الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الطائفية الماسوشية بالعراق

محمد لفته محل

2013 / 10 / 26
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


الشخص الطائفي لدي هو الذي يميز ويفرّق بين الناس على أساس طوائفهم (من) أو (من غير) طائفته، فيبغض ويحذر ويبتعد عن الآخرين إذا كانوا من غير طائفته، ويحب ويتقرب ويأمن الآخرين إذا كانوا من طائفته! وهذا النموذج السائد في الشارع للشخصية الطائفية، لكن هناك نوع آخر من الطائفية، وهي تهاون الشخص في طعن الآخر لطائفته بطائفية! مجاملة له أو خوفا من اتهامه بالانحياز لطائفة ورثها باللقب، لكونه معلن انه علماني أو ليبرالي أو فوق الانتماء الطائفي فمثلا يتهاون سني أو شيعي في نقد طائفته من شخص آخر من غير طائفته، ليثبت انه غير طائفي ولعدم اتهامه بالانحياز للطائفة التي ينتمي إليها أو ورثها باللقب، لكنه يدافع بحماس عن الطائفة الأخرى إثباتا انه عابر للانتماءات الطائفية ويدافع عن الكل، أو هو يقوم بنفسه بلسانه بالطعن بأتباع طائفته بطائفية فيسب ويلعن (احنه (السنة أو الشيعة) مو خوش اوادم، منافقين، حرامية، ما تصير لنا چارة، جماعتنا خزونا، سوّوها بليَ ملح، عدنا سوالف ما تتسولف) ثم يمدح اتباع طائفة الآخر! (انتم (ألآخر) أحسن من عدنا اوادم) ورغم إن هذا النوع من الطائفي النقيض قليل إلا انه مضر أيضا لكونه يتقبل الطائفية من الآخر أو يمارسها ضد أتباع طائفته أيضا! وقد عشت شخصيا هذا الموقف فرغم إني مستقل عن أي انتماء ديني إلا إني أتهاون قليلا في نقد الطائفة التي ورثتها باللقب خوفا من اتهامي بالانحياز لها وانتقدها أكثر من انتقادي للطائفة الأخرى خصوصا أمام شخص منها! وحين رصدت هذه الظاهرة بادرت فورا للتخلص منها والتنبيه لأصدقائي المستقلون والمعتدلين للحذر منها، وحتى الناس تمارس الطائفية الماسوشية في بعض الأحيان فمثلا تسمع بعض عوام الشيعة تقول نحن غير مؤهلين للحكم! لمجرد أنهم شيعة! وان السنة هم أفضل منا للحكم لكونهم حكم العراق طويلا! وتسمع بعض عوام السنة تقول إن الشيعة متحدين أكثر منا! أو تسمع (ذﯿ-;---;--چ الصفحة أحسن من عدنه مو مثل جماعتنا حرامية) في إشارة إلى تفشي الفساد الإداري والمالي بين أتباع طائفة الشخص! والفساد كما هو معروف ليس له دين، انه نوع من جلد الذات بطريقة طائفية لهذا أسميتها الطائفية الماسوشية، أي إن الطائفي يمارس الطائفية ضد أتباع طائفته هذه المرة وليس ضد الآخرين كما هو معتاد أن يفعل، انه يأخذ دور الآخرين نيابة عنهم ليطعن أتباع طائفته وليس بطائفته! فالعملية ليست سوى تبادل الأدوار مع بقاء السيناريو الطائفي. والماسوشية هنا ليست بمعناها النفسي بل التشبيه فقط بحالة اجتماعية لنمط من الطائفية التي بدل الهجوم على الآخر يتم الهجوم على الأنا الجماعية للفرد! هي ليست نقد ذاتي يراجع فيه الشخص أخطاء طائفته يشخصها ويعرف أسبابها ويعالجها لكنه طعن وجلد للذات؟ هي طائفية مزدوجة على الذات الجمعية من جهة ودعم لطائفية الآخر ضده بترسيخ الصورة النمطية عنه! وبشهادة من نفس الطائفة، فتتدعم طائفية الآخر بشهادته (من جماعتهم وﯿ-;---;--حچي عليهم) و (منهم وبيهم وطلع عيوبهم أو خيستهم)، أو تتدعم بمدح للآخر وتفضيله على أتباع طائفته؟ إنها ارتداد من كره الآخر إلى كره الأنا الجماعية، والتحول من حب أتباع طائفته إلى حب أتباع طائفة الآخر، لكن ما الذي يجعل الشخص يهاجم أتباع طائفته بماسوشية هل لأسباب نفسية أم اجتماعية أم كلاهما؟ كما أوضحت هناك حالات لإبعاد التهمة عن الانحياز للطائفة التي ورثها باللقب ومجاملة الآخر، لكن هناك أسباب أخرى جاءت كرد فعل على الحرب الطائفية من مناظر القتل والتهجير والتعذيب والإرعاب التي عاشها الشخص فيتجه حقده على طائفته أولا، وفي بعض الأحيان كره الطائفتين معا ومهاجمتهما أو حتى كره الدين ومهاجمته، وهي جميعها طعن وحقد وكره وليس نقد ايجابي للطائفية، لهذه تبقى ضمن إطار الطائفية الماسوشية، إنها مواجهة للطائفية بطائفية جديدة؟ لهذا هي استمرار للطائفية وليست علاج لها أبدا، ورد الفعل والمجاملة والشعارات لا يمكن أن يكون حلا لمشكلة كبيرة اجتماعية وسياسية كالطائفية، ويجب أن تنتقد الطائفية الماسوشية كما تنتقد الطائفية السياسية والاجتماعية والدينية بحزم وجد، فرغم أنها لا تبدو بغيضة كالطائفية التقليدية وتجعلنا نبتسم عندما نسمعها أو لا نكترث لها ما يجعل قبولها مبرر، وهذا اخطر ما فيها. وللطائفية الماسوشية تاريخ حيث كانت تمارس في عهد النظام البعثي تزلفا وتملقا للسلطة للحصول على المناصب واتقاء شر التمييز الطائفي الذي مارسته السلطة البعثية ضد طائفة ما، فكان يتم السخرية والتنكيت والاحتقار لطائفة من قِبل أتباعها؟ أي كان لها ما يبررها إلى حد ما وقتها بفعل الظروف التي كانت قائمة، للأسف إن كرهنا للطائفية لم يثمر سوى ممارسة الطائفية على أنفسنا أو على مجتمعنا برمته، بدل أن تبذل الجهود الجماعية لمحاربتها ونقدها علميا ومحاربتها عمليا عن طريق التصاهر والاحتفالات الوطنية والمنظمات المدنية لكن السياسة الطائفية للحكومة للأسف تقف بالضد من أي محاولة، إضافة إلى أن مجتمعنا سهل الانقسام والعودة إلى هوياته الثانوية بعد سقوط الدولة وانحلالها وقيام الحكم طائفي. يجب على كل فرد أن يظهر الوجه الايجابي لطائفته التي تدعو للتسامح والحوار وقبول الآخر واحترام الاختلافات وليس إعطاء صورة للآخر تؤكد التصور السلبي عنه، فتزداد الطائفية قوة وحضور، وعدم السكوت عن الذي يطعن بطائفته أو يمدح الطائفيين الآخرين، بل يجب ممارسة النقد الموضوعي القائم على التشخيص والأسباب والتحليل والحلول والمصارحة في التعامل مع الطائفية، وعدم اليأس من التخلص منها، ما دمنا جادين متحدين في معالجتها ومحاربتها، هي ليست مشكلة أزلية غير قابلة للحل بل أن ظروف وأسباب أوجدتها هي ذاتها يمكن أن تمحوها إذا عرفناها وعالجناها، فإذا أزلنا التمييز الطائفي السياسي ومنهج المحاصصة الطائفية في الحكم، واعتماد منهج مدني فني في إدارة الحكومة، مع دعم المجتمع المدني في بناء السلم الأهلي والاندماج الاجتماعي تزول الطائفية إلى غير رجعة. فإذا كانت كرة القدم قادرة على توحيد الشعب لفترة مؤقتة لماذا لا نستخدم فعاليات مدنية أخرى لتوحيدنا مثلا إقامة عزائم جماعية دورية بين الطوائف، أو مسابقات شعبية في كرة القدم وبناء الأجسام والدومينو والشطرنج أو مسابقات شعرية أو غنائية مع مكافئات؟ أو احتفالات جماعية مشتركة بمناسبات وطنية كعيد الجيش والأم والمعلم والحب ورأس السنة الخ، أو تنظيم معاهد تعليم ثقافة التسامح والتعايش والمواطنة وثقافة الاختلاف والحوار وهكذا أي فعاليات اجتماعية من شأنها تدمج الطوائف وتتعرف لبعضها وجها لوجه وتتوادد وجدانيا وجها لوجه بدون وسائل الإعلام المحرضة وأجندتها المنتقاة بشيطنة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. منظومة الصحة في غزة الأكثر تضررا جراء إقفال المعابر ومعارك


.. حزب الله يدخل صواريخ جديدة في تصعيده مع إسرائيل




.. ما تداعيات استخدام الاحتلال الإسرائيلي الطائرات في قصف مخيم


.. عائلات جنود إسرائيليين: نحذر من وقوع أبنائنا بمصيدة موت في غ




.. أصوات من غزة| ظروف النزوح تزيد سوءا مع طول مدة الحرب وتكرر ا