الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هوامش يومية على جدران الثورة المصرية –ثورة 25 يناير- 8

نهرو عبد الصبور طنطاوي

2013 / 11 / 8
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


16 يناير 2013
لماذا أناصر التيارات الإسلامية سياسيا في هذه المرحلة؟:
كثير من الناس يسألونني: لماذا تساند التيارات الإسلامية سياسيا وأنت لا تنتمي لهم فكرياً؟.
بالتأكيد الجواب تفصيليا على سؤال كهذا يحتاج إلى مقال مطول ومستفيض يستوعب كثير من الحيثيات والمبررات، ولكن لا بأس من ذكر بعض رؤوس الأقلام التي قد تغني عن الإسهاب والتطويل بغرض الجواب على هذا السؤال، وهذا على النحو التالي:
لا شك أن هناك صراع حضارات وثقافات بين الشرق العربي الإٍسلامي والغرب الأوروبي المسيحي منذ عقود طويلة، وربما يراه البعض منذ قرون طويلة، فأرى أن هذا الصراع قد أدى إلى انقسام حاد بين أبناء الشرق العربي الإسلامي، هذا الانقسام أدى إلى وجود (قسم) عبارة عن شرذمة قليلين وهم من يطلق عليهم مسمى (التيارات المدنية)، وهم أولئك الذين يتبنون الأفكار والمقولات الغربية في الفكر والثقافة والسياسة، و(قسم) آخر وهم أكثرية وهم من يطلق عليهم التيارات الإسلامية السياسية، وهم أولئك الذين يتبنون ما يطلقون عليه مشاريع إسلامية لإدارة شئون الحكم والسياسة والاقتصاد والاجتماع والثقافة.
وهناك عشرات التفصيلات والعناصر والدوافع والأسباب التي أدت إلى تكوين وتشكيل كل قسم من القسمين، والتي لا يمكن ذكرها وحصرها هنا تفصيلا.
إلا أن هذا الانقسام في حقيقته كما أراه أنا هو عبارة عن صراع طبقي بين تلك الطبقة التي نشأت منذ عهد (محمد علي باشا) من خلال بعثاته العلمية إلى أوروبا وتبنوا حينها النظريات والأفكار والمظاهر والأنماط الثقافية الغربية ويحاولون عابثين منذ قرنين كاملين أن يطبقوها عنوة على شعوب الشرق لكنهم قد فشلوا فشلا ذريعا في تحقيق أي تقدم أو نهوض لشعوبهم، رغم أنهم كانوا يتقلدون مقاليد كل شئ في بلدان الشرق من ثقافة وإعلام وتعليم واقتصاد وغيره، وهناك أسباب كثيرة جدا لهذا الفشل الذريع ليس هنا مجال سردها أو حصرها، وهؤلاء قد انحازوا للسلطة الحاكمة وتمرغوا في نعيمها وخيراتها وأكلوا على موائدها حتى ظنوا أنفسهم أو هيئت لهم عقولهم المريضة أنهم هم وحدهم من لهم الحق الطبيعي المشروع في إدارة شئون البلدان دون سواهم، وما كان منهم إلا أنهم فرخوا الطغيان والاستبداد والفساد والتخلف والخراب والدمار والانحطاط بكافة أشكاله وألوانه في شتى ربوع الشرق.
وبين هذه الطبقة التي تقول أن لديها مشاريع إسلامية لنهضة وتنمية شعوب الشرق، فهؤلاء قد انحازوا منذ بداياتهم الأولى إلى الدين والمقولات الدينية وانحازوا إلى الشعوب والفقراء والعشوائيات والمهمشين لتقديم المساعدات الخدمية بكافة أشكالها، فصارت لهم جماهيرية وتواجد عريض بين الناس.
ومن خلال معرفتي الدقيقة بأفكار وواقع التيارات الإسلامية أستطيع القول أن جماعة (الإخوان المسلمين) ليست جماعة دينية بالمعنى العلمي الحقيقي للجماعة الدينية، إنما هي محض جماعة سياسية في الأساس اتخذت من أخلاقيات وسلوكيات وشعائر وضوابط ومفردات الدين الإسلامي منهجا سلوكيا تنظيميا لتربية الشباب وتنظيمهم بمهارة وكفاءة عالية وضمهم إليها، وأعتقد بل أقطع وأجزم أن (جماعة الإخوان) ليس لديها رؤية سياسية لنظام حكم سياسي حقيقي مقتبس من الدين الإسلامي يواكب العصر، إلا بعض المقولات والشعارات الدينية المقتبسة من الدين والتاريخ والفقه الإسلامي كـ (البيعة والخلافة والشورى وأهل الحل والعقد) فحسب.
أما التيارات السلفية والجماعة الإسلامية وجماعة الجهاد فهي جماعات دينية حقيقية بالمعنى الحقيقي للجماعة الدينية، تقوم هذه الجماعات على عقيدة دينية واضحة محددة صارمة لا مساومة عليها ولا حياد عنها، وهذه الجماعات مثلها مثل جماعة الإخوان ليس لديها رؤية سياسية لنظام حكم سياسي حقيقي مقتبس من الدين الإسلامي يواكب العصر، إلا بعض المقولات والشعارات الدينية المقتبسة من الدين والتاريخ والفقه الإسلامي كـ (البيعة والخلافة والشورى وأهل الحل والعقد) فحسب.
وهكذا التيارات التي تسمى بالتيارات (المدنية) فليس لدى جميعها على اختلاف تنويعاتها ومشاربها في أي دولة عربية أي رؤية سياسية أو اقتصادية أو علمية أو مجتمعية للنهوض ببلدان الشرق إلا محض شعارات ومقولات جوفاء فارغة وبعض أحاديث هرائية عن العلمانية والليبرالية والمدنية والحداثة وحرية تعرية أجساد النساء تحت شعار (حقوق المرأة)، محض شعارات جوفاء فارغة لا تسمن ولا تغني من جوع.
لكن الفارق بين هذين الفريقين أن فريق التيارات الإسلامية فريق منظم منضبط له قبول واسع بين الجماهير لالتصاقه بها ومشاركتها في أحزانها وأفراحها ومعاونتها في كثير من المجالات، وأثق تمام الثقة أنهم لن يسرقوا هذه الأوطان كما فعل خصومهم من التيارات (المدنية) على فترة قرنين كاملين، وأرى أنهم لو تمكنوا وأخذوا فرصتهم الكاملة سوف لا يكونوا بهذا السوء الذي كان عليه أدعياء المدنية على مدى قرنين كاملين من الزمان.
فإني بكل تأكيد وحسم لا أميل فكريا ولا تنظيميا إلى أي من التيارات المصرية لا الدينية ولا المدنية ولي فكري الخاص بي الذي أنا مسئول وحدي عنه أمام الناس في الدنيا وأمام الله في الآخرة.
ولكني أرى كل التيارات التي تدعي المدنية في مصر قد أخذت فرصتها كاملة وبزيادة أكثر كثيرا من اللازم منذ عهد محمد علي باشا وحتى سقوط مبارك، وهذا هو حالنا البئيس الذي وصلنا إليه على أيديهم باديا للعيان ولا يخفى على شخص مصري أو عربي واحد كبير أو صغير، وبالتالي فحكمي على هذا التيار ورموزه هو حكم من خلال وقائعه التاريخية وممارسته وإفرازاته ونتائجه عقب قرنين كاملين من الزمان، وبالتالي فأنا أقول بكل وضوح ودون مواربة أو مراوغة وأعلن هذا في كتاباتي منذ زمان فلنجرب التيارات الإسلامية ولتأخذ فرصتها كاملة من الوقت والسنوات لنرى ماذا قدمت وماذا أنجزت حتى أحكم عليها.
أما أن يكون لي خصومة نفسية شخصية مع هذا التيار أو ذلك من التيارات الإسلامية أو أكون مريضا بالحقد والعداوة والبغضاء للإسلاميين كبعض الناس لا لشيء سوى أنني لا أنتمي إليهم فكريا وأيديولوجيا وأخالفهم في أفكارهم وسلوكياتهم وعقائدهم فهذا ليس من طباعي ولا من مبادئي. ومهما قيل ومهما سمعت ومهما رأيت من التيارات الإسلامية ومهما حكى عنهم الحاكون، فليس من الإنصاف ولا العدالة ولا الأخلاق أن أحكم عليهم دون إعطائهم فرصة كاملة من الوقت وليكن حتى عشر سنوات أو حتى عشرون سنة، وساعتها أستطيع أن أحكم على هؤلاء الناس وأقيمهم هل يصلحون للحكم بأفكارهم ورموزهم وشخوصهم وهل قدموا شيئا لهذه الشعوب أم لا.
وإن أشار لي أحدهم إلى التجربة السودانية والأفغانية والصومالية سأشير له إلى التجربة التركية والماليزية والإندنوسية وغيرها.
وليس لدي ما أخجل منه من قناعات وأفكار حتى أخفيه عن الناس وأظهر خلافه، وأعلن بكل صدق ووضح وصراحة اختلافي الكلي والجذري مع التيارات الإسلامية بلا استثناء فكريا وعقائديا وتنظيميا، ولكني في هذه المرحلة أتعاطف معهم بشدة وأساندهم بكل قوة ضد من أراهم محض ذئاب مسعورة عقورة من أدعياء المدنية والليبرالية والعلمانية الذي جربنا أمثالهم ونظراءهم وأشباههم قرنين كاملين من الزمان فلم نر منهم إلا الفساد والظلم والطغيان والانحطاط والخراب والدمار المادي والإنساني والأخلاقي، ولم نر منهم إلا الخيانة والعمالة والتواطؤ ضد بلدانهم وشعوبهم، فأرى من حق التيارات الإسلامية أن تأخذ فرصتها كاملة ولنرى ماذا يعملون، وإلا فما البديل الآن سوى العودة إلى الماضي بنفس شخوصه ورموزه وأفكاره وممارسته التي ثارت عليها شعوب الشرق؟؟.

19 يناير 2013
أهل المدن وأهل الريف: من يقود من؟ ومن يتبع من؟:
من الثابت علميا وتاريخيا وواقعيا عبر مسيرة البشرية الطويلة أن (أهل المدن) ما هم إلا محض تابعين منقادين لنخبة وصفوة (أهل الريف وأهل القرى وأهل البادية)، فلم يذكر لنا التاريخ أن قائدا واحدا أو زعيما سياسيا أو دينيا أو عسكريا أو مفكراً ذا قيمة أو تأثير أو أديباً أو عالماً أو شاعراً أو فيلسوفاً أو مخترعاً خرج من بين أهل (المدينة) في أي بقعة من بقاع الأرض على مدار التاريخ الإنساني كله.
إنما الثابت علميا وتاريخيا وواقعيا إلا فيما شذ وندر أن الأنبياء والمرسلين والقادة والزعماء السياسيين والعسكريين والمفكرين والعلماء والفلاسفة والأدباء والشعراء والمبدعين والمخترعين الذين أثروا الحضارة الإنسانية والذين غيروا مجرى تواريخ العالم والأمم والشعوب وأثروا فيهم وقادوهم _حتى الطغاة والمستبدين منهم_ كانوا جميعا من (أهل القرى وأهل الريف وأهل البادية) وكان بعضهم من بين أهل المناطق الشعبية الأكثر فقرا وعشوائية، وما كان (أهل المدن) عبر التاريخ الإنساني كله إلا محض عالة وأتباع ومنقادين وتلاميذ لـ (أهل القرى وأهل الريف وأهل البادية).
فهذه ظاهرة جديرة بالدراسة والبحث، ولا أظن على حد علمي وقراءاتي في (علم الاجتماع) أن أحداً من علماء الاجتماع في الغرب أو في الشرق قد انتبه لها أو تناولها بالبحث والدراسة، مع العلم أن المفاهيم الأساسية في علم الاجتماع هي: (المجتمع، الثقافة وخصائصها، البناء الاجتماعي، النظام الاجتماعي، العمليات الاجتماعية، النسق الاجتماعي). ورغم أنه يوجد من بين الموضوعات والفروع التي تناولها علم الاجتماع: فرع (علم الاجتماع الحضري)، وفرع (علم الاجتماع الريفي والبدوي)، حيث يبحث علم الاجتماع (الحضري) تأثير حياة المدينة أو الحضر في أنماط السلوك والعلاقات والنظم الاجتماعية لأهل المدينة، وعلم الاجتماع (الريفي) فهو يقوم بالدراسة العلمية للعلاقات الإنسانية في البيئة الريفية والبدوية.
إلا أن الدراسات والأبحاث الاجتماعية التي تناولت (الحضر والريف) قد تركزت على ذكر الفوارق البيئية والنمطية والمظاهر الثقافية والاجتماعية والسلوكية والعادات والتقاليد المختلفة بين (أهل الريف وأهل الحضر)، لكنها لم تتناول قط ظاهرة أن (الريف والبادية والقرية) قد أمدوا وما زالوا يمدون (المدن والحضر) بالقادة والمفكرين والشعراء والأدباء والفلاسفة وغيرهم ممن أثروا تأثيرا ظاهرا في مسار الحضارة الإنسانية في شتى بقاع الأرض. وهذا يدل على أن (الريف والبادية والقرية) يمثلون نبعا إنسانيا وحضاريا هاما وثمينا لأهل المدن والحضر.
والسؤال الآن: لماذا يزدري ويتعالى (أهل المدن) على (أهل القرى وأهل الريف وأهل البادية)؟؟. فهل يستطيع (أهل المدن) كسر أو تحويل أو تغيير هذه القاعدة وهذه السنة البشرية التاريخية الواقعية أو تجاوزها أو تبديلها؟؟.

20 يناير 2013
لم أنخدع:
طوال فترة حكم حسني مبارك وخاصة في سنواتها الأخيرة قبل الثورة لم أنخدع يوما بشخصية سياسية مصرية ولا بمعارضة حزبية ولا بتيارات أو قوى سياسية ترفع أي شعار شرقي أو غربي، وهذا لأنني وكما يقال في العامية المصرية: (هارش شخصية المصريين جيدا ودايما فاهمهم صح)، إلا أنني كنت في بعض الأحيان قبل الثورة أقول في نفسي ربما القبضة الأمنية الحديدية للأجهزة الأمنية المباركية هي التي تحول بيني وبين رؤية شخصيات أو قوى أو أحزاب سياسية معارضة حقيقية قد تكون جديرة بالاحترام، خاصة وأن لدينا قطاعات لا بأس بها من المصريين بارعون أيما براعة في تطبيق مقولة: (يخافوا ميختشوش).
إلا أنني وبعد عامين من الثورة وجدتني أشعر بالخجل من نفسي أنني توهمت ولو للحظة أن ما يطلق عليها شخصيات وقوى وأحزاب سياسية مصرية معارضة وخاصة تلك التي (طلعتلنا في المقدر جديد) بعد الثورة من الممكن أن يكون من بينها أحد جدير بالاحترام سياسيا، وأقول لنفسي الآن كم كنت ساذجا حين توهمت يوما أن الحداية ممكن تفقس كتاكيت.
فداء المصريين القاتل ومشكلتهم التي تستعصي على الحل أن من بينهم كثيرون لديهم قدرة فائقة خارقة على اختلاق الأوهام ونسج التهيؤات المفارقة للواقع والمتأبية على التلاقي معه، ثم لا يملكون ما يروجون به أوهامهم وتهيؤاتهم إلا حناجرهم المسكينة في هيئة خطب رنانة ومقولات متهافتة وثرثرة ورغي وصياح وصراخ وتوعد ووعيد تهتف به زعامات وعنتريات كاريكاتورية مضحكة. وعقب كل هذا الضجيج تجدهم عائدين بخفي حنين: فردة في أقدامهم وفردة على رؤسهم.

24 يناير 2013
مما هو معلوم من الواقع المصري بالضرورة أن الشعب المصري إلا من رحم ربك مصاب بسعار الكذب والادعاء والتهويل والتهوين والتقول والاختلاق والرغي والثرثرة وكثرة الكلام والفتي (من الإفتاء).
فما حللت في مكان أو ارتحلت منه سواء عند الجزار، أو البقال، أو الحلاق، أو بتاع الخضار، أو المدرسة، أو المواصلات العامة، أو من يجلسون على المقاهي والمصطبة، أو في وسائل الإعلام، أو في شبكات التواصل، إلا وأجد الفتي والإفتاء شغال على ودنه وبصورة جنونية مسعورة، فتي في الاقتصاد والسياسة والمخابرات والجاسوسية والمؤامرات العالمية والدولية والعلاقات الخارجية والمخططات الجهنمية الإبليسية الشيطانية الوهمية والبورصة والأحزاب والعلمانية والليبرالية والدين والقانون ووووووإلخ. لدرجة أنني أوشكت أن أضع سدادات للأذن قبل خروجي من البيت.

25 يناير 2013
الأخلاق بين سندان مثالية "كانط" ومطرقة صيرورة "نيتشه":
كانط: جعل الأخلاق تنطلق من أمر مطلق ثابت لا زماني، وأرسى قاعدة تقول: "افعل طبقا لمبدأ تريد له أن يكون قانونا عاماً"، ترجمه كانط بقوله: (عامل الآخرين بما تحب أن يعاملوك به) كمبدأ أخلاقي ثابت دائم مطلق يتعدى حدود الزمان والمكان والسببية.
نيتشه: اعتبر مطلقية كانط الأخلاقية هذه إهانة للإنسان، لأنه ربط الأخلاق بمبدأ نفعي ذاتي شخصي لا ضرورة داخلية له وبلا اختيار شخصي عميق "أعاملك بكذا لأنني أحب أن تعاملني بمثله"، وأسمى نيتشه هذا بـ (التعصب الأخلاقي)، ورأى "نيتشه" أن هذا المطلق الأخلاقي الذي وضعه "كانط" هو خطر على الأخلاق ويدمر الشخص بسرعة شديدة، لأنه يقيد الإنسان ويستعبده لمفهوم "الواجب العام"، ويرى "نيتشه" أن الأخلاق والفضيلة لابد أن تكون من ابتكارنا نحن، ومن ضروراتنا الشخصية، وعلى كل واحد منا أن يبتكر أخلاقه وفضائله الخاصة بنفسه، بمعزل عن تقديمه ما يحب الآخرين أن يقدموه له.
فترى من منهما على صواب؟ ومن منهما على خطأ؟ أم كلاهما على صواب؟ أم كلاهما على خطأ؟. "مثالية كانط" أم "صيرورة نيتشه"؟؟.

26 يناير 2013
روشتة لتطهير وإصلاح واستقرار مصر، قد تبدو قاسية لكنها تظل كالدواء المر الذي لابد من تجرعه:
بعيداً عن تهيوءات المصريين وأوهامهم وافتكاساتهم وتقولاتهم وادعاءاتهم وفتيهم الطفولي المراهق الضيق المحدود المفارق للواقع الذي لا ينطلقون به إلا من تحت أقدامهم فحسب، وانطلاقا من الواقع الفعلي الحقيقي الموجود على الأرض الذي لا يريد البعض رؤيته ويغض الطرف عنه عمداً أو ربما يوهم نفسه بأنه ليس موجوداً أقول:
لن تقوم لمصر قائمة أبدا ما لم يتم اتخاذ إجراءات حاسمة، والقيام بجراحات مؤلمة وعاجلة، يتم من خلالها تطهير مصر وتنظيفها من فضلات وروث وعفن (عبد الناصر والسادات ومبارك)، وأولى هذه الجراحات وأكثرها أهمية وإلحاحا إصدار قانون يجرم الأفكار اليسارية والاشتراكية في نسختها وهيئتها العبثية المصرية الناصرية، ويجرم الحماقات الناصرية واعتبارهما أفكارا عنصرية معادية للجنس البشري على غرار تجريم (النازية والفاشية ومعاداة السامية) في أوروبا، وينص القانون في صرامة ووضوح على أن كل من يضبط داعيا أو منظما أو حاملا للأفكار اليسارية أو الاشتراكية بهيئتها وعبثيتها المصرية الناصرية أو من يضبط داعيا أو محرضا أو حاملا للحماقات الناصرية بالكتابة أو بالخطابة أو بالتصريح أو بالتلميح أو بالدعوة والتجميع والحشد أو بأي وسيلة أخرى يتم إلقاء القبض عليه وتحويله لمحاكمة عاجلة وتوقيع أقصى العقوبات عليه.
أما أدعياء (المدنية والليبرالية والعلمانية وصعاليك وأراجوزات الإعلام والصحافة وأدعياء الفكر والثقافة) الذين هم من مخلفات العصور الثلاثة البائد المندحرة فهؤلاء أضعف وأهون وأقل خطرا ًبكثير من هؤلاء، هم فقط يكفيهم التكشير عن الأنياب وإظهار العين الحمراء لهم والضرب بيد من حديد على أيديهم وأيدي من وراءهم ومن يساندهم ويدفعهم. أو استئناسهم وتدجينهم بإلقاء بعض البقايا والفضلات هنا أو هناك يتلهون بها.
والسؤال الآن: هل يمتلك الرئيس (محمد مرسي) من الجرأة والشجاعة هو وجماعة الإخوان للقيام بهذه الإجراءات الملحة وعمل هذه الجراحات العاجلة؟؟، أشك كثيرا في هذا بل وأستبعده تماما، لأن الرئيس مرسي وجماعته هم بكل تأكيد يودون فعل هذا ويرغبون فيه ويضعونه ضمن أولوياتهم، لكنهم سيتخذون طريق (الواحدة واحدة، والحبة حبة، والتاتا تاتا) تطابقا مع منهج جماعة الإخوان في التعامل مع خصومهم، وسيسلكون سبل الحيلة والمكر والخديعة والمراوغة وعامل الوقت، وسيمدون الحبل أكثر وأكثر لخصومهم حتى يشنقوا أنفسهم بأيديهم، وأثق كل الثقة أن جماعة الإخوان يراهنون أشد المراهنة على حماقات وطفولية ومراهقة خصومهم الموروثة من العهود البائدة لتحقيق هذه الغاية، وهذا بدوره سيتطلب الكثير والكثير من الجهد والوقت والصبر وتحمل الصدمات، إلا أن المقلق في الأمر هو ربما إلى أن يتحقق هذا تكون البلد قد وقعت على رؤوس أهلها وخربت قبل تحقيق هذا بكثير، وربما ينجحون في هذا وفق طريقتهم مراهنين على عامل الوقت، ولكن لو فشلت جماعة الإخوان في تحقيق هذا فبكل تأكيد ووفق ما هو متوفر من قراءات ومعلومات مؤكدة فالانقلاب العسكري من تلاميذ مبارك في الجيش المصري قادم لا محالة.


نهرو طنطاوي
كاتب وباحث في الفكر الإسلامي _ مدرس بالأزهر
مصر _ أسيوط
موبايل : 01064355385 _ 002
إيميل: [email protected]
فيس بوك: https://www.facebook.com/nehro.tantawi.7
مقالات وكتابات _ نهرو طنطاوي:
https://www.facebook.com/pages/%D9%83%D8%AA%D8%A7%D8%A8%D8%A7%D8%AA-%D9%88%D9%85%D9%82%D8%A7%D9%84%D8%A7%D8%AA-%D9%86%D9%87%D8%B1%D9%88-%D8%B7%D9%86%D8%B7%D8%A7%D9%88%D9%8A/311926502258563








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أسامة بن لادن.. 13 عاما على مقتله


.. حديث السوشال | من بينها المسجد النبوي.. سيول شديدة تضرب مناط




.. 102-Al-Baqarah


.. 103-Al-Baqarah




.. 104-Al-Baqarah