الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الأحزاب الإسلامية وأزمة الدين والمدنية

مروان هائل عبدالمولى
doctor in law Legal counsel, writer and news editor. Work / R. of Moldova

(Marwan Hayel Abdulmoula)

2013 / 11 / 3
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


كان الدافع الأول وراء خوف المصريين والسياسيين والمتابعين للشأن المصري بعد سقوط نظام مبارك هو وصول حزب ديني إلى السلطة في مصر لا يملك خبرة سياسية و أدارية ولا مشروع نهضوي , حزب يعانى من أزمة حقيقة مع نفسه وأزمة اختلاف الرأي وأزمة الثقة في إخلاص النوايا ويتحالف هذا الحزب مع تيارات دينية متشددة أخرى , جميعها سيطرت على مجلس الشعب المصري و بالتالي الخوف زاد من هذا التحالف ومن قناعات المتحالفين الضيقة في إصدار قوانين تلغي أسس الحياة المدنية المصرية المنفتحة ومن سعي الإخوان للسيطرة على مشيخة الأزهر و مجمع البحوث و الإفتاء وبعدها أخونة الدولة وتحول الحكم الفعلي لمصر من الرئيس إلى المرشد العام الذي سيحكم شعب ينفرد بين دول المنطقة بالاعتدال والوسطية التي انعكست على الدين الإسلامي وجعلته مرناً ومفتوح الأبواب على جميع الطوائف والمذاهب التي يتشكل منها المجتمع المصري .
أن ارتباط الأحزاب الدينية العربية بالتشدد والإقصاء والابتعاد عن العلاقات الدولية الجيدة وعن تطوير البحوث العلوم وتطوير الاقتصاد والسياسة وحتى الفكر والانشغال بالدين ونشر أفكار الأحزاب الدينية المتطرفة , تعتبر كذلك من الأسباب التي تخيف الكثير من المحللين , وفي مصر مثلا حصرت الجماعة الإسلام بالإخوان وقد وضح ذلك من خلال خطب السيد مرسي وأحادية اتخاذ القرارات الدولية وفق رؤية الجماعة الإسلامية والمصلحية مثل قرار قطع العلاقة مع سوريا دون سبب واضح سوى ان الجماعة ترى في النظام السوري نظام علماني بيد أقلية من مذهب ديني أخر , فالأخوان يشكلون حزب إسلامي يعادي كل من يخالف فكره واسألوا من ولماذا في الماضي القريب طعن نجيب محفوظ وقتل فرج فوده وماذا كانت تُخبي اعتصامات رابعة والنهضة بعد تفريقها , وعن معناة المعارضين و الفنانين والكتاب والأدباء المصريين ابان حكم ألاخوان , ومايتعرض له ألان المعارضين للاخوان في اليمن وتونس وليبيا والسودان من سب وإهانة وتهديد عبر وسائل ألاعلام والصحافة التابعة لهذه الأحزاب الإسلامية التي أهملت جانب مهم وهو ان المسلمين عبر التاريخ لم يتخلوا يوما عن الإسلام والعلوم والفكر المتجدد وحتى ماضيهم كان مزدهراً ولذا ظهر علماء و رواد في الفكر الإسلامي مثل الفارابي والحسن بن الهيثم والمعتزلة , لكن في الوقت الحاضر كثرت أعداد الفقهاء والشيوخ الجهلة المرتبطين بأحزاب إسلامية الذين تركوا التراث الإنساني والتطور الإسلامي العريق وعملوا على تشكيل سدود وعوائق في حركة التطور العلمي والمناهج العلمية و البحث باسم الدين , والسبب ربط هؤلاء الشيوخ المتأسلمين الجدد والمتطرفين منهم العلوم والبحوث بمفاهيم دينية مغلقة وصلت بالبعض منهم أن يطلقوا على مسيرة العلم الفتاوى و كلمة حلال وحرام بمزاجية جعلت من العقل العربي محصور الاتجاه اسود المنطق ضيق البصيرة ينخرط في عمل جماعات وأحزاب مغلقة تستخدم الشعارات الدينية من اجل فرض رؤيتها الأيديولوجية الدينية المتطرفة على الجماهير مثل شعار الإسلام هو الحل , الشعار الأبرز للأحزاب الإسلامية مع تطوع بعض المتعلمين المثقفين والدكاترة المتأسلمين في إقامة ندوات وكتابة مقالات مختلفة لنشر الأفكار الكاذبة والتخاريف حول تلك الجماعات والأحزاب مستغلة حالة البؤس والإحباط والبطالة التي تجتاح الأوطان العربية فحاولت تلك الفئات المتعلمة تصوير الأحزاب الدينية التي تمسك بزمام السلطة بأنها تحاكي الأحزاب الدينية في أوروبا من حيث الانطلاقة ولكن بطريقة إسلامية وشريعتها , ودون احترام فارق الزمن وحركة التطور والوعي الإنساني , لان الحركة الدينية في أوروبا كانت بداية تشكيلها في نهاية القرن التاسع عشر وكانت تعرف آنذاك بأسم الديمقراطية المسيحية وهو ما يعني ارتباط الديمقراطية بما تحتويه من حريات وأخلاقيات بالدين وقد ظهرت الحركة آنذاك نتيجة لحالة الفقر والبؤس التي كانت تعيشها الشعوب الأوربية والعمال بدرجة خاصة وتصاعد الحركات النقابية في ذلك الوقت , وكان عمل تلك ألأحزاب الدينية المسيحية في ذلك الوقت يسمى (العمل الكاثوليكي الشعبي) عمل قائم على رفع مستوى رخاء الشعب وتطوير العلوم وتوفير فرص العمل وفق سياسة دينية مرنة وخطوط كاثوليكية عامة , يعني أن العمل لصالح الشعب هو من مهمة المسيحيين جميعا وبشكل موازي مع ذلك طورت الجماعات الدينية العمل الجماعي والحراك الديمقراطي للدولة ولم تثبت في أذهان الناس مفهوم إن الطريق إلى الحداثة والمدنية والتطور في النواحي الحياتية المختلفة يسير من خلال المسيحية والكنيسة , وفي الوقت الحديث الأحزاب الدينية في أوروبا تتخذ الاسم الديني فقط في وجودها ونشاطها السياسي, أما الخطب والصلاة في الكنيسة فيترك اختيارياً لأن هذه الأحزاب تفصل بين السياسة والدين ولا تسعى لفرض دولة دينية وتعيش مع دستور علماني يحفظ حقوق الجميع , وليس لديها أي ميليشيات ولا جماعات ولا أسلحة خاصة بها , وألان مثلاً الحزب المسيحي الديمقراطي في ألمانيا يقود اليوم أقوى اقتصاديات أوروبا .
أن خطابات الأحزاب الدينية الإسلامية المسيسة شهدت نموا متصاعدا في الوطن العربي التي تمرّ بمرحلة انتقالية وهذه ألأحزاب استغلت الفراغ السياسي وحالة الإحباط من حالة ما بعد الثورات لدى المواطن العربي و سعت لفرض أيدلوجيتها الدينية عن طريق المراوغة الناعمة واستخدام سياسة الغذاء مقابل الولاء مستغلة فقر المواطن العربي فتصرف له السكر والزيت والأرز والدقيق دون أن يسأل هذا المواطن من أين جأت هذه الأحزاب بالأموال لشراء تلك الكميات الهائلة من الأغذية , او تستخدم العنف أو الدعوة المبطنة بالتهديد لفرض أفكارها على المجتمع وتحارب الدولة المدنية و الدستورية و تسعى لفرض شريعة و قوانين على مقاسات عقولها الحجرية , دون السعي لتطوير أفكارها او تحسن من أدائها السياسي والعملي , اللهما تتفرد في استخدام الشعار الديني المدغدغ لمشاعر البسطاء لأنهم الأكثرية وإظهاره كشعار سياسي منقذ لهم ، وهو ما كان ملحوظاً بعد انفجار ما يسمى بالربيع العربي حيث استخدم الشعار الديني كمدخل روحاني للأحزاب الإسلامية لكسب الفقراء مثل ما حصل في مصر بعد الثورة التي أطاحت بالرئيس السابق حسني مبارك والتحضير لانتخابات 28 نوفمبر حينها استخدمت شعارات دينية وبكثافة مثل (معا على طريق النور , الإسلام هو الحل , نولي القوي الأمين....الخ ) .
الأحزاب الإسلامية عليها أن تختار بين العمل الدعوى أو العمل السياسي المدني المنفتح والمرن من خلال التعلم من الخبرات الدينية التاريخية التي سبقتها التي تخدم الشعوب والأوطان , وتدرك أن الشعارات والمرجعيات الدينية يجب قبل كل شئي أن تقدم مصلحة الشعب على مصالحها وأن تلتزم بقيم واضحة وغير مبهمة ومبادئ أخلاقية تستند على الإنسانية والعدالة والمواطنة وتترك أساليب الاستعلاء النرجسي عبر شعاراتها الدينية مثل الإسلام هو الحل الذي يحمل في طياته التفرقة بين الناس حسب معتقداتهم ومذاهبهم , شعار يدخل نفسه في أمور التحريم والتحليل الشخصية شعار اضر بالدين الإسلامي الذي يسع الجميع .
المسلم بسيط وطيب ومن السهل إغواؤه بالدين , ولكن الظرف ألان ليس في صالح جماعات الإسلام السياسي في ظل عصر العولمة والحصول السهل والسريع على المعلومة ومن الأفضل لها الابتعاد عن الكذب وعن التسلط على الشعب العربي المسكين بإسم الدين وبسكين الفتاوى وعذاب جهنم , صحيح أن الربيع العربي قد أعاد تشكيل السياسة الإسلامية في الوطن العربي وساعد على بروز أحزاب إسلامية وأعطاها زخم وقوة للوصول للسلطة ولكن هذه الأحزاب الإسلامية وعلى رأسها جماعة الأخوان فشلت وهي في القمة و كانت في نشوة الانتشار والقوة و زمام الأمور في أيديها , وستفشل من جديد أن لم تستفيد من درس سقوط ألاخوان في مصر, لأن الشعوب العربية لن تقبل أن تولد أنظمة شمولية واستبدادية تحكمها من جديد حتى وأن كانت إسلامية .


د. مروان هائل عبدالمولى
[email protected]








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بالأرقام: عمليات المقاومة الإسلامية في لبنان بعد اغتيال الاح


.. عبد الجليل الشرنوبي: كلما ارتقيت درجة في سلم الإخوان، اكتشفت




.. 81-Ali-Imran


.. 82-Ali-Imran




.. 83-Ali-Imran