الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الأخلاق أم الدين

أحمد جمال

2013 / 11 / 12
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


الأخلاق أم الدين , السؤال الجدلى الذى لطالما كان سؤال محورى فى العديد من المناقشات بين اللادينيين و المتدينيين , فالمتدين يحاول وأد الثقافة اللادينية إعتمادا على مبدأ ان الدين أساس الأخلاق , و يدافع اللادينى إعتمادا على أن الإنسان أقدم من الأديان , و لكن هل هذا صحيح هل فعلا الدين هو منبع المنظومه الأخلاقيه للفرد و المجتمع , و إذا كان ذلك صحيحا فكيف يكون اللادينى أخلاقيا , و كيف يستطيع اللادينى استنباط ثقافة أخلاقيه تجعل هذا خطأ و هذا صواب ؟ , و كان هذا هو السؤال الذى جعلنى أفكر فى مثل هذه المسأله , و لأنى لست بمفكر فلسفى ولا عالم من علماء علم الإجتماع و المنطق فلم أعرف كيفية الرد بل جاهدت فى محاولة لإثبات وجهه نظرى القائلة بأن الأديان تتغير فيها المنظومات الأخلاقيه تبعا للأهواء الآلهية و لكن هذا ليس بجواب يكفى لإقناع الشخص البسيط بأن اللادينى قد يمتلك الثقافه الأخلاقيه , و لهذا قمت بهذا البحث الذى قد يساعد البعض منا فى محاولة لفهم ماهية المنظومات الأخلاقيه و علاقتها بالأديان و من كان أولا الأخلاق أم الدين ؟؟


بالإستماع إلى رجال الدين المختلفين ستجد أن كل ما يقال يدور حول أن الإنسان يحتاج إلى التعاليم الدينية التى تنظم أخلاقياته و إلا سيكون بدون أخلاق , و هذا بالطبع معتمد على أن الإله أتى أولا ثم أتت تشريعاته للبشريه و عن طريق هذه التشريعات إستطاعت البشرية الإرتقاء و التقدم , و لكن لا يوجد أى دليل صريح و واضح يؤكد هذه الخرافات , فالخرافة الدينية المتعلقه بالإله نفسها تم إيجادها و إستنساخها مرارا و تكرارا من قبل البشر , فمختلف الديانات تتحدث عن سلوكيات معينة و مختلفة يتسم بها الأشخاص الذين وضعو أسس هذه الديانات و تم إختيارهم للتواصل مع القوى الغير طبيعيه كمثال للإحتذاء به , و بالرجوع لمعنى المنظومات الأخلاقيه التى تتبناها الأديان نجد أنها مجموعة من القيم و المبادئ تحرك الأشخاص و الشعوب كمبادئ العدل و الحريه و المساواة و الحق فى الحياة الكريمة , بحيث تجتمع تلك المبادئ و تكون الطريق الأساسى للمجتمعات بحيث تحسب ضمن منظومة المجتمعات الثقافية التى تستمد منها القوانين و الأنظمة الخاصة بتلك المجتمعات , أى أن الأخلاق فى حد ذاتها تعتبر هدف و ليس وسيلة تسعى إليها المجتمعات لتحقيق المبادئ الدينية , و هذا يمكن شرحه من خلال قواعد المنظومات الأخلاقية , فعن طريقها يتم وضع معايير معينة للسلوك الإنسانى يضعها الإنسان لنفسه أو يعتبرها إلتزامات و واجبات مفروضة عليه من قبل الإله يجب أن تتم بداخلها جميع أعماله للوصول للهدف العام للمجتمع و هو تحقيق كل مبادئ المنظومة الأخلاقية , إذن الأخلاق ما هى إلا مجموعة معينه من المعتقدات و المثاليات الموجهة و التى تتخلل الفرد أو مجموعة من الناس فى مجتمع معين .


و عند إلقاء نظرة سريعه على الدين نجد أن الدين لا يوجد له تعريف ثابت , فهناك العديد من التعاريف المختلفه الناتجه من محاولة تفسير معتنقى الديانات المختلفه لكلمة الدين , و كل هذه التعاريف تتصارع فى محاولة للوصول إلى تعريف أدق و فى ذات الوقت يضم أكثر قدر من المعايير الأخلاقية الفاضلة , و لكن بدمج جميع هذه التعريفات المختلفه و محاولة إستخلاص تعريف شامل لها نجد أن الدين فى الأساس يكون مجموعة من الأفكار و المعتقدات المستنده إلى قواعد أخلاقية متغيرة بتغير الأديان و التى توضّح بحسب من يعتنقوها إرتباط الوعى و الإدراك بالإله المقدس , و هو إحساس داخلى يصل إلى المتدين يجعله يعتقد أن العالم بل و الوجود بأسره تم إيجاده بشكل غير طبيعى عن طريق ذات غير بشرية بل تتمتع بقوى و إمكانيات تتعدى إمكانيات البشر بمراحل و تريد هذه القوى الغير بشرية تحقيق السمو الأخلاقى عن طريق وضع العديد من المقومات الخلقية التى يجب على أتباع هذه الديانات تنفيذها, و هنا نجد أن المنظومات الأخلاقية يستند إليها الدين بل و يحاول تقويم البعض من السلوكيات الفاعله فى هذه المنظومات نتيجة لإختلاف الثقافات و الحضارات البشرية .


و إذا ما إعتبرنا بشكل ما أن الأديان صحيحة فيكون عمر أقدم الأديان لا يتعدى 15000 عام , و بنظرة عامة على ما تم إكتشافه من أحافير و مستحاثات تم عن طريقها إثبات وجود الإنسان قبل هذا بكثير (منذ ما يقرب من 500 الف عام على الأقل) نجد أن الإنسان بطبعه كائن إجتماعى , يستخدم الهياكل الإجتماعية و يعتمد عليها كليا و الدليل على هذا تكوينة للأسر و العشائر و المجتمعات مما يتيح الإندماج فى هذه الهياكل الإجتماعية و التأثر بمنظومتها الأخلاقيه و التأثير فيها , و بالرجوع لأصل الإنسان نجد أن أجدادنا إستخدمو مثل هذه الوسائل قديما , و هناك بعض الموروثات من هذه المنظومات القديمة يتم تداولها حاليا كنوع من النشاط الإجتماعى للأفراد بداخل أى نوع من أنواع الهياكل الإجتماعية او كما تعرف بالعادات و التقاليد , فمثل هذه العادات و التقاليد لم تظهر بين يوم و ليلة , بل أخذت العديد من السنوات لكى يتم تثبت و تستقر.


إذن من هذا نستنتج أن الأخلاق لا ترتبط بالمقدس بل يأتى المقدس لتصحيح مسار الأخلاق و لذلك يمكن مناقشتها وتغييرها بحكم الخبرة في الحياة , فتكون المعايير الأخلاقية نتيجة العقل و التجربة و يحسب حساب العاقبة المباشرة للفعل إو الحافز المؤدي لذلك الفعل من الضمير أو المجتمع ، فالمنظومات الأخلاقية خاضعة لقانون التغير بحكم الزمان والمكان , و هنا نجد أن كل ماهو أخلاقي يرتبط إرتباط وثيق بالثقافات المتعددة للمجتمعات ويحسب حسابها فيُكوّن منظومة من القيم داخل تلك الثقافات ويعيد إنتاجها بعد التعديل مع كل جيل جديد , فقد كانت أخلاق اليونان مرتبطة بأساطيرهم وحكايات هوميروس ، لكن هذا لم يمنع فلاسفتهم من إنتاج قيم أخلاقية قائمة على أساس عقلي بحت , فبينما عبّر افلاطون في فلسفته المثالية عن الفضيلة والكمال ، عبر عنها أرسطو بفعل الخير و البحث عن السعادة من خلال الطريق الوسطي ، فالشجاعة هي طريق وسط بين الجبن و التهور , إذن فموضوع الأخلاق عند فلاسفة اليونان يدور حول حب الخير و العدل و الجمال , أما اليهودية والمسيحية كديانات توحيدية ترتبط بالوحي فقد عبرت عن الأخلاق من خلال وصايا الإله فى تنفيذ ما جاء فى تشريعات العهدين الجديد والقديم , أما في الإسلام ، فقد قال محمد ابن عبد الله “إنما بعثت إلا لأتمم مكارم الأخلاق” .


إذا ، ما أريد أن اصل أليه هو أن التصور الأخلاقي أشمل و أوسع من التصور الديني بل يمكننا القول أن التصور الأخلاقى يمكن إعتباره قاعدة أساسية يرتكز عليها الدين ، أي قاعدة للتشريعات العملية لسلوك الإنسان وإنتاج حلال و حرام معاصر تستند إليهم القيم الأساسية لهذا الدين , ليس فقط هذا بل و إنتاج الكثير من القيم التي يرجع الإنسان بعقله وتجربته في تحديد صحتها من بطلانها لا أن تملى عليه من المؤسسة الدينية مثل الحرية وحقوق الإنسان والحفاظ على البيئة وغيرها الكثير.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - المشكله ان الاسلام بيعلم اتباعه تعاليم غير اخلاقيه
حكيم العارف ( 2013 / 11 / 11 - 22:56 )

البادئ اظلم ... اعتدوا عليهم .. عين بعين وسن بسن ... وطئ الصغيره .. نكاح الاسيرات .. مماملكت ايمانكم ..


.وغيره من الحاجات اللى تكسف الشخص اللى عنده دم ..


يه رائ حضرتك !!


2 - لاأخلاق في الدين !!!!!
حميد كركوكي ( 2013 / 11 / 12 - 03:31 )
حقا قاله محمد!!! لكن لا أخلاق للمسلم العنيد و لا أخلاق في القرآن والحديث والشريعة الإسلامية…. على الغرب أن تعلم الإسلام قادم وسوف تستلم الريادة منهم إذا لم يستيقضوا !


3 - الاخ جمال
عبد الحكيم عثمان ( 2013 / 11 / 12 - 07:51 )
هناك سؤال ملح هل الاخلاق يكتسبها الانسان عفوية ام بالتعلم
فان توصلت الى اجابة عندها تعلم من هو الاول الاخلاق ام الاديان تحية لك

اخر الافلام

.. 34 حارساً سويسرياً يؤدون قسم حماية بابا الفاتيكان


.. حديث السوشال | فتوى فتح هاتف الميت تثير جدلاً بالكويت.. وحشر




.. حديث السوشال | فتوى تثير الجدل في الكويت حول استخدام إصبع أو


.. عادات وشعوب | مجرية في عقدها التاسع تحفاظ على تقليد قرع أجرا




.. القبض على شاب حاول إطلاق النار على قس أثناء بث مباشر بالكنيس