الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


فضّوها سيرة!

وجيهة الحويدر

2005 / 6 / 2
حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات


فضّوها سيرة!
نحن النساء السعوديات لسنا قاصرات، ولسنا اقل شأنا من نساء العالم، ليأتي كل من هب ودب ويتكلم عوضا عنا ويزايد على حقوقنا.لن نسمح لكم أبدا يا سادة يا مثقفين أن تلمعوا وتبرق أسماءكم على حسابنا. نحن لم نخول أحدا ولا نريد أحدا أن يتحدث عنا وعن أمورنا خارج المواثيق الدولية التي أقرّتها بلدان العالم ومنها السعودية. فنحن لا نقبل أبدا أن تُطرح قضايانا خارج ايطار الميثاق العالمي لحقوق الإنسان، وبدون الوثيقة العالمية لمكافحة التمييز ضد المرأة. فالطرح الذي عرضه الدكتور محمد آل زلفة على مجلس الشورى مرفوض جملة وتفصيلا، لأنه ساوم فيه على الحقوق الشرعية للمرأة، فالحقوق لم تُقدر قط بالمال، ولم تُحسب أبدا بمعايير الربح والخسارة.



إشكالية ما قدمه آل زلفة كأحد أسباب السماح للمرأة بقيادة السيارة هو أن يوفر لأكبر دولة مصدرة للبترول مبلغ قدره 12 مليار ريال، هذا المبلغ التافه الذي قد يصرفه احد أثرياء هذا البلد في إحدى إجازاته الصيفية، أو في شراء فيلا في إحدى ضواحي باريس أو جنيف بدون أن تتأثر ميزانيته قيد شعرة. أيضا الذي زاد الطين بلة على مساومة الدكتور آل زلفة ومتاجرته بحقوقنا، انه كان يبرر ويتنازع على قضية قيادة المرأة للسيارة بتعليل مهين للمرأة وفيه تحقير لذاتها، وهو من اجل أن لا تختلي المرأة برجل غريب ويكون الشيطان ثالثهما!! هل هذا خوف على المرأة أو استخفاف بها وبكيانها؟ ما هذا الهراء ؟وما هذا السخف؟ وكأن المرأة لعبة رخيصة للعبث، يلهو بها من شاء حتى سائقها. المرأة التي هي محور الحياة ومصباح هذا العالم ينظر إليها بهذه الدونية. فلولا المرأة آسيا زوجة فرعون لما نجا نبينا موسى عليه السلام من الموت حين التقطته من اليم وعاش في كنفها وظهرت الديانة اليهودية، ولولا سيدتنا مريم لما ترعرع نبينا عيسى عليه السلام واصبح شابا وانتشرت الديانة المسيحية، ولولا حليب حليمة السعدية لما كبر نبينا محمد عليه السلام، ولولا أموال سيدتنا خديجة ومساندتها لرسول الأمة لما بزغ الدين الإسلامي في أنحاء الدنيا. فكيف لا يتحرج هؤلاء الذكور من أن يزايدوا اليوم على حقوق النساء الشرعية؟؟؟ وجناتهم التي يتهافتون عليها ويتقاتلون من اجلها تحت أقدام نساء، ولن ينالوها في الآخرة إلا برضاهن ان شاء الله.



الدكتور آل زلفة يٌدرك انه عبر تاريخ الشعوب التي استعادت كرامتها، ونالت حقوقها، لم تحصل عليها بالطريقة التي يتبعها الدكتور اليوم، لأن الحقوق الشرعية لم تُعطى قط بل تُـنتزع، شاء من شاء وأبى من أبى، وفي معظم الحالات إعطاء الناس حقوقها يكلّف الحكومات ماديا في بادئ الأمر، لكنه يصبح ربحا بشريا واقتصاديا تجني المجتمعات ثماره فيما بعد، لأنه يخلق أمما واعية لحقوقها، ومدركة لتوجهاتها، وحامية لأجيالها القادمة، بالإضافة إلى أنها تصبح محرّكة لعجلة التطور والنهضة. فلو اتبع نساء العالم المتحرر أسلوب آل زلفة لما حصلت امرأة واحدة على شيء يُذكر! ما طرحه الدكتور الفاضل هو نفس ما كان متداولا في عهد العبودية في أمريكا، حيث كان الأفارقة الأمريكيون عبيدا وأيدي عاملة مجانية، حالهم كحال معظم النساء السعوديات لا يملكن حتى أجسادهن. كان المعارضون لتحررهم الذي اقره "ابراهام لينكون" في عام 1862، يتذرعون بأسباب اقتصادية ودينية. كان الإقطاعيون الجشعون والكهنة المستنفعون منهم، ضد تحرر العبيد، لأنه لا يَصب في مجرى مصالحهم الشخصية. ولنفس هذه الأسباب في دول الخليج لازالت غالبية النساء والعمالة الوافدة يعيشون حياة العبيد، ويرزحون تحت مظلة قوانين مجحفة. ونفس الذرائع نجدها تُسلط على رقاب الأقليات المنتشرة في الدول العربية والإسلامية، حيث تُهضم حقوق افرادها وتؤكل أموالهم، لان إعطاء كل ذو حق حقه، سيكلف الناهبين للثروات مالا، وسيضعف ميزانيتهم ويخلخل سلطتهم.



العجيب في أمر قيادة المرأة السعودية للسيارة رغم تفاهته دفع الكثير من الكتاب السعوديين وغير السعوديين بأن يدلوا بدلوهم في تلك القضية السمجة من بعد طرح آل زلفة. اتى الأستاذ تركي السديري وتحول الى منظر اجتماعي في تحليله. والدكتور علي موسى وصفه بالثعبان الضخم والاستاذ عبد العزيز الخضر لف ودار وسمعنا جعجعة ولم نرى طحنا، والدكتور شاكر النابلسي كان مذهلا في تحليله الذي يعد نفسه خبيرا في المجتمع السعودي حيث قضى ثلاثين عاما في المملكة، وألف أكثر من أربعين كتابا. بدا النابلسي في مقاله انه ما زال يجهل أو ربما يتجاهل ماذا يعني أن ينال المرء حقه وأن يعيش في بيئة ديموقراطية حرة، فحمّل المجتمع السعودي المسؤولية بكاملها! اما الدكتور احسان الطرابلسي فكان طرحه ادهى وأَمر. الطرابلسي يدرك جيدا أن الحقوق الشرعية والغريزية كالحركة والأكل والشرب والتنفس والحرية والعدالة والمساواة والشعور بالأمان والقبول وغيرها ليست محط للمزايدات وليست مطروحة للاستفتاءات الشعبية. اقترح الطرابلسي بدم بارد أن يكون قرار قيادة المرأة للسيارة قيد الاستفتاء العام.مع انه يعلم ليس من حق أي كان أن يمنع أي مخلوق على هذه الأرض حتى الحيوان من الحركة بحرية. فكيف يعطي الإنسان نفسه الحق في التحكم بحركة إنسان آخر؟؟ حين تُطرح حركة المرأة السعودية للاستفتاء على النمط الطرابلسي، يُصبح كل ما يخص المرأة خاضعا لتلك القاعدة الواهية. ربما سنسمع فيما بعد باستفتاءات مثل: هل يُسمح للمرأة بأن تسمع؟ أو أن تشم؟ أو أن ترى؟ أو أن تشرب؟ أو أن تأكل؟ أو...الخ



أرى انه خير فعلوا أعضاء مجلس الشورى حين رفضوا فتح ذلك الملف المهترئ من أساسه، فليس من العقل أن تُعطى المرأة مفتاح السيارة وهي لا تمتلك مفتاح الخروج من البيت، فهي بحاجة أولا لأن تمتلك حقها الشرعي في تقرير مصيرها برفع الوصاية عنها، وان يكون لها تمثيلا في المحاكم الشرعية، ويُفتح لها جميع مجالات الدراسة والعمل، ويحق لها العلاج، وان تستأجر بيتا وتشتري سيارة وتمتلك خطا هاتفيا وتحصل على جواز سفر وتدخل الدوائر الحكومية بدون إذن من محرم، وان يكون لها تمثيلا في مجلس الشورى. خلاصة القول ان يٌعترف بالمرأة كإنسانة وان تُعامل كمواطنة قبل أن تقود السيارة ولن يتم ذلك الا بقرارات سياسية كما هو حاصل في بقية الدول العربية.



انه لأمر مقرف فعلا ومثير للاستياء أن نلوك قضايانا ونجترها كالبهائم بدون أن نخجل أو أن نشمئز.. لا ادري لماذا في هذه الحقبة الحرجة يطرح دكتورنا الفاضل محمد آل زلفة هذه القضية، حيث ان الناس في السعودية مازالت تترجى من الملك فهد أو من ولي العهد الأمير عبد الله أن يُصدر عفوا عن الإصلاحيين الثلاثة الشاعر علي الدميني، والدكتور عبد الله الحامد، والدكتور متروك الفالح. كان من الأجدر أن توجه أقلام الكتاب والصحفيين إلى دعوات إفراج عن هؤلاء الرجال، من اجل أن تفك محنتهم، وتُرفع عنهم عقوبة السجن، ليعودوا لأسرهم سالمين، بدلا من المهاترات عن قيادة المرأة السعودية للسيارة..تلك القضية التي لن تكلف الدولة سوى إصدار قرارا سياسيا شجاعا من اجل أن تُحسم، مثلما حُسم من قبل "اكبر مفاسد الدنيا" في نظر المعارضين وهو تعليم الإناث الذي اقره الملك فيصل رحمه الله في الستينات... فإما ذلك وإلا فضّوها سيرة...








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. إحدى المشاركات وتدعى مها ياسين


.. المشاركة مي الجرماني




.. حرائر السويداء لن تخيفنا محاولات الترهيب


.. هدية كمال إحدى المشاركات




.. إلهام ريدان وهي معلمة متقاعدة شاركت في احتجاجات