الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


بين خالد سعيد و رابعة العدوية

احمد عسيلي

2013 / 11 / 2
المجتمع المدني


بين هذين الحدثين الكثير و الكثير من الروابط مما يجعلهم معا يشكلون مرحلة تاريخية مميزة في التاريخ المصري.....هناك مرحلة بدأت بموت الاول وانتهت هذه المرحلة بصعود الثانية
لاشك ان الربيع العربي في مصر لقي زخما قويا بانتصار الثورة التونسية....لكنه كان قد بدأ قبل ذلك بكثير...و تحديدا مع استشهاد الشاب ابن الاسكندرية خالد سعيد
فحقوق الانسان و الثورات و الديمقراطية الحديثة لم تبدأ الا تماما كما بدأت قضية خالد سعيد ...احساس الاخرين بالمواطن الانسان الذي يشاركهم الهم و المعيشة....و بالتالي القدرة على تشكيل رأي عام قوي و صارخ ضد اي انتهاك لحق اي انسان مواطن
و خالد سعيد لم يكن شخصية مشهورة و ليس له اتباع و مريدين...هو انسان عادي اثار عنف السلطة المصرية ضده الكثير من ردود الفعل التي بدأت بسيطة و خجولة بأعداد لا تزيد عن 200 انسان....لتتضاعف الاعداد مئة الف مرة و يخرج 20 مليون انسان ليقولوا للسلطات المصرية كفى
اذن بدأت الاحداث بمشاركة وجدانية.....او (بفيض من المشاعر) كما عبرت الكاتبة الامريكية لين هانت في كتابها (نشأة حقوق الانسان)شارحة و مفصلة لبدايات نشوء فكرة حقوق الانسان في العالم
ففكرة حق الانسان بدأت ب(فيض من المشاعر) ترافق مع صعود نجم الرواية الاوربية و خاصة بمرحلتها الرومانسية و التي جعلت الاوربيين يتشاركون وجدانيا و يتعاطفون مع شخصيات الرواية..مما رقق احاسيسهم و جعلهم اكثر قابلية لرفض انتهاك حقوق الانسان التي كانت سائدة في اوربا
و هذا تماما ما حدث للمصريين....بل للعرب جميعا في بدايات الربيع العربي
كان هناك(فيض من المشاعر) جعل الشعب السوري ينتفض لمحنة اطفال درعا....و جعل الشعب التونسي ينتفض لمحنة البوعزيزي
هذه المشاركة الوجدانية جعلت الشعوب كتلة واحدة و حطمت ما بنته الدكتاتوريات السابقة بينهم من مشاعر حقد و كراهيات دينية و عرقية و طبقية
لذلك شاهدت كل المصريين بكل فئاتهم ينتفضون لرفض الذل الذي ألحقه بهم نظام حسني مبارك....و لذلك وجدت في بدايات الثورة السورية شعارات واحد واحد واحد....الشعب السوري واحد
و لا يوجد شيئ يرعب الدكتاتوريات اكثرمن قدرة الجماهير على تشكيل كتلة واحدة
الدكتاتورية تريدنا دائما فرادى.....تريدنا متفرقين حاقدين على بعضنا خائفين من بعضنا....و متمسكين بها كأحد الجدران التي تحول بيننا و بين ان نأكل بعضنا
من هنا بدأ النظام السوري بتشكيل (تجمع الاقليات) كحل ليقف في وجه (تجمع الاكثرية)....و ليعمل معوله في هدم وحدة الشعب
و من هنا جاءت حلة (شيطنة الاخر) في وسائل الاعلام المصرية
و الفصل الاخير و الاختبار الاول لنجاح هذه المهمة لدى السلطات المصرية كان في ميدان رابعة العدوية
ففي هذا الميدان تم اغتيال مئات الناس بطريقة همجية جدا ليكون اختبار لردة فعل الرأي العام المصري الاول حول تأثير سنة من شيطنة الاخوان في كل وسائل الاعلام
و للاسف...فان الاختبار نجح...وتقبل العديد من الشعب المصري قتل اناس اخرين يشاركونهم الوطن....بل و طالب الكثير منهم بالمزيد من القتل..لنشاهد العديد من الكلمات ك(احرقوهم....رابعة العدوي بحاجة لتفجير..) بعد ان كان مقتل مواطن واحد كفيل بزعزعة الاستقرار السياسي....اصبح مقتل المئات لا يؤثر الا على بعض الناس الذين لديهم قدرات شخصية قوية ليقولوا لا للقتل
و ما حدث في رابعة العدوية كان درسا جربه سابقا النظام السوري و نجح الى حد بعيد و كلمات كمثل احرقوهم و فجروهم التي شاعت في الحالة المصرية كنا نسمع مثلها في سورية بل و بشكل اكثر عنفا و دموية.....و كلنا يذكر دعوات الممثلة راغدة للنظام السوري كي يضرب معارضيه بالكيماوي
و هذا ما طبقه لاحقا النظام السوري في الغوطة و لم نجد اي اهتزاز للرأي العام المؤيد للعائلة الحاكمة.......
و انتهي بذلك (فيض المشاعر)الذي صاحب الانتفاضة التي اعقبت مقتل خالد سعيد.....ليتحول الى (براكين أحقاد) كالذي حدث بعد فض اعتصام رابعة العدوية
الان تسطيع الانظمة العربية استعادة الشعور بالامان و الرضى التام عن اوضاعنا......و الان اصبح بمقدورها استعادة الدور الذي كانت تلعبه..فالجو العام المناسب كي تلعب دورها اصبح متوفرا....و مجتمعاتنا اصبحت تطفح و تفيض كراهية و حقدا و رغبة بالانتقام من بعضها البعض
و السؤال المهم.....على من تقع المسؤولية في هذا التحول......هذا ما يجب ان نبحثه كي نستفيد من تجربة الربيع العربي الذي مربنا سريعا و نحاول ان نتلافيه في موجة الربيع العربي قادمة
و كل ربيع و انتم اكثر اخضرار








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تونس.. معارضون يطالبون باطلاق سراح المعتقلين السياسيين


.. منظمات حقوقية في الجزاي?ر تتهم السلطات بالتضييق على الصحفيين




.. موريتانيا تتصدر الدول العربية والا?فريقية في مجال حرية الصحا


.. بعد منح اليونسكو جائزة حرية الصحافة إلى الصحفيين الفلسطينيين




.. الأمم المتحدة التوغل في رفح سيعرض حياة الآلاف للخطر