الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الشهيد عمر بنجلون .. الغائب اضطرارا الحاضر دوما

ابراهيم أحنصال

2013 / 11 / 12
الشهداء والمضحين من اجل التحرر والاشتراكية


في 18 دجنبر 1975 أقدمت جماعة ظلامية متأسلمة على تنفيذ عملية اغتيال وحشية في حق المناضل الشهيد عمر بنجلون، الذي كرس حياته دفاعا عن قضية الطبقة العاملة والتغيير الجذري للبنيات الاقتصادية والسياسية والاديولوجية القائمة. فجرَّت عليه مواقفه المبدئية الاختطاف والاعتقال والتعذيب السادي في معتقلات النظام مرات عديدة، وتكفي الإشارة أنه صدر في حقه حكم الإعدام إبان ما عرف بـ"مؤامرة يوليوز 1963"، كما نجا بأعجوبة من ظرف ملغوم توصل به يوم 13 يناير 1973 وتخلص منه بحكم خبرته كمهندس اشتغل لسنين في قطاع البريد، ولم يمض وقت حتى اعتقل وعذب من جديد على إثر أحداث 03 مارس 1973.

لقد اجتمعت وانصهرت في شخص عمر بنجلون خصال المكافح الميداني الموجه والمحرض، سيما أنه كان نقابيا في (ا.م.ش) وأحد قادة الجناح اليساري لـ(ا.و.ق.ش) إضافة إلى كونه صحافي مدير جريدة «المحرر»، كما أنشأ جريدة «فلسطين» التي جاءت استجابة وجوابا على الزلزال السياسي الذي أحدثته هزيمة حزيران 1967، ولأجل إعطاء الموقع والموقف الفكري والسياسي الذي يجب أن تحتله القضية الفلسطينية كقضية وطنية؛ مع الإفادة أيضا من كونه محاميا يرافع في قضايا الإعتقال السياسي. لقد قام الشهيد قبيل اغتياله بشهور في 18 دجنبر 1975، بالمشاركة في عدة مؤتمرات دولية قام فيها بالتشهير بطبيعة النظام الديكتاتورية، وعرَّف فيها بقضية المعتقلين السياسيين وضحايا الاختطاف القسري من معارضي النظام؛ وذلك في مؤتمر الحقوقيين الدوليين الذي انعقد بالجزائر العاصمة من 02 إلى 06 أبريل 1975، ومؤتمر التضامن الأفريقي الأسيوي الذي انعقد في موسكو من 17 إلى 19 شتنبر 1975...

علاوة على كل ذلك قدم قراءات واجتهادات ألمعية انطلاقا من المنهج الإشتراكي العلمي لمختلف القضايا التي تصدى لها بالتحليل والتفسير، بما يسهم في العمل على تغيير الواقع الاجتماعي تغييرا ثوريا. فكان أن أنجز في هذا المضمار أوائل الستينيات من داخل السجن دراسة نقدية حول الانتهازية والانحراف النقابي في (ا.م.ش)، حيث اعتبر المسؤولين عن النزعة الانحرافية في النقابة بـ«طابور خامس لصالح النظام». كما أبدع «المذكرة التنظيمية» 1965 التي أكد فيها على الأسس التنظيمية للحزب الثوري مستلهما في ذلك القانون الداخلي للحزب البلشفي، وغيرها من الكتابات التي يؤكد فيها قناعاته الاشتراكية العلمية وعلى أن «الدور الطليعي للطبقة العاملة حتمي...».

هنا يصبح اغتيال الشهيد عمر ليس استثنائيا فقفد سبقه قافلة طويلة من رفاقه الشهداء الذين قاسمهم الانتماء للقضية والنضال من أجل الاشتراكية: المهدي بنبركة، عمر دهكون، محمد بنونة، الحسين المانوزي...، كما استُهدف آخرون من بعده بالاغتيالات السياسية على يد نفس النظام السياسي الفاشي؛ لكن إذا جاز لنا الحديث عن "استثناء" في استشهاده فلأن اليد المنفذة للجريمة هي جماعة دينية تحمل إسم "الشبيبة الإسلامية"، التي عجنتها وأوجدتها أجهزة مخابرات النظام الحاكم فكانت الحركة الأم التي تفرعت عنها باقي فروع الجماعات الدينية المتأسلمة في المغرب. وجدير بالإشارة أن هذه الجماعة قد "تمرنت" على إجرامها من خلال استهدافها لأحد التقدميين: أستاذ الفلسفة عبد الرحيم الميناوي، الذي تعرض يوم 21 أكتوبر 1975 لطعنات غدر من خناجر استلت من أغماد الحقد الظلامي لكن العلاج الذي تلقاه أمد في عمره. لقد وفرت السلطات الحاكمة لأذنابها من شيوخ الجماعة الإجرامية (عبد الكريم مطيع، ابراهيم كمال، عبد العزيز النعماني...) الغطاء الأمني والسياسي حيث تم إيواء بعضهم في مزرعة لـ(عبد الكريم الخطيب) قبل أن يتم تسفيرهم إلى السعودية؟! وكان ذلك أولى حلقات توظيف نظام الحكم لصنيعته من الحركات الدينية في الاغتيالات السياسية لمعارضيه، لتصل أوجها في التسعينيات من القرن الماضي مع اغتيال الشهيدين: بنعيسى آيت الجيد والمعطي بوملي.

في الجنازة التي أقيمت للشهيد عمر بنجلون الذي رحل عن عمر لا يتعدى 39 سنة، كان هتاف رفاقه والمناضلين يلامس عنان السماء ويمزق السكون: «يا عامل يا فلاح // عمر رمز الكفاح»، فكان من رفاقه من صدقوا ما عاهدوا الشعب والشهيد عليه حتى قضوا نحبهم، ومنهم من بدل وتساقط في أول امتحان فحقت عليه لعنة التاريخ وصدق فيه قول الشاعر أحمد عبد المعطي حجازي حين رثا الشهيد:


و أرى عمر الآن يمزق تلك الخارطة الوهم
و يبكي من غضب
أعلام، أم خرق من عار
خنتم كلمات المهدي
و دنستم نسبي








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - ححتالة
عبو ( 2013 / 11 / 13 - 04:56 )
عمر المهدي وامثالهم كانوا مجرد حتالة فمن اين لهم بالشهادة


2 - إذا كنت لا تبصر فليس من العدل أن تكون العين بالعين
ابراهيم أحنصال ( 2013 / 11 / 13 - 10:17 )
ليس لأذناب النظام وخدمه أي صفة تؤهلهم لتوزيك صكوك -الشهادة- و-الاستشهاد-، لأنهم الأوسخ ووظيفتهم تأذيت الأعمال القذرة، ولسبب بسيط أيضا أن الشهيد يستمد هذه الصفة من قمة التضحية التي بذلها في سبيل قضية عادلة؛ أما من اختار موقع الجلاد ضد شهداء الشعب الكادح فمصيرهم مرتبط بسطوة سيدهم ومتعلق به، فإذا أزفت ساعة انهياره وإسقاطه وهي حتمية ستكون بحت أبواقه وانخرس عملاؤه.
أولائك أعداؤك يا وطني.

اخر الافلام

.. بدر عريش الكاتب الوطني للجامعة الوطنية للقطاع الفلاحي في تصر


.. عبد الحميد أمين ناشط سياسي و نقابي بنقابة الاتحاد المغربي لل




.. ما حقيقة فيديو صراخ روبرت دي نيرو في وجه متظاهرين داعمين للف


.. فيديو يظهر الشرطة الأمريكية تطلق الرصاص المطاطي على المتظاهر




.. لقاء الرفيق رائد فهمي سكرتير اللجنة المركزية للحزب الشيوعي