكاره التقدمية التنويرية في كتاباته في جريدة الأخبار و مجلة الثقافة الوطنية اللبنانية ..


و أحسب أن الكثيرين منا و من ابناء و بنات المنطقة العربية و الخليج و الجزيرة العربية .. كانوا ينهلون أدباً و ثقافة و نقداً و فكراً تنويرياً على مائدة ما يقدمه من أنشطة الأدب و الفكر و الثقافة على مدى اكثر من ستين عاماً : عطاءاً إبداعياً أدبياً ثراً على طريق تمكين الكادحين مكانة عادلة و سحب البساط من تحت أقدام المترفين !!



محمد دكروب راهب السنديانة الحمراء يترجّل عن الحياة بعد عمر طويل في مقارعة الظلم و الاستبداد ... وقد اعطى زهرة شبابه .. و بهاء كهولته .. و رصانة شيخوخته للإنسان اللبناني المعدم و العربي و العالمي على حدٍ سواء ...

وكان مُكرساً فذاً للأممية الشيوعية و تقاليدها الإنسانية على وجه الأرض !!



هو يبدو ساكناً ناعماً رقيقاً قصيراً عذباً ... إلا انه عندما ينفجر يُفجّر دنياه و دنيا الآخرين أمامه ... و سرعان ما يهدأ فيذوب عذوبة ورقّة و يبتسم كأن مطراً يتهامى أمامك في جو غائم جميل !! محمد دكروب عجن من طينة شيوعية إنسانية خاصة في الاصرار و التمرد و العناد لقضية تشربت في روحه و دمه و اصبح يتنفسها و الويل الويل لمن يخدش طهارة خاطرها ... فإنه ينبري له بقلم أديب و روح ناقد و أزميل فنان يغري ناقده نقداً مبرحاً دون أن يدمي روحه او يجرح له قلب !!



ستبقى ذاكرة محمد دكروب : أدب مدرسة تنويرية يسارية زاهية الاشعاع للذين يغذون السير زرافات و وحدانا على طريق يسارية الحداثة و التحديث من الخليج الى المحيط .. ولا ريب ان خسارة رحيله تشكل خسارة أدبية و نقدية فادحتين ... و انه لو عاش اكثر لأضاف في الساحة الأدبية و الثقافية نوراً على نور ... من أنوار قلم يسيل بهاء أدب و بهجة ثقافة و حرية إبداع للإنسانية جمعاء !!



و أحسب أن محمد دكروب هو في إلتزام مبدئية ... لا يخرج عنها قيد أنملة ... و يوم أن لقيته في بيروت قبل سنة كنت أشف روحه المتمردة في الأزمة السورية تمور في داخله كراهية ادانة لنظام الاسد و ما جلبه من بلاء دمار و سيل دماء لسوريه التي لها منزلة كبيرة في نفس دكروب الا انه كان يقول ... ما لا يقول ... دون أن يقول ... وقد تدرك و قد لا تدرك ما يقول فهو ملتزم .. ولا يريد ان يخرج قيد أنملة من نطاق التزاماته الحزبية ... وهذا "مرض" أيدروجي لازمنا جميعاً منذ مرحومنا الكبير غفر الله له الاتحاد السوفياتي !! وقد خرج من خرج من هذه الالتزامية الفجة ... و بقي من بقي و كان المرحوم محمد دكروب من الباقين العنيدين رحمه الله .. إلا انه من البررة الكرام الأتقياء و النجباء الأوفياء الذين يرخصون كل ما هو غال و نفيس عن طيب خاطر و نكران ذات ... قليلاً ما تجدها عند اترابه و رفاق دربه !!



اني أتقدم بأحّر تعازي القلبية الى اسرته و لأقاربه و أصدقائه و مريديه و لأهل بيته من الطيبين و الطيبات .. و ان يسكنه الله مكاناً فسيحاً في الجنة بما يليق بمكانته الادبية .. و ما قدمه في ميادين الفكر و الادب و النقد و الثقافة للبنان و العرب اجمعين !!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. - الغاء القوانين المقيدة للحريات ... آولوية -


.. أليكسي فاسيلييف يشرح علاقة الاتحاد السوفييتي مع الدول العربي




.. تضامناً مع غزة.. اشتباكات بين الشرطة الألمانية وطلاب متظاهري


.. طلبة محتجون في نيويورك يغلقون أكبر شوارع المدينة تضامنا مع غ




.. Peace Treaties - To Your Left: Palestine | معاهدات السلام -