الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


Tell me why بين الإيمان و الإلحاد

نضال الربضي

2013 / 10 / 26
المجتمع المدني


Tell me why بين الإيمان و الإلحاد

أغنية Tell me why و التي يؤديها "ديكلن جالبريث" http://www.youtube.com/watch?v=_j6IBdHW_rY تلخص الكثير مما يدور على صفحات الحوار المتمدن بين طائفتي المؤمنين على اختلاف دياناتهم و مذاهبهم و بين الملحدين، و كذلك بين المؤمنين أنفسهم من الديانات المختلفة، و بين المؤمنين من نفس المذهب أيضا ً، و بين الملحدين و اللاأدرين و الربوبين في بعضهم. هي تصنيفات كثيرة لفاعل واحد هو الإنسان.

يتساءل المغني لماذا بينما الأطفال يحلمون و يرون المروج خضراء و السماء زرقاء في أحلامهم يستيقظون على واقع الحرب و القتال، و يتساءل أيضا ً لم يجب أن تكون الأمور هكذا، و يتعمق في تساؤلاته لم لا تقدم الناس المساعدة لمن يحتاجها و لم نتقاتل من أجل الأرض، لماذا؟

سيقول المتحمسون للتفسير الديني: هي إرادة الله التي لا نعلمها و هي مشيئته، و هو غضب منه على خطايا الإنسان و آثامه و معاصيه و هو ابتلاء و اختبار و امتحان.

سيقول الملحدون: إنه دليل على عدم وجود الله، على عدم وجود إله أن الدين هو من صنع البشر، لأنه لو كان الله موجودا ً هل سيرضى بهذا الظلم؟

ردود جاهزة مُعلبة و مُخزنة بالكرتونة و ملفوفة للتسويق عند الطرفين، لكن مهلا ً يا جماعة، ماذا عن الإنسانية و الإنسان؟

البشر يحيون على هذا الكوكب منذ بضع ملاين من السنين بشكلهم الأقل تطورا ً من الشكل الحالي. شكلنا الحالي المعروف باسم نوع Homo Sapiens لا يتجاوز المئة أو قال البعض مئتي ألف عام على أحسن تقدير، منها تقريبا ً عشرة آلاف عام حضارية بمعنى الحضارة التي نعرفها كتجمعات واعية مستقرة زراعية دولية فيها لغة منطوقة و تدوين موثق.

هذه العشرة آلاف عام رسمت ليس فقط حاضرها الذي هو ماضي الآن لكن حاضرنا أيضا ً و مستقبلنا، ففي هذه العشرة آلاف عام كان الإنسان قبلها قد توصل إلى قناعات تكوين هرمية التنظيم أي وجود رئيس زعيم تحته مسؤولون أقل شأنا ً تحتهم مسؤولون أقل شأنا ً و هكذا حتى الوصول إلى فئة الشعب المُنتج المحكوم.

هذه الهرمية و ما تأسست عليه من فكر قدست الزعيم صاحب القوة، و قدست صاحب رأس المال، و قدست رجل العبادة في كل العبادات، و جعلت لهم مراكز و منازل لا يقترب منها أحد إلا من كان منها أو من شاؤوا أن يجعلوه منهم، و وضعت بعضهم فوق بعض ٍ طبقات، و جعلت للطبقة العليا جُل َّ الثروة ووفرة الغنى و الطاعة و المركز و النفوذ و نمط الحياة الراقي الرفيع المحفوف بالهيبة و القبول الطائع من الناس أو المفروض بوحشية القوة عند تمرد البعض.

نحن نعيش هذه الهرمية في حياتنا، و قد رسمنا هذا النهج لمجتمعاتنا منذ القديم، فما زالت الدول الكبرى تتلف محاصيل القمح الزائدة و ترمي منتجاتها في البحار حفاظا ً على الأسعار، بينما يمكنها أن ترسلها إلى دول إفريقيا الفقيرة و المُعدمة.

ما زالت الدول الكبرى تصنع السلاح الفتاك و تجربه على البشر قنابل نووية و هيدروجينية و نووية تكتيكية و فراغية و يورانيم منضب و ليزر و صواريخ، و تنتعش صناعات الأسلحة مع استمرار الحروب و القلاقل في كل مكان.

ما زالت الدول الكبرى تتحفظ على و تعرقل و تتحكم بمشاريع إنتاج الطاقة البديلة للنفط لأن بارونات النفط لا يمكن أن يتحملوا خسائر اتجاه الناس إلى مصادر الطاقة البديلة، و هم يخططون لكي تصبح شركاتهم النفطية هي نفسها شركات الطاقة البديلة لاحقا ً عندما ينتهي النفط و لذلك يتكتمون على أبحاث الطاقة البديلة أو يشرفون عليها بدعمهم القابل لها أمام الناس لكن المُقنن لمخرجاتها في السر بواسطة الخطط التي تضمن بُطئها من جهة و التحكم التكتيكي بالمخرجات من جهة أخرى لكي تكبر عندهم فقط ثم يحددون ماذا سيصنعون بها و بنا.

ما زالت الشركات و المختبرات العالمية تقذف للعالم بفيروسات جديدة كل حيت و مين لتفتك ببضعة آلاف من البشر فيرتفع مستوى الخطر عند الناس ثم تأتي الشركة المخلصة بدوائها السحري الذي يقضي على المرض.

ما زالت مجالس إدارات العالم المتكونة من بارونات النفط و من رؤساء مجالس إدارات البنوك العالمية تتحكم في الاقتصاد و شكله و كيفية استدامة أرباحهم.

لا أحد مهتم بالإنسان
لا أحد مهتم بالقضاء على الجوع
لا أحد معتم بالقضاء على الحروب
لا أحد معتم بالقضاء على الأمراض

أصحاب رؤوس الأموال العالمية يريدون الوضع على ما هو عليه، و شكل المجتمع مرسوم، و موارده مُقسمة و الأنظمة السياسية و الاقتصادية موضوعة و المنظمة تُخرج ما نشاهده من بؤس ٍ على الواقع.

عندي الجواب على Tell Me Why

الجواب هو أن إنسانيتنا ناقصة غير مكتملة، إنسانيتنا ضائعة لا تعرف نفسها و لا تحدد اتجاهها الصحيح، ليس الله هو المشكلة، ليس الله هو الموضوع، المشكلة نحن، الموضوع نحن، الحل نحن.

بين نقاشات الإيمان و الإلحاد يضيع الإنسان، بينما الأصوب و من خلال تجربتي الحياتية هو أن ينظر الإنسان إلى قلبه فيرى الله و ينظر بعينيه إلى الخارج فيرى أخاه الإنسان، ثم يمضي لما فيه خير المجتمع كما يقرره المجتمع. عبثيات الحجج و الحجج المضادة لمشكلة الشر في العالم هي كاسمها بالضبط "عبثيات"، و هدفها أن نبتعد عن التفكير فيما ينفعنا من حلول لمشاكلنا العالمية.

من شاء فليؤمن بالله، من شاء فليكفر.

لكن

أقول لكن

لا عُذر لمن لا يؤمن بالإنسان، لا عذر لمن يكفر بالإنسانية!

أتحسس الصليب الذي في رقبتي كلما تذكرت السيد المصلوب، أحس بألفته و أحس بحبه، و كل ما فيَّ يريد أن ينتقل هذا الحب للعالم، لأننا بالحب فقط نبني، بالحب يكون الإنسان، بالحب تكتمل إنسانيتنا، بالحب ننهي كل المشكلات السابقة.

"روح الرب علي
لانه مسحني و أرسلني لأبشر المساكين
لأنادي للمسبين بالعتق
للعميان بالبصر
للمسجونين بالخروج من دار الحبس"

من له أذنان للسمع فليسمع!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. رئيس الحكومة البريطانية كير ستارمر ينهي خطة ترحيل اللاجئين ?


.. شاهد| نقل نساء وأطفال أصيبوا في قصف إحدى مدارس الأونروا وسط




.. صعود اليمين في الانتخابات العامة يثير قلق المهاجرين في فرنسا


.. عبور الصحراء أخطر على المهاجرين من عبور البحر




.. كير ستارمر ينهي خطة ترحيل اللاجئين من بريطانيا إلى رواندا