الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


كلام في الجون بس مش في الرياضة

مختار سعد شحاته

2013 / 11 / 13
المجتمع المدني


عالم متغير وسريع:
تغير العالم تغيرات متلاحقة ومتتابعة، ولعل الأكثر لفتًا للانتباه هو قدرة بعض الشعوب على فهم هذا التغيير والتعايش معه. وهذا يمكن ان نلاحظه بحدود في ما حدث في الولايات المتحدة الأمريكية بعد حصول الأمريكيين من أصول أفريقية على حقوقهم، حتى وغن كانوا حتى الآن يعانون من تميز خفي في كثير من المناحي غير المعلنة، وهو ما يؤكد على أن إشكالية الآخر هي أهم الإشكاليات الإنسانية في حياتنا الإنسانية، فعلى الرغم من تشدق الولايات المتحدة بكونها أرض الأحلام والديمقراطية والمساواة والتسويق لذلك بعناية فائقة، وتسخير آلة مرعبة من المواد الإعلانية والدرامية لتسويق تلك الفكرة، إلا أننا في واقعهم سنجد تناقضًا ينافي ذلك، فهناك أحياء بعينها لسكنى "السود"، وخطوط تجذرت بعناية في الشخصية الأمريكية لا يمكن إغفالها تحدد نوعًا من تلك الإشكالية، والتي امتدت لتشمل العديد من مجالات الحياة اليومية الأمريكية. وهذه الصورة من إشكالية الآخر ووجوده ليست إلا ثقافة إنسانية عريضة للأسف الشديد.
إنكارنا المشكلة لا يخفيها:
تمتد إشكالية الآخر حتى تطال كل صور الحياة بشكل ما، ربما بشكل قد لا يبدو مؤثرًا علينا في حياتنا العامة، لكنه –هذا الأثر السلبي- لا يمكن إغفاله، ولا التغاضي عما يؤسس له في سلوكيات مجتمع ما، فهم وجود تلك الإشكالية لكنه تماهي معها وتعلم كيف يسترها، فلا تطفح في تعاملاته الرسمية. أي ان الحقيقة الدامغة في حياتنا البشرية أننا مازلنا نتعلم كيف نستر تلك الإشكالية بطرق ما متحايلة ومغايرة من مجتمع لآخر، وهو ما نوليه اهتماما أكثر من محاولة فهم الآخر والتفاهم التام معه، وهذا يمكن رصده في الساسة وسياساتهم العجيبة التي تنفي تماما مصلحة الآخر، بل قد لا تعترف بوجوده من الأساس، فتبدا في فكرة شيطنته وفكرة هدمه وكونه لا يصح وجوده على الإطلاق. وهنا ليس الآخر بملاك بريء أو ضحية مسكينة، بل هو الآخر في تكوينه الخاص يحمل نفس تلك الشيفونية التي لا ترى غير الذات تماما، وهو ما بدا في محاولات ديمقراطية كثيرة على مدى تواريخ شعوب معاصرة وقديمة. وهذا تأكيد على أن المشكلة بعيدة الجذر التاريخي مهما أنكرناها او تعلمنا التماشي معها.
فيرس للرفض:
يلفت الانتباه كيف تتحول تلك الإشكالية إلى فيرس يسود الجميع بل ويحركهك بلا أدنى اعتبار لما قد يضربه من ثوابت يدعي البعض منا التمسك بها بل ويصل إلى حد الحرب لأجلها والاستمامة في سبيلها، حتى يصير الساقط لأجلها "شهيدًا" بمعنى ما في نمط تفكير البعض. نعم تسيطر شيفونية وذاتية ستظل تتحكم في مقدراتنا وفي تحركاتنا على الأرض نحو عالم أكثر قبولا للآخر، وهو ما تشوه به كثير من تجارب الديمقراطية أو التحولات الاجتماعية التي تاتي في معظمها هشة، ما تلبث أن تنهار مع أو صدام حقيقي –وهو صدام انوي بحت- بهدف السيطرة او إلزام طرف بالاعتراف بوجود طرف آخر له ما له من الحقوق ويندرج تحت بند من بنود العدالة بشكل ما. هي إشكالية إذن مربكة، منا من يتفهمها ويبدا في التقليل منها إلى حد كبير، ليضمن بها نموذجًا من القبول مثل ما حدث في المجتمع الامريكي حاليًا، حيث حقوق السود وغيرهم ممن تجنس، لكنه لا يعطي الحق بالمواطنة التامة والكاملة وهو ما يمكن الشعور به في دوائر بعينها.
حدث في مصر:
بدأت تلك الإشكالية تأخذ لنفسها صور جديدة في حربها مع الآخر، ولنضرب مثلا قريبا مما حدث في مصر، وبعض ما حدث من تحرك ناعم للجيش تجاه موقف الرافضين لحكم الإخوان المسلمين، ومحاولة سيطرتهم على مفاصل الدولة المصرية، حيث تجد التنظيم يجيش كل أدواته بهدف السيطرة فيما كان قبل الانتخابات الرئاسية في 2012، وبعد الوصول للحكم، تتبدل المواقع ويصبح الىخر حتما لا بد من التخلص منه لا التعامل معه أو الإقرار بوجوده، وهو ما أنتج في رأيي أهم مسمار في نعش الحكم الغخواني لمصر، وهو ما عرف بالأخونة في تلك الفترة، والتي كانت سببا دافعا لخروج الاحتجاجات الشعبية التي تحولت إلى مظاهرات مليونية، فحدث حولها كل اللغط مما يؤرجها بين مفهومين "الثورة" و "الانقلاب". هنا لا يعنيني التوصيف للحدث بقدر ما تعنيني الإشكالية، فكلا النظامين اللذان تعاقبا على مصر بعد انتخابات 2012، جاء معنا حق الىخر، والاهتمام به، إلى الدرجة التي وصلت بالبعض في الحالتين إلى مغازلات سياسية رخيصة ومقززة في بعض الأحيان، أي أن كلا النظامين أراد التعاطي مع فكرة الآخر لكن بمفهومه الخاص، وإن تعارض ما أهم ما يرفعه من شعارات الحرية والديمقراطية والمساوة والعدالة.
لاعب الأهلي وإشارة رابعة:
وقع الجميع في الفخّ، ولنأتي بمثل شديد الوضوح في حادثة اخذت تاخذ زخما غريبا ومتصاعدًا، فما حدث من لاعب كرة القدم في نهائي كأس أبطال أفريقيا، ورفعه لشعار ما يسميه التيار الإخواني وموالاته "شعار رابعة"، هو ما يدلل على تدني فهم حقوق الآخر في كل شيء، وان الإشكالية مازالت قائمة بشكل حاد، وبعيدًا عن تورط اللاعب، والخطأ والصواب، لكن لنسلم جدلا بالخطأ، وان اللاعب حول جزيرة عالمية هي الرياضة إلى رصاصة تفرق بدويها، لكن ألم يكن متعاقدًا مع ناديه؟ ألم يكن التعاقد ملزمًا للطرفين؟ وعليه فما دام اللاعب يخالف سياسة النادي، وهو ما رآه الكثير ضد إرادة البعض لكن سنسأل الطرفين، لماذا يستمر اللاعب مع نادي ضدد اخلافه وما يؤمن ويعتقد، وما الذي يجعل النادي يفرح بنصر جاء ممن أسس للخطأ؟ وللحقيقة وللإنصاف، إذا كان النادي يتهم اللاعب بالتورط السياسي، فبم نصف موقف النادي نفسه؟ ألا يمكننا وصفه بوصف يصل إلى حد التطبيل السياسي، حين أغفل واخل بشروط التعاقد البعيدة عن الأفكار والسياسة والمتعتقدات؟!
كلاهما تورط بشكل ما، تورط اللاعب في زج سياسته وأفكاره ومعتقداته في اللعبة، كما تورط النادي من نفس الزاوية حين حرم اللاعب من مستحقاته المادية وحرمانه من اللعب. إذن نحن هنا نعترف أن المشكلة ليست في شيء إلا في قبولنا للآخر وفهم ما له وما عليه من حقوق، خاصة إذا كان الطرفان يدعيان الدعوة نحو الأفضل في الوقت الذي يمارسان فيه أقصى حدود الانونية والانكار لوجود الآخر. إذن يتلخص الأمر في الاعتراف بوجود ذلك الآخر، على أن يعترف هو الآخر بوجودنا، هذا إن أردنا مجتمعا ندعي فيه مثلما ادعت الولايات المتحدة الأمريكية وإن كان اعترافًا مرغمين عليه لم يصل إلى سلوكياتنا الفردية والجماعية ما دامت لا تحرم حقا مجتمعيا أو قانونيا.
مختار سعد شحاته.
BoMima
روائي.
مصر/ الإسكندرية.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مشاهد تظهر تدفق أعداد كبيرة من اللاجئين اللبنانيين إلى سوريا


.. منظمة في ليبيا تمنح الأمل لذوات الاحتياجات الخاصة وتفتح أبوا




.. صور متداولة لوصول عدد من النازحين اللبنانيين إلى الحدود مع س


.. فيديو يظهر عددا كبيرا من اللاجئين السوريين يدخلون الأراضي ال




.. تفاقم معاناة النازحين عند معبر المصنع الحدودي بين سوريا ولبن