الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


العثور على لغة قديمة مجهولة مدوّنة على رقيم طيني - موضوع مترجم

كلكامش نبيل

2013 / 11 / 9
دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات


عثر علماء آثار يعملون في تركيا على لغة قديمة غير معروفة من قبل يعود تاريخها إلى 2500 عام خلت، أي إلى عصر الإمبراطوريّة الآشوريّة.

يعتقد علماء الآثار العاملين في زيارة تبه، الموقع المحتمل لمدينة توشهان الآشوريّة، بأنّ هذه اللغة ربّما تكون اللغة المحكيّة لشعوب تمّ ترحيلها من جبال زاكروس في الأصل، على الحدود الحاليّة الفاصلة بين إيران والعراق. تماشيا مع سياسة أتّبعت على نطاق واسع عبر أرجاء الإمبراطوريّة الآشوريّة، فإنّ أولئك السكّان ربّما يكونوا قد أُجبروا على ترك موطنهم وأعيد توطينهم في جنوب شرق تركيا الحاليّة، حيث تمّ إرسالهم للقيام بإنشاءات في المدينة الحدوديّة الجديدة وفلاحة الأراضي المجاورة لها.

يأتي الدليل على هذه اللغة التي تكلّموا بها من لوح طيني وحيد، حيث نجى بعد أن فخرته نيران الحريق الذي أتى على القصر في توشهان في فترةٍ ما في حدود نهاية القرن الثامن ق.م. ويضم اللوح، المكتوب بعلامات مسماريّة، بدرجة أساسيّة قائمة لأسماء نساء ملحقات بالقصر والإدارة المحليّة الآشوريّة. كما ذكر تقرير في مجلّة دراسات الشرق الأدنى الإكتشاف.

"على الرغم من أنّ ما يقارب الستين إسم قد حُفظت لنا،" يقول الدكتور جون ماكغينيس من معهد ماكدونالد للأبحاث الأثاريّة، في جامعة كامبردج. "فإنّ إسما أو إثنين في الواقع آشوريان، فيما يعود القليل منها إلى لغات أخرى معروفة من تلك الحقبة، كاللغة اللوفية أو الحوريّة، لكنّ الغالبيّة العظمى منها يعود إلى هذه اللغة التي لم يتم تحديدها من قبل."

"إذا ما صحّت النظريّة بأنّ الناطقين بهذه اللغة قد أتوا من غرب إيران، فإنّنا هنا أمام إحتماليّة إكمال صورة أول إمبراطوريّة متعدّدة الأعراق في العالم،" أضاف دكتور ماكغينيس. "نحن نعرف من النصوص المتوفّرة عندنا حاليّا أنّ الآشوريّين قد إحتلّوا فعلا شعوب تلك المنطقة. والآن نحن نعرف بأنّه كانت هنالك لغة أخرى، ربّما من نفس المنطقة، وربّما هنالك الكثيرمن الأدلّة الكتوبة بها لنكتشفه."

وتقع زيارة تبه على ضفاف نهر دجلة جنوب شرق تركيا، وقد كانت موقع تنقيبات آثاريّة مكثّفة منذ العالم 1997. وقد كشفت حفريّات حديثة أدلّة على أنّها قد تكون موقع مدينة توشهان الحدوديّة الآشوريّة. ويعتقد، على وجه الخصوص، بأنّ بقايا المبنى الضخم الذي تمّ التنقيب عنه في الموقع تمثّل قصر الحاكم، وأنّه بُني من قبل الملك الآشوري آشورناصربال الثاني (883-859 ق.م.).

وقد عثر على اللوح فيما يعتقد بأنّه غرفة العرش في القصر وفقا للدكتور ديرك فيكه من جامعة ماينز، الذي يعمل كجزء من فريق يقوده البروفسور تيموثي ماتني من جامعة آكرون في أوهايو. عندما دمّر حريق القصر، ربّما في حدود العام 700 ق.م.، تم فخر اللوح وبذلك حُفظت الكثير من محتوياته على الوجه الرئيسي.
وقد ألقيت على عاتق الدكتور ماكغينيس مهمّة فك رموز اللوح وقد تمكّن من تحديد ما مجموعه 144 إسما، تم فهم 59 منها. وقد إستبعد في تحليله المنهجي ليس اللغات الشائعة ضمن الإمبراطوريّة الآشوريّة، ولكن شمل ذلك اللغات الأخرى المعروفة في تلك الفترة – بما في ذلك المصريّة والعيلاميّة والأرارتيّة والساميّة الغربيّة. وتقترح تقييّمات البروفسور، في أحسن أحوالها، بأنّ خمسة عشر إسما من الأسماء المفهومة تعود إلى لغات معروفة سابقا لدى المؤرّخين.

يفترض التقرير عددا من الفرضيّات حول المكان الذي يحتمل أن تكون تلك اللغة الغريبة قد أتت منه. تقترح إحدى الفرضيّات إحتمال كونها اللغة الشوبريّة – اللغة الأصليّة المحكيّة في منطقة توشهان قبل مجيء الآشوريين. وعلى حدّ علم المؤرّخين فإنّ اللغة الشوبريّة لم تكتب قط. هذا بالإضافة إلى أنه يُعتقد بأنّها لهجة حوريّة، وهي معروفة ولا يبدو بأنّها تحمل أيّة شبه مع معظم الأسماء المدوّنة على اللوح.

تفترض نظريّة أخرى كونها اللغة المحكيّة من قبل شعب الموشكي – وهو شعب هاجر إلى شرق الأناضول في حدود الفترة التي كُتب فيها اللوح. لكنّ هذه الفكرة تبدو أقلّ إقناعا، على أيّة حال، حيث أنّه وكما يبدو من قائمة الإدارة الآشوريّة، فإنّ هؤلاء الناس إمّا أن يكونوا قد تسلّلوا إلى الإمبراطوريّة أو تمّ أسرهم، ولا يمتلك المؤرّخون أيّة أدلّة على أيٍّ من الإحتمالين.

لكنّ أكثر الفرضيّات إقناعا هي أن تكون اللغة موضع البحث هي اللغة المحكيّة من قبل شعبٍ من مكان آخر من أرجاء الإمبراطوريّة الآشوريّة والذي تمّ ترحيله قسرا من قبل الحكّام.

وقد كان ذلك الإجراء ممارسة شائعة لعددٍ متعاقب من الملوك الآشوريّين، خصوصا بعد أن بدأت الإمبراطوريّة بالتوسّع خلال القرن التاسع ق.م. "لقد ساعدهم ذلك النهج على توطيد سلطتهم من خلال كسر سيطرة النخبة الحاكمة في المناطقة المحتلّة حديثا،" يوضّح الدكتور ماكغينيس. "إذا ما تمّ ترحيل السكّان إلى موقع جديد، فإنّهم سيعتمدون بشكلٍ كلّي على الإدارة الآشوريّة في عيشهم ورفاههم."
اللوح محفوظ حاليّا في دياربكر، تركيا، حيث يؤمل أن يتمّ عرضه فيما بعد للناس.


بقلم إنريكو دي لازارو
ترجمة كلكامش نبيل
المصدر: مجلّة ساي نيوز
http://www.sci-news.com/archaeology/article00311.html








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ماذا بعد سيطرة إسرائيل على معبر رفح وما موقف القاهرة ؟| المس


.. أوكرانيا تعلن إحباط مخطط لاغتيال زيلينسكي أشرفت عليه روسيا




.. انتفاضة الطلبة ضد الحرب الإسرائيلية في غزة تتمدد في أوروبا


.. ضغوط أمريكية على إسرائيل لإعادة فتح المعابر لإدخال المساعدات




.. قطع الرباط الصليبي الأمامي وعلاجه | #برنامج_التشخيص