الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


قراءة في سفر الإنسان – الله

نضال الربضي

2013 / 11 / 9
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


قراءة في سفر الإنسان – الله

لا أستطيع أن أفسر كيف تنبض عضله فتنقبض ثم تتمدد لتضخ الدم في مساراته الشريانية طيلة الحياة، لا أستطيع أن أعرف كيف تعرف العضلة عملها و تبقى تنبض، و ما الذي يجعلها تنبض، و لم لا تقرر أن تتوقف برهة ً أو هُنيهة ً و كيف تضخ و تضخ و تضخ أعواما ً و سنين، كأنها بدون هدف، آلة لا غير.

لا أعلم ما هي الكهرباء سوى ما قالوه لنا عنها في المدرسة من كونها شحنات إلكترونية تتحرك، و قالوا لنا أن أجسامنا مكونة من ذرات و أن هذه الذرات في كل منها نواة، فيها جسيمات و حولها جسيمات و معظمها فراغ. لكن جسمي صلب، فأين الفراغات؟ قالوا لنا أن حركة الإلكترونات السريعة حول النواة يجعلها كأنها متواجدة في كل مواقع المدار مرة واحدة و كأنه لا يوجد فراغ، مع أنه يوجد فراغ.

ثم كبرنا و تعلمنا عن الكواركس، و قالوا لنا أيضا ً أن الكواركس هي الجزيئات المكونة لجسيمات النواة و أنها تنتج عن شريط أو وتر ٍمن الطاقة يتذبذب فينشأ الجسيم عن تذبذب هذا الشريط أو الوتر، يعني الطاقة تنتج مادة، أليس هذا عكس العلم؟ العلم يقول أن المادة تتحول إلى طاقة لكن على المستوى تحت الذري لدينا طاقة تتحول إلى مادة.

و بين هذا و ذاك كانوا يعلموننا عن الله، و عن أنبيائه و كتبه و رسله و ملائكته و يومه الآخر و سفر تكوينه الأول و ماذا يحب و ماذا يكره، و كيف يجب أن نتعامل معه، و ماذا نصنع و ماذا لا نصنع، لكنهم لم يربطوه يوما ً بالكهرباء و لا بالذرات و لا بالكواركس، و جعلوا منه كائنا ً منفصلا ً مفارقا ً لكل شئ ما عدى القلب، حتى العقل، فلم نعرفه منهم يوما ً.

و جاء آخرون قالوا لا يوجد الله فهناك الكهرباء و العلم و الكواركس و قد مات الأنبياء و الكتب المقدسة كتبهم و الكتابات لهم و لتابعيهم و ليست من عند الله، فالله غير موجود، هكذا قالوا.

ما زلت لا أفهم العلم مع أن أناسا ً تؤمن به و أناسا ً تكفر به، و ما زلت لا أفهم الله مع أن أناسا ً تؤمن به و أناسا ً تكفر به، و ما زلت أفكر في قلبي و في الكهرباء و الذرات و الكواركس و الله.

حياتي هي سفر الإنسان، و فيها يوجد الله و يوجد العلم، و هما دائما ً مع بعضهما البعض في انسجام، لا يريد أحدهما أن يزيح الآخر أو يلغيه لأن كل منهما شاهد على الآخر. في سفر الإنسان الخاص بي لا أضع أختاما ً في نهاية الصفحات لكني أتركها مفتوحة فلعل الله يريد أن يضيف شيئا ً إلى الصفحة، و لعل العلم يريد أن يمحو شيئا ً من نفس الصفحة، و لعلهما يريدان أن يكتبا اسميهما في الأسفل و يمحوا التاريخ و يتركا الأبدية مفتوحة على الصفحة و الصفحة منفتحة ً على الأبدية.

مليارات ٌ سبع ٌ من البشر تقطن كوكبا ً على أطراف مجرة ٍ على أطراف الكون عمر الكوكب حوالي ثلث عمره، لا ندري شيئا ً بعد و مع ذلك أهل الدين يعلمون كل شئ و يختمون و أهل اللادين أيضا ً يعلمون كل شئ ٍ و يختمون، تناقض ٌ عجيب ممن لا يحبون العلم و يتكلمون باسم الله، و ممن لا يحبون الله و يتكلمون باسم العلم، يختلفون في كل شئ لكنهم يلتقون في أنهم يختمون، كل منهم يختم على وثيقة إلغاء الآخر و كليهما موجود.

في سفر الإنسان عندي، الله يتحدث إلى الحشرات و الخنافس و الزواحف و الكواركس و النواة و البكتيريا و الفيروسات و الثديات و الأشجار، و هو يجري في سلك الكهرباء مع الشحنات و يقفز مع السناجب بين الأشجار و يرى بعين الصقر الذي يطل على الأرض و يتألم مع الأطفال في المستشفيات و يولد من رحم كل امرأة ٍ تلد و يموت مع كل بشري ٍ ينتهي، و يهرم مع الكهول و يشب مع الشباب و يصرخ مع الصارخين و يهدأ مع الهادئين و يراه العلماء تحت المجهر و يصدع بصوته في الرعود و يُقبـِّل بحنان أوراق الورود حينما يسقط عليها داخل قطرة المطر.

في سفر الإنسان عندي الله هو سبب الإنسان، و فوق الإنسان، و في الإنسان، و من الإنسان، و لأجل الإنسان، و كل الإنسان، لكنه واجد، كائن، صانع، مستقر ٌ في المصنوع.

عندما يعانق العاشق معشوقته و يلتحمان، يكون هو بداخلها و هي تشده إليها و تحيطه و تقبض عليه، يكون الإثنان واحدا ً و يسري الله بينهما في الحب، حتى يكتمل الإنسان.

في سفر الإنسان عندي الله محبة!

إفتحوا النوافذ الله في الشعاع!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - ان الله محبة وسلام
مروان سعيد ( 2013 / 11 / 9 - 10:10 )
تحية عطرة استاذ نضال الربضي وتحيتي للجميع
كلما تطور العلم كلما وقف عاجزا اكثر امام القدرات العظيمة لهذا الكون وخصوصا الخلية البشرية التي لاترى بالعين المجردة وتحوي عمليات معقدة يعجز العقل البشري عن وصفها
ومن ينكر وجود صانع لهذا الكون يكون قد الحق به ضرر مادي او نفسي من الالهة المزيفة وصدم بها فانكر وجود صانع يتميذ بقدرات عجيبة
وشاهدت برنامج عن الاكتشافات الكونية وعن الاوتار الفائقة ووجود الاكوان او العوالم المتوازية يقول العلماء يمكن ان يكون اكوان كثيرة مثل كوننا هذا وحتى نفس البشر وهذا الرابط يؤيد كلامي
http://www.youtube.com/watch?v=UAZfq0AriZc
وهذا يؤكد بان الروح لاتموت عند الدروز
http://www.youtube.com/watch?v=LubwW1Pmz0U
انسانة قتلت وبعد موتها تقمصت بجسد بنت ثانية وعرفت عائلتها الاولى وكشفت الجريمة وعرفت اخوتها من عائلتها القديمة
لذا يجب البحث عن الاه الحقيقي وكشف الالهة المزورة لنتبع طرقه المؤدية للحياة
وللجميع مودتي


2 - إلى الأستاذ مروان سعيد
نضال الربضي ( 2013 / 11 / 9 - 18:37 )
أهلا ً بك أستاذ مروان و لقد أثلج صدري تعليقك الجميل.

لمست ُ فيه حكمة ً و انفتاحا ً على الوجود كاملا ً و هذا مهم جدا ً لأن 14 مليار عام من الوجود الذي نعرفه لا يمكن أن نُغلق عليها بجملة مثل -لا يوجد إله- أو -لا يوجد غير مرئيات- فهذا في حد ذاته خطأ لأن الوجود نفسه ينفيه.

22 % من الكون مادة غير مرئية داكنة Black matter و هناك حوالي 73% طاقة غير مرئية داكنة Black energy و هذا يشكل ما مجموعه 95% من الكون، يبقى 5% هي المادة المرئية، فهل بعد ذلك يحق لنا أن نقول -لا يوجد إله-؟

لا أعتقد ذلك.

علينا أن نبقى منفتحين 100% على كل الاحتمالات و علينا أن نفتح عقولنا لنقبل حقائق جديدة دوما ً، فيزياء الكوانتم مثلا ً كافية لوحدها لكي تعطينا درسا ً أن كل المُسلَّـمات و الطبيعيات هي في الحقيقة مجرد وجوه وجود، حيث أن وجوها ً أخرى موجودة و نتعرف عليها كل يوم، لذلك لا شئ طبيعي أو معياري أو قائم لوحده أو مختوم.

باختصار نحن لا نعلم شيئا ً و هذا يجب أن يجعلنا نتواضع أمام الله و امام الكون.

دمت بود.

اخر الافلام

.. قوات الاحتلال تمنع أطفالا من الدخول إلى المسجد الأقصى


.. رئاسيات إيران 2024 | مسعود بزشكيان رئيساً للجمهورية الإسلامي




.. 164-An-Nisa


.. العراقيّ يتبغدد حين يكون بابلياً .. ويكون جبّاراً حين يصبح آ




.. بالحبر الجديد | مسعود بزشكيان رئيساً للجمهورية الإسلامية الإ