الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الكون بين أزلية التفكير وإشكالية الوجود (niverse Between the eternal and the problem of thinking being –exist- )

سجاد الوزان

2013 / 11 / 3
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


ما هو الكون ( مفهوم الكون ) : What is the universe

الكَوْنُ : حُصولُ الصُّورة في المادة بعد أن لم تكُن حاصلة فيها كتحوُّل الطين إِلى إبريق .
الكَوْنُ استحالةُ جوهر المادة إِلى ما هو أَشرف منه .
ويقابله الفساد ، وهو استحالة جوهر إلى ما هو دونه، ويعرف أيضاً :
هو الوجود المطلق العام
وعلم الكون : (Cosmology)

يُبْحَث فيه عن العالم من حيثُ قوانينه الطبيعيّة التي يسير بمقتضاها
وهو علم يبحث في مظهر الكون وتركيبه العام .
والكون بنظر الكوسمولوجيين مع ما أستنتجناه من جميع التعاريف :
هو كل شيء يمكن أن تفكر فيه، فهو يشمل أدق الجسيمات في هذا الوجود إلى أكبر ما تحتويه المجرات الفائقة الحجم، ويتعدى إلى أن يشمل كل ما هو موجود وما وجد وما سيوجد، ويمكن أعتبار الكون بمعنى الوجود المطلق والذي يشمل كل الموجودات، والتي ستعود وتنسب إلى ذلك المطلق .
وأما الوجود : (existence´-or-being )
بدايتاً يقول " نيتشة " :
(( ما هو الظاهري عندي من المؤكد أنه ليس عكس الوجود، فما عسى يمكنني أن أقول عن الوجود مهما كان صفات ظاهرة ... إن الظاهرة ليس عندي قناعاً لا حياة فيه، إن الظاهر عندي هو الحياة والفعالية ذاتها، إنها الحياة التي تسخر من ذاتها كي توهمني بأن لا وجود إلا للمظاهر ))
لذا فكلمة (( الوجود )) التي تعتبر مبدأ الاشتقاق لكلمة (( الموجود )) مصدر يتضمن معنى (( الحدث )) وينسب إمّا إلى الفاعل أو إلى المفعول، كما إن كلمة (( الموجود )) اسم مفعول ويتضمن معنى وقوع الفعل على الذات، وأحياناً تكون كلمة (( الموجود )) مصدر جعليٌ هو (( الموجودية )) ويستعمل بمعنى الوجود* .
*المنهج الجديد في تعلم الفلسفة : محمد تقي اليزدي ص 276
ويقول الفلاسفة المسلمون (( كيف تطلقون لفظ الوجود على الله فتقولون – وجود محض – في حال إنه لا يجوز حمل المصدر على الذات ))، ولا نريد الخوض في هذه المسألة لأنها تعقد مفهوم الوجود فلسفياً أكثر مما هو عليه .
وتحصيل الحاصل هو إن المفهوم الفلسفي للوجود يساوي مطلق الواقع، وقد يقابل العدم، بل يمكن عده نقيضه حسب اصطلاح الوجود، لذا فلا يمكن أن يكون الوجود ظاهراً، ويقابله العدم بالظهور مثلاً :
أنت عندما تقول (( زيدٌ موجود ))، لا يمكن أن يكون زيدٌ وفي نفس ذلك الوجود معدوم، كما إنه إذا كان معدوماً في نفس ذلك العدم، لا يمكن أن يكون موجوداً .
لذا نسأل ما هي ماهية الوجود ليجعله يكون واضحاً من حيث وجوده ؟
قبل البدء ببيان تنوع الوجود، لا بد من توضيح والإجابة على الأسئلة التالية :
i. هل إن الوجود والماهية حقيقة واحدة ؟
ii. هل إن الوجود والماهية متحدان ؟
iii. هل إن الوجود والماهية حقيقة واحدة أم متحدان أم متغايران ؟
إن الوجود والماهية من حيث وجودهما في عالمية الوجود الذهني هما مفهومان متغايران، أي إنهما مفهومان ذهنيان وليس مفهوماً ذهنياً واحداً، ولكن عند ملاحظة الوجود في الخارج فسيكونان متحدان، فلا يوجد في العالم الخارجي أي تعدد أو كثرة لمفهوم الوجود، فلا يوجد شيء في العالم الخارجي له حيثية معينة من جهة وله حيثية أخرى من جهة أخرى، أو له واقعيتان، أحداهما الوجود والآخر الماهية .
ولبيان الفرق بين الوجود والماهية وأنهما متغايران :
i. إذا كان الوجود عين الماهية أو جزئها، استحال نفي الوجود عن الماهية، في حين نجد إن عملية نفي الوجود عن الماهية أمرٌ ممكن، لأنه لو أصبح الوجود عين الماهية أو جزئها، عندئذ يصبح الوجود ذاتياً بالنسبة للماهية، وذات الشيء لا يمكن سلبه عن شيئيته، فمثلاً عند تعريف الخط وهو المثال الأوضح والذي يستخدمه الفلاسفة نقول : (( هو كمٌ متصل ذو بعد واحد ))، فمجموع هذه المفاهيم الثلاث تشكل مفهوم الخط، أي لولا توفر هذه المفاهيم لما وجد مفهوم الخط ولما تكون، فلا يمكن سلب مفهوم من هذه المفاهيم عن الخط، فنقول إنه ليس كماً أو ليس متصل أو ليس ذو بعد واحد .
في حين نجد إن الوجود يمكن سلبه عن الماهية، فنقول الخط معدوم، أو الإنسان معدوم .
ii. لو كان الوجود عين الماهية أو جزئها يكون اثبات الوجود لأي ماهية غنياً عن الدليل، حيث تصور أي ماهية يكون كافياً لوجودها، في حال إن وجود الماهية لي من الأمور البديهية بل يحتاج إلى أقامة البرهان عليه، بعكس مفهوم الوجود .

بداهة مفهوم الوجود : -
من أبحاث التي تقوم بها نظرية الوجود هو بحث بداهة الوجود، حيث يكون موضوع الفلسفة الأولى هو الموجود .
مفهوم الوجود هو من الأمور البديهية والتي تكون مستغنية عن التعريف، حيث إن كل فرد عاقل يمتلك تصوراً واضحاً وجلياً عن هذا المفهوم، وكما إنه لا يمكن الاستدلال على الأمور البديهية بل نكتفي بحضور ذلك المفهوم وتصوره، فبمجرد أستحضار التصور لأي شيء تريد أن تحقق وجوده واقعياً، سوف لن تجد صعوبة في ذلك لأن نفس المفهوم داخلٌ في البساطة، لأن أنعدام الشيء يعني بالضرورة غياب وجوده لأي حالٍ من الأحوال، لذا أستحالة الوجود للعدم، تثبت لنفس سبب بساطة فهم ذلك المعدوم بأنه معدوم، أن الشيء موجود فيكون واضح وعلى بساطته .

فعندما تتخيل أنت عملية حسابية كأن تكون ( 1 + 1 ) فأنت لا تحتاج إلى التفكير لتقول إنها مساوية إلى (2) ففي هذه العملية الرياضية أنت لا تستطيع أصلاً أن تبحث عن أي استدلال يفيدك في معرفة هذه النتيجة بل مباشرة قلت إنها مساوية إلى الاثنين، وهذا يعني أنه يتعذر عليك استخدام أي استدلال في هذه العملية لكونها بديهية .
إذا فهمت ذلك، فأقول الوجود ومفهومه أيضاً أمرٌ بديهي، أي تصورك نحو وجودك الآن في الغرفة وأمام جهاز الحاسوب أمر واضح وجلي ولا يحتاج إلى التفكير، بل نحن نقول إن من يشك ولو عين أنملة في ذلك فهو لا محال مريض ولا بد من معالجته .
ويمكن أن نلخص الوجود مفهوماً بالتعريف التالي :
(( إن الوجود هو عبارة عن ثبوتية الذات، والمتعلقة بذلك الوجود عيناً وبنفسياته، وأما الموجود فهو الثابت الذات )) .
مرتضى مطهري : شرح المنظومة ص22 ( بزيادة )
ولا يمكن عد هذا التعريف مطلق ومحكم، لأن الموجود كما هو واضح عند الفلاسفة مستغنياً عن التعريف والإثبات، فعندما تريد أقامة البرهان عليه فأضن إن أرادتك وأرادتنا لا تدخل حيز الإمكان .
لذا فعندما نقول إن ( س هو ص )، فذلك يعني إن ( ص ) هي صفة عارضة لــ ( س ) وبما إن المحمول هو صفة عارضة لما هو موجود وذلك لأن* :
a) إما أنهما ينتميان معاً بطريقة عرضية لشخص واحد هو الموجود .
b) أو بسبب إن المحمول ينتمي عرضاً إلى الشخص الذي هو نفسه الموجود.
c) أو بسبب إن الموضوع الذي ينتمي إليه كعرض ما يحمل ماهو نفسه موجود .
*مدخل إلى الميتافيزيقيا : أ .د أمام عبد الفتاح :ص350

الوجود الكوني من منظور العلم الحديث(Modern science ) :
يقول عالم الفلك ( كارل ساغان ) والخبير والمستشار لـ ( ناسا ) :
(( ومع وجود هذا العدد الكبير جداً من النجوم فما هو احتمال أن يكون لنجم واحد منها – وهو الشمس – كوكب مسكون؟ولماذا يجب أن نكون نحن، سكان الكرة الأرضية الموجودين في زاوية منسية من الكون، على هذا القدر من الحظ ؟ )) .
كارل ساغان : كتاب الكون .ص23
ويقول أيضاً في كتابه كوكب الأرض :
(( إن بعض الصور الفوتوغرافية الحديثة المأخوذة لعمق السماء توضح وجود عدد من المجرات خلف مجرة درب التبانة يزيد على نجوم مجرة درب التبانة ذاتها، وكل مجرة منها هي جزيرة كونية ربما تضم مئات البلايين من الشموس، وتعد مثل هذه الصور موعظة عميقة في التواضع )) ص 36
وكما هو معلوم فأن البليون يساوي الف مليون أي ( 1,000,000,000= 10^9 ) .
بل إن تناسق وترابط العلوم فيما بينها هو عامل من عوامل الإبداع في الكوني الذي أصبح لازاماً من غير قصد ولا وضع .
فمثلاً عندما نلاحظ مسلك تفاعلٍ ما وفي نظام كيميائي معين، كأن يكون تفاعل تكون جزيئة الماء، فلتوليد هذه الجزيئة وتصبح حقيقة الوجود في النظام الطبيعي الذي يحتظنها، لا بد من توفر ذرتين من الهايدروجين، مع ذرة من الأوكسجين وكما في التفاعل التالي :
2H + 1/2 O2 = H2O
وهكذا تزداد احتمالية تواجد اكبر عدد جزيئات الماء في الطبيعة، مع زيادة احتمالية تواجد المادة الأولية للماء من ( H ) و ( O ) طردياً، وهكذا بالنسبة لباقي الموجودات .
أما بايولوجياً فإن تجمع أكبر عدد من الحيوانات المنوية أو النطف لتخصيب بيضة واحدة، هو نظام قد لا يكون طردياً بمقارنة كثرة ما يقذفه الرجل من حيواناته المنوية، مقابل تحرك بيضة أو أكثر من قبل المرأة لتخصيب تلك النطفة وتكوين الزيجة التي ينتج منها الكائن الحي، ولكن هذا النظام يمكنه اعتباره أيضاً طردياً وبامتياز، وذلك لأن حيواناً منوياً واحداً هو الذي يصل إلى تلك البيضة ويقوم بعملية الإخصاب، وأما احتمالية الحياة للنطف الأخرى يضعف لكون غالبيتها يموت قبل وصوله للمستودع نتيجة طول المسالك، كما وإن غشاء البيضة ولأختراقه يحتاج إلى إنفاق أكبر عدد من النطف لتهديم ذلك الغشاء .
لذا فكل الموجودات لا بد من انبثاقها من مادة أولية تكون سبب في وجودها وتكوينها، وزيادة احتمالية وجود هذه الموجودات يتناسب مع كمية ودقة ونوعية تلك المادة .
فوجود الإنسان وخليقته يحتاج إلى مادة متناهية في الدقة والنوعية والإبداع، مع مراعاة الكمية لكل عضو من أعضائه وموضعه ومحله، كما في جزيئة الماء، وفي النظام الفلكي، فنقصان سرعة وحركة الأرض يزيد من احتمالية خلخلة حركة الأرض، كما إن ابتعاد الأرض عن مركز الشمس أكثر مما هي عليه أو اقترابها أكثر، يزيد من احتمالية حرقها أو تجمدها .
فقد أصبح معنى الوجود الكوني اليوم أكثر وضوحاً وأقل تعقيداً كما أرى على الفكر والتفكير، بل وأصبح من ينكر الوجود المطلق أو الحقيقي أن يأتي بدليل يحمل بين طياته براهين تنفي وضاحة الوجود وبساطته، أما تسلسل الأحداث الكونية وأمام انتظامها وتقنيتها المبدعه في الحركة من جانب والظهور الواضح لفعالية الكون من جانب آخر في عملية السيرورة الوجودية للبشرية أو الإنسانية .
ويقول هيدجر في علاقة الوجود بالتقنية :
(( التقنية تريد أن تجعل الوجود في انتظام، هذا في حيث أن هذه الكيفية في التنظيم هي التي تسوي في انتظام الانتاج ووحدته بين كل المستويات، أي بين كل المراتب ))* .
Heidegger (M) Chemins qui ne menent nulle part.
Trd : Brakmeair. Gallimard. 1992. P 354
وإن كان مجيء هذا الإنسان التقني أمراً مفروغ منه، وذلك لأن التقنية في نفس الوقت هي تكبيل لحرية الوجود الإنساني، والتي ستصطدم مع كونية العالم الإنساني .
لذا فإن الإنسان ( ككائنٍ كوني، وككائنٍ وجودي عقلي ) قد أخذ منه التفكير بالظواهر الكونية مأخذ كبير، وحتى بانت له حقائق وخفايا هذا الكون، وحتى أخذ يستقر فكره وتأملاته شيئاً فشيئاً نحو الموضوعية والتخصصية العلمية، فأفرد العلوم وخصص البحوث، ووسع أدواته البحثية والاستكشافية، وكل ذلك رغبتاً منه في الوصول إلى حقائق مطلقة، ويقينيات كاملة إلم تكن تامة ليستشعر الأرتياح والطمئنينة في وجوده، ومعرفة أوليته ونهايته ( بدايته ونهايته )، وسبقى هذا الكائن العقلي يبحث وينتج ويتأمل ناشداً تلك الغاية التي يرمي إلى تحقيقها وهي معرفة :
(( أصل وجوده، وحقيقة نهايته، وإلى أين يسير، ولما يسير ))

(1 المنهج الجديد في تعلم الفلسفة : محمد تقي اليزدي ص 276
(2 مرتضى مطهري : شرح المنظومة ص22 ( بزيادة )
(3 مدخل إلى الميتافيزيقيا : أ .د أمام عبد الفتاح :ص350
(4كارل ساغان : كتاب الكون .ص23
Heidegger (M) Chemins qui ne menent nulle part. (5
Trd : Brakmeair. Gallimard. 1992. P 354
نقلاً أشكالية الوجود والتقنية لمارتن هيدجر ص105.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. 200 يوم على حرب غزة.. ماذا جرى في «مفاوضات الهدنة»؟| #الظهير


.. مخاوف من اتساع الحرب.. تصاعد التوتر بين حزب الله وإسرائيل| #




.. في غضون أسبوع.. نتنياهو يخشى -أمر- الجنائية الدولية باعتقاله


.. هل تشعل فرنسا حربا نووية لمواجهة موسكو؟ | #الظهيرة




.. متحدث الخارجية القطرية لهآرتس: الاتفاق بحاجة لمزيد من التناز