الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


نهاية حضارة الغرب

علي مجالدي

2013 / 11 / 8
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


نهاية حضارة الغرب
نلحظ في كل موسم حج تجمع ملايين المسلمين في مكة المكرمة و الدعاء طيلة شهر كامل من أجل تغيير حال المسلمين، و في شهر رمضان من كل عام و عبر مختلف بقاع العالم الإسلامي نرى المساجد مملوءة بملايين المصلين العابدين، و خلال كل جمعة يتعالى صوت الدعاء بعد نهاية الخطبة في مساجد الجزائر المملوءة بالمصلين من الجنسين، داعين الله تغيير أحوالنا و تيسير حوائجنا، أو بلغة علمية دقيقة التحول من التخلف إلى التقدم.
يتضح مما سبق أن المشكل اليوم في الفرد المسلم لا يكمن في عقيدته فالفرد الجزائري اليوم ليس أقل إيمانا و لم يتخلى عن تأدية عباداته الفردية ،و لكن هذه العقيدة فقدت فاعليتها الإجتماعية، ليس بسبب عوامل خارجية (كالقائلين أن الاستعمار سبب تخلفنا، فدولة مثل اليمن لم تتعرض تقريبا للإستعمار الحديث إلا انها من أكثر الدول الإسلامية تخلفا، ورغم مرور 50 سنة على إستقلال الجزائر مازلنا نعتبر دولة متخلفة من العالم الثالث ، بل زادت مشاكلنا تعقيدا رغم الإمكانيات الكبيرة التي تمتلكها الجزائر،مادية وبشرية، وطبيعية) ، و بالتالي فهذه العقيدة فقدت فاعليتها نتيجة لعوامل نفسية داخل المجتمع الإسلامي، و التي دخلت إلى هذه النفس إبتداءا من القرن 14 مع سقوط الأندلس و بداية الخلافة العثمانية، و هي عبارة عن أمراض إجتماعية نتوارثها عبر الأجيال في مختلف بقاع العالم الإسلامي و لو بدرجات متفاوتة، و خلال هذه المرحلة كانت الحضارة الإسلامية في أوجها خاصة من ناحية وسائل الحضارة )تراجع دور الفكرة الدينية )، فخلال حكم السلطان العثماني سليمان القانوني كانت الحضارة الإسلامية في قمة عطائها الحضاري من ناحية الوسائل المادية للحضارة (قوة الجيش،و فن العمارة ) أما من ناحية الأفكار فكانت تعاني من إنهيار أخلاقي و بداية سيطرت الغرائز على الحضارة و لتسهيل مهمة الفهم على القارئ فليتمعن جيدا في المسلسل التركي (حريم السلطان)، و نوعية الأفكار السائدة في ذلك العصر ،و هذه المرحلة من دورة الحضارة تسمى بمرحلة الغريزة حسب مالك إبن نبي، حيث قسم هذا الأخير الحضارة إلى ثلاث مراحل: مرحلة الروح و العقل و الغرائز، و بالتالي فالإنفلات التدريجي للغرائز لا يؤثر على الجانب المادي في الحضارة بل يؤثر على الجوانب القيمية والأخلاقية والروحية، فتتخلى الحضارة على المبادئ الروحية و الدينية التي بنيت عليها ، و لمزيد من التوضيح في هذا الشأن يمكن أن نستدل بالحضارة الغربية، و نطرح السؤال التالي ما موقع حضارة الغرب من دورة الحضارة؟ سأجيب من دون تردد إنها في مرحلة الأفول، و هناك أمثلة كثيرة يمكن أن نستدل بها على ذلك، فالمسيحية اليوم مازالت موجودة كدين في نفس الإنسان الغربي (رغم عدم مقارنتها بالإسلام فالفرق شاسع)، فقد بلغ عدد المسحيين الغير المتدينيين في فرنسا 53% مقابل 47 % متدينين، و لكن ما يهمنا في هذا الموضع هو معرفة تأثير الفكرة المسيحية الدينية في الحضارة الغربية اليوم فهي غير موجودة تقريبا ليس في نفوس الأشخاص و لكن في النفس الإجتماعية للحضارة الغربية، و من أمثلة سيطرت الغريزة على الحضارة الغربية في أيامنا هذه تشريع زواج المثاليين في الولايات المتحدة الأمريكية و فرنسا ، و هذه التشريعات اللاأخلاقية و الشاذة و المنافية لجميع الديانات السموية بما فيها المسيحية لا يمكن ان نفسرها بأنها إرادة سياسية لنخبة معينة، بل هي تعبير عن إرادة مجتمع، تسيطر عليه الغرائز. و بالتالي فالحضارة في مرحلة الأفول تبدأ بتراجع دور الفكرة الدينية، و تحول في نوعية الأفكار من أفكار دافعة للنمو إلى أفكار محبطة لكل جهد نهضوي، رغم عدم تجليها بصورة واضحة في الوقت الراهن في الحضارة الغربية للإنسان البسيط لأن إنهيار حضارة ما لا يتم في سنة و قد يستمر عقود، فالحضارة الإسلامية لم تسقط سقوطا حرا بل تم ذلك على مدار خمسة قرون من القرن 15 إلى القرن 19 و كان ذلك مع تفكك الدولة العثمانية .


علي مجالدي. ماستر علوم سياسية و علاقات دولية( تخصص دراسات أمنية)








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - هذه التشريعات اللاأخلاقية و الشاذة!!!!!
حميد كركوكي ( 2013 / 11 / 9 - 07:26 )
من أنتم حتى تقولون شاذة؟! أنها مسألة بايلوجية ليست لها أي تأثير على مسار التأريخ السياسي والتقدم البشري،، إن الرأسمالية وصلت إلى قمتها {الإمپريالية} وليست هنالك حاجة إلى إخلاق{كنسي} أو شريعة إسلامية لوقف إندحارها المحتوم المثلي في الغرب أكثر تقدما من أرقى عالم أزهري مصري مثلا لا حصرا !
أين حصلتم على ماستر في السياسة يامقلة عيني؟ عليكم مطالعة نشوء التأريخ الطبيعي ل أنجلس 1885! هذا وشكرا.


2 - لماذا الخلط
علي ( 2013 / 11 / 9 - 11:32 )
يا أخي اتضح لي من تعليقك أنك لم تستوع جيدا الافكار الموجودة في المقال ان اعتبار الشذوذ حالة بيولوجية عندما يكون منعزل و تأثيره محدود و هو موجود من فجر التاريخ و لكن عندا يتحول الى سياسة دول فهذا انحدار خطير في الافكار و دليل على سيطرة الغريزة على افكار المجتمع و هي آخر مراحل الانحلال الحضاري أما انجلس الذي دعوتني بالاطلاع عليه فلا يكفي لوحده لفهم ديناميكية تطور التاريخ و أفكاره بديهية و يجب الاطلاع عليها باعتبارها جزء من الكل لانه يركز على التفسير المادي للتاريخ و هذه التفاسير لا تكفي لوحدها لفهم ديناميكية تطور الأفكار في عصرنا اليوم التي أصبحت تمتاز بدرجة عالية من التعقيد و التشابك فانا لا أناقش قبل أن اسمع و و لا أحكم قبل أن أناقش هذا قول مؤثور للفيلسوف الألماني هابرماس

اخر الافلام

.. 155-Al-Baqarah


.. 156-Al-Baqarah




.. 157-Al-Baqarah


.. 158-Al-Baqarah




.. 159-Al-Baqarah