الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


دروب الرياحين - 2-

أشرف العوضي

2013 / 10 / 29
الادب والفن


دروب الرياحين
4
اقوم من فراش لم يمنحنى كثيرا من النوم . ربما لم الف المكان والوجوه بعد
وان اخذت صفات المصاهرة والدم زوجة اخيك او ابن اختك هكذا تقربهم امى منى لا يعرفونى الا من حكاياتها ونوادر عمتى الكبرى عن شقاوتى يوم كنت هنا اعيش
تسالنى امى وفى صوتها قلق فى اى مسجد ستصلى العيد اجيبها كما اعتدت ان اصلى قديما تقول لا تذهب ولم تذكر السبب ونصحتنى بمسجد اخر بعيد نسبيا
اخبرت ابن اختى ان يصحبنى الى مسجدى الاثير الى نفسى .
وعندما عدت اليها ادركت السبب . وجوه كالحة بلباس غريب روائح لعطور رخيصة منفرة تحتل المسجد وخطيب زاعق كفر نصف المجتمع الا قليلا . ينظر الى شذرا او هكذا ظننت . لهجة محرضة خلت من رحمات ونور اليقين الذى اتى بهم خاتم المرسلين .يوم العيد يحدثهم عن الشجاع الاقرع وضرباته التى لا ترحم
بحثت عن ناسى الذين اعرف من كانت البسمة لا تفارق ثغورهم .وحلاوة الايمان تنير محياهم فى الصف الاول كانوا والى جدران المسجد الرطبة كانوا يسندون ظهورهم المتعبة .
لم اجدهم الا على شواهد قبورهم اسماء مخطوطه حيث اعتدنا ان نزور بعد صلاة العيد

5
من شرفة البيت اخذت ادقق فى جغرافية المكان التى تبدلت . افتش عن شئ يعرفنى . عن حجر يألفنى . عن جدار استندت عليه يوما . عن درب يعرف وقع خطاى التى كانت متعجلة دوما . يرن فى اذنى صوت جدى يا ابنى انت بتمشى كده ليه حد بيجرى وراك .
اخيرا وجدتها شجرة كافور تجثم على النهر . بدت اكبر . الا انها شجرتى زرعتها يوم ذبحوا كل اشجار الشط يومها اخذت فرعا صغيرا كان يأن حزنا على نحر امه هكذا كنت اعتقد .
قفزت الاسئلة الى عقلى المتعب هل ما تزال تذكر الصغير الذى رواها سنينا . راقبها وهى تنمو . تمد جذور هشة فى ارض احتوت امها عمرا .
اغقلت نافذة الشرفة بينما يراودنى حنين ان اذهب اليها لاحتضنها بشوق عارم .
.6.
كانت تحكى وتذكرنى بما مضى وكيف كنت اتسلل الى المندرة الجوانية لافتح علبة الندلر الصاج واملئ جيوب البيجامه الكستور بينما تفضحنى رائحة النعناع المنعش حيث كان زوجها يشتريها من متجر للخواجه زخرف بحى ميت حدر فى قلب المنصورة . وما زلت اتذكر صوتها وهى تنهرنى باسمة سنانك هتسوس يا يا حبة عين عمتك .
عمتى الاثيرة الى قلب ابى كانت قويه مهابة ذات حضور لا يكاد ينسى وبرغم الاعوام السبعين التى تحمل على كاهل وارى من الارحام الكثير الا ان صوتها الذى خفت ما يزال يحمل نفس المقدرة على اسرك .
افقت من شرودى تسالتى فاكر ولا نسيت وبلاد بره غيرتك .
كنت اتامل التجاعيد التى زحفت على اليدين وكست الوجه الذى بدا كانه كقناع لملكة مصرية قديمة فى حين بقى بريق العينين متوهجا منيرا لافتا وكانه ياتى من روح لا اظن انها ابدا تشيخ .
.7.
سالت عنه وقد ارتسمت ابتسامه عريضه على وجهىى المرهق من سفر طويل اجابتنى امى اه ده قرد مسلسل زى ما سبته بالضبط . ابتسمت . معقول معجزش قالت خالص ولا يبان عليه سنه حتى .
تذكرته فتيا عنيفا مندفعا دائما كلما رانى . كنت ارى محبته لى فى بؤبؤ عينيه العسليتين . كان يغار بشدة من اى كائن يقترب حتى لو كانت اوزة امى او ديك رومى جدتى الذى كانت تطعمه صفار بيض فراخ بلدى طازج . يقترب . يحاول ان يلفت انتباهى ثم سرعان ما يلوذ بى .
قطع شريط الصور المتلاحق فى عقلى صوت امى بضحكتها الرائقة ذات الصدى وكانها تخرج من انية فخار وقد امتلاءت عسلا صافيا والله انت فايق كلب ايه اللى بتسال عليه بعد السنين دى ؟
8.
رغم ان البيت قد هدم واعيد بنائه الا ان الشكل القديم ما يزال يسيطر على كيانى وكأن معولا لم يمسه . اشرت لهم وفى يدى كوب من شاى امى . هنا كانت غرفة ابى وامام المنزل كان يجلس جدى
وهناك فى اقصى البيت كان فرنا لخبز العيش البلدى وما تزال اصوات نسوة الحى تملأ المكان جلبه بعد ان عبق برائحة العجين المختمر والقش المحترق .
وفى هذا الركن عقب كل خبيز كنا نلوذ بحضن جدتى فى تلك الشتاءات البعيدة تتحفنا نار الفرن الكامنة تحت رماد هش بدفئ محبب خوفا من النداهة وابو رجل مسلوخة
فى حين كنت اجوب دروب القرية بعد ذلك بلا وجل و لا خوف ابحث عنهما ولكن دون جدوى حتى عرفت بعد ذلك بسنوات طويلة ان مكمنهما الحقيقى كان فى حكايات جدتى .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أمسيات شعرية- الشاعر فتحي النصري


.. فيلم السرب يقترب من حصد 7 ملايين جنيه خلال 3 أيام عرض




.. تقنيات الرواية- العتبات


.. نون النضال | جنان شحادة ودانا الشاعر وسنين أبو زيد | 2024-05




.. علي بن تميم: لجنة جائزة -البوكر- مستقلة...وللذكاء الاصطناعي