الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


جذور الإسلاموفوبيا من أجل نظرة واقعية

أحمد عصيد

2013 / 10 / 31
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


اطلعت على حوار نشرته بعض المواقع الإلكترونية المغربية أجري مع هاينر بيليفيلدت، عالم الدين الكاثوليكي، وأستاذ كرسي ألماني لحقوق الإنسان وسياسة حقوق الإنسان في جامعة إرلانغن – نورينبيرغ، والذي كان أيضا مديرا سابقا للمعهد الألماني لحقوق الإنسان. تناول الحوار مظاهر وأسباب ما يدعى في البلدان الغربية "الإسلاموفوبيا"، ورغم وجاهة العديد من الأفكار التي عبر عنها بيليفيلدت، إلا أن الحوار لم يبلغ الغاية في تفسير الظاهرة وبيان أسبابها الحقيقية، بل إن العنوان الذي تم اختياره للحوار والذي ركز على أن الإسلاموفوبيا ليست سوى نظرة عنصرية غربية مقنعة بالليبرالية، يخفي بشكل كلي الأسباب المتعلقة بالجالية المسلمة واختياراتها، وخاصة منها ما يتعلق بدور التطرف الديني في إشاعتها، ودور المساجد في تكريس الهوة بين المسلمين المهاجرين والمجتمعات المضيفة.
يعود الأساس الأول لظاهرة الخوف من الإسلام والمسلمين إلى سبب تاريخي هو الحروب الصليبية التي مثلت لقاء تصادميا دمويا بين الإسلام والغرب، لم ينته بنهاية الحروب بل استمر من خلال التمثلات التي غذتها الإنتاجات المكتوبة والشفوية لقرون طويلة.
وتعود الظاهرة أيضا إلى المرحلة الكولونيالية التي كرست أشكالا من التعامل بين الإنسان الغربي الأبيض وباقي سكان المعمور، قوامها نوع من التعالي والمركزية الغربية، وقد لعب الإسلام دور اللحام الإيديولوجي بين مكونات المجتمعات الإسلامية في مواجهة الاحتلال وتأطير المقاومة والحركات الوطنية.
هذه العوامل حكمت نظرة الإنسان الغربي للجاليات المسلمة بعد المرحلة الاستعمارية، فأظهر نوعا من التعاملات العنصرية لم يكن الجيل الأول من المهاجرين يشعر بها، حيث كان يعطي الأولوية لعلاقته بالدولة وللمكتسبات المادية والخدمات الاجتماعية، على العلاقة بالأفراد. ويفسر هذا الإعجاب الشديد الذي كان يعبر عنه أفراد هذا الجيل بالدول الغربية ومؤسساتها مقارنة بواقع بلدانهم المتردي، كما كانت أزمة الهوية الناتجة عن حالة الاغتراب متحكما فيها عبر الحفاظ على علاقة وطيدة بالجذور وبالوطن الأصلي وبالتقاليد والعادات الأصلية.
هذه الروابط التي كانت تلعب دور التوازن النفسي سرعان ما شرعت في التلاشي والذوبان مع الجيل الثاني والثالث من المهاجرين، وذلك بسبب ضعف العلاقة بالوطن الأصلي، وظهور عامل جديد هو الوهابية العالمية المتشددة التي تمتلك شبكات تمويل هائلة، والتي نجحت في استقطاب نسب كبيرة من أعضاء الجالية، حيث أصبحت تلعب دور العزاء النفسي والتعويض عن حالة الاغتراب وفقدان المرجعية بالنسبة لأعضاء الجالية الذين عانوا من ضعف الاندماج، وساهم في ذلك بشكل كبير تفاقم الأزمة الاقتصادية وتزايد البطالة مما دفع بالعديد من الشباب نحو المساجد التي يؤطرها أئمة بعضهم سلفيون وهابيون، لا يكتفون بإمامة الصلاة والوعظ والإرشاد الديني بل يركزون على تكريس الخصوصية بمعناها المغلق، ونشر ثقافة الممانعة ضد قيم حقوق الإنسان على الخصوص، وضرب ثقافة التعايش في الصميم إلى حد يصل إلى درجة زرع مشاعر النفور والكراهية للمواطنين غير المسلمين، مما يظهر في سلوك أبناء الجالية بشكل عنيف. وقد استعملت القضية الفلسطينية وأخطاء السياسة الخارجية الأمريكية بشكل كثيف لتيسير عملية التأطير المنحرف هذه.
وقد زاد من تأزم هذا الوضع بشكل كبير انتشار ظاهرة الإرهاب المسلح وظهور القاعدة وفروعها، مما جعل الإسلام مرتبطا في وجدان الإنسان المغربي بالعنف والدم، خاصة بعد تكاثرت الحوادث والوقائع الدموية التي أبطالها ملتحون إسلاميون وسلفيون في كل من مالي والجزائر وليبيا وتونس ومصر والعراق واليمن والصومال وكينيا ونيجيريا وأفغانستان وباكستان وغيرها من البلدان.
كما أن تخلف الدول الإسلامية وفشلها في بناء ديمقراطيات ناجحة، وفي تنمية مجتمعاتها، وإفراطها في استعمال الدين في اضطهاد أبنائها وعرقلة تطور بلدانها، رسخ لدى الغربيين فكرة ارتباط الإسلام بالاستبداد والقهر والظلم.
من الخطأ إذن البحث عن حلول لـ"الإسلاموفوبيا" فقط عبر السعي إلى إقناع الغربيين بتغيير نظرتهم إلى الإسلام والمسلمين اعتمادا على بعض النصوص، ذلك أن هذه النظرة لا يمكن أن تتغير بدون أن يغير المسلمون سلوكاتهم واقعيا، سواء في بلدانهم أو في بلدان المهجر. ذلك أنّ الحقيقة التي ينبغي أن تظلّ نصب أعيننا هي أن الغرب لن يفهم أبدا الإسلام إلا من خلال ما يفعله المسلمون، سواء بأنفسهم وببعضهم البعض أو بغيرهم.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - تعليق
عبد الله خلف ( 2013 / 10 / 31 - 15:35 )
على العموم , فالإسلام سوف ينتشر و يخترق أوروبا و الغرب عامه , راجع :
http://www.youtube.com/watch?v=A3aZt2YxuXs


2 - الإسلام حركة سياسية منذ نشأتة
Amir Baky ( 2013 / 10 / 31 - 16:38 )
الإسلاموفبيا. هو الخوف من التعاليم المتشددة فى الديانة الإسلامية. الخطورة الحقيقية لو علم الغرب أن الإسلام حركة سياسية و ليس دين. بل و يتستر خلف الدين لمحاربة من يختلف عنة. فلو تم وضع هذه الحقيقة أمام الغرب ستتغير الكثير من الأمور


3 - جذور الفاشية
نضكض ( 2013 / 10 / 31 - 18:44 )
موضو يستحق القراءة ,لكن حبذا لو ناقشت في موضوع آخر جذور الشوفينية.


4 - لفول
بلبل عبد النهد ( 2013 / 10 / 31 - 20:59 )
بدا العد العكسي لافول الاسلام وكان محمد يعرف جيدا انه سياتي يوم يعرف الناس انه كان مجرد كذاب حيث قال بدا هذا الدين غريبا وسينتهي غريبا وها هو الاسلام الان يحتضر على ايدي المسلمين انفسهم


5 - مارأي ميش أومازيغ في تحولات عصيد؟
عبد الله اغونان ( 2013 / 10 / 31 - 21:15 )

هذا المقال فيه تحول نسبي كما في مقاله غير المنشور هنا الذي ينفي اعتبار العرب غزاة
هذه تغيرات نحسن بها الظن وقد تكون حركات ونوع من التقية
مارأي الأمزغوي الراديكالي ميش أومازيغ؟


6 - Islamophobe et fier de lêtre
سامي الذيب ( 2013 / 10 / 31 - 23:30 )

لمن يفهم الفرنسية
اهدي مقالي
Sami Aldeeb est islamophobe et fier de l’être
http://www.blog.sami-aldeeb.com/?p=13761
وترجمة العنوان
سامي الذيب اسلاموفوب وفخور بذلك


7 - هل تقصد أمثال هؤلاء؟
نور ساطع ( 2013 / 11 / 1 - 00:11 )

عبد الله خلف يقول : ( على العموم , فالإسلام سوف ينتشر و يخترق أوروبا و الغرب عامه
===========================================

نور يقول : ) هل تقصد أمثال هؤلاء؟

http://www.youtube.com/watch?v=UfJBShWpCUM

http://www.youtube.com/watch?v=dNvdaFp47tk

http://www.youtube.com/watch?v=G-jGnretV2w

: )


8 - رد الى ع.ئيغنان
ميس اومازيغ ( 2013 / 11 / 1 - 18:13 )
يا ع.ئيغنان هل حقا قرات واستوعبت محتوى مقال العلامة عصيد(عودة الى موضوع -الأستيطان العربي بالمغربي-؟ انا على يقين انك ان كنت قراته فان عقلك الصغير لم يتمكن من فهم مظمونه فحاول يارجل .ان العلامة عصيد واوظح الفرق بين اللفظين الذين كانا سببا للبس الذي علق بدماغك وكثيرين من امثالك انه الفرق بين لفظ (دخول) و( استيطان) ثم ان عصيد لم ينكر اطلاقا غزوات العرب لشمال افريقيا باسم السماء وهو ما سبق واوظحته في مداخلتي بشان مقال محمود بلحاج تحت الرابط التالي:http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?ecom=1&aid=384027#502977
وهي مداخلة عبر عن مضمونها وبشكل دقيق من قبل عصيد نفسه بمقتضى مقاله المذكور فاي تحول هذا الذي تقول به ام هو الذي ترغب فيه؟ ان تاريخ الغزوات العربية لا يمكن لأحد انكاره امام وفرة المصادر الواظحة والصريحة ام تريد الا يقول بها عصيد لكي يمكن لك وقبيلك ان تركبوا اصحنتكم القصبية؟
هذه تغيرات نحسن الظن بها وقد تكون حركات نوع من التقية) ان ما تامل فيه يارجل من تحقيق خلط في الأفكار لدى المتلقي لن تفلح فيه لأن عصيد واظح ويبلغ افكاره في اطار ما يسمح به القانون طبعا الواجب الأحترام من قبله

اخر الافلام

.. رغم تضييقات الاحتلال.. فلسطينيون يؤدون صلاة عيد الأضحى في ال


.. دائرة الأوقاف الإسلامية بالقدس تعلن عن تأدية 40 ألف فلسطيني




.. خطيب المسجد الحرام: فرحة العيد لا تنسي المسلمين مآسي ما يتعر


.. مراسل العربية أسامة القاسم: نحو 1.5 مليون مليون حاج يصلون إل




.. مبعدون عن المسجد الأقصى يؤدون صلاتهم عند باب الأسباط