الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هل للإيمان دافع غريزي أم احتياج أيديولوجي نتيجة التلقين ؟

حمودة إسماعيلي

2013 / 11 / 10
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


البحار لا يصلي للحصول على الرياح المناسبة، هو ببساطة يتعلم الإبحار
.. غوستاف لندنبرغ

عندما يتم إنجاب طفل فإنه تلقائيا سيتلقن ثقافة أهله ومجتمع، وذلك حتى يتمكن من التعامل مع ظروف الحياة التي تنتظره، فالثقافة هنا طبعا تتضمن تجارب من عاشوا قبله، ورؤاهم كذلك وتفاسيرهم للعالم والوجود والحياة. هذه النقط الأخيرة هي التي تشكل مفهوم الدين، وبه فإن الطفل يتلقن دين أهله (ليس من المعقول أن تجد طفلا ولد ب"وهران" لأسرة مسلمة ويدين هو بديانة الزولو (قبائل إفريقية يعني اسمها شعب السماء).
بالنسبة للطفل والإنسان عموما فما يهمه أكثر هو إشباع حاجاته الضرورية والعيش بجو من التسلية والرفاهية، يأتي الدين كتفسير للعالم بعد ذلك. قد يصطدم الشخص بثقافة أخرى يجدها أرقى فيختار أن يستمد المفاهيم منها بعدما يرى أن مفاهيم ثقافته أو ديانته لا تحقق له إفادة ومنفعة، أو ربما يتعرض لمشاكل بحياته بسبب اعتناقه للأفكار الخاصة بمجتمعه، فيجد أنها تضره أكثر من أنها تنفعه، فطبيعي أن يتخلى عنها هنا. كذلك قد يعيش الإنسان حياته بشكل طبيعي محافظا على طقوسه الدينية مثله مثل كثير من أفراد مجتمعه، لكن الدين لا يصبح ضمن أولوياته الحياتية إلا عند تعرضه لظروف يتضح له أن الدين هو الملجأ أو المنقذ منها، لذلك يصبح الدين من أهم الأهداف والاهتمامات بالحياة.

لكن هناك فئة لا يشعرون ربما بحاجة لدين أو انجذاب نحو إله كتفسير لوجود العالم رغم أنهم يعيشون داخل بيئة دينية، مرد ذلك إلى أنهم إما يتربون داخل عائلة لا تحث أبناءها كثيرا على الدين، فينشأ الطفل مركزا تفكيره نحو اهتمامات أخرى فلا يجد حاجة للبحث عن اجوبة دينية أو يجدها ربما في نطاق آخر خارج الدين .. وإما أنه لم يتعرض لأحداث معينة تهز نفسيته والتي بإمكانها أن تدفعه للاحتماء بالدين، أي أنه ومنذ صغره (كان متدينا) لكن الدين لم يلعب دورا بارزا في مراحل حياته لذلك بدأ يخفت شعاعه داخل وعي الشخص تدريجيا حتى وجد أن الدين ومفاهيمه لم تؤثر في تشكيل وعيه.

لدى بالنسبة للسؤال : هل للإيمان دافع غريزي أم احتياج أيديولوجي نتيجة التلقين ؟ طبعا احتياج أيديولوجي نتيجة التلقين، قد يأخد شكل دافع غريزي نظرا (كما يبدو) لكثرة الأديان وسعة انتشارها بالعالم ـ نتيجة ما يعرف بالعدوى الثقافية الاجتماعية ـ . رغم ذلك يظل الإيمان مجرد احتياج أيديولوجي، فهناك من يعيشون دون حاجة لإيمان بإله. فالدين مهارة فكرية اجتماعية مكتسبة، وليس غريزة. فهذه الأخيرة هي دافع للحث عن اشباع بيولوجي للكائن الحي، أما الدين فيعتبر رفاهية فكرية، إنسان جائع لن يهتم إن كان المسيح ابن "مريم" أو ابن "بينيلوبي". لكن إنسان شبعانا قد يُجوِّعُ نفسه بشدة إن أدرك أن ذلك يحقق له رؤية أو لقاء المسيح ! .

أما عن الأطفال وهل يولدون مؤمنين أم ملحدين ؟ إن الأطفال يولدون محايدين، بمعنى أنه لديهم القابلية لتلقي وتصديق أي شيء يمنح لهم.

وبالعودة للاقتباس الذي افتتحنا به الموضوع، وبتعبير على نفس المنوال : "فنحن ببساطة نتعلم الدين". مع ذلك يوضح كارل ساغان أنك : "لا تستطيع أن تقنع المؤمن بأي شيء، فإيمانه لا يستند على أدلة وإنما على حاجة ماسة للإيمان"، يرد عليه الفيلسوف فرانسيس بايكون بقوله : ""جزء قليل من العلم يجعل الإنسان ملحد، ولكن دراسة متعمقة في العلم تجعل الإنسان يؤمن بالله".

الإشكال هنا هو في "الله"، فهو نقطة الاختلاف بين الأديان فيما بينها ـ سواء أساطير قبلية أو فلسفات اجتماعية ـ وبين المتدينين والملحدين، هل هو "كائن" أو "مادة" أو "قوة" أو "معادلة" أو "قانون" أو "مفهوم" أو هو الكون نفسه ؟ فمن خلال هذه الزاوية سنجد أن جميع سكان كوكب الأرض يؤمنون بالله. فمن ينفيه ككائن، فهو لا ينفيه كقانون فيزيائي (كما كان يشير له إنشتاين في تعابيره).

يظل "الله" مع ذلك "إيمان لاواعي" لدى الشخص بأن قوة ما أوجدت العالم وهي سبب حركته. أكانت هذه القوة "يهوه" أو القوى الطبيعية الأولية لما قبل الانفجار العظيم : "الجاذبية والكهرومغناطيسية والقوى النووية الضعيفة والقوية". ف"الله" يُعتبر ترفاً فكرياً يخدم نزعة تطورية لدى الإنسان، فهو (الإنسان) المخلوق الوحيد الذي يمتلك همّ البحث عن سبب الوجود ومعناه ـ أو القادر على ذلك ـ دون باقي الكائنات. التي يكفيها الأكل والنوم والتناسل.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - تعليق
عبد الله خلف ( 2013 / 11 / 10 - 21:44 )
تم التعليق في خانة الفيس بوك تحت مُعرف (أبو بدر الراوي) , و السبب سعة مساحة خانة الكتابه .


تحياتي المخلصه


2 - إلى السيد ابوبدر عبدالواوي خلف جون سيلفر
ألأمل المشرق ( 2013 / 11 / 10 - 22:32 )
تحليل نفسي رائع قدمه السيد حمودة إسماعيلي عن شخصية عبد ونال عنه إجازة الدكتوراة مع مرتبة الشرف يقول:
http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=378115
تحمسك الديني ناتج عن نزعة تسلطية (وهي حيلة نفسية يحاول بها الإنسان إخفاء جبنه ليبدو واثقا أو محترما) زيادة على إحساسك بالفراغ (فأغلب أوقاتك تطارد المقالات !!) والتفاهة (انعدام دور ايجابي بالمجتمع) يخلق لك هدفا ومهمة عالمية -بهداية الناس-، وهي أفكار لدى اغلب المضطربين العقليين إن لم تكن هي من سبب الاضطراب لديهم.
وباستعمالك انتم ونحن، أي لديك تفكير قطبي ضدي قَبَلي حيواني(ولو أنك قرأت المقال لفهمت)، مرده لعدوانية مكبوتة نتيجة مخاوف طفولية.. تتماهى مع شخصية والدك الذي كان يعاقبك وأنت صغير، فتبرهن للعالم أنك لم تعد ذلك الشخص الذي يستحق العقاب بل الاحترام، ليروك كما كنت ترى الوالد وأنت صغير


3 - هل الإنسان مركز الكون؟
ألأمل المشرق ( 2013 / 11 / 11 - 01:11 )
يقول السيد ابوبدر عبدالواوي خلف جون سيلفر ان الإنسان مركز الكون
هذا الفيديو يقول:
Really?

https://www.youtube.com/embed/XE0aAZE0kp4

اخر الافلام

.. صدمة في طهران.. لماذا يصعب الوصول لطائرة رئيسي؟


.. نديم قطيش: حادث مروحية رئيس إيران خطر جديد على المنطقة




.. البحث مستمر على طائرة رئيسي.. 65 طاقم إنقاذ وكلاب خاصة| #عاج


.. تحديد موقع تحطم طائرة رئيسي -بدقة-.. واجتماع طارئ للمسؤولين




.. مسيرة تركية من طراز- أكنجي- تشارك في عمليات البحث عن مروحية