الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


التشابه بين فلسفات الخلاص و القصاص و الثأر

موريس رمسيس

2013 / 10 / 26
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


عرفت البشرية أنواع كثيرة من القوانين الوضعية المتشابه التى غرضها التنظيم و التحكم في تعاملات البشر فيما بينهم على مدار الحضارات القديمة المختلفة / المصرية الفرعونية / البابلية الأشورية / الفارسية / الصينية / الهندية / .. اتخذ مفهوم الثأر و القصاص و التعويض و دفع الدية أبعاد مختلفة في التعاملات و ترسخ هذا كـ "عرف" في الشرق بدايٍةً مع اليهود و الكلمات المكتوبة في التوراة .. الكسر بالكسر والعين بالعين والسن بالسن (لاويين 24:20) و تطور المفهوم في الفلسفة المسيحية آخذا إشكال و أبعاد مختلفة ، ثم تم العودة إليه ثانيةً في الإسلام بعد ما يقرب من "ألفين" عام و إعطائه الاستمرارية في القرآن في سورة المائدة .. وكتبنا عليهم فيها ان النفس بالنفس و العين بالعين و الأذن بالأذن و السن بالسن..... (45) و ايضا فى سورة البقرة .. و لكم في القصاص حياة يا أولي الألباب لعلكم تتقون (179)

تقبلت البشرية مفاهيم الثأر و القصاص و التعويض كوسائل بشرية و كتشريعات إلهية لفرض العدل بين البشر و تنظيم حياتهم بمعاقبة الجناة و تعزية نفوس المجني عليهم و أهليهم بالقصاص و التعويض "دفع الدية" و تطور تلك المفاهيم متخذا صيغ قانونية مختلفة و متفاوتة في الأحكام و تطبق في غالبية المحاكم

عمليات الثأر و حق الدم المتواجدة "مثلا" في صعيد مصر لا تخرج عن تلك المفاهيم السابقة و لا تزال متوارثة عبر الأجيال بين العائلات و العشائر .. يعلم المطالب بأخذ الثأر (الثار) جيدً أن المجني عليه و المطلوب دمه من الطرف الأخر "مظلوم" على المستوى الشخصي و لم يشارك بالفعلة و الجُرم القديم الذى توارثه دون رغبته عن الوالد أو الجد او ابعد منهما كما أن الطرفان يعلمان جيدا بأن الجُرم الحادث القديم لن يمحوه غير سفك الدم "القتل" و يصبح المجني علية "القادم" متوارث تلقائيا لتلك الجُرم القديم و يتحمل تبعات ذات الوزر الذي لم يقترفه أو يشارك فيه

في حالة أتمام أي مصالحة بين عائلة المطالب بالثأر و الطرف الأخر يتم التعويض المادي (دفع الدية) و إذلال المجني علية "المطلوب دمه" في مشهد رهيب كمن يساق إلى المشنقة ، بحمل كفنه على يديه و الذهاب بيه إلى مسقط العائلة المطالبة بالثأر فى مراسم عامة يشهدها الجمع الغفير

يعتبر التعويض المادى (الديه) بمثابة "الفدو" المقدم لفدية نفسن و روحه من القتل و "الكفن" بمثابة الموت الفعلي و سفك الدم و يكون هذا الإنسان في حكم الميت فى نظر الطرف الأخر الذي يكون بهذا التصالح في نفس الوقت قد أنهى الخصام عمليات الثأر المرتقبة بين العائليتين ، فقد فدى و خلص عائلته و العائلة الأخرى أيضا .. هذا يعتبر المفهوم المسيحي لعملية الفداء الإلهي لإنسان و الخلاص!

هناك ثأر (ثار) و قصاص بين الإله الخالق و بين العائلة البشرية جمعاء المتوارثة لجُرم القديم (الخطية الأولى) الذي فعله أبو البشرية "آدم" ضد الإله الخالق .. لذا استوجب آدم العقاب و الموت .. أي الموت الأبدي و ليس الجسدى (فناء النفس و الروح) .. و أصبحت البشرية جمعاء مُطالبة بتقديم "الفادى" الذي ينيب عنها أمام العدل الإلهي "الطرف الأخر"

من يستطيع من البشر ان ينيب عن البشرية جمعها لكي يقتص منه الإله الخالق باسم البشرية .. هل هناك من يستطيع أن يحمل "كفنه" و يقدمه امام العرش الإلهى .. ماذا يكون التعويض المادي "الدية" الذي تقدمه البشرية و يكون مقبول من الطرف الأخر .. الإله لا يقبل دهب أو فضة أو اموال!

لا يوجد غير الحل العبقري الوحيد و هو الحل الإلهي .. يقتص الإله الخالق لذاته و لنفسه " بذاته و بنفسه " من البشرية الوارثة لخطية آدم لعلمه من الأذل بعدم إمكانية البشرية فداء و تخليص نفسها .. لكن كيف؟ .. أن يتجسد الإله ذاته متخذ جسد إنسان بشرى لكن بدون خطية و غير وارث لخطية القديمه لكونه بلا زرع بشرى و بالتالي يستطيع كإنسان كامل يمتلك "اللا محدودية" في ذاته أن ينب عن البشرية جمعاء ليفديها

عندما تقوم "البشرية" بالتضحية بهذا الإنسان (الإله المتجسد) بمعاقبته و ذبحة (أي سفك دمه) و هو برئ (أى ظلما) بلا سبب (أى بلا جُرم و خطية مرتكبة في حق الغير) و في نفس الوقت يقوم (الإله المتجسد) بتنفيذ هذا حبا و "طواعية" يتم حدوث الفداء لبشرية

قدم الإله المتجسد نفسه طواعية كفدو (فداء) ضحية امام الإله ذاته "الذات الإلهية" بالتالي يكون الإله قد اقتص "لنفسه بنفسه" من أجل تخليص خليقته البشرية من حتمية فناءها الأبدى تنفيذا لعدل الإلهي المسبق من الأذل الكامل المطلق و بغير نقصان أو اعوجاج منفذا لمحبته و رحمته الإلهية الكاملتين تجاه خليقته البشرية .. أي الإنسان

هكذا يريد الإله الخالق ان يعرف الجميع تلك الخطة الخلاصية المعدة لهم منذ الأذل .. العدل الإلهي لا يزيد و لا ينقص عن المحبة و الرحمة الإلهية لإنسان .. يريد الجميع يؤمنون لينالوا هذا الخلاص "المجاني" لنفوسهم و لأرواحهم من الهلاك (الفناء الأبدى) معترفين بالفداء المجاني الذي قًدمه طواعية السيد الرب (الإله المتجسد) ياسوع المسيح على عود الصليب

يتساءل البعض قائلا .. لماذا هذه القصة الطويلة .. ما لزومها؟ ، الإله يستطيع بالكاف و النون تغير كل شئ و ما يريد؟

الإله الخالق ليس إله فوضوي .. إله يرحم و يحب و يندم لكنه لا يكره و عدله مطلق كامل لا يتراجع فيه و لا يغيره طبقا لمواقف و الأهواء و هكذا محبته و رحمته لخليقته البشرية ، صادقتان بلا غش بلا كذب و رياء .. إله لا ينتقم لنفسه لا يمكر لا يخادع و لا يلهو بتغير قوانين الطبيعة إرضاء و إشباعا لرغباته وأهواءه .. عبقرية الإله الحقيقة تتجلى في خليقته الإنسان و بإعطائه الحرية الكاملة بلا نقصان .. الإله هو الكون اللا محدود و نحن و غيرنا و باقية الأشياء نتواجد بداخله .. أي داخل الكون اللا محدود الإله


مع شكري و محبتي


ملحوظة:
الموضوع تم كتابته من وجه نظر فلسفية ليست لاهوتية ، كغير متخصص يقوم بالإعلان عن دواء جديد ما ، لذا انصح البعض بالذهاب إلى الطبيب المختص أو الصيدلية لاستفسار عنه!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - فلسفات الخلاص
شاكر شكور ( 2013 / 10 / 26 - 15:39 )
أنا شخصيا وجدتك يا استاذ موريس افضل طبيب اخصائي وصيدلي ماهر وتركيبة دوائك شافية لجميع العقد والأمراض لذا لن اذهب لأستشارة اي صيدلي آخر ، تحياتي


2 - كلام سخيف
محمد بن عبدالله ( 2013 / 10 / 26 - 18:16 )
))الطرفان يعلمان جيدا بأن الجُرم الحادث القديم لن يمحوه غير سفك الدم -القتل- و يصبح المجني علية -القادم- متوارث تلقائيا لتلك الجُرم القديم و يتحمل تبعات ذات الوزر الذي لم يقترفه أو يشارك فيه((



لأنهم همج...لكن أن تتصور إلها له هذا المنطق فهذا كلام سخيف

هذه الرؤية لـ(قضية الفداء) في المسيحية لا يصدقها عاقل متزن

قد يكون للفداء في المسيحية تفسير أو تبرير آخر لست أعرفه لكن أقول بملء الفم أن التبرير الذي نجده في المقال كلام فارغ تماما


3 - من هو الذبح العظيم
شاكر شكور ( 2013 / 10 / 26 - 20:15 )
يقول أغونان ( لكن أن تتصور إلها له هذا المنطق فهذا كلام سخيف) ، تقول سورة البقرة 37 { فتلقى آدم من ربه كلمات فتاب عليه } ، طيب ان كان الله غفر لآدم معصيته فلماذا لم يرجعه الى جنته بجسد نوراني وأبقاه بجسد إنساني بعد توبته ؟ عدل الله لم يقف عند حد الغفران فلا بد ان يأخذ الله حقه في عصيان اوامره ولا بد ان تقدم البشرية ذبح عظيم يساوي اللامحدودية للله لأن آدم لم يخطئ امام ملك محدود بل أخطأ امام ملك الملوك اللا محدود ، وهناك حديث يقول (عَصَى آدَمُ فَعَصَتْ ذُرِّيَّتُهُ ، وَجَحَدَ آدَمُ فَجَحَدَتْ ذُرِّيَّتُهُ) ، وهذا الحديث هو رد لما قاله أغونان في عبارته (و يصبح المجني علية -القادم- متوارث تلقائيا لتلك الجُرم القديم و يتحمل تبعات ذات الوزر الذي لم يقترفه أو يشارك فيه)إذن الذبح العظيم لم يقصد الله به الخروف الذي اعطاه لأبراهيم بل كان ذلك تشبيه لما سيقدمه الله ليفدي البشرية بأبنه على الصليب ، فالله لا يمكن ان يسمي حيوان كالخروف بالعظيم وهو احد اسمائه الحسنى في الأسلام ، اصحى يا اغونان فلا تقامر من أجل شخص قال لك وما أدري ما يفعل بي ولا بكم ، تحياتي للجميع


4 - إلى شاكر شكور
محمد بن عبدالله ( 2013 / 10 / 26 - 22:40 )
أخطأت فتصورت تعليقي تعليقا للأغا..لماذا تهينني يا أستاذ شاكر؟...أنا أغا؟؟؟
لا يا سيدي
الأغا صلعمي يؤمن بخرافات تافهة أما أنا فأرفض محاولات المدرسة اللاهوتية البهلوانية التي يتبعها الأستاذ كاتب المقال التي أظنها متأثرة بفكر بعض اكليروس أقباط اليوم من محدودي الثقافة الذين يتصورون أنفسهم ورثة لأثناسيوس وكيرلس، لكن كبار اللاهوتيين لم يلجأوا لمثل هذا التبسيط لا أمس ولا اليوم...كبار اللاهوتيين يتكلمون بتواضع شديد عن (سر الفداء) لذا يستحقون احترامي أنا الذي يرفض اسطورة ابراهيم من أساسها


5 - الأخ محمد عبدالله المحترم
شاكر شكور ( 2013 / 10 / 27 - 01:38 )
أخي العزيز فعلا حصل لي التباس بالأسماء لذلك اقدم لك اعتذاري وأسفي وليخسأ من يحاول اهانتك ، بالنسبة لي كل ما ايده السيد المسيح من التوراة آخذ به علما انني لم اكمل قراءة التوراة في حياتي ولا مرة ، أما ما يخص مقالة الأستاذ موريس فقد اوضح في الملاحظه في نهاية مقالته بأن وجهة نظره ليست لاهوتية كغير متخصص ، تحياتي ومودتي

اخر الافلام

.. على وقع الحرب في غزة.. حج يهودي محدود في تونس


.. 17-Ali-Imran




.. 18-Ali-Imran


.. 19-Ali-Imran




.. 20-Ali-Imran