الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تعفيبا على حديث د. جابر نصار

داود روفائيل خشبة

2013 / 11 / 9
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني



فى أحد اللقاءات التليفزيونية رأينا د. جابر نصار، رئيس جامعة القاهرة وعضو لجنة الخمسين لإعداد الدستور، رأيناه يدافع فى حرارة وحِدّة عن غياب كلمة "مدنية" من وصف الدولة فى مشروع الدستور، ويعلن المرّة تلو المرّة أن الدولة لا توصف ولا يمكن أن توصف بالمدنية، بل إن الحكومة هى التى يمكن وصفها بالمدنية. وأنا الذى أعلن وأكرر فى كل مناسبة أنى لا أدعى علما ولا معرفة ولا خبرة فى أى مجال، لا رغبة لى فى أن أجادل د. جابر نصار فيما قرره وأكده، وإنما أسمح لنفسى بالقول بأن د. نصار بدا لى فى حماسه وانفعاله ويقينيّته كأنما يردّ اتهاما أو يدافع عن قضية شخصية.
أنا لا أعتقد أن هناك قانونا من أى نوع يمنع أن يُستخدم لفظ، أى لفظ، بالمعنى الذى تتعارف عليه جماعة من الناس. ومنذ سقوط نظام حكم الحزب الوطنى، أو منذ توهّمنا أننا أسقطنا ذلك النظام، وكثيرون منا يتحدّثون عن الدولة المدنية ويطالبون بالدولة المدنية، وتبلور فى ذلك المطلب الحلم الذى راودنا وحسبنا أننا ثرنا وضحينا للوصول إليه. وعندما أحس الإخوان المسلمون – وكانوا يتصدّرون تيار الإسلام السياسى – بالقوة الدافعة وراء ذلك المطلب، تفتـّق دهاؤهم عن دعوى دولة مدنية بمرجعية إسلامية. وقلنا نحن إن فى ذلك تناقضا صارخا، فالدولة إذ تكون بمرجعية دينية لا يمكن أن تكون دولة مدنية، فإن حاولت الجمع بين الصفتين، ولو مظهريّا، فإنها تكون مسخا كالذى تحاول دولة إسرائيل أن تكونه، فهى دولة ديمقراطية مدنية تريد أن يعترف العالم بيهوديتها ليهيّى لها ذلك مبرّرا لتهميش وإقصاء الفلسطينيين مسلميهم ومسيحييهم.
إننا حين نطالب بوصف الدولة بالمدنية لا نتشبّث بلفظ نصنع منه صنما نعبده، إنما نريد التوكيد على الجوهر الديمقراطى للدولة. الديمقراطية تعنى – حرفيّا وحسب الأصل الإتيمولوچى للكلمة – سلطة الشعب، والشعب هو جموع المواطنين بوصفهم مواطنين ولا شىء غير ذلك. الديمقراطية هى دولة المواطنين بوصفهم مواطنين، لا بوصفهم عسكريين أو رجال دين أو رجال مال أو أى شىء من ذلك، وأفضل لفظ مفرد لوصف المواطنين بهذا المفهوم هو القول بأنهم مدنيون، أيّا كان أصل كلمة "مدنى".
قال د. نصار فيما قال إنه يمكنك أن تنصّ فى مقدمة الدستورعلى مدنية الدولة ثم تأتى المواد بعد ذلك مناهضة لهذا المفهوم. هذا القول صواب، ونحن لا نريد أن نخدع أنفسنا أو أن يخدعنا أحد بلفظ مُفرَغ من مضمونه. لكنْ لا يحق لأحد أن يلومنا إن استشعرنا أن وراء الإصرار على استبعاد كلمة "مدنية" كصفة للدولة شيئا لا نرتاح له، ويدعم شعورنا هذا ما نراه من استماتة حزب النور السلفى فى معارضته لأى إشارة لمدنية الدولة.
يجىء ذكر الدين والتوكيد على دور الدين فى أكثر من موضع من مشروع الدستور، فهل كثير علينا أن نطالب بإدراج كلمة تومئ على استحياء بالحاجة لشىء من التوازن فى تصوّرنا للدولة التى نريدها؟
مدينة السادس من أكتوبر، مصر،








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. كل سنة وأقباط مصر بخير.. انتشار سعف النخيل في الإسكندرية است


.. الـLBCI ترافقكم في قداس أحد الشعانين لدى المسيحيين الذين يتب




.. الفوضى التي نراها فعلا هي موجودة لأن حمل الفتوى أو حمل الإفت


.. مقتل مسؤولَين من «الجماعة الإسلامية» بضربة إسرائيلية في شرق




.. يهود متطرفون يتجولون حول بقايا صاروخ إيراني في مدينة عراد با