الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حائط الاخطاء : مغالطات في طريقة التفكير .

مصطفى الصوفي

2013 / 11 / 5
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


اي طرح يناقش مشكلة, يقسم الى قسمين , اولا الاعتراف بأن المشكلة هي مشكلة عامة تشمل الكل, ثانيا نقدها باعتبارها مشكلة موجودة في دائرة محددة و معينة بصورة خاصة تمثل الجزء .
اي يعني اذا قام احدهم بنقد اي فقرة او حالة اجتماعية او تأريخيه يوجد فيها خرق لحقوق الانسان او اي سلبية اخرى يمكن نقدة وتشخيصها على انها خلل , فهو ينتقدها بصورة خاصة , بدون الحاجة لعمومها لان من البديهي حين اعتبارها امر غير خاطئ في بيئة معينه فلن يحتاج لذكر امثله واسعة وشاسعة في مجتمعات اخرى وبيئات اخرى , فهو يأخذ الخطي العام و ينتقده بصورة خاصة في بيئته .

حائط الاخطاء ! :

هل صادفكم يوما ان تحاسبوا طفلا على خطئ ما ؟.
مثلا لماذا ضربت اختك فاطمة ؟. او كسرت هذا الشيء ؟. ثم يبرر فعله ويرمي حجته بأن حسام ابن الجيران او ابن الخال البعيد : قد قام بكسر هذا الشيء ! . او ان حسام قام بضرب رقيه ايضا !.
هذا منطق يلتجئ اليه الانسان قليل الخبرة في الفلسفة والفكر . احيانا كثيرة ما يصادفنا اشخاص في الحياة , يناقشونا باستخدام هذا المنطق . يتطور هذا المفهوم عند الاخرين الى شكل اخر احب ان اسميه "حائط الاخطاء " .فهو حائط نزرع به مساميرنا حينما نعجز عن تقبل فكرة تحمل مسؤولية اخطائنا التي نرتكبها . وكي نفهم هذا الخطأ المنطقي بصورة دقيقة .

سنأخذ أمثله اخرى :-

سكان المريخ هم سبب الاحتباس الحراري : -

لو فرضنا اننا نعاني من مشكلة في كوكب الارض ,و هناك كائنات تعيش في كوكب المريخ و البشر المسؤولين عن المشكلة في كوكب الارض , فهل من المنطقي التحدث عن و انتقاد سكان كوكب المريخ قبل التحدث عن البشر في كوكب الارض ؟! .

كن منصفا وتحدث عن الغرب ايضا :-

واكثر "حائط " يستخدمه العرب المسلمين لرمي الاخطاء هو "الغرب" , كي تكون منصفا بنظرهم فعليك انتقاد الغرب قبلهم ومحاسبته ! رغم ان الغرب لا يعيشون معك و لا يفعلون ما يفعلوه هم في هذا المكان وفي هذا الزمان !..

في الحياة العامة :-

تحدث دائما تلك الحالة في الجامعة , حينما تقرر احدى الجامعات فرض الزي الموحد كنظام الزامي للجامعة , ثم يبدأ مجموعة من الطلاب بالاعتراض بحجه :- هل الطلاب في امريكا يرتدون الزي الموحد ؟! او هل الطلاب في الجامعة الفلانية يرتدون الزي الموحد ؟. واحيانا يكون المنطق اكثر سوء (انا لن ارتدي الزي الموحد حتى يرتديه كل الطلاب في الجامعة ! ).
قد اتجرأ قليلا واربطها بالمفهوم السابق حول الغرب (ليس مطلوب مني ان اكون انسان جيد حتى يكون كل الناس جيدين)

انتقد البوذية :-

هو لماذا تنتقد الفكر الاسلامي ؟ لماذا لا تنتقد البوذية و الديانات الباقية ؟.

بالتأكيد , النقد وارد ويصل الى كل الافكار , لكن ليس من المنطقي نقد البوذيين الذين يعيشون في هضبة التبت او جبال الهملايا ! وانت تعيش وسط المسلمين في الاردن !. النقد يكون دائما ما يكون على المشاهدة التي امامك وليس على اشياء بعيدة عنك !.
هل من المنطقي ان انتقد سكان المريخ ! وانا اعيش في كوكب الارض ومشكلتي مع البشر في كوكب الارض !؟. ثم انا اسعى لتحسين بيئتي في هذا المحيط وتطوير الناس الذين اعيش معهم ! لان هذا سيجعل حياتي وحياتهم افضل واكثر راحه وسعادة ما لداعي ان انتقد بيئة وناس بعيدين عني اشد البعد .

حائط الاخطاء يستخدم كي نتهرب من الاعتراف بالمشكلة , انه اشبه بلف ودوران حول حلقه مفرغه , ورمي بسمره الخطأ على حائط الاخرين وجر النقاش الى ذلك الحائط مما تسبب تتشتت النقاش وتضيع الفكرة الاساسية والفائدة تماما !.

كيف اتجنب هذا المنطق ؟.

لتجنب الدخول في هذا الخطأ المنطقي , حاول حصر مفهومك والتركيز على الموضوع ومناقشة المشكلة الاساسية ومحور الحديث والاعتراف بإشكاليتها ان وجدت , فالكمال المطلق هو امر يخالف نواميس الحياة الطبيعية , والنقد مهما كان نوعه واسلوبه فهو مفيد لكونه يجعل المُنتَقد اكثر تطور وافضل من السابق .
فاذا كان النقاش والطرح حول العرب فتحدث عن العرب فقط وناقشهم, ويبقى موضوع الغرب هو موضوع اخر يمكنك طرحه بصورة منفصله وليس اثناء النقاش حول مشكلة تخص المجتمع العربي , لان هذا سيجعلك اشبه بالطفل الذي يبرر مصائبه بحسام .

لماذا يستخدم البعض هذا الاسلوب؟

طبعا بالإضافة الى الجهل في طريقة التفكير الصحيحة والرصينة , تكمن مشكلة اخرى قد تكون موروثة ثقافيا من الاخرين و تحمل طابع الانانية الموروثة والنزعة النفسية .
الكثير منا حينما يكون في مشكلة او مصيبة , فهو مدفوع بصورة غريبة لأن يصبغ العالم كله بمصائبه ,فهو حينما يكون حزينا في لحظة معينة فهو يريد للجميع ان يحزنوا مثله , وحينما يكون فرحا وسعيدا فهو ايضا يرغب في ان يكون العالم كله مثلة , وكثيرا ما توفر مصائب الاخرين نوع من الراحة النفسية حينما تكون لدينا نحن ايضا مصائب ! . وقد نحسد الاخرين على افراحهم وحياتهم الايجابية حينما تكون حياتنا سلبية !.وقد يصل الامر لأن نتمنى زوالها عنهم خصوصا ونحن نغوص وسط المنا واوجاعنا !.

مع هذه السلوكية هناك فهم اخر للنقد يمتاز به الشرق اوسطين بالذات وهو امر نابع من ثقافتهم وموروثهم ايضا , فهم يعتبرون ان في النقد نوع من المثلبة او كشف العورات , و العورة حسب الثقافة الشرق اوسطية يجب ان تستر وتخفى عن الانظار مهما كانت فجاعتها و فداحتها وتأثيرها السلبي فينا , واي كشف لهذه العورة يعتبر مصيبة وفضيحة لا نرغب بالغرباء ان يعرفوها , فكيف بابن الدار ان يكشف ويتحدث عن هذه العورات ويكشفها بكل صراحه .
انها مصائبنا التي كشفت , فعلينا ان نتحدث عن عورات الاخرين حتى تهون علينا مصيبتنا ! اليس كذلك ؟!.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أسامة بن لادن.. 13 عاما على مقتله


.. حديث السوشال | من بينها المسجد النبوي.. سيول شديدة تضرب مناط




.. 102-Al-Baqarah


.. 103-Al-Baqarah




.. 104-Al-Baqarah